رياض يؤمن بالعلم والفن وصاحب ثقافة علمية وفلسفية رفيعةقلدس يكتب القصص ويتماهي مع القضايا المصيرية وليس ملحدايرى أن الخلاص الجذري رهين بالمزيد من الوعي والتقدم والتماسك والتحرر رياض قلدس يؤكد أنه لا مهرب للمسيحيين في مصر من مشاكلهم بمعزل عن النهضة العامة الشاملةالإحساس بالصدمة شعور مشترك بين الوفدي "المسيحي"  و"المسلم" دون نظر إلى الدين عندهما إيمانه الوحيد الراسخ بالعلم والفن ولا مكان للدين في حياة الكاتب القصصي 

 

 يزخر الأدب المصري بالشخصيات المسيحية التي تشكل محورا رئيسيا ومهما من محاور الابداع سواء الروائي أو القصصي وتأتي إبداعات أديب نوبل نجيب محفوظ في مقدمة الكتابات التي ضمت هذه الشخصيات ومنها شخصية رياض قلدس في “ السكرية” إحدى روائعه ضمن ثلاثيته الشهيرة.

 

 *رياض قلدس*
ينفرد رياض قلدس، في "السكرية"، بخصوصية لا تجعله فحسب أهم الشخصيات المسيحية التي يقدمها نجيب محفوظ، بل إنه أيضا أحد أهم الشخصيات في عموم عالمه الروائي بمسلميه ومسيحييه.
يعمل رياض مترجما بوزارة المعارف، وهو مثقف وكاتب قصصي من الذين يشاركون في تحرير مجلة "الفكر"، التي ينشر فيها كمال عبد الجواد مقالاته الفلسفية.
رياض طويل القامة، نحيف مستطيل الوجه، متوسط الجبين ممتلىء الشفتين، ذو أنف دقيق وذقن مدبب. منذ اللقاء الأول الذي يجمعهما في مقر المجلة، يتساءل كمال :"هل آن للمكان الذي خلا بذهاب حسين شداد أن يُشغل؟!".
يحتاج كمال إلى صديق يتفاعل مع همومه واهتماماته الفكرية والروحية، ويبرهن التطور السريع للعلاقة بينهما على أن الصداقة الجديدة أقوى وأعمق تأثيرا من تلك التي كانت تجمع بين كمال وحسين شداد في مرحلة الدراسة الثانوية، وفي حواراتهما السياسية والثقافية يتطرقان لمناقشة قضايا شتى شائكة دون حساسية أو حرج، كما أن الحياة الشخصية ليست بعيدة عن المناقشة وتبادل الآراء.
رياض مسيحي لا ديني، ينتقل من الشك في الدين إلى الكفر به، ويبقى إيمانه الوحيد الراسخ بالعلم والفن. لا مكان للدين في حياة الكاتب القصصي ذي الثقافة العلمية والفلسفية الرفيعة، لكنه ليس ملحدا بالمعنى الشامل الحاسم الذي تعنيه الكلمة، أو على حد تعبيره :"الدين ملك الناس، أما الله فلا علم لنا به،  الذي يستطيع أن يقول لا أومن بالله، أو يقول أومن بالله؟!، الأنبياء هم المؤمنون الحقيقيون، وذلك أنهم رأوه أو سمعوه أو خاطبوا رسل وحيه!".
لا ينشغل رياض بالدين ولا يبدي اهتماما حقيقيا جادا به، ذلك أن تركيزه ينصب على العلم والفن في المقام الأول :"العلم لغة العقول، والفن لغة الشخصية الإنسانية جميعا!".
يسخر كمال من رؤيته هذه التي تستعين بلغة الشعر، ويأبى رياض إلا أن يصر على قناعته التي يرى أنها تمثل جوهر إيمانه وخلاصة وجوده :"العلم يجمع البشر في نور أفكاره، والفن يجمعهم في عاطفة سامية إنسانية، وكلاهما يطور البشرية ويدفعها إلى مستقبل أفضل".
المسألة عند رياض لا تقتصر على قصص قصيرة يكتبها أو مسرحيات عالمية يترجمها ويلخصها، ذلك أن عملية الإبداع الفني تمثل في منظومته الفكرية ضرورة للتعايش مع منغصات الوجود الإنساني وألغازه ومفارقاته ومآسيه :"أتستطيع أن  تعيش في وحدة مطلقة؟، لا بد من النجوى، من العزاء، من المسرة، من الهداية، من النور، من الرحلة في أنحاء المعمورة والنفس، هذا هو الفن".
يأخذ كمال على صديقه الإسراف في الاهتمام بالقصة، مهملا ثقافته العلمية التي تقترب من معارف المتخصصين، ورياض بدوره يرفض الاتهام ولا يجد تناقضا يستدعي النقد والمؤاخذة، فهو يعتمد على العلم لتطوير إبداعه، ويراهن على التكامل والتجانس بين محوري حياته :"أخذت من العلم للفن عبادة الحقيقة، والإخلاص لها، ومواجهتها بشجاعة مهما تكن مرة، والنزاهة في الحكم، والتسامح الشامل مع المخلوقات".
الفن عند رياض نشاط جدي مثل العلم تماما، والحملات التهكمية الساخرة التي يشنها كمال لا تؤثر على جملة الثوابت التي يتمسك بها، لكن الكاتب القصصي المسيحي لا ينفصل عن الواقع والقوانين الاجتماعية الصارمة التي تحكمه، ولا يندفع في التعبير بلا حسابات دقيقة عندما يتعلق الأمر بمعالجة القضايا الشائكة التي تثير الجدل وتفجر المخاوف والهواجس، فإذ يقترح كمال عليه أن يناقش في قصصه "مشكلة الأقباط والمسلمين"، يعلق على الاقتراح الجريء الشائك بقوله :"أخاف سوء الفهم!".
لا شك أن "سوء الفهم" وارد بقوة عند التعرض لقضية معقدة بالغة الحساسية مثل العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، ذلك أن الأغلبية المسلمة لن تشعر بالارتياح، وقد لا تفترض أيضا حسن النية أو سلامة القصد.
من ناحية أخرى، لا يروق التورط في الانتماء الأيديولوجي للكاتب الذي يسمو بالفن ويجله عن الهبوط إلى ساحة التعبير الزاعق المباشر الفج، حيث الانتصار للأفكار والشعارات دون الإنسان :"لا شك في احتقاري للفاشستية والنازية وكل النظم الدكتاتورية، أما الشيوعية فخليقة بأن تخلق عالما خاليا من مآسي الخلافات العنصرية والدينية والمنازعات الطبقية، بيد أن اهتمامي الأول مركز في فني".
يستمد رياض شخوص وموضوعات قصصه من نثريات الواقع اليومي، ولا يخفي انحيازه للبسطاء والكادحين من العمال والفلاحين، محتفظا في الوقت نفسه بنزعة استقلالية تنأى به عن المباشرة والمعالجة الفجة، لكن انصرافه عن الصراع الأيديولوجي الصريح لا يروق للماركسية المتشددة سوسن حماد، ولا تبدي الإعجاب بقصصه :"ليست بالقصص المنشودة، إنها واقعية وصفية تحليلية، ولا تتقدم عن ذلك خطوة، لا توجيه فيها ولا تبشير!".
رياض قلدس يساري تقدمي على طريقته الخاصة، وإخلاصه للعلم والفن لا يتعارض مع انشغاله بالسياسة في إطارها الوطني، فهو وفدي مخلص يجد في الحزب الشعبي الكبير أداة فعالة لتقدم الوطن وتحقيق الوحدة التي ترفض التعصب والطائفية.

حول مكرم عبيد 


بعد انشقاق السعديين بزعامة أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي، يتعرض السياسي والزعيم الوفدي الكبير مكرم عبيد لإهانات وإساءات من المنشقين، ويبدو استياء رياض معبرا عن مزيج من الغضبين الوفدي والمسيحي، ويتجلى ذلك بوضوح في قوله لكمال:
"- أيمكن أن ننسى الإهانة التي تلقاها مكرم في ميدان عابدين؟ وهذه الإقالة المجرمة، سب وقذف وبصقة في وجه الأمة؟ والحقد الأعمى يجعل البعض يهللون.. وا حسرتاه..
فقال له كمال مداعبا:
- أنت غاضب لمكرم!..
فقال رياض دون تردد:
- إن الأقباط جميعا وفديون، ذلك أن الوفد حزب القومية الخالصة، ليس حزبا دينيا تركيا كالحزب الوطني، ولكنه حزب القومية التي تجعل من مصر وطنا حرا للمصريين على اختلاف عناصرهم وأديانهم، أعداء الشعب يعلمون ذلك، ولذلك كان الأقباط هدفا للاضطهاد السافر طوال عهد صدقي، وسيعانون ذلك منذ اليوم".
على الرغم من علمانيته ووعيه السياسي والفكري التقدمي، يصل الأمر برياض إلى التوحيد بين مكرم والمسيحيين والوفد، وعلامة ذلك أن إهانة مكرم عنده تعني إهانة الوفد، وتتضمن تهديدا خفيا للمسيحيين الذين يرى رياض أنهم "جميعا" من مؤيدي الوفد!.
عندما يدور الزمن دورته وينشق مكرم بدوره عن الوفد، تطل المخاوف والأحزان الوفدية والمسيحية معا، ويهمس رياض في أذن كمال:
"- يُفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الخوارق.
ولم يكن كمال قد أفاق من الخبر كذلك، فهز رأسه في وجوم دون أن ينبس.
- إنها كارثة قومية يا كمال، ما كان ينبغي أن تتهاوى الأمور حتى هذا الحضيض..
- نعم، ولكن من المسئول؟.
- النحاس! قد يكون مكرم عصبيا، ولكن الفساد الذي تسرب إلى الحكومة أمر واقع لا يصح السكوت عليه".
الإحساس بالصدمة شعور مشترك بين الوفدي "المسيحي" رياض قلدس والوفدي "المسلم" كمال عبد الجواد، دون نظر إلى أن الدين عندهما لا يمثل شيئا ذا بال، لكن الفارق الجوهري يتجلى في تعاطف رياض غير المحدود مع مكرم وتحامله على النحاس، الذي يتحمل عنده مسئولية الخلاف المفضي إلى الانشقاق، وينعكس توتر رياض على مفرداته التي تكشف عن طغيان القلق وعمق الإحساس بالفجيعة، ففصل مكرم من "الخوارق" و"كارثة قومية" و"تهاو إلى الحضيض"!.
لا تخلو المخاوف التي يبديها من حق، ذلك أن المناخ العام مليء بغبار الاحتقان الطائفي والتعصب المرذول، وفي هذا السياق يتساءل كمال "متغابيا"، لأنه يعرف درجة الصدق النسبي في كلمات صديقه :"لماذا تدفع بالأمر خارج حدود الطبيعة؟ مكرم ليس الأقباط، والأقباط ليسوا مكرم. إنه شخص ذهب، أما مبدأ الوفد القومي فلن يذهب".
الثقة "النظرية" المفرطة في مقولة كمال لا تقنع الوفدي المسيحي الذي يفكر في معطيات الواقع الفعلي منصرفا عن االشعارات البراقة الفضفاضة، وهو واقع يربط بين مكرم عبيد وعقيدته المسيحية، ولذلك يهز رأسه في أسف ويرد على كمال ساخرا :"هذا ما قد يُكتب في الجرائد، أما الحقيقة فهي ما أعني. لقد شعر الأقباط بأنهم طُردوا من الوفد وهم يتلمسون الأمان، وأخشى ألا يظفروا به أبدا".
ليست المسألة هنا أن يكون رياض قلدس مسيحيا متدينا ملتزما حتى ينجح في التعبير الدقيق عن الهموم والهواجس التي تسيطر على الأغلبية الساحقة من المصريين المسيحيين، فالأهمية الحقيقية تنبع من انتمائه "العاطفي" و"العرقي" الكامل إلى المسيحيين، ما يقترب به من الوقوف على حافة الإيمان بفكرة القومية المسيحية، وهي فكرة بالغة الخطورة :"إني حر وقبطي في آن، بل إني لا ديني وقبطي معا، أشعر في أحايين كثيرة بأن المسيحية وطني لا ديني، وربما إذا عرضت هذا الشعور على عقلي اضطربت. ولكن مهلا، أليس من الجبن أن أنسى قومي؟. شيء واحد خليق بأن ينسيني هذا التنازع، ألا وهو الفناء في القومية المصرية الخالصة كما أرادها سعد زغلول، إن النحاس مسلم ديّن، ولكنه قومي بكل معنى الكلمة أيضا، فلا نشعر حياله إلا بأننا مصريون لا مسلم ولا قبطي، بوسعي أن أعيش سعيدا دون أن أكدر صفوي بهذه الأفكار، ولكن الحياة الحقة مسئولية في الوقت نفسه".
مسيحية رياض لا تتجسد عبر أداء الطقوس الدينية التقليدية والتردد على الكنيسة، لكنها تتحقق بتمامها عبر الانتماء العاطفي والعقلي إلى الكتلة المسيحية العريضة. وفديته الصميمة تدفعه إلى تبني رؤية قومية شاملة، قادرة على نفي وتجاوز المشكلة الدينية، لكن متغيرات السياسة هي التي تفسد الانسجام والتوافق.
التعصب الديني، بالمعنى التقليدي الشائع، ليس واردا بطبيعة الحال عند من لا يؤمنون بالدين، ومشاعر رياض العاطفية تتجه إلى "قومه" المسيحيين "المهددين" من وجهة نظره بالاضطهاد والقمع لأسباب دينية سياسية. لا شيء يحول دون انتقال المسيحية من دين إلى قومية إلا وجود حزب شعبي قوي كالوفد، يرفع رايات الهوية المصرية الخالصة، ويرفض التمييز الديني البغيض، وينتصر للمواطنة والدولة المدنية، فأي  مصير يؤول إليه الوطن، والمواطنون بالتبعية، حال تراجع الحزب الشعبي الكبير عن ثوابته الراسخة؟!.
تتعرض وفدية رياض قلدس لزلزال مدمر بعد انشقاق الرمز مكرم عبيد، وكم يبدو "الوفدي المسيحي" أقرب إلى "مسيحي وفدي" وهو يشكو لصديقه المؤتمن من المخاوف والهواجس التي تنتابه وتسيطر عليه، وتتجاوز شخصه إلى "قومه" جميعا :"لقد جاءتني السياسة أخيرا بعقدة جديدة كعقدة الدين، فكما كنت أنبذ الدين بعقلي وأميل إليه بقلبي بصفته رابطة قومية فكذلك سأنبذ الوفد بقلبي وأميل إليه بعقلي، إذا قلت إني وفدي كذبت قلبي وإذا قلت إني عدو للوفد خنت عقلي، إنها كارثة لم تخطر لي على بال، والظاهر أنه مقضيّ علينا نحن الأقباط بأن نعيش في شخصيات منقسمة أبدا، لو كانت مجموعتنا فردا واحدا لجن!".
هل يبالغ رياض في التعبير عن مخاوفه؟، وهل يقف الأقباط جميعا على حافة الجنون كما يقول؟. قد يكون صحيحا أن مكرم عبيد رجل سياسة لا يعبر عن المصريين المسيحيين جميعا، لكن الصحيح أيضا هو صعوبة الفصل بين الهويتين الدينية والسياسية في مناخ مضطرب كهذا. رسائل الطمأنينة التي يبثها كمال "المسلم" لا تفلح في الإقناع، ويبدو رياض متألما مضطربا مسكونا بالحيرة وهو يبوح بالفكرة الغرائبية التي تراوده :"لو عشت في عصر الفتح الإسلامي وتكشف لي الغيب لدعوت الأقباط جميعا إلى الدخول في دين الله!".
المثير للدهشة بحق، أن رياض قلدس متأثر بالتحولات والعواصف السياسية، يناقض نفسه بعبارته هذه ويتنكر لمقولة سابقة تنم عن الوعي والنضج والإدراك الدقيق لطبيعة وجوهر المشكلة، وتقدم تحليلا دقيقا مكثفا لعلاج ما يُقال عن الهم الطائفي والاحتقان الديني :"مشكلة الأقباط اليوم هي مشكلة الشعب، إذا اُضطهد اُضطهدنا، وإذا تحرر تحررنا".
الحديث عن خصوصية قبطية لا معنى له ولا منطق يحكمه، فالمشكلة وطنية في المقام الأول، والخلاص الجذري رهين بالمزيد من الوعي والتقدم والتماسك والتحرر. لا مهرب للمسيحيين في مصر من مشاكلهم بمعزل عن النهضة العامة الشاملة، فما الذي يتغير بخروج مكرم من الوفد، مع الإقرار بخطورة انشقاقه وما يترتب عليه من آثار سلبية، حتى يتطرق الحديث إلى الجنون الجمعي، وتظهر أفكار مسرفة في تطرفها مثل مقولة القومية المسيحية؟!.
اللا ديني رياض قلدس ليس مسيحيا متدينا، ولا يعبر بسلوكه هذا عن الأغلبية المسيحية في مصر، حيث شيوع الالتزام بالشعائر والطقوس، لكنه يجسد موضوعيا جانبا لا يمكن إنكاره من الهم المسيحي، ويعكس الهواجس والمخاوف التي لا تظهر إلا داخل البيوت المغلقة البعيدة عن أعين الرقباء، ومن هنا أهميته في الكشف عن المخبوء والمستور.
قبل ظهور رياض، تخلو حياة كمال من الأصدقاء، وسرعان ما يتحول المثقف الكاتب إلى الصديق الجديد البديل، والوحيد أيضا، الذي يملأ الفراغ الروحي ويلبي الاحتياجات الثقافية والفكرية لكمال :"كانا سعيدين بصداقتهما، وقد قال كمال لنفسه مرة "جعلت أفقد حسين شداد أعواما، وظل مكانه شاغرا، حتى ملأه رياض قلدس، ففي محضره تستيقظ روحه وتستشعر ذلك الانبثاق الذي يبلغ نشوته في عناق الفكر المتبادل، هذا على الرغم من أنهما لم يكونا شيئا واحدا، وإن كانا متكاملين فيما بدا. وظلت صداقتهما شعورا متبادلا في صمت، لم ينوها به، فلم يقل أحدهما للآخر "أنت الصديق"، ولا قال له "لا أتصور الحياة بدونك"، ولكن كان ذلك كذلك...".
ليس مستغربا، وهذه مكانة رياض عند كمال، أن يتخوف من شروع صديقه الوحيد في الزواج :"فمن المحتمل جدا ألا يرى رياض -إذا تزوج- إلا في القليل النادر، وربما تغير وتبدل فيصبح صديقا بالمراسلة، وهو وديع رقيق فما أسهل هضمه، ولكن كيف تمضي الحياة بدونه؟".
مخاوف كمال مبررة بكراهيته العميقة لمؤسسة الزواج من ناحية ومعايشته لتجارب معارفه المتزوجين من ناحية أخرى، لكن جانبا مهما من خوفه يقترن بإدراكه الصحيح لطبيعة شخصية رياض، الوديع الذي يسهل هضمه!.
العلاقة بين الصديقين لا تقتصر على المناقشات الثقافية والسياسية، وتمتد إلى الجوانب الشخصية الإنسانية وثيقة الصلة بنثريات الحياة اليومية. يشربان معا، ويجلسان في القهاوي، ومع اقتراب إسدال الستار على حياة أمينة، يبادر رياض بزيارة صديقه للسؤال عن أمه ودعمه في أزمة الموت القريب:
"- سألت عنك في المدرسة فأخبرني السكرتير بالخبر، كيف حالها؟.
- أُصيبت بشلل وأخبرني الطبيب بأنها ستنتهي في ظرف ثلاثة أيام.
فوجم رياض وتساءل:
- أليس هناك حيلة ما؟".
ما الحيلة في مواجهة الموت؟!. لا شيء إلا التفكير في جوهر الحياة وحصادها، أو كما يقول رياض معقبا على حديث كمال عن طبيعة العلاقة بين الحياة والموت :"فلنسأل أنفسنا عند الموت -أي موت- ماذا صنعنا بحياتنا؟".
فصل من كتاب" شخصيات مسيحية فى الأدب المصرى"                               

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السكرية نجيب محفوظ مكرم عبيد مکرم عبید لا دینی ذلک أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

سرقا بطاقة ائتمان واشتريا ورقة يانصيب فائزة بنصف مليون يورو.. والضحية يقترح تقاسم الجائزة!

في حادثة غريبة من نوعها، تحوّلت عملية سرقة بسيطة إلى إشكالية معقدة، بعدما فاز لصّان بجائزة يانصيب كبرى باستخدام بطاقة ائتمان مسروقة. أما الضحية، الذي تعرّض لسرقة بطاقته، فقد وجد نفسه أمام معضلة دفعته في آخر المطاف إلى تقديم عرض غير متوقّع: تقاسم الجائزة مع السارقين.

اعلان

في الثالث من شباط/ فبراير، تعرّض جان ديفيد، وهو رجل أربعيني من مدينة تولوز الفرنسية، لسرقة حقيبة ظهره بعد أن تركها داخل سيارته. أدرك سريعًا وقوع الحادث وسارع إلى إلغاء بطاقته المصرفية، لكن ذلك لم يمنع اللصين من استخدامها، حيث أنفقا مبلغ 52.50 يورو في أحد محال بيع التبغ القريبة.

وعند مراجعة حساباته المصرفية، اكتشف ديفيد أن المبلغ سُحب من متجر يقع على بُعد أقل من 500 متر من مكان السرقة. وعلى أمل العثور على أوراقه الثبوتية، قرر زيارة المتجر والتحدث مع صاحبه.

Relatedصيني يفوز باليانصيب ويخفي 30 مليون دولار عن زوجته.. فما السبب؟ثاني أكبر جائزة يانصيب بأمريكا بقيمة 1.337 مليار دولار تذهب لمجهول في إيلينويشاهد: سيّدة من البيرو تفوز بجائزة اليانصيب لعيد الميلاد في إسبانيا

عندما وصل إلى المتجر، علم من البائع أن الشخصين اللذين استخدما بطاقته المصرفية قاما بشراء تذاكر يانصيب، وكانت إحداها رابحة بمبلغ 500 ألف يورو، وهو الحد الأقصى للجائزة.

من لصوص إلى أصحاب ثروة ولكن..

وفقًا للبائع، لم يصدق اللصّان ما حدث وسارعا إلى إبلاغه على الفوز. غير أن هذا المكسب الكبير وضعهما في مأزق، إذ طُلب منهما التوجه إلى مكتب شركة اليانصيب "Française des Jeux" لاستلام أرباحهما، ما جعلهما في موقف صعب، نظرًا إلى أن البطاقة التي استخدماها لشراء التذاكر كانت مسروقة.

شعار مجموعة FDJ (Française des Jeux) بمقرها في باريس، الجمعة 8 كانون الثاني/يناير 2021.Thibault Camus/ AP

لكن بالنسبة إلى جان ديفيد، الذي كان يسعى في الأصل فقط لاستعادة أوراقه الثبوتية، فإن خسارة هذا المبلغ الكبير دون محاولة إيجاد حل يعدّ أمرًا غير منطقي. إلا أن المشكلة القانونية التي نشأت جعلت من الصعب تحديد الجهة التي يحق لها المطالبة بالجائزة: هل هي الضحية صاحب البطاقة المصرفية، أم السارقَان اللذان اشتريا التذكرة؟

في هذا السياق، قال ديفيد: "أخبرتني الشرطة أن الأموال ستتم مصادرتها، لأنه لا يمكن الجزم بصاحب الحق الشرعي فيها".

اقتراح مفاجئ.. تقاسم الجائزة

لمواجهة هذا الوضع القانوني المعقد، اقترح جان ديفيد حلاً غير متوقّع، إذ عرض على اللصّين تقسيم الجائزة بالتساوي بينهم. وبرر موقفه قائلاً: "لولاي، لما فازا بهذه الجائزة، ولولاهما، لما اشتريت التذكرة في المقام الأول. لذا، أريد أن أعرض عليهما أن نتقاسم المبلغ".

وأشار ديفيد إلى أنه في حال لم يتواصل الفائزان مع محاميه، فإن التذكرة قد تصبح غير صالحة للاستخدام، ما قد يؤدي إلى مصادرة المبلغ بالكامل. وأضاف: "لماذا لا نتوصل إلى اتفاق ودّي ونتقاسم الجائزة؟ إذا تعاونّا، سيحصل كل واحد منا على 250 ألف يورو، بدلاً من أن نخسرها جميعًا".

آلة اليانصيب، خلال مؤتمر صحفي لشركة Française des Jeux (FDJ)، المشغّلة لليانصيب الوطني في فرنسا، ، 10 أبريل 2018.Michel Euler/ AP

وختم ديفيد حديثه بدعوة الفائزَين إلى التواصل مع محاميه، الأستاذ ديبويسون، للوصول إلى تسوية قانونية ودية، مؤكداً أنه "ليس لديهما ما يخشيانه".

وتبقى هذه القضية مفتوحة على احتمالات عدة، فهل سيقبل الفائزان العرض، أم ستتدخل السلطات لمصادرة المبلغ؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف عن مصير هذه الجائزة المثيرة للجدل.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لصوص يستخدمون المتفجرات لسرقة قطع أثرية من متحف في هولندا لصوصية عابرة للحدود: إسبانيا تلقي القبض على 17 شخصا كانوا في طريقهم إلى أولمبياد باريس لارتكاب سرقات محلّ مجوهرات في أحد أرقى أحياء باريس يتعرض للسطو والشرطة تلاحق اللصوص سرقةبنوك- قطاع مصرفيفرنساشرطةيانصيبتولوزاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext مؤتمر الحوار الوطني في سوريا بين التعثر والضغوط الدولية للانتقال السياسي يعرض الآنNext أوروبا تخشى صفقة غير متوازنة في مفاوضات أوكرانيا.. هل يدفع ترامب القارة إلى حافة الهاوية؟ يعرض الآنNext نتنياهو يتوعد حماس بدفع الثمن والحركة تعلّق على الالتباس حول جثة شيري بيباس يعرض الآنNext في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس! يعرض الآنNext وزير الدفاع الإسرائيلي يزور مخيم طولكرم ويتعهد بتصعيد العمليات العسكرية في الضفة الغربية اعلانالاكثر قراءة تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية عاجل. مقتل امرأتين بعملية طعن في جمهورية التشيك نتنياهو أمام اختبار آخر.. ماذا لو ثبت أن الرهائن قد قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي كما تقول حماس؟ حب وجنس في فيلم" لوف" شاهد.. دونالد ترامب يحاول مجددا الإمساك بيد زوجته ولكنها ترفض اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبإسرائيلروسياأوكرانياالاتحاد الأوروبيقطاع غزةحركة حماسفلاديمير بوتينالصحةفولوديمير زيلينسكيإسبانياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان الأردني يشكر مصر لدعمها الملك عبد الله: "مكانكم في القلب محفوظ"
  • مصر القومي: الرؤية الفلسطينية بالقمة العربية تدرك محورية الدور المصري
  • سرقا بطاقة ائتمان واشتريا ورقة يانصيب فائزة بنصف مليون يورو.. والضحية يقترح تقاسم الجائزة!
  • قيادي بالحرية المصري: الرؤية الفلسطينية لغزة تدرك محورية دور القاهرة
  • «فندق خمس هموم» في رمضان 2025
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إلهي، سيدي ومولاي
  • مدير غرفة التجارة الأمريكية للشرق الأوسط تشيد بالتطور الذي يشهده الاقتصاد المصري
  • من المتحف المصري.. «المواجهة حق المعرفة» يستضيف أكبر رجال الأعمال في مصر
  • من هو “خط الصعيد ” المجرم الذي قضى عليه الأمن المصري مؤخرا؟
  • الصادق الرزيقي: الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء في نيروبي، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس