الوطن:
2024-10-06@09:47:54 GMT

د. أسامة الحديدي يكتب.. محمد والمسيح

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

د. أسامة الحديدي يكتب.. محمد والمسيح

يحتفل العالم فى هذه الأيام ببداية عام ميلادى جديد فى ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، السلام، فكلاهما حمل للإنسانية جمعاء رسالة الحب والسلام.

فها هو سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم يحتفى بسيدنا السيد المسيح عليه السلام:

فعن أبى هُرَيْرَةَ، رضى الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فِى الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِىٌّ»، ولا يخفى على أحد أن من تمام إسلام المسلم هو إيمانه بجميع الرسل والأنبياء.

ولقد أثبتت السنون والأحداث أن الشعب المصرى بجميع أطيافه نسيج واحد، شعب متماسك ومترابط، كالجسد الواحد، فبالكاد يستطيع المرء فى الحياة العامة أن يفرق بين المسلم والمسيحى.

ويُعد نموذج التسامح الإسلامى المسيحى المصرى نموذجاً يُحتذى به فى التعايش الإيجابى، فعلى مر التاريخ ظهر هذا التعايش جلياً للقاصى والدانى، فلو عدنا لأحداث التاريخ نجد أن فى ثورة 1919م تجسد هذا التعايش ووقف سداً منيعاً أمام قوى الاستعمار التى حاولت بث روح الفُرقة والانقسام بين أبناء الشعب المصرى، مسلميه ومسيحيين، فإذا بهم يقفون صفاً واحداً أمام هذه المحاولات البغيضة، ويضربون أروع الأمثلة فى التعايش والوطنية والانتماء.

ورغم الاحتفال بالعام الجديد وميلاد السيد المسيح عليه السلام فإن قلوب المصريين جميعهم يعتصرها الألم ويملأها الحزن بسبب الأحداث الجارية على أرض فلسطين، مهد السيد المسيح، التى مشى وترعرع فى ربوعها، فتلك الجرائم التى يرتكبها المحتل الصهيونى ليلاً ونهاراً من قتل وتدمير تنافى الرسالات السماوية التى جاء بها الأنبياء جميعهم، وتحمل مبادئ الحب والسلام، كما جاء فى القرآن الكريم: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. [البقرة: 133]

وإن كنا نتحدث عن التعايش بين أبناء الشعب المصرى الواحد، مسلمين ومسيحيين، لا يفوتنا أن نذكر الموقف التاريخى والكلمات الخالدة للبابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عندما قال إن المسيحيين لن يذهبوا للقدس إلا يداً بيد مع إخوانهم المسلمين، ومنع المسيحيين من الذهاب إلى زيارة القدس، فى إشارة واضحة لرفض كل الانتهاكات التى تدور على أرضها المباركة.

ولا ننسى كيف وقف الشعب المصرى وقواته المسلحة الباسلة -بمسلميه ومسيحييه- جنباً إلى جنب على جبهة واحدة وسالت دماؤهم من شريان واحد، وضربوا أروع الأمثلة فى الحب والتفانى فى معركة العزة والكرامة، معركة استرداد أرض سيناء الحبيبة من المحتل الصهيونى الغاصب.

وعندما حاولت قوى التطرف والإرهاب تهديد هذا التعايش بادر فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مع قداسة البابا شنودة الثالث بفكرة تأسيس بيت العائلة المصرية فى 2011م، وذلك أثناء تأدية واجب العزاء فى شهداء كنيسة القديسين الذين اغتالتهم يد الإرهاب والتطرف.

وجدير بالذكر أن أعضاء مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يحرصون خلال وجودهم الميدانى بالمحافظات على زيارة الكنائس ولقاء القساوسة والكهنة، وذلك فى إطار الجهود المبذولة للحفاظ على كيان واستقرار المجتمع المصرى، كما تضم اللقاءات التى يعقدها المركز من خلال برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية الشباب، سواء من المسلمين أو من المسيحيين.

والأمثلة على الحب والسلام والتعايش الذى يمتاز به أبناء الشعب المصرى لا تسعها هذه السطور، ولعل أكبر شاهد على ذلك أن من يسير فى ربوع مصر الحبيبة يجد مساجد مصر تعانق كنائسها فى لوحة فنية يملأها الحب والسلام على أرض هذا الوطن الحبيب. وما زال أبناء هذا الشعب مستمرين فى معركة البناء والتنمية التى يقودها فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لتأسيس بناء الجمهورية الجديدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محبة المسيح رسائل السلام التسامح هوية المصريين الحب والسلام السید المسیح الشعب المصرى

إقرأ أيضاً:

عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان

شهدت مصر منذ عام ١٩٦٧م حقبة زمنية لن تمحى من ذاكرة المصريين جميعًا، سيطرت خلالها حالة من الترقب بعد أن اتضحت حقيقة النوايا الإسرائيلية التى كشفت حرب ١٩٦٧م عن كثير من أطماعها التوسعية، وقد كان لعبقرية التخطيط الإعلامى، الذى تم باتباع الأسلوب العلمى الممنهج والأداء المهنى الدقيق، ما حقق التمهيد السياسى لحرب أكتوبر ١٩٧٣م، وكذلك استخدام الإعلام المصرى على أسس سليمة فى رأب الصدع بالشارع المصرى بعد النكسة، وفى تقبل الرأى العالمى لحرب مقبلة لا محالة، فكان قرار الحرب.. وكان نصر أكتوبر العظيم.

ومن هذا المنطلق تحرك الإعلام الحربى المصرى ووجه نشاطه لكشف حقيقة النوايا التوسعية لإسرائيل والتى كشفت حرب يونيه ١٩٦٧م عن كثير من أطماعها، كما استطاع الإعلام الحربى المصرى من خلال برامجه فى الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة أن يتجه إلى الشارع المصرى بما يمثله من تيارات فكرية وعقائدية متنوعة وخصائص وسمات مختلفة، وأصبح الهدف الذى يسعى الإعلام الحربى إلى تحقيقه واضحًا تمامًا، كما أصبح مضمون الرسالة الإعلامية لا غموض فيه، فهى موجهة أساسًا نحو الغد.

وكان للإعلام العسكرى الحربى الدور الأكبر فى تنفيذ خطة الخداع الإستراتيجى التى تم التخطيط لها عسكريًا وتنفيذها بمنتهى الدقة لتحقيق عنصر المفاجأة فى اتخاذ قرار الحرب، وفى هذا الإطار تم تسخير كل وسائل الإعلام المصرى لنشر الأخبار وإذاعة خطابات القادة العسكريين، ونشر مقالات لكبار الكتاب فى الدولة؛ كلها تؤكد عدم نية القيادة السياسية دخول أى حروب أو خوض أية مواجهات عسكرية، فكانت الأخبار التى تم تداولها عن تسريح الجنود المصريين، ورحلات العمرة لكبار قيادات الجيش قبيل شهر رمضان، وكانت البيانات العسكرية كلها تؤكد عدم الاستعداد لدخول الحرب، وكان الهدف أن تتم تهيئة العدو الإسرائيلى وإيهام الجانب الدولى الذى يدعمه اقتصاديًا وعسكريًا أن الجيش المصرى فى حالة استرخاء، وغير مستعد، وليس لديه أية قدرة على المواجهة، لتكون المفاجأة؛ وقد كانت فى تمام الساعة الثانية ظهرًا يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣.. وكان النصر العظيم.

وبذلك فإن الإعلام المصرى طوال فترة الحرب، قد خاض حربًا من نوع خاص، حربًا ضروسًا من أجل النصر، كما كان الهدف الرئيس للإعلام الحربى المصرى أثناء حرب أكتوبر المجيدة هو التغلب على النتائج المعنوية والنفسية التى خلفتها حرب ١٩٦٧م، والقضاء على أسطورة التفوق الحربى الإسرائيلى الذى لا يمكن التغلب عليه، وإثبات كفاءة الجندى المصرى فى القتال، وقدرته على الإعداد والتخطيط لمعركة مثالية يخرج منها منتصرًا؛ وقد كان.

وفى النهاية، فقد كانت عبقرية الإعلام الحربى المصرى الذى نجح فى رأب صدع هزيمة الأمس إبان نكسة ١٩٦٧م، وغرس أمل اليوم من خلال إعادة ثقة الشارع المصرى فى قدراته، وخلق تطلعات الغد فى تحقيق النصر واستعادة الأرض؛ فاستحق الإعلام الحربى المصرى خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣م أن يطلق عليه بكل جدارة «إعلام أمس واليوم وغدا»..

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: "حرب أكتوبر ليست أخر حروبنا"
  • اللواء خالد شعيب يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة
  • د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم
  • أشرف غريب يكتب: لماذا انتصرت مصر في حرب أكتوبر؟
  • وعاد إلى المشهد…!!
  • عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان
  •   الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور
  • انتصار أكتوبر وروح الإرادة فى مواجهة التحديات
  • د. عبدالمنعم السيد يكتب: الرقمية الصناعية وجذب الاستثمارات
  • السيد القائد: استهداف شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه مصاب للأمة الإسلامية جمعاء