لجريدة عمان:
2025-03-12@04:51:10 GMT

تحديات إسرائيل ومآزقها في 2024

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

تحديات إسرائيل ومآزقها في 2024

ارتكبت إسرائيل كل الجرائم التي يمكن تصورها خلال الحروب أو تلك التي لا يمكن تصورها خلال عدوانها على غزة في الأشهر الثلاثة الماضية، ومارست في هذه الحرب جرائم كانت تدعي أنها تعيش عذاباتها طوال عقود طويلة، من بينها عذابات المحرقة وعذابات الشتات، ووصلت إلى ذروة الإجرام البشري والانحطاط الأخلاقي الذي لا يمكن تصوره من أقوام بشرية في القرن الحادي والعشرين.

. والمضحك المبكي في الموضوع أن «دولة» الاحتلال الإسرائيلي تدعي أنها تخوض هذه الحرب تحت ذريعة حماية «الحضارة»! ما يعني أن تعريف العلماء لمصطلح «الحضارة» يحتاج إلى مراجعة جذرية وتحديث ليتوافق مع معطيات اللحظة «الغربية» الجديدة.

ورغم بشاعة الجرائم التي تعرض لها سكان غزة بما في ذلك الأطفال، وما أصاب غزة نفسها من تدمير كامل للبنى الأساسية فيها والحقول الزراعية والمعالم الأثرية إلا أن أحدا لا يستطيع تجاوز المأزق الكبير الذي تعيشه إسرائيل نفسها قبل هذه الحرب، وتكرس خلالها وسيمتد بعدها لسنوات طويلة في رحلة سقوط إسرائيل الحتمية سواء بمعتقدات اليهود أنفسهم أو بالوعد القرآني الصادق أو وفق منطق الأشياء الذي يشير إلى أن كل مقاومة لاحتلال لا بدّ أن تنتصر يوما ما دام المقاوم يؤمن بحقه ويناضل من أجله.

وإذا كانت الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بدأت داعمة لإسرائيل وحقها في القضاء على «حماس» التي كسرت وفضحت نظرية الأمن الإسرائيلي فإن وزير الخارجية الأمريكي في المنطقة هذه الأيام للتأكيد على أن أمريكا لم تعد داعمة للتجاوزات التي تقوم بها إسرائيل خلال حربها ضد غزة. وبغض النظر عن أسباب هذا الطرح فإن قوله بشكل مباشر من شأنه أن يضعف الجبهة الداخلية المضطربة في إسرائيل ويشعرها بأنها يمكن أن تعيش عزلة دبلوماسية عالمية إضافة إلى عزلتها الإقليمية.

ورغم أن حماس والكثير من الدول العربية والعالمية تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما قامت به إسرائيل بعد استخدامها حق «الفيتو» ضد كل مشاريع وقف الحرب، وبعد دعمها إسرائيل بالسلاح إلا أن المنطق الذي تنطلق منه أمريكا هذه المرة آتٍ من «مخاوفها بشأن التكتيكات التي تستخدمها إسرائيل، وعدم حماية المدنيين». ولعل هذه صحوة أمريكية متأخرة.. لكن لا يمكن أن يكون هدفها الإشفاق على أطفال غزة بقدر ما يمكن أن يكون إدارة للسمعة الأمريكية في سنة مهمة بالنسبة للرئيس بايدن الذي سيخوض في هذه السنة انتخابات مهمة جدا لا يبدو أنه يمكن أن يعبرها بسهولة.

ويعرف بايدن وإدارته أن الناخبين الأمريكيين المسلمين يمكن أن تصنع أصواتهم فارقا في الانتخابات خاصة إذا ما استمر تأييد الناخبين الأمريكيين الشباب للقضية الفلسطينية وفق ما أكده استطلاع رأي أجرته جامعة هارفارد ونشرته جريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية والذي خلص إلى أن 48% من العينة المستطلع رأيها تؤيد حماس وترفض الدعم الذي يقدمه بايدن لإسرائيل.

وهذه النتائج تتوافق مع نتائج استطلاع آخر أجراه (نظام مراقبة معاداة السامية عبر الإنترنت «إيه سي إم س») والذي يشير إلى ارتفاع معدلات معاداة السامية حيث زادت الدعوات على الإنترنت للعنف ضد إسرائيل والصهاينة واليهود بنسبة 1200%، وهذا الأمر جاء نتيجة ما ارتكبته إسرائيل من جرائم فظيعة ضد الفلسطينيين في غزة وهشاشة المنطق الذي تقوم عليه الحرب بعد نجاح السردية الفلسطينية في إقناع الجماهير العالمية بصدقها ومنطقيتها والتي كانت مدعومة بالصور الحقيقية من ساحات الجرائم الإسرائيلية.

وعلى إسرائيل أن تنتظر الكثير من المقاومة في الأراضي المحتلة تفوق بعشرات المرات طوفان الأقصى، كما عليها أن تنتظر موجات من العنف ضد مصالحها في مختلف بقاع العالم، فالندوب التي أحدثتها في الفلسطينيين( العرب) الإنسانية لا يمكن أن تمضي دون ردة فعل، وهذا أحد أبرز التحديات التي ستواجهها إسرائيل في السنوات الخمس القادمة.

وفي مسار آخر ولكنه متصل بجوهر القضية (احتلال فلسطين) فإن إسرائيل تعيش حالة من التشظي الداخلي ناتجة عن شعور داخلي في إسرائيل أن كل ما فعلته «الدولة» لم يستطع أن يوفر أبسط ما يبحث عنه الإسرائيلي وهو «الأمن»، وربما «السلام» الذي لا شك أن بعض الإسرائيليين يؤمنون به ولو وفق مفهومهم له، ولكن حتى بهذا المفهوم لم يستطع الإسرائيلي أن يعيشه في ظل إصرار الفلسطينيين على حقهم التاريخي بأرضهم وحقهم الطبيعي في الحياة.. ولذلك تتحدث الصحف الإسرائيلية نفسها أن حجم الاضطرابات النفسية التي يعيشها الإسرائيليون ناهيك عن إيمانهم أن ما حدث في طوفان الأقصى يمكن أن يتكرر كثيرا في المرحلة القادمة كرد فعل على جرائم «إسرائيل». وهذه الأمراض النفسية يمكن أن تصنع في داخل إسرائيل نفسها تطرفا وعنفا بين الإسرائيليين أنفسهم، ليس بين العامة فقط ولكن حتى بين النخب السياسية والثقافية الإسرائيلية.

أما المشهد الاقتصادي داخل إسرائيل فإنه ينذر بركود اقتصادي خلال العام الجاري، بل إنه ركود بدأت ملامحه تبرز بشكل واضح جدا الأمر الذي جعل نتانياهو يقول إن أحد أهم أسباب سحب بعض ألوية الجيش من داخل غزة هو لإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي. واستدعت إسرائيل أكثر من 360 ألف جندي من جنود الاحتياط، وهؤلاء تم استدعاؤهم من وظائف مدنية واقتصادية الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على الحياة الاقتصادية في «دولة» تخوض حربا قوية جدا تحتاج إلى اقتصاد قوي.

ولكل هذه الأسباب وغيرها الكثير فإن إسرائيل تعيش مرحلة صعبة ستنعكس سلبا عليها في كل الأصعدة السياسية والاجتماعية، وسيزيد تطرفها خلال المرحلة القادمة وعدوانيتها وتشظيها وصراعاتها السياسية.. وعلى الجوار العربي المقاوم أن يدير معركته مع إسرائيل وفق كل هذه التحديات الكبرى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

5 تحديات أمام الزعيم الجديد للحزب الليبرالي الكندي

أوتاوا – أعلن الحزب الليبرالي الكندي، مساء أمس الأحد، عن زعيمه الجديد مارك كارني بعد فوز كاسح في الجولة الأولى لانتخابات الحزب بنسبة 85.9% من الأصوات، ومن المقرر أن يتولى رئاسة الحكومة قريبا خلفا لرئيس الوزراء المستقيل جاستن ترودو.

لكن اختيار المصرفي السابق يأتي -حسب محللين- في وقت حرج تشهد فيه كندا صعوبات اقتصادية وتضخما في الأسعار وتهديدات بفرض رسوم جمركية أميركية على صادراتها، إضافة إلى تراجع شعبية الحزب الحاكم، مما أدى إلى استقالة ترودو في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي.

وجاء إعلان فوز كارني في حفل للحزب بالعاصمة أوتاوا حضره كل من ترودو ورئيس الوزراء الأسبق جون كريتيان، وألقيا فيه كلمات عاطفية ركزت على الوحدة الوطنية وإنجازات الحزب عبر السنين الماضية، والجهود المبذولة لمواجهة تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصادرات الكندية والتلويح بضم البلاد لتكون الولاية الأميركية الـ51، وأكدا أن "الكنديين يواجهون تحديا وجوديا واقتصاديا من جانب جارتهم".

توظيف سياسي

كما طالب زعيم الحزب الليبرالي الجديد، في خطاب النصر، الرئيس الأميركي باحترام كندا، محذرا من استمرار ما سماها السياسات الأميركية التي تهدد المصالح الكندية، ومؤكدا أن "الأميركيين يريدون بلدنا، ولا يمكننا أن نسمح لترامب بالانتصار".

إعلان

وكان الحزب قد دأب خلال الشهرين الماضيين على توظيف تهديدات ترامب لحشد دعم المواطنين الكنديين والتركيز على خطاب الوحدة وصرف الأنظار عن الانتقادات التي لاحقت أداء حكومة ترودو في ملفات منها الهجرة والاقتصاد.

يرى المحلل السياسي عمر حسن روبلي أن الحزب الليبرالي استثمر تهديدات ترامب لصياغة خطاب سياسي يوحد الكنديين ويصرف أنظارهم عن أي انتقادات داخلية، مضيفا أنه نجح إلى حد كبير في تنظيم حملة مكثفة لهذا الغرض، وأن المتابع لجهود ترودو في الأيام الأخيرة وكذلك خطاب كارني الانتخابي يدرك وجود خطة للاستفادة من الحرب التجارية التي أطلقها ترامب، لتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات المقبلة.

ولا يستبعد روبلي أن تكون هذه الخطة وراء انتعاش شعبية الحزب الحاكم خلال فترة وجيزة ليكون في وضع مقارب لمنافسه حزب المحافظين في استطلاعات الرأي الأخيرة، بعد أن كان الليبرالي متأخرا بفارق 20% في نوايا التصويت في يناير/كانون الثاني الماضي.

صعوبات عدة

وعن التحديات أمام الزعيم الجديد للحزب الليبرالي، يقول روبلي إن كارني يواجه صعوبات عدة يمكن إجمال أبرزها في النقاط الآتية:

المشكلات الاقتصادية وتضخم الأسعار وأزمة السكن. تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على الصادرات الكندية والتلويح بضمها لتكون الولاية الأميركية الـ51. تزايد شعبية حزب المحافظين خلال السنوات الأخيرة وحملتهم الموجهة نحو إضعاف الحزب الحاكم من خلال الضغط المستمر على نقاط ضعف حكومة الليبراليين خلال العقد الماضي، مع التركيز على أن زعيمم الجديد ليس سوى امتداد لفلسفة ترودو في الحكم.  تراجع شعبية الحزب الحاكم في السنوات الأخيرة، مما دعا ترودو إلى الاستقالة، رغم الجهود المبذولة لاستعادة المكانة قبل خوض الانتخابات العامة. قلة الوقت المتاح لإجراء تغييرات من شأنها أن تسهم في كسب ثقة المواطنين الكنديين. إعلان

وحسب المحلل روبلي، يتمتع كارني بسمعة اقتصادية طيبة نالها من مسيرته المهنية حاكما لمصرفي كندا وإنجلترا في فترات حرجة اقتصاديا.

واستدرك أن فوزه في الانتخابات المقبلة رئيسا لوزراء كندا مرهون بما سيحققه خلال هذه الفترة القصيرة ومدى نجاح برنامجه الانتخابي، ونجاعة خططه الاقتصادية لكسب ثقة المواطن الكندي وكذلك طريقة تعامله مع تهديدات ترامب. وأشار إلى أن كارني "سيخوض على الأرجح سباقا محموما مع المحافظين في الانتخابات المقبلة".

في السياق ذاته، يرى خبراء أن كندا مقبلة على حرب دبلوماسية وتجارية ما لم يتراجع ترامب عن تهديداته بفرض رسوم جمركية على صادرات الجارة الشمالية، ويسعى الحزب الليبرالي إلى تكريس فكرة مفادها أن الانتخابات المقبلة ستركز على اختيار الأكفأ لمواجهة الحرب التجارية بين أوتاوا وواشنطن، وتجاوز أي تبعات اقتصادية لها في حال تنفيذها بشكل نهائي في أبريل/نيسان المقبل.

الميلاد والمسيرة

وُلد كارني، المصرفي السابق الذي يوصف بالمبتدئ سياسيا، عام 1965 في فورث سميث بالأقاليم الشمالية الغربية في كندا، ونشأ في مقاطعة ألبرتا غربي البلاد، وحصل على درجات علمية من جامعتي هارفارد وأكسفورد، وقضى أكثر من عقد في شركة الاستثمار غولدمان ساكس.

تولى منصب محافظ بنك كندا في خضم الأزمة المالية العالمية في 2008، ويُنسب إليه اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة ساعدت في تجنيب كندا ركودا أكثر خطورة. كما تولى قيادة بنك إنجلترا عام 2013 واستمر في المنصب حتى 2020، وهو العام الذي غادرت فيه المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي رسميا.

وفي بريطانيا تم الاعتراف بقدرته على التقليل من آثار خروجها من الاتحاد، رغم أن تقييمه بأن الانفصال عن الكتلة الأوروبية يشكل خطرا على الاقتصاد البريطاني أثار غضب المحافظين الذين كانوا يؤيدون الخروج منها.

وعن شخصيته، تؤكد وزيرة البيئة السابقة الليبرالية كاثرين ماكينا أن كارني شخص "لطيف وذكي"، قائلة في تصريحات إعلامية إنه "رجل جاد ومرح في الوقت نفسه، يهتم كثيرا بكندا".

إعلان

مقالات مشابهة

  • الإعلام الأمريكي يشيد بالأسلحة الروسية التي تفوق قدرات قوات كييف
  • جون ويندهام.. رائد الخيال العلمي الذي تنبأ بكوارث المستقبل
  • ساعات تفصلنا لانتهاء المهلة التي حددها زعيم الحوثيين باستئناف الهجمات على إسرائيل والبحر الأحمر
  • «مدرسة جميلة» ومربي فاضل هو «ابن» سرحتها الذي غنى بها
  • 5 تحديات أمام الزعيم الجديد للحزب الليبرالي الكندي
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • السودان واليونسكو يؤكدان أهمية التنسيق الإقليمي لمواجهة تحديات التعليم العالي لفترة ما بعد الحرب
  • كيف يمكن زيادة التركيز للطلاب الصائمين؟
  • المبعوث الأمريكي بولر: يمكن التوصل إلى اتفاق للإفراج عن جميع الأسرى من غزة
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟