محتجون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في لندن
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
أغلق محتجون مؤيدون للفلسطينيين السبت طرقاً خارج البرلمان البريطاني في لندن، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووقعت اشتباكات بين المحتجين والشرطة التي منعتهم من السير على جسر وستمنستر.
وتشهد لندن، مثلها مثل مدن غربية أخرى، مظاهرات متكررة وأحياناً كبيرة تطالب بوقف القصف الإسرائيلي لغزة والذي أسفر عن استشهاد نحو 23 ألف فلسطيني حتى الآن.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الشرطة وهي تمنع المتظاهرين من الوصول إلى الجسر وأفاد مراسل لرويترز بوقوع اشتباكات خفيفة.
وشغل المحتجون الطرق المحيطة بالمنطقة بعد عدم تمكنهم من الوصول إلى الجسر بشكل كامل حيث خططوا لرفع لافتات.
وقالت الشرطة إنها فرضت أمراً قانونياً يحدد الأماكن التي يسمح فيها بتنظيم احتجاجات، وبدأ المحتجون في التفرق بحلول الساعة الثالثة بعد الظهر (1500 بتوقيت غرينتش)، مشددة على أن من يرفضون الامتثال لأمر المغادرة سيتم اعتقالهم.
وكانت مسيرة اليوم أصغر من المسيرات الحاشدة السابقة، وتأتي قبل يومين من عودة البرلمان البريطاني للعمل بعد عطلة عيد الميلاد.
ويهدف الاحتجاج إلى دفع السياسيين لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.
وحتى الآن، لم تصل بريطانيا إلى الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار، ويقول وزير الخارجية ديفيد كاميرون إن أي اتفاق من هذا القبيل قد لا يدوم وربما يزيد من العنف دون وجود خطة لإحلال سلام طويل الأجل.
وتم تنظيم معظم الاحتجاجات السابقة في لندن بتنسيق مع الشرطة وكانت سلمية بشكل كبير، ولكن الشرطة قالت إن منظمي احتجاجات اليوم رفضوا الكشف عن تفاصيل خططهم.
المصدر | متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل بريطانيا غزة جسر
إقرأ أيضاً:
صارعت حضارتهم فصرعتني
لأن مغني الحي لا يطرب، فاز صمويل هنتنغتون بأطنان من المديح في الإعلام العربي، بوصفه من قام بتشخيص صدام الحضارات، وقال بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة، لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، بل ستكون الاختلافات الثقافية، المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة، وأورد أمثلة من التاريخ والواقع الراهن على ذلك.
أما مغني الحي، الذي هو شخصي، فقد كان طرفا مباشرة وفاعلا في صدام الحضارات، وكان ذلك في سبعينيات القرن الماضي، عندما ابتعثتني وزارة التربية السودانية إلى لندن، لدراسة استخدام التلفزيون في مجال التعليم، وكانت لندن وقتها بمثابة فردوس مجهول عند معظم العرب، ولم تكن بالمدينة مناطق عربية محررة، كما هو واقع اليوم في مناطق بيزووتر ولانكستر غيت وشارع إدجوير، ومن ثم لم تكن هناك مطاعم تبيع الشاورما والكفتة والفلافل والحمص، أو مقاه تقدم الشيشة.
صادمت الحضارة الغربية أول الأمر، فور النزول في مطار هيثرو، فقد فوجئت بأن الصالة التي دخلناها فور مغادرة الطائرة صارت شبه خالية من المسافرين، الذين صعدوا إلى طبقة أعلى بسلم متحرك، لم يسبق لي أن رأيت نظيره حتى في فيلم سينمائي، وقطعت داخل المطار مسافة يجوز فيها قصر الصلاة، للعثور على وسيلة آمنة تصعد بي إلى أعلى، ولكن هيهات، وعدت إلى قبالة السلم الأفعواني ذاك، ووجدت سيدة سودانية كانت مترددة مثلي في استخدامه، تتجه نحوه، فقلت لنفسي: ما يصير يا أبو الجعافر تكون جبان، وأنت تزعم أنك حفيد عنترة وتتباهي بأن أباك (عباس) فاز بالاسم بحكم الانتساب الى قبيلة بني عبس، كفلاء عنترة عندما أتاهم خبيرا عسكريا، وسرت خلف تلك السيدة، التي وضعت قدمها على أول درجة في السلم وترنحت ثم تماسكت بعض الشيء، وفعلت الأمر نفسه وإن أعاق إمساكي بحافة السلم، كيس به بعض حبات المانجو، كلفني أحد أصدقائي بتوصيله إلى قريب له يعيش في لندن، وفجأة ترنحت تلك السيدة، وخشيت ان اتعرض للدهس، وحاولت الإمساك بحافة السلم بكلتا يدي، فإذا بحبات المانجو تندفع خارجة من الكيس وتتدحرج، ثم شممت رائحتها، وأدركت عندها انها تعرضت للعصر بين أسنان السلم، الذي أصدر صوتا يحنن قلب نتنياهو ثم صريرا مدويا، ثم همد وتوقف عن الحركة.
لأن مغني الحي لا يطرب، فاز صمويل هنتنغتون بأطنان من المديح في الإعلام العربي، بوصفه من قام بتشخيص صدام الحضارات، وقال بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة، لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، بل ستكون الاختلافات الثقافية، المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة، وأورد أمثلة من التاريخ والواقع الراهن على ذلك.لم أفرح لذلك لأنني أدركت أن عصارة المانجو تحرشت بالكهرباء التي تغذي السلم فأضربَتْ عن العمل. وصعدت ما تبقى من درجات بالخطوة البطيئة ورأسي مطأطأ، وأنا موقن بأنني سأتعرض للاعتقال ثم الاستجواب ثم الإبعاد. وعندما استجمعت ما تبقى من شجاعتي العنترية المزعومة، رأيت نظرات الاحتقار على وجوه العاملين في المطار، ولم يعنني ذلك كثيرا (طالما ليس في الأمر اعتقال).
اختارت لي إدارة المعهد الذي أتيت للالتحاق به، غرفة في بيت الشباب الكاثوليكي في شمال لندن، وبعد أن وضعت أمتعتي القليلة في الغرفة، قررت الاستحمام، وتوجهت إلى حيث الحمامات في الطابق تحت الأرضي في المبنى، وفوجئت بأن هناك نحو عشرة حمامات كل خمسة منها تقابل الخمسة الأخرى، وبلا أبواب، وبها أشخاص يستحمون، وحول الحمامات بعض آخر في انتظار دورهم، وهم أيضا ربي كما خلقتني. فقمت بانسحاب تكتيكي وعدت الى الغرفة، وبقيت زهاء عشرة أيام بلا استحمام، ثم صرت أمارس الاستحمام في نحو الرابعة فجرا والجميع من حولي نيام.
ثم رأيت أن المسألة ما بدهاش، وانتقلت إلى غرفة أنيقة مع أسرة إنجليزية في منطقة كامدن تاون، وكان الحمام مشتركا بيني وبين أفراد العائلة، ولكن ذلك لم يضايقني، لأن الحمام كان مزودا بـ"باب"، وفي ساعتي الأولى هناك قررت الاستحمام، وكان الماء دافئا، فشرعت أغني، ثم فجأة وجدت نفسي أصرخ مستغيثا، وسمعت ربة البيت تصيح من وراء الباب: آر يو أوكي؟ هل أنت بخير؟ قلت لها: إن عطلا في تمديدات الحمام جعل ماء قادما من القطب الشمالي ينهال على جسمي. وشرحت لي السيدة تلك أن بالحمام عدّاد لابد من تغذيته بالعملات النقدية كي يأتي بالماء الساخن وأن ما أتاني من ماء دافئ في بداية الأمر، كان ما تبقى من "استخدام سابق".
كنت قد أتيت إلى لندن ومعي عدد محدود من الملابس، بغية شراء ما يليق بلندن منها، من لندن نفسها، وفي نحو يومي الثالث في المدينة جاءني زميل سوداني وصل الى المدينة لأول مرة قبلي بيومين، ليقول لي إنه دخل متجرا مر به وهو في طريقه اليّ، وأنه وجد أن الملابس المعروضة فيها "تقريبا ببلاش"، وقررنا على الفور التوجه إلى ذلك المتجر، وهناك فوجئت بأن الملابس المعروضة المغلفة بالبلاستيك تكاد فعلا أن تكون بـ "بلاش"، فاخترت من هنا وهناك نحو تسع قطع، وفعل زميلي الأمر نفسه، وتوجهنا إلى الرجل الواقف خلف الخزينة، وفوجئنا به يقول: ريسيتس!! أي الإيصالات! فقلت له مستنكرا: أنت تعطينا الايصالات بعد أن ندفع أم نعطيك نحن ثمن الملابس والايصالات. فإذا بقذائف من الكلمات البذيئة تنطلق من فم الرجل، وتكررت على لسانه كلمة "لوندري" فقلت لزميلي: انج سعد فقد هلك سعيد، ورمينا بالملابس ارضا وركضنا خارجين من المحل بعد أن أدركنا اننا خربطنا ولخبطنا ملابس تخص لوندري (مغسلة ملابس)، وأن العامل في المحل سيمضي ساعات ليعيد ترتيبها.
ومع هذا لم يورد صمويل هنتنغتون تجربتي الرائدة في مجال صدام الحضارات، ولعله خشي أقاسمه التمجيد والاحتفاء.