البوابة نيوز:
2025-03-18@13:09:22 GMT

أندريه بوير يكتب: أوروبا.. «العكاز» الأمريكي 

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

لدى الولايات المتحدة طموح معلن بوضوح للحفاظ على قيادتها العالمية، وفي هذا السياق، لديها أيضًا مشروع محدد لأوروبا ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تهيمن على العالم عسكريًا وماليًا واقتصاديًا وعلى شبكة الإنترنت ومن حيث القوى الناعمة، وهى بطبيعة الحال لا تريد أن تفقد المزايا التي توفرها لها هذه القوى؛ لكن تطور هذا العالم نفسه يعدل ميزان القوى.

. لقد تفوقت باليد العليا على التوالي على الإنجليز والهنود والمكسيكيين والألمان واليابانيين. والآن، وبعد مواجهة الاتحاد السوفيتي لمدة ٤٤ عامًا والقضاء عليه دون قتال، فإنها تعتبر الصين هي العدو الجديد الذي يجب هزيمته. 
ورأينا في المنشورين السابقين أنها بدأت في التخلي عن الشرق الأوسط الذي قاتلت عليه لفترة طويلة لتركيز طاقتها ضد الصين، وفي الوقت نفسه، يتعين عليها أن تعيد الأمور إلى نصابها من خلال الجمع بين حلفائها، وتتكون الدائرة الأولى، حسبما يلزم التضامن الثقافي، من الدول الأنجلوسكسونية، وبريطانيا العظمى، وأستراليا، وكندا. ومع الاتفاقين الأوليين، شكلت الولايات المتحدة اتفاقية AUKUS، وهي اتفاقية تعاون عسكري تهدف إلى مواجهة التوسع الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. 
وتتشكل الدائرة الثانية من حلفاء الولايات المتحدة، وتتكون من دول الاتحاد الأوروبي المتحدة في حلف شمال الأطلسي واليابان وكوريا الجنوبية. وباعتبارها حلفاء استراتيجيين، فإن بعض هذه البلدان، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، أقل ثقة قليلًا في السياسة الأمريكية بشكل أكبر من دول الصفوف الأولى! ومن هنا باعت فرنسا حاملات طائرات هليكوبتر لروسيا، واعتمدت ألمانيا تقريبًا على الغاز الروسي في إمداداتها من الطاقة. وأمام ذلك، يكمن خوف الولايات المتحدة الحقيقي من رؤية إنشاء مجموعة اقتصادية تربط بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وبذلك تصبح قوية بما يكفي لتكون مستقلة، إن لم يكن لتحرر نفسها من التبعية الأمريكية وتظهر كمجموعة ثالثة "كبيرة". 
تمديد الناتو والانفصال الأول 
 


كما سمح تمديد الناتو بالانفصال الأول وحصلت الولايات المتحدة على مرشحين من أوروبا الشرقية للانضمام إلى الناتو قبل الانضمام إلى الأرض الموعودة للاتحاد الأوروبي. وبطبيعة الحال، تجاهلوا طلب روسيا بالانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في يونيو ٢٠٠٠، حتى أن منطقة كالينينجراد الروسية وجدت نفسها، بعد انضمام دول البلطيق الثلاث وبولندا، نفسها محصورة بين عضوين في منظمة حلف شمال الأطلسي. ثم دار الحديث عن انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. 
أما أوكرانيا، وهي دولة سلافية ممزقة بين الانجذاب الروسي إلى الشرق والجنوب والعداء لروسيا في الجزء الغربي منها، فقد عرضت على الولايات المتحدة إمكانية خلق "مركز" للخلاف من شأنه أن يضعف روسيا مهما كانت الظروف.. وبعد ثماني سنوات من المناوشات في دونباس بمساعدة وتشجيع الأنجلوسكسونيين، أعطى التدخل العسكري الروسي العنيف، الذي أعقب ذلك، مبررا للانفصال الكامل والفوري بين أوروبا الغربية وروسيا. 
ديناميكية التمزق وتعديل ميزان القوى 
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت ديناميكية التمزق، ولكن أيضا تعديل ميزان القوى، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يؤدي إلى إضعاف الموقف الأمريكي الأولي.. لقد ظهر قطب آخر بين الصين وإيران وروسيا، والذي سيكون في نهاية المطاف هائلًا بالنسبة للولايات المتحدة. كما ترفض العديد من الدول، من الشرق الأوسط مثل تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، ومن آسيا مثل الهند، ومن أمريكا الجنوبية مثل البرازيل، ومن أفريقيا مثل دول الساحل وجنوب أفريقيا، تطبيق العقوبات الأمريكية فيما يطبق الاتحاد الأوروبي الأمر بجدية.. هنا تظهر التوترات المتزايدة بين أولئك الذين يؤيدون الحرب الدائمة وأولئك الذين يؤيدون التفاوض مع روسيا. 
ويرجع ذلك إلى أن قوة روسيا لم تقوض بشكل واضح بسبب الحرب واليوم، لا تزال هذه الدولة المعادية لأمريكا حاضرة في شرق أوروبا، لذا فإن إغراء التفاهم بين المجموعتين غدًا لن يتطلب سوى تخفيف الضغوط الأمريكية لكي تعود إلى الظهور ويبدأ التقارب مرة أخرى. 
وهذه هي الطريقة التي أدت بها القضية الأوكرانية، بعيدًا عن توحيد مجموعة مستقرة وودية وقوية إلى جانبها، إلى خلق مصدر للصراع في أوروبا المنزعجة والضعيفة. وبهذه الطريقة أيضًا، تقوم الولايات المتحدة بإحياء أسطورة سيزيف، حيث تتراجع هنا وتؤكد نفسها هناك، مجبرة على مواجهة التغيرات غير المتوقعة في العالم، مثل الحركة الفلسطينية التي تم وضعها تحت المنظار أو تؤدي إلى مواجهات مثل في أوكرانيا، وهم غير قادرين على السيطرة على عواقبها. 
وهذه الطفرة تجد الولايات المتحدة صعوبة في تحقيقها، وبالتالي تتوالى سلسلة من الحروب الخاسرة، من فيتنام إلى أوكرانيا عبر العراق وسوريا وأفغانستان وليبيا، بينما تنتظر الحرب التالية، تايوان.. ومع ذلك، فهم لا يزالون قادرين على خوض هذه الحرب.
معلومات عن الكاتب:
أندريه بوير: أستاذ جامعى مهتم بقضايا التنمية البشرية والصحة العامة، يكتب عن الطموح الأمريكى فى الهيمنة على القارة الأوروبية.
 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الولايات المتحدة القارة الأوروبية الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی

إقرأ أيضاً:

هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟

في أقل من شهرين و في (٥٣) يوم بالضبط منذ دخوله البيت الأبيض فعل ترامب بالولايات المتحدة الأفاعيل !!
فخلال هذه المدة القصيرة إتخذ قرارات و إجراءات داخلية و خارجية و أدلى بتصريحات ربما تكلف بلاده الكثير :
ـ بدأ الحرب التجارية و حرب تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي مع الصين !!
ـ أثار معارك مع جيرانه الجنوبيين المكسيك ، و بنما التي طالبها بتسليم (قناة بنما) التي تعتبر أهم ممر مائي في العالم و تربط بين المحيطين الهادي و الأطلسي و مولت بلاده شقها و إنشاءها بعد شرائها الإمتياز من فرنسا في العام 1902 و اكتمل العمل فيها في العام 1914 !!
ـ دعا جارته الشمالية كندا لأن تصبح الولاية رقم (٥١) ضمن ولايات بلاده !!
ـ طلب من الدنمارك أن تبيعه جزيرة غرينلاند حماية للأمن القومي لبلاده (و بالمناسبة هذا طلب امريكي قديم) !!
ـ أهان الرئيس الأوكراني زلينسكي الذي دعاه إلى البيت الأبيض على الهواء مباشرة بحضور وزير خارجيته الذي تبادل معه الأدوار ، و طالبه بإعطاء الولايات المتحدة نصف المعادن في بلاده مقابل ما قدمته لها من سلاح و تمويل في حربها ضد روسيا المستعمرة منذ فبراير 2022 !!
ـ أهان القادة الأفارقة و لم يدعهم لحفل تنصيبه و وصفهم بالكلاب !!
ـ دعا إلى تهجير سكان غزة إلى مصر و الأردن الأمر وجد رفضاً حاسماً من الدولتين و من الدول العربية و غالبية بلدان العالم بما فيها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن !!
ـ فرض رسوم جمركية عالية على الواردات من الصين ، دول الإتحاد الأوروبي ، كندا ، المكسيك الأمر الذي دفع هذه الدول للتعامل بالمثل فخسر الإقتصاد في أقل من شهر ترليونات الدولارات !!
أما داخلياً فقد بدأ ترامب خوض المعارك في جبهات عديدة أبرزها :
ـ معركته ضد سلفه بايدن و أنصاره حيث لا يفوت أي فرصه لمهاجمته بأقذع العبارات و انتقاد فترة حكمه التي دائماً ما يصفها بأنها دمرت الولايات المتحدة !!
ـ معركته ضد المثلية حيث أمر بطرد المثليين من الخدمة و منع أنشطتهم في المدارس و هدد بوقف الدعم الفيدرالي عن أي ولاية تخالف توجهاته و قراراته للحد من نفوذ المثليين !!
ـ معركته ضد صناديق الضمان التي وصفها بالفساد و قال في أحد تصريحاته أنهم إكتشفوا أن هذه الصناديق تصرف مرتبات و معاشات لأكثر من 120 ألف موظف و معاشي غير موجودين أصلاً !!
ـ معركته ضد وكالة العون الامريكي التي وصف من يديرونها بأنهم متطرفون ، و أنها تقوم بتمويل أنشطة مشبوهة و ذكر تحديداً أنها مولت أبحاث وباء الكورونا الذي فتك بعشرات الملايين على إمتداد العالم ، فأوقف تمويلها و أعطى العاملين فيها إجازات مفتوحة !!
ـ معركة مساعده إيلون ماسك المكلف بملف وزارة الكفاءة الحكومية مع الجهاز البيروقراطي للدولة حيث فصل حتى الآن عشرات الآلاف من الموظفين و في الأيام الماضية أرسل إيميلات لحوالي (2 مليون) موظف فيدرالي طالبهم بإرسال تقارير عن إنجازاتهم و من لا يرد خلال فترة زمنية محددة سيعتبر مستقيلاً من وظيفته !!
(ما يقوم به إيلون من فصل و تشريد للموظفين هو مماثل تماماً لما كانت تقوم به لجنة التمكين سيئة الذكر في بلادنا خلال الحقبة القحتاوية الحمدوكية) !!
بالأمس و في خطوة مناقضة تماماً لما ظل يردده منذ حملته الإنتخابية بأن الولايات المتحدة في عهده الجديدة لن تدخل في اي حرب خارجية قام ترامب بالإشراف بنفسه على ضرب عشرات المواقع في اليمن بدعوى محاربة الحوثيين الذين أصبحوا يمثلون أكبر مهدد للتجارة العالمية عبر مضيق باب المندب و البحر الأحمر !!
محللون وصفوا هذه الخطوة بأنها محاولة للهروب من المشاكل الكبيرة التي تسببت فيها سياساته الداخلية و الخارجية الأمر الذي أدى تململ واسع في أوساط الشعب الأمريكي و بصفة خاصة رجال الأعمال الذين بدأوا في البحث عن ملاذات آمنة خارج بلادهم لإستثماراتهم و أموالهم !!
بهذه السياسات التي يتبعها هل يسعى ترامب و ساعده الأيمن إيلون ماسك إلى تفكيك الولايات المتحدة ؟؟
و إذا صح هذا الإفتراض الذي تبدو نتائجه واضحة هل يمكن وصف ترامب بغورباتشوف الولايات المتحدة !!
ننتظر لنرى !!
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 مارس 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟
  • اتساع الشرخ بين ضفتي الأطلسي ينذر بانتهاء زمن المظلة الأميركية
  • مسؤولة أوروبية: الحرب التجارية عبر الأطلسي تصب في مصلحة بكين
  • القوى الوطنية الفلسطينية تدين العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن
  • حرب الرسوم تهدد 9.5 تريليون دولار من التجارة عبر الأطلسي
  • أسعار النفط ترتفع مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • الولايات المتحدة تجري مناقشات مع الدول المعنية في أوروبا بشأن أوكرانيا
  • ويتكوف: الولايات المتحدة تجري مناقشات مع “الدول المعنية” في أوروبا بشأن أوكرانيا
  • 33 قتيلاً جراء أعاصير ضربت الولايات المتحدة
  • التصعيد الأمريكي… إلى أين؟