فَضَح مخططات إثيوبيا| تطورات خطيرة خلف أسوار سد النهضة: "شهرين والمشروع يخلص"
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
تواصل إثيوبيا موقفها المتعنت والرافض لأي حلول بشأن أزمة سد النهضة مع دولتي المصب "مصر والسودان"، وتعمل أديس أبابا على فرض واقع من جانب واحد ترى فيه القاهرة والخرطوم أنه يضر بمصالح شعوبهما، حيث تصر البلدان على ضرورة وجود اتفاق ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد.
أزمة سد النهضةوفشلت قبل عدة أسابيع المرحلة الرابعة من المفاوضات الجديدة التي بدأتها دولتي المصب مع إثيوبيا سبتمبر الماضي "على أربع جولات"، وذلك بعد اتفاق مسبق جرى في يوليو الماضي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش مشاركة الأخير في مؤتمر دول جوار السودان، الذي نظمته القاهرة.
في هذا الصدد، أعلنت اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الإثيوبي لـ سد النهضة، الجمعة، دخول مشروع السد مرحلته النهائية، وفق ما أعلنته هيئة البث الإثيوبية (فانا).
ونقلت الهيئة عن وزير الخارجية، دمقي مكونن، قوله خلال اجتماع دوري عقدته اللجنة التنفيذية لسد النهضة في أديس أبابا إن الإثيوبيين نقلوا السد إلى مرحلته النهائية، مشيراً إلى أن بناء السد وصل حالياً إلى 94.6 في المائة.
وقال "مكونن" إنه جرى عقد 4 جولات من المحادثات الثلاثية، التي ضمت إثيوبيا ومصر والسودان، في الأشهر الماضية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة.
وأضاف أن موقف إثيوبيا الثابت هو إجراء المفاوضات على أساس المبادئ، والتوصل إلى اتفاق، موضحاً أن البلاد ستعزز جهودها من أجل التكامل الإقليمي والتنمية المتبادلة.
فيما كشفت صور فضائية حديثة، عبر الأقمار الصناعية، أن إثيوبيا بدأت عملية تعلية سد النهضة عبر الممر الأوسط، وصب الخرسانة بعد تجفيفه، وانتهاء نحو 95 % من عملية إنشاء سد النهضة، والجزء المتبقي قد يستغرق حوالي شهرين.
كما أظهرت الصور وجود حفارين يعملان للمرة الأولى، أعلى الممر الأوسط، ربما بغرض عمل جسات أو روابط مع الخرسانة الجديدة.
أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن مياه السد توقفت في التدفق أعلى الممر الأوسط يوم 15 ديسمبر، وجف الممر تماما بعد فتح بوابتي التصريف وفشل عمل التوربينين.
وأشار الدكتور عباس شراقي إلى أن مخزون المياه تراجع في بحيرة سد النهضة بنحو أكثر من مليار م3 ليصبح إجمالي التخزين حاليا أقل من 40 مليار م3، وسط ترقب مصر للسيناريوهات المحتملة حول سد النهضة، خاصة عقب إعلان إثيوبيا، دخول سد النهضة مرحلته النهائية. في حين رفض برلمانيون وخبراء مصريون الإعلان الإثيوبي بشأن سد النهضة، وما زعمته أديس أبابا أن موقفها هو إجراء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.
أما بالنسبة للجانب الكهربائي وتركيب التوربينات، هناك تأخير كبير، كان من المفترض تركيب 13 توربينة، تم تركيب 2 العام الماضي وانتظرنا طويلاً لتركيب 12 توربينة أخرى، لافتا إلى أن تركيب التوربينات يحتاج وقتًا طويلاً ويتطلب تكاليف كبيرة لاستيرادها وتركيبها، وهو عمل فني دقيق جدًا، لذلك، قد يستغرق الأمر عدة سنوات لاستكمال التركيب، من الناحية الكهربائية وتركيب التوربينات، وقد تصل إثيوبيا إلى حوالي 60٪ من العمل مستقبليًا، بينما فيما يتعلق بالخرسانة، تم تنفيذ حوالي 95٪ من العمل.
فشل مفاوضات سد النهضةالتصرف الإثيوبي الجديد جاء بعد أيام قليلة من فشل مفاوضات الجولة الرابعة بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وأعلنت وزارة الموارد المائية والري انتهاء الاجتماع دون نتائج، نظراً لاستمرار المواقف الإثيوبية ذاتها الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي أديش أبابا في التراجع عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.
وذكرت وزارة الري أنه بات واضحا عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي، مؤكدة أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.
من جانبه قال الدكتور أحمد سيد أحمد المحلل السياسي، إن أزمة سد النهضة في مهب الرياح بسبب تعنت الجانب الأثيوبي في حل الأزمة خلال المفاوضات التي كان من المفترض أن تؤتي ثمارها بين الدول الثلاثة مصر وأثيوبيا والسودان، وذلك بسبب تعامل أثيوبيا مع نهر النيل على أنه بحيرة اثيوبية، والاستمرار في إجراءات الملء الأحادي لسد النهضة دون الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان بشأن قواعد الملء والتشغيل، وهو ما أدى إلى فشل المفاوضات.
وأضاف "سيد أحمد" في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، مصر ما زالت تطالب بأن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد تشغيل وملء السد حتى لا تتأثر حصتها المائية لأن مياه نهر النيل تعد الشريان الرئيسي لمصر، مشيرا إلى أن مصر لها حقوق دولية مكتسبه وفقا للاتفاقات الدولية ومنها اتفاقية 1929 بشأن تنظيم مياه نهر النيل وكذلك اتفاقية 1950.
تابع: هناك تراخ في الشأن الدولي حول حل أزمه سد النهضة خاصة من الجانب الأمريكي، مؤكدا أن أثيوبيا تستغل الاضطرابات السياسية التي تحدث الآن في السودان.
وأوضح أن الخارجية المصرية أكدت اتخاذ مصر كافة الإجراءات للحفاظ على أمنها المائي وعدم المساس به للحفاظ على الأمن القومي المصري في ظل تعنت أثيوبيا عن وجود حل قانوني ملزم للأطراف الثلاثة.
جدير بالذكر أن مصر كانت قامت بتصعيد الملف لمجلس الأمن بعد انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع في سبتمبر الماضي.
ووجهت القاهرة رسالة إلى رئيس المجلس بشأن إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الرابع لسد النهضة، حيث أكدت أن تصرفات أديس أبابا الأحادية بشأن الملء والتشغيل للسد تشكل حربا وجودية لمصر، وتهدد استقرارها وتعد خرقا مستمرا لإعلان المبادئ الذي يلزم إثيوبيا بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن القواعد التي تحكم ملء السد وتشغيله.
كما شدد خطاب الخارجية المصرية حينها على رفض مصر القاطع لهذه الإجراءات التي تتخذها إثيوبيا وتجاهلها بشكل تام للبيانات الدولية، مطالبة المجلس بتحمل مسؤولياته بموجب المادة 24 من الميثاق، على أن يبقي القضية محل نظره لضمان التوصل إلى حل سلمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة اثيوبيا أزمة سد النهضة أديس أبابا السد السودان مصر مصر والسودان أدیس أبابا سد النهضة إلى اتفاق إلى أن
إقرأ أيضاً:
دماء داخل أسوار المدارس
طالب يقتل زميله فى بورسعيد.. وولى أمر يقتل معلماً.. والبقية تأتى
أولياء الأمور يطالبون بوجود نقاط شرطة لحماية أبنائنا
خبراء: أسباب أسرية ومجتمعية أدت إلى تفشى العنف والبلطجة داخل دور التربية.. وعودة القدوة ضرورة
كانت المدرسة مِحرابًا للعلم تسبق فيه التربية التعليم، وكانت علاقة المعلمين بالطلاب تقوم على الاحترام والتقدير، وكان للمدرسة دور فعال فى عملية تنشئة الأبناء، إلا أن هذا الأمر تغير تماما فى وقتنا الحالى، وأصاب المدرسة ما أصاب الأمة من تفسخ أخلاقى فضاعت هيبة المعلم وسقطت مكانته من القلوب والأذهان، ومن هنا سقطت منظومة التعليم وأصبح المدارس لا تقوم بدورها فى التربية ولا التعليم، والأكثر من ذلك هو انتشار وقائع العنف بين طلاب المدارس وبين المعلمين وأولياء الأمور.
وخلال الساعات الماضية انشغل الرأى العام بواقعة وفاة مدرس على يد ولى أمر، حيث قام مدرس اللغة الإنجليزية بعقاب الابنة فقرر والدها التوجه إلى المدرسة لعتاب المعلم، دون أن يدرى أن هذا سيورطه فى جريمة قتل، حيث تعدى على المعلم بالضرب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وفى مدينة بورسعيد قام طالب بطعن زميله بسلاح أبيض فى دورة المياه داخل مدرسة بورسعيد الثانوية الصناعية الميكانيكية، ما أدى إلى وفاة الطالب محمد عمر مهران.
الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوى بجرح قطعى بالرقبة إثر تعدى زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما.
وخلال يوليو الماضى، قام طالب بمحافظة بورسعيد بطعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، لعدم السماح له بالغش، وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل الماضى، عندما طعن طالب ثانوى بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش.
ومن قبلها فى شهر مارس، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية بسبب معاكسة فتاة.
من أمن العقاب
ونتيجة لتكرار هذه الجرائم خلف أسوار المدارس تخوف عدد من أولياء الأمور من ذهاب أبائهم للمدارس وهو ما أكدته منة الله محمد ولية أمر لطفلين، مشيرة إلى أنها باتت تخاف من نزول أبنائها للمدرسة، لأن الفصول تشهد مشاكل ومشاجرات دائمة ينتج عنها حدوث خدوش وكسور للأطفال فى غياب تام لإدارة المدرسة، وعند سؤال الإدارة يكون ردهم لا نعلم السبب «الفصل محتاج يتبخر»، لافتة إلى أن أولياء الأمور يشعرون بالخطر على مستقبل أبنائهم.
وشارك فى الحوار، أحد أولياء الأمور رفض ذكر اسمه قال «لقيت السواق بيقول لى ماتوديش ابنك المدرسة تانى، لأنه تعرّض للضرب ولكنه خائف من إخباركم بذلك، وأكد أن طلاب المرحلة الإعدادية يمارسون أعمال عنف وبلطجة ضد زملائهم، ومع الأسف لا يوجد حزم من إدارة المدرسة، مطالبة بوجود أمن أو نقطة شرطة قريبة من المدارس لتفادى أى حوادث أو كسور قد يتعرض لها الطلاب».
وطالبت رشا إمام، ولية أمر، بضرورة وجود آليات لتفريغ طاقة الطلاب من خلال تفعيل الأنشطة الرياضية داخل المدارس، فهذا أفضل لبناء شخصية الطلاب وغرس القيم والأخلاق فيهم، مع ضرورة عودة الدور الفعال للإخصائيين الاجتماعيين فى المدارس لتعديل السلوكيات غير المنضبطة، على أن يكون هناك تواصل بين الأخصائيين والأسر لمعالجة الخلل.
افتقاد الأفراد مهارات الضبط الانفعالى
وللخبراء والباحثين الاجتماعيين آراء مختلفة فى هذا الأمر، حيث أكد الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس والتقويم التربوى بكلية التربية جامعة عين شمس: أن كثرة حوادث العنف والاعتداء داخل المؤسسات التعليمية يعد من المؤشرات الخطيرة التى تهدد بفشل العملية التعليمية فى تحقيق أهدافها، ويمكن عزو تلك المشكلة إلى عديد من الأسباب أهمها: الضغوط النفسية التى يعانى منها كافة أطراف العملية التعليمية، وافتقاد الأفراد لمهارات الضبط الانفعالى بشكل فعال، وضعف العقوبات الموقعة على أصحاب المخالفات سواء من الطلاب أو المعلمين مما يشجع غيرهم على ارتكاب مثل تلك المخالفات، وغياب التربية الدينية الصحيحة والتى من شأنها إكساب الأفراد قيم إيجابية مثل التسامح والعفو والصفح، وغياب النماذج والقدوة الأخلاقية فى المجتمع، وانتشار مشاهد العنف فى الدراما ووسائل التواصل الاجتماعى، ووجود ميول طبيعية للعنف لدى بعض الشخصيات.
وعن انتشار العنف بين الشباب ووصول الأمر لحد القتل، أشار «شوقى» إلى أن ذلك يرجع لمجموعة من العوامل منها: طبيعة مرحلة المراهقة التى تتميز بالاندفاعية وعدم تفكير المراهق فى عواقب أى سلوك يقوم به، وضعف الوازع الدينى والأخلاقى لدى كثير من الشباب، وشعور الشاب بفقدان الأمل والعجز عن توفير مستقبل آمن لنفسه من خلال العمل، وعدم وجود فرص أمام الشباب لممارسة الأنشطة سواء فى الأندية أو مراكز الشباب لإخراج طاقاتهم المكبوتة بدلا من العنف، وأنماط التعليم والمناهج التى تركز فقط على النواحى العقلية والمعرفية لدى الطلاب وتهمل تماما إكسابه القدرة على ضبط وجدانه والسيطرة على نفسه.
وعن دور وزارة التعليم فيما يحدث، لفت "شوقى" إلى أن الوزارة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تحكم السيطرة على جميع الطلاب فى كل المدارس والذين يفوق عددهم ٢٥ مليون طالب، ولكنها تسعى إلى تحقيق الانضباط من خلال إصدار لائحة التحفيز التربوى والانضباط المدرسى، كما أنها تحيل أى جريمة إلى النيابة العامة والنيابة الادارية بشكل فورى، لذا لا شك أن وجود رجال الأمن فى نطاق المدارس حل جيد ولكنه ليس كافيا، ومن ثم لا بد أن تكون الحلول لمشكلات العنف فى المدارس هى حلول تربوية ونفسية سليمة قبل أن تكون حلولا أمنية من خلال معالجة الأسباب المؤدية إلى العنف بشكل جذرى، وتتضمن هذه الحلول: التقليل من ضغوط الامتحانات والتقييمات فى المدارس، وإتاحة الفرصة للطلاب لممارسة الأنشطة والهوايات داخل المدرسة واكتشاف الموهوبين منهم ورعايتهم، وكذلك تفعيل دور الاخصائى النفسى داخل المدرسة والذى يمكنه التعرف على الطلاب ذوى الميول العدوانية ووضع برامج علاجية لهم، وتفعيل لائحة الانضباط المدرسى وتطبيقها بشكل حازم، وعقد ندوات ثقافية يتم فيها استضافة رجال الدين والمتخصصين فى علم النفس والصحة النفسية، وكذلك الاهتمام بالإذاعة المدرسية للتوعية بخطورة سلوكيات العنف.
التعليم وحده لا يكفى
ومن الناحية الفكرية والدينية تحدث الدكتور أحمد الطباخ كاتب وباحث فى قضايا الفكر واللغة لدى الأزهر الشريف، قائلًا: إن التعليم أصيب فى مقتل لما ساد العلاقة بين المعلم والطالب سوء الأدب وسوء الأخلاق لذلك كانت التربية والتعليم أمرين لا مناص منهما، ولا بد من وجودهما لأن تعليما دون تربية وأدب سيجلب لصاحبه الدمار والهلاك، ولن يجدى نفعا.
وتابع «الطباخ»: لقد صار المعلم يفتقد الأخلاق التى هى الدافع إلى العطاء والبذل ونقل المعارف للطلاب وإعطاء القدوة الحسنة لهم، وغدا الطلاب لا يتعلمون تعليما يقوم سلوكهم أو يغير فى ثقافتهم أو يدفعهم إلى الاستعداد للبذل والعطاء فأصاب المعلم الخلل والطالب الوهن.
وطالب «الطباخ» بضرورة عودة العقاب داخل المدرسة، قبل أن يأتى يوم يعزف المسئولون والمدرسون عن العمل بهذه المهنة الشريفة، وعلى أولياء الأمور أن يعلموا أولادهم أن المعلم أب حتى ولو قسا عليه، وأن له هيبة وعندما تتكلم عن المعلم أمام أولادك تكلم عنه باحترام حتى لا تفسد ولدك وهو على أوائل درجات السلم التعليمى، كما يجب على كل معلم وإدارى ومسئول أن يعاملوا الطلاب كأبنائهم فى الفصول والتلطف معهم قبل القسوة عليهم، واستدعاء ولى الأمر وعرض أخطاء الطالب أمامه بهدوء.
عوامل عديدة
وتحدث الدكتور محمود علام استشارى الإرشاد النفسى والأسرى قائلًا إن: «الجرائم التى تحدث فى المدارس من طلاب وأولياء أمور ومعلمين تعد نتاجا طبيعيا لتراكم عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية، بالاضافة إلى بيئة المدرسة نفسها غير الآمنة أحيانًا بسبب قلة أو انعدام الرقابة والتوجيه، وكذلك غياب دور بعض الأسر وافتقارها للبعد النفسى وعدم تقديم الدعم العاطفى لأبنائهم مما يجعل منهم أكثر عدوانية داخل المدرسة».
وعن انتشار العنف بين الطلاب ووصوله لحد القتل، قال «علام» إن له عدة أسباب، منها التفكك الأسرى، وإدمان السوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية خاصة ذات المحتوى العنيف، والتواجد فى بيئات لا تشجع على التفاهم ولا الحوار، الأمر الذى يعزز الحلول العنيفة فى التعامل مع المواقف. كل ذلك دعم وساعد على أن يصبح العنف متأصلا فى ردود الفعل المختلفة، لذا وجب على وزارة التربية والتعليم وضع سياسات مشددة لمنع العنف فى المدارس، بما فى ذلك تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع هذه الحالات، فالوزارة متحملة جزءًا ليس بقليل من المسؤولية، لما ينبغى ويتطلبه من توفير مناخ وبيئة تعليمية آمنة من خلال دعم برامج توعية وتعليمية تهدف وتنمى القيم الإنسانية الصحيحة لدى التلاميذ.
وأكد الخبير الأسرى أن المدارس تحتاج إلى أمن ونقاط شرطة، فأصبح من الضرورى والمُلح زيادة عناصر الأمن فى المدارس، سواء شرطة نظامية مدرسية أو عن طريق دوريات شرطة من وزارة الداخلية تكون بالقرب من المنشآت التعليمية، خاصة فى الأماكن ذات الأجواء الأكثر توترًا وتشهد أعمال عنف متزايدة، كل ذلك يسبقه أو يصاحبه توعية شاملة لتلاميذ المدارس حول ضرورة نبذ أعمال العنف وما ينجم عنها من نتائج وآثار مفزعة، كما أن هناك دور على الأسرة فهى الركيزة الأساسية لتربية الأبناء وتشكيل هويتهم الشخصية، لذا إذا لم توفر الأسرة بيئة صالحة عمودها الحب والاحترام والتفاهم، فسيتجه أبناؤها إلى السلوكيات العدوانية، وهناك بعض بل الكثير من الأسر سلبيين ومهملين فى تربية أبنائهم وتوجيههم بالشكل السليم، بسبب الانشغال الزائد نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التى جعلت الشغل الشاغل لمعظم الأسر هو إطعام البطون وسد حاجتها دون إطعام العقول.
وفى النهاية، يجب التوعية بأهمية الأخلاق، وتنظيم حملات توعوية داخل المدارس بصفة دورية، وعمل برامج تثقيفية حول أضرار الأفعال وردود الأفعال العنيفة، والحث على أهمية الحوار والتسامح، فهناك عدد لا بأس به من المدارس تفتقر إلى هذه البرامج، وان وجدت فتكون شكلية فقط، الأمر الذى ساهم جدا فى تفشى السلوكيات العنيفة.
غياب القدوة
أما الدكتور أحمد توفيق، أستاذ إدارة الأزمات، فيرى إنّ انتشار العنف بين الشباب ووصوله لحد القتل يرجع لعدة أسباب تبدأ من عوامل داخلية فى الأسرة كالعنف الأسرى أو انفصال الأب والأم وغيرها من المشكلات التى تنشأ فردا عدوانيًا، وهناك أسباب خارجية مثل: المسلسلات والأفلام التى تتضمن مشاهد العدوانية وغياب صورة القدوة للشباب وانحصارها فى صورة البلطجى.
ويشير «توفيق» إلى أن المدارس لا تحتاج إلى نقاط شرطة قدر ما يحتاج إلى القدوة فلم تكن هذه الممارسات موجودة من قبل، بل هى ممارسات دخيلة على المنظومة التعليمية، فمع تواجد القدوة من المدرس تنحصر مثل هذه الممارسات، مؤكدًا أن مكوث الأبناء داخل المنازل ليس الحل الأمثل بل يجب أن تعود هيبة المدرس الذى يجب أن يراعى ضميره فى عمله ويقدم التربية قبل التعليم، وبذلك تنحصر مثل هذه الممارسات وتنعدم تماما.