لجريدة عمان:
2025-01-03@09:05:39 GMT

تحديات إسرائيل ومآزقها في 2024

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

تحديات إسرائيل ومآزقها في 2024

ارتكبت إسرائيل كل الجرائم التي يمكن تصورها خلال الحروب أو تلك التي لا يمكن تصورها خلال عدوانها على غزة في الأشهر الثلاثة الماضية، ومارست في هذه الحرب جرائم كانت تدعي أنها تعيش عذاباتها طوال عقود طويلة، من بينها عذابات المحرقة وعذابات الشتات، ووصلت إلى ذروة الإجرام البشري والانحطاط الأخلاقي الذي لا يمكن تصوره من أقوام بشرية في القرن الحادي والعشرين.

. والمضحك المبكي في الموضوع أن «دولة» الاحتلال الإسرائيلي تدعي أنها تخوض هذه الحرب تحت ذريعة حماية «الحضارة»! ما يعني أن تعريف العلماء لمصطلح «الحضارة» يحتاج إلى مراجعة جذرية وتحديث ليتوافق مع معطيات اللحظة «الغربية» الجديدة.

ورغم بشاعة الجرائم التي تعرض لها سكان غزة بما في ذلك الأطفال، وما أصاب غزة نفسها من تدمير كامل للبنى الأساسية فيها والحقول الزراعية والمعالم الأثرية إلا أن أحدا لا يستطيع تجاوز المأزق الكبير الذي تعيشه إسرائيل نفسها قبل هذه الحرب، وتكرس خلالها وسيمتد بعدها لسنوات طويلة في رحلة سقوط إسرائيل الحتمية سواء بمعتقدات اليهود أنفسهم أو بالوعد القرآني الصادق أو وفق منطق الأشياء الذي يشير إلى أن كل مقاومة لاحتلال لا بدّ أن تنتصر يوما ما دام المقاوم يؤمن بحقه ويناضل من أجله.

وإذا كانت الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بدأت داعمة لإسرائيل وحقها في القضاء على «حماس» التي كسرت وفضحت نظرية الأمن الإسرائيلي فإن وزير الخارجية الأمريكي في المنطقة هذه الأيام للتأكيد على أن أمريكا لم تعد داعمة للتجاوزات التي تقوم بها إسرائيل خلال حربها ضد غزة. وبغض النظر عن أسباب هذا الطرح فإن قوله بشكل مباشر من شأنه أن يضعف الجبهة الداخلية المضطربة في إسرائيل ويشعرها بأنها يمكن أن تعيش عزلة دبلوماسية عالمية إضافة إلى عزلتها الإقليمية.

ورغم أن حماس والكثير من الدول العربية والعالمية تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما قامت به إسرائيل بعد استخدامها حق «الفيتو» ضد كل مشاريع وقف الحرب، وبعد دعمها إسرائيل بالسلاح إلا أن المنطق الذي تنطلق منه أمريكا هذه المرة آتٍ من «مخاوفها بشأن التكتيكات التي تستخدمها إسرائيل، وعدم حماية المدنيين». ولعل هذه صحوة أمريكية متأخرة.. لكن لا يمكن أن يكون هدفها الإشفاق على أطفال غزة بقدر ما يمكن أن يكون إدارة للسمعة الأمريكية في سنة مهمة بالنسبة للرئيس بايدن الذي سيخوض في هذه السنة انتخابات مهمة جدا لا يبدو أنه يمكن أن يعبرها بسهولة.

ويعرف بايدن وإدارته أن الناخبين الأمريكيين المسلمين يمكن أن تصنع أصواتهم فارقا في الانتخابات خاصة إذا ما استمر تأييد الناخبين الأمريكيين الشباب للقضية الفلسطينية وفق ما أكده استطلاع رأي أجرته جامعة هارفارد ونشرته جريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية والذي خلص إلى أن 48% من العينة المستطلع رأيها تؤيد حماس وترفض الدعم الذي يقدمه بايدن لإسرائيل.

وهذه النتائج تتوافق مع نتائج استطلاع آخر أجراه (نظام مراقبة معاداة السامية عبر الإنترنت «إيه سي إم س») والذي يشير إلى ارتفاع معدلات معاداة السامية حيث زادت الدعوات على الإنترنت للعنف ضد إسرائيل والصهاينة واليهود بنسبة 1200%، وهذا الأمر جاء نتيجة ما ارتكبته إسرائيل من جرائم فظيعة ضد الفلسطينيين في غزة وهشاشة المنطق الذي تقوم عليه الحرب بعد نجاح السردية الفلسطينية في إقناع الجماهير العالمية بصدقها ومنطقيتها والتي كانت مدعومة بالصور الحقيقية من ساحات الجرائم الإسرائيلية.

وعلى إسرائيل أن تنتظر الكثير من المقاومة في الأراضي المحتلة تفوق بعشرات المرات طوفان الأقصى، كما عليها أن تنتظر موجات من العنف ضد مصالحها في مختلف بقاع العالم، فالندوب التي أحدثتها في الفلسطينيين( العرب) الإنسانية لا يمكن أن تمضي دون ردة فعل، وهذا أحد أبرز التحديات التي ستواجهها إسرائيل في السنوات الخمس القادمة.

وفي مسار آخر ولكنه متصل بجوهر القضية (احتلال فلسطين) فإن إسرائيل تعيش حالة من التشظي الداخلي ناتجة عن شعور داخلي في إسرائيل أن كل ما فعلته «الدولة» لم يستطع أن يوفر أبسط ما يبحث عنه الإسرائيلي وهو «الأمن»، وربما «السلام» الذي لا شك أن بعض الإسرائيليين يؤمنون به ولو وفق مفهومهم له، ولكن حتى بهذا المفهوم لم يستطع الإسرائيلي أن يعيشه في ظل إصرار الفلسطينيين على حقهم التاريخي بأرضهم وحقهم الطبيعي في الحياة.. ولذلك تتحدث الصحف الإسرائيلية نفسها أن حجم الاضطرابات النفسية التي يعيشها الإسرائيليون ناهيك عن إيمانهم أن ما حدث في طوفان الأقصى يمكن أن يتكرر كثيرا في المرحلة القادمة كرد فعل على جرائم «إسرائيل». وهذه الأمراض النفسية يمكن أن تصنع في داخل إسرائيل نفسها تطرفا وعنفا بين الإسرائيليين أنفسهم، ليس بين العامة فقط ولكن حتى بين النخب السياسية والثقافية الإسرائيلية.

أما المشهد الاقتصادي داخل إسرائيل فإنه ينذر بركود اقتصادي خلال العام الجاري، بل إنه ركود بدأت ملامحه تبرز بشكل واضح جدا الأمر الذي جعل نتانياهو يقول إن أحد أهم أسباب سحب بعض ألوية الجيش من داخل غزة هو لإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي. واستدعت إسرائيل أكثر من 360 ألف جندي من جنود الاحتياط، وهؤلاء تم استدعاؤهم من وظائف مدنية واقتصادية الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على الحياة الاقتصادية في «دولة» تخوض حربا قوية جدا تحتاج إلى اقتصاد قوي.

ولكل هذه الأسباب وغيرها الكثير فإن إسرائيل تعيش مرحلة صعبة ستنعكس سلبا عليها في كل الأصعدة السياسية والاجتماعية، وسيزيد تطرفها خلال المرحلة القادمة وعدوانيتها وتشظيها وصراعاتها السياسية.. وعلى الجوار العربي المقاوم أن يدير معركته مع إسرائيل وفق كل هذه التحديات الكبرى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

البرهان: لا يمكن العودة لأوضاع ما قبل الحرب مع الدعم السريع

شدد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، على أنه "لا يمكن أن تعود الأوضاع كما كانت عليه" قبل الحرب مع قوات الدعم السريع، وأبدى استعداده في ذات الوقت "للانخراط في أي مبادرة حقيقية تنهي الحرب وتضمن العودة الآمنة للمواطنين".

جاء ذلك في خطاب للبرهان بثه تلفزيون السودان الرسمي بمناسبة الذكرى 69 لاستقلال البلاد عن الاحتلال الإنجليزي (1 كانون الثاني/ يناير 1956).

وقال البرهان: "ونحن نعد العدة لحسم المعركة لصالح الشعب السوداني لا يمنعنا ذلك من الانخراط في أي مبادرة حقيقية تنهي الحرب وتضمن عودة آمنة للمواطنين إلى مواطنهم وانتفاء ما يهدد حياتهم مرة أخرى".



وأضاف: "تعددت المبادرات والمنابر الداعية لوقف الحرب، فكان طريقنا واضحا وهو طريق الشعب، وأنه لا يمكن أن تعود الأوضاع كما كانت عليه قبل 15 نيسان/ أبريل 2023، ولا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى".

ومنذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

واندلعت حرب السودان قبل انتهاء عملية سياسية بناء على "الاتفاق الإطاري" الذي وقعه في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، المكون العسكري في السلطة الانتقالية آنذاك وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي" وفشلت فيها الأطراف بحل مسألة دمج "الدعم السريع" داخل المؤسسة العسكرية.

وكان بين حميدتي والبرهان، خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج "الدعم السريع" في الجيش، وهو بند رئيسي في "الاتفاق الإطاري" لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين.

وفي خطابه، أشار البرهان إلى أن "الشعب السوداني يتعرض في كثير من ربوع البلاد لتقتيل وتشريد وتجويع وإفقار وانتهاك للحرمات على يد مليشيا الدعم السريع والمتعاونين معها والداعمين لها".

وأوضح أن "التلاحم الشعبي غير المسبوق والتدافع الوطني الوثاب مكننا جمعيا من السير على طريق النصر الحاسم"، مشددا على أن "ساعة النصر قد اقتربت ووقت الحسم قد أزف".

وذكر أنه "رغم استمرار الحرب وتداعياتها، استجابت الحكومة لكل مطلوبات العمل الإنساني وإيصال المساعدات للمحتاجين وستظل الحكومة ملتزمة بهذا الأمر".

وتابع: "تبذل الحكومة جهودا مقدرة لتيسير حياة الناس وأمنهم ودعم صيانة البنى التحتية والخدمات الصحية والتعليمية والزراعية".

ولفت إلى أن "ما يشاع عن المجاعة محض افتراء وقصد منه التدخل في الشأن السوداني".

وأعرب البرهان عن شكر حكومة وشعب السودان "لكل من وقف إلى جانبهم سنداً ودعما من دول شقيقة وصديقة ومنظمات طوعية والأمم المتحدة ووكالاتها".



وفي 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، نشرت لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تقريرها عن السودان، وهذه اللجنة بمثابة مرصد عالمي للجوع يضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة.

وأشار التقرير إلى أن السودان يشهد أزمة مجاعة غير مسبوقة وأن 24.6 مليون شخص (ما يقرب من نصف السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • مع بداية عام 2025... كيف تنظر إسرائيل إلى جبهة حزب الله؟
  • كيف تستعد إسرائيل لاختلاف "حرب الجبهات" في 2025؟
  • حتى نهاية 2024.. إسرائيل تعلن أعداد القتلى العسكريين
  • صحيفة “معاريف”: العام 2024 كان عاصفًا والجيش “الإسرائيلي” يواجه تحديات عديدة
  • أهم أنواع الأسلحة الروسية التي لا يمكن التصدي لها في عام 2024
  • حصاد 2024.. أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة المبدعين
  • البرهان: لا يمكن العودة لأوضاع ما قبل الحرب مع الدعم السريع
  • نتنياهو: إسرائيل في حالة حرب ضد تحديات وجودية
  • شاهد بالصورة.. زوجة الحرس الشخصي لقائد الدعم السريع تظهر بإطلالة مثيرة وتتغزل في نفسها: (أنا الحرب التي لا يمكن الفوز بها)
  • بسبب الحرب..ارتفاع قياسي في عدد المهاجرين من إسرائيل