تواصل إثيوبيا موقفها المتعنت والرافض لأي حلول بشأن أزمة سد النهضة مع دولتي المصب "مصر والسودان"، وتعمل أديس أبابا على فرض واقع من جانب واحد ترى فيه القاهرة والخرطوم أنه يضر بمصالح شعوبهما، حيث تصر البلدان على ضرورة وجود اتفاق ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد.

أزمة سد النهضة

وفشلت قبل عدة أسابيع المرحلة الرابعة من المفاوضات الجديدة التي بدأتها دولتي المصب مع إثيوبيا سبتمبر الماضي "على أربع جولات"، وذلك بعد اتفاق مسبق جرى في يوليو الماضي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش مشاركة الأخير في مؤتمر دول جوار السودان، الذي نظمته القاهرة.

في هذا الصدد، أعلنت اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الإثيوبي لـ سد النهضة، الجمعة، دخول مشروع السد مرحلته النهائية، وفق ما أعلنته هيئة البث الإثيوبية (فانا).

ونقلت الهيئة عن وزير الخارجية، دمقي مكونن، قوله خلال اجتماع دوري عقدته اللجنة التنفيذية لسد النهضة في أديس أبابا إن الإثيوبيين نقلوا السد إلى مرحلته النهائية، مشيراً إلى أن بناء السد وصل حالياً إلى 94.6 في المائة.

وقال "مكونن" إنه جرى عقد 4 جولات من المحادثات الثلاثية، التي ضمت إثيوبيا ومصر والسودان، في الأشهر الماضية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة.

وأضاف أن موقف إثيوبيا الثابت هو إجراء المفاوضات على أساس المبادئ، والتوصل إلى اتفاق، موضحاً أن البلاد ستعزز جهودها من أجل التكامل الإقليمي والتنمية المتبادلة.

فيما كشفت صور فضائية حديثة، عبر الأقمار الصناعية، أن إثيوبيا بدأت عملية تعلية سد النهضة عبر الممر الأوسط، وصب الخرسانة بعد تجفيفه، وانتهاء نحو 95 % من عملية إنشاء سد النهضة، والجزء المتبقي قد يستغرق حوالي شهرين.

كما أظهرت الصور وجود حفارين يعملان للمرة الأولى، أعلى الممر الأوسط، ربما بغرض عمل جسات أو روابط مع الخرسانة الجديدة.

أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن مياه السد توقفت في التدفق أعلى الممر الأوسط يوم 15 ديسمبر، وجف الممر تماما بعد فتح بوابتي التصريف وفشل عمل التوربينين.

وأشار الدكتور عباس شراقي إلى أن مخزون المياه تراجع في بحيرة سد النهضة بنحو أكثر من مليار م3 ليصبح إجمالي التخزين حاليا أقل من 40 مليار م3، وسط ترقب مصر للسيناريوهات المحتملة حول سد النهضة، خاصة عقب إعلان إثيوبيا، دخول سد النهضة مرحلته النهائية. في حين رفض برلمانيون وخبراء مصريون الإعلان الإثيوبي بشأن سد النهضة، وما زعمته أديس أبابا أن موقفها هو إجراء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.

أما بالنسبة للجانب الكهربائي وتركيب التوربينات، هناك تأخير كبير، كان من المفترض تركيب 13 توربينة، تم تركيب 2 العام الماضي وانتظرنا طويلاً لتركيب 12 توربينة أخرى، لافتا إلى أن تركيب التوربينات يحتاج وقتًا طويلاً ويتطلب تكاليف كبيرة لاستيرادها وتركيبها، وهو عمل فني دقيق جدًا، لذلك، قد يستغرق الأمر عدة سنوات لاستكمال التركيب، من الناحية الكهربائية وتركيب التوربينات، وقد تصل إثيوبيا إلى حوالي 60٪ من العمل مستقبليًا، بينما فيما يتعلق بالخرسانة، تم تنفيذ حوالي 95٪ من العمل.

فشل مفاوضات سد النهضة 

التصرف الإثيوبي الجديد جاء بعد أيام قليلة من فشل مفاوضات الجولة الرابعة بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وأعلنت وزارة الموارد المائية والري انتهاء الاجتماع دون نتائج، نظراً لاستمرار المواقف الإثيوبية ذاتها الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي أديش أبابا في التراجع عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.

وذكرت وزارة الري أنه بات واضحا عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي، مؤكدة أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.

من جانبه قال الدكتور أحمد سيد أحمد المحلل السياسي، إن أزمة سد النهضة في مهب الرياح بسبب تعنت الجانب الأثيوبي في حل الأزمة خلال المفاوضات التي كان من المفترض أن تؤتي ثمارها بين الدول الثلاثة مصر وأثيوبيا والسودان، وذلك بسبب تعامل أثيوبيا مع نهر النيل على أنه بحيرة اثيوبية، والاستمرار في إجراءات الملء الأحادي لسد النهضة دون الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان بشأن قواعد الملء والتشغيل، وهو ما أدى إلى فشل المفاوضات.

وأضاف "سيد أحمد" في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، مصر ما زالت تطالب بأن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد تشغيل وملء السد حتى لا تتأثر حصتها المائية لأن مياه نهر النيل تعد الشريان الرئيسي لمصر، مشيرا إلى أن مصر لها حقوق دولية مكتسبه وفقا للاتفاقات الدولية ومنها اتفاقية 1929 بشأن تنظيم مياه نهر النيل وكذلك اتفاقية 1950.

تابع: هناك تراخ في الشأن الدولي حول حل أزمه سد النهضة خاصة من الجانب الأمريكي، مؤكدا أن أثيوبيا تستغل الاضطرابات السياسية التي تحدث الآن في السودان.

وأوضح أن الخارجية المصرية أكدت اتخاذ مصر كافة الإجراءات للحفاظ على أمنها المائي وعدم المساس به للحفاظ على الأمن القومي المصري في ظل تعنت أثيوبيا عن وجود حل قانوني ملزم للأطراف الثلاثة.

جدير بالذكر أن مصر كانت قامت بتصعيد الملف لمجلس الأمن بعد انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع في سبتمبر الماضي.

ووجهت القاهرة رسالة إلى رئيس المجلس بشأن إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الرابع لسد النهضة، حيث أكدت أن تصرفات أديس أبابا الأحادية بشأن الملء والتشغيل للسد تشكل حربا وجودية لمصر، وتهدد استقرارها وتعد خرقا مستمرا لإعلان المبادئ الذي يلزم إثيوبيا بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن القواعد التي تحكم ملء السد وتشغيله.

كما شدد خطاب الخارجية المصرية حينها على رفض مصر القاطع لهذه الإجراءات التي تتخذها إثيوبيا وتجاهلها بشكل تام للبيانات الدولية، مطالبة المجلس بتحمل مسؤولياته بموجب المادة 24 من الميثاق، على أن يبقي القضية محل نظره لضمان التوصل إلى حل سلمي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سد النهضة اثيوبيا أزمة سد النهضة أديس أبابا السد السودان مصر مصر والسودان أدیس أبابا سد النهضة إلى اتفاق إلى أن

إقرأ أيضاً:

دعوة إثيوبية "استفزازية" لحضور افتتاح سد النهضة تُشعل الجدل: مصر والسودان في مواجهة انتهاكات أديس أبابا الأحادية

أثارت دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لمصر والسودان لحضور حفل افتتاح سد النهضة في سبتمبر/أيلول المقبل، موجة واسعة من الانتقادات والرفض، إذ اعتبرها مراقبون عملًا استفزازيًا يفوق جميع الإجراءات الأحادية السابقة التي اتخذتها إثيوبيا طوال السنوات الماضية، خاصة في ظل تعثر المفاوضات الثلاثية وفشلها المتكرر.

كما أثارت دعوة آبي أحمد لمفاوضات جديدة حول تشغيل وملء السد بعد فشل جميع الجولات السابقة، تساؤلات قانونية وسياسية، اعتبرها خبراء "انتهاكًا صارخًا للأعراف والمواثيق الدولية"، وتجاهلًا واضحًا لحقوق مصر والسودان كمصبين رئيسيين لنهر النيل.

(التقرير نقلًا عن وكالة سبوتنيك)

 

أستاذ جيولوجيا: إثيوبيا تسببت في حجز مياه كانت موجهة للمصب المصري عباس شراقي: إثيوبيا خالفت إعلان المبادئ وسد النهضة أصبح مشروعًا غير شرعي خبير قانون دولي: تصريحات آبي أحمد انتهاك صريح للقانون الدولي

في هذا السياق، قال الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية بمصر، في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"، إن تصريحات آبي أحمد الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي تمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي للمياه.

وأوضح أن دعوة مصر والسودان لحضور افتتاح السد تمثل تجميلًا لصورة مشروع قائم على انتهاكات مستمرة لحقوق دول المصب، كما أن استمرار أديس أبابا في سياسة فرض الأمر الواقع يكشف عن نية مبيتة لمواصلة الإجراءات الأحادية دون اتفاق ملزم.

خرق لاتفاق المبادئ ومخالفة للقانون العرفي الدولي

وأشار مهران إلى أن هذه الدعوة تتناقض مع اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015، والذي يلزم الأطراف الثلاثة بالتشاور والتفاوض قبل تنفيذ أي أعمال تتعلق بمشروعات عابرة للحدود، كما أنها تخالف الاتفاقية الإطارية بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية.

وأضاف أن إثيوبيا تنتهك مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمجاري المائية المشتركة، وتُصر على تصرفات منفردة دون الرجوع إلى الدول المتأثرة، مما يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي وحقوق الشعوب في مياه النيل.

خطر وجودي على الأمن المائي لدول المصب

وحذر الدكتور مهران من أن استمرار إثيوبيا في هذه السياسات الأحادية يشكل تهديدًا وجوديًا لمصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل شبه كامل على مياه نهر النيل في تأمين احتياجاتهما من المياه والغذاء.

وأكد أن مصر تملك الحق القانوني الكامل في الدفاع عن أمنها المائي استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تُجيز الدفاع عن النفس في حال التعرض لتهديد وجودي، موضحًا أن "المياه عنصر حيوي لبقاء الدولة المصرية واستمرارها".

دعوة باطلة تمهد لشرعنة السيطرة الإثيوبية

من جهته، أكد الدكتور أحمد المفتي، الحقوقي السوداني والعضو السابق في لجنة مفاوضات مياه النيل، أن الدعوة الإثيوبية تأتي في إطار سعي أديس أبابا لإضفاء الشرعية على تصرفاتها الأحادية.

وأضاف في تصريحاته لـ "سبوتنيك" أن ما يقوم به آبي أحمد "خديعة قانونية"، تهدف إلى إجبار مصر والسودان على الاعتراف الضمني بشرعية بناء وتشغيل السد دون اتفاق، وهو ما يؤدي فعليًا إلى تقنين الانتهاكات وسحب حقوق مصر والسودان في الاعتراض القانوني مستقبلًا.

عاجل- الحكومة: الترويج لاكتمال بناء «سد النهضة»أكاذيب وبروباجندا إثيوبية مرفوضة دوليًا عاجل- مصر تلوّح بخط أحمر جديد في ملف سد النهضة: لا تفاوض تحت مظلة الخداع السياسي الإثيوبي المجتمع الدولي أمام اختبار: هل يتدخل قبل الانفجار؟

طالب مهران المجتمع الدولي بـ "تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية" تجاه ما وصفه بـ "نزاع خطير يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي"، محذرًا من أن استمرار الصمت الدولي قد يقود إلى "انفجار الأوضاع وجرّ المنطقة إلى صراع غير محسوب العواقب".

ودعا إلى ضرورة تدخل المؤسسات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لإجبار إثيوبيا على العودة إلى طاولة المفاوضات وتوقيع اتفاق قانوني ملزم يحترم حقوق جميع الأطراف.

 دعوة إثيوبية "استفزازية" لحضور افتتاح سد النهضة تُشعل الجدل: مصر والسودان في مواجهة انتهاكات أديس أبابا الأحاديةاتفاقية 2015.. مرجعية معطلة

رغم أن اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 أعطى إثيوبيا الضوء الأخضر للمضي في مشروعها، إلا أنه ألزمها بإخطار دول المصب بأي تطور في المشروع، وهي خطوة تقول مصر والسودان إن أديس أبابا لم تلتزم بها، خاصة في عمليات الملء المتتالية التي تمت دون تنسيق أو تفاهم.

وفي الوقت الذي تروج فيه إثيوبيا بأن السد لا يهدف للإضرار، تؤكد القاهرة والخرطوم أن المشروع يهدد الحصص المائية التاريخية لمصر والسودان ويؤثر على أمنهما القومي والاقتصادي.

عاجل- مصر تُحذر من "هيمنة مائية" إثيوبية وتُجدد رفضها القاطع لفرض الأمر الواقع في أزمة سد النهضة عاجل- إثيوبيا تعلن اكتمال سد النهضة وتدعو مصر والسودان لحفل الافتتاح في سبتمبر دعوة برلمانية مريبة: من البرلمان إلى المواجهة

خلال جلسة للبرلمان الإثيوبي، أعلن آبي أحمد رسميًا عن دعوة لحضور افتتاح السد في سبتمبر، مؤكدًا أن بلاده لن تسبب أي نقص في مياه مصر، قائلًا: "لم تفقد مصر حتى لترًا واحدًا من المياه بسبب السد"، في تصريحات اعتبرها مراقبون محاولة لتزييف الواقع وطمس آثار الانتهاكات.

اتفاقية إطارية دون مصر والسودان

وفي الوقت ذاته، تواصل أديس أبابا الدفع باتجاه اتفاقية الإطار التعاوني، التي وقّعت عليها غالبية دول حوض النيل باستثناء مصر والسودان، والتي تهدف إلى إعادة توزيع المياه بين الدول العشر بطريقة "عادلة"، وهو ما تعتبره القاهرة والخرطوم محاولة لتقويض الاتفاقيات التاريخية لعامي 1929 و1959.

سد النهضة موقف مصري سوداني موحد.. أم تصعيد قادم؟

في ختام التقرير، حذّر الدكتور أحمد المفتي من أن حضور مصر والسودان لافتتاح السد قد يُستخدم كغطاء سياسي وقانوني لإثبات شرعية ما فعلته إثيوبيا منفردة، داعيًا البلدين إلى التمسك بحقوقهما المشروعة واتخاذ خطوات حاسمة لحمايتها.

مقالات مشابهة

  • دعوة إثيوبية "استفزازية" لحضور افتتاح سد النهضة تُشعل الجدل: مصر والسودان في مواجهة انتهاكات أديس أبابا الأحادية
  • سد النهضة الإثيوبي.. حقائق وأرقام صادمة
  • لماذا لم تتأثر مصر بملء خزان سد النهضة خلال السنوات الماضية؟.. خبير يوضح
  • علاء مبارك يسخر من دعوة «آبي أحمد» لمصر لحضور افتتاح سد النهضة: طلع راجل ذوق!
  • ما رسالة إثيوبيا من دعوة مصر والسودان لحفل افتتاح سد النهضة؟
  • شراقي: إثيوبيا خالفت اتفاق المبادئ وتخزين الأحادي يفقد السد شرعيته القانونية
  • عباس شراقي: إثيوبيا خالفت إعلان المبادئ.. وسد النهضة أصبح مشروعا غير شرعي
  • مصر ترفض سياسات الأمر الواقع بشأن سد النهضة: لن نسمح بالهيمنة على مياه النيل
  • إثيوبيا تدعو مصر والسودان لافتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل
  • أول تعليق رسمي من مصر بعد دعوة إثيوبيا لها لحضور افتتاح سد النهضة