لجريدة عمان:
2025-04-26@20:54:29 GMT

النمط الاجتماعي.. والنمط الاقتصادي

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

ما يدفعني لكتابة هذه المقالة هو الإشارة المتكررة التي وجدتها في التقارير والتحليلات التي تحاول استشراف معطيات العام الجديد (2024) على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث أحرص بشكل سنوي على مطالعة بعض التحليلات التنبؤية لمسار الأحداث العالمية، والتي ترتكز على آراء الراصدين والخبراء، وقراء خط التاريخ والمفكرين المستقبليين.

الإشارة التي أقصدها هنا بالتركيز على كيف ستلعب الأنماط الاجتماعية (الصغيرة) دورًا في تحولات اقتصادية استراتيجية. هذه الأنماط والتي تكاد تكون غير مرئية، أو خارج عن إطار الاهتمام العام ما زالت الدراسات حولها شحيحة، ومجزأة، وتفتقد للمنظور الشمولي. منها على سبيل المثال التوقع الذي وضعه كلٌ من: أريانا هافينجتون ، وفونكي أفولابي براون، وديفيد كو حول صعود ما يُعرف بـ «اقتصاديات النوم». حيث أصبحت (جودة النوم) اليوم عنصرًا محوريًا في منظومة جودة الحياة؛ ولكن مع ظهور معاناة عالمية من مشكلات الأرق والنوم السيئ وتدهور الإنتاجية العامة للأفراد بسبب مشاكل النوم؛ صعد سوق منتجات النوم، والتي تركز في أشكالها المتعددة على توفير الظروف الملائمة لتحسين جودة النوم لدى الأفراد. حيث باتت العيادات المتصلة بموضوع اضطرابات النوم، أو استشارات تحسين جودة النوم تنتشر بشكل موسع، والطلب عليها يرتفع من حين لآخر. عوضًا عن أن الإحصائيات العالمية تشير إلى ارتفاع الطلب على الأدوية المساعدة على النوم. وفي الحديث عن صعود «اقتصاديات النوم» تتم الإشارة إلى الدراسة الشهيرة التي أجرتها مؤسسة راند والتي حسبت كلفة خسائر الإنتاجية بسبب تدهور منظومة جودة النوم للعاملين، حيث تصل الخسائر في أقصاها بالولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو 2.9% من الناتج القومي.

يقودنا هذا الحديث إلى قضايا أخرى، يمكن أن نسقط عليها ذات الدلالة الاقتصادية، فمن الممكن أن نتحدث عن كلفة الازدحام المروري وتأثيره على الإنتاجية العامة، أو كلفة استخدام الشبكات الاجتماعية وتأثيرها على الإنتاجية العامة. قد تكون هذه القضايا وغيرها تقاس في سياقها التخصصي (الفني)، وفي المقابل يتم الاستهانة بتأثيرها الاقتصادي الكلي، ويتم في بعض الأحيان القفز على الأنماط الاجتماعية المولدة لها. فجزء من مشكلات الازدحام المروري على سبيل المثال يعود إلى أنماط اجتماعية، في ثقافة استخدام المركبات، والإحجام عن النقل التشاركي والنقل العام. وجزء من تأثير الشبكات الاجتماعية على الانتاجية يعود إلى نوعية المحتوى المستهلك من قبل الأفراد عبر هذه الشبكات، وآليات توظيفها واستهلاكها كأنماط اجتماعية. وهو ما يتطلب في المرحلة المقبلة التركيز على دور الأنماط الاجتماعية في الإنتاجية العامة، وحين نتحدث عن موضوع الإنتاجية العامة، فهي تتضمن إنتاجية العمل والعمالة، وتتضمن كذلك الانعكاسات على تحصيل الدارسين، وعموم قدرات الأفراد على القيام بأدوارهم حسب المعايير والمحددات التي يقتضيها السياق الذي ينشطون فيه. وبالعودة إلى دور الأنماط الاجتماعية نعتقد أن هناك جملة من الأنماط التي تستحق محور التركيز عليها في سياق فهم الإنتاجية، وقياس المؤثرات عليها، فقد تكون هذه الأنماط في هيئة (معتقدات/ أعراف/ سلوكيات/ ممارسات جمعية) ولكنها في المجمل تشكل هدرًا للطاقات الإنتاجية، سواء ممارسة أنماط الحياة الصحية، أو تقليل احتمالية حدوث بعض الأمراض المؤثرة على إنتاجية الفرد، أو الاهتمام بأنماط علاقات اجتماعية وأسرية صحية وداعمة، أو ضرورة الاستثمار في عمليات التعلم الذاتي وتطوير المعرفة، أو آليات التحكم في القدرة المالية الذاتية وسواها. وهذه أمثلة يختلف الأفراد في منظورهم لها، وفي أفكارهم تجاه شكل الالتزام الأمثل فيها، بناء على معتقداتهم، والنسق الثقافي والاجتماعي الفرعي الذي يوجههم، بالإضافة إلى ما ألفوه من ممارسات مجتمعية محيطة في سياق الاجتماعي الأصغر. فالحفاظ على نمط الأسرة الداعمة قد يشكل للفرد دافعًا لإنتاجية أكبر، ويقلل مساحة التعرض للتشتت، ويهيئ للفرد أن ينخرط في منظومة الإنتاج بتركيز أكبر. ويمكن أن نسحب ذلك على بقية الأنماط المذكورة أعلاه.

وبالعودة إلى التوقعات بصعود «اقتصاديات النوم» يبرر المؤلفون ذلك بأن عام (2024) سيكون عام العودة الكلية إلى المكاتب، وذلك بعض رفع كافة التدابير المتعلقة بجائحة كورونا (كوفيد 19)، وحاجة أغلب المؤسسات لعودة الموظفين إلى المكاتب. وهذا يفيد بأن الجائحة خلقت هي الأخرى نمطًا اجتماعيًا يركز على إمكانية العمل في أي وقت ومن أي مكان. وبحسب وجهة نظر الباحثين فإن هذا النمط أفقد العديد من الأشخاص النوم المنتظم، عوضًا عن الوقت الموسع الذي يقضيه الموظفون ليلًا مع عائلاتهم أو أصحابهم لعدم وجود التزام بوقت محدد للصحو صباحًا. وبالتالي فإن هذا النمط سيضع أمام قطاع واسع من الموظفين تحديا لإعادة ضبط نومهم، وتحسين جودته، والقدرة على العودة إلى منظومة العمل بطريقتها السابقة. وهو بحسب توقع الباحثين ما سيدفع إلى زيادة الطلب على منتجات النوم باختلافها. في الصين هناك تسمية شائعة عن «اقتصاديات النوم» تشبه هذا التحدي بـ «عصر الأرق العظيم»، بينما ترصد الكثير من التقارير المرتبطة بالتطورات التقنية لعام 2024 أن جزءا من المبتكرات المتوقعة أن تدخل السوق وتحدث انتقالًا كبيرًا يتصل بالأجهزة المساعدة على النوم، والتي تستفيد من البيانات الضخمة، ومن التتبع الدقيق لحياة الفرد عبر الملاصقة المباشرة من خلال استخدام بيانات الهاتف، وما يتم تخزينه، وتعلميه للآلة من بيانات حول الأشخاص ونمط عيشهم.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإنتاجیة العامة جودة النوم

إقرأ أيضاً:

«أطلس كوبكو جروب».. حلول شاملة لدعم الإنتاجية والنمو المستدام

أبوظبي: «الخليج»

تأسست «أطلس كوبكو جروب» عام 1873 وهي مجموعة صناعية متعددة الجنسيات مقرها السويد، متخصصة في تصنيع المعدات والأدوات الصناعية وقد بدأت الشركة عملياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2002 وتضم موظفين من 20 جنسية مختلفة وتنقسم عمليات «أطلس كوبكو جروب» إلى أربعة مجالات عمل رئيسية: تقنيات الضواغط، تقنيات التفريغ، التقنيات الصناعية، وتقنيات الطاقة.

تقنيات الضواغط


يركز هذا المجال على تطوير وتصنيع الضواغط الصناعية وأنظمة معالجة الهواء وضواغط الغاز والمعالجة، تُستخدم هذه المنتجات في العديد من الصناعات مثل التصنيع، النفط والغاز والصناعات المعالجة وتوفر حلولاً موثوقة وفعالة من حيث استهلاك الطاقة.
توفر وحدة تقنيات التفريغ مضخات تفريغ، أنظمة إدارة العادم، صمامات، وخدمات مرتبطة بها وتخدم هذه التقنيات قطاعات مثل أشباه الموصلات، الصناعات الكيميائية، تغليف الأغذية ومعالجة الورق، حيث تُستخدم في البيئات التي تتطلب تفريغاً دقيقاً وتحكماً عالياً.

التقنيات الصناعية


تتخصص هذه الوحدة في الأدوات الصناعية، أنظمة التجميع، منتجات ضمان الجودة والحلول البرمجية. وتخدم بشكل أساسي صناعات السيارات والطيران، بالإضافة إلى قطاعات التصنيع والصيانة العامة، حيث تسهم في تحسين الإنتاجية وضمان جودة عمليات التجميع.
توفر وحدة تقنيات الطاقة ضواغط ومولدات ومضخات وأبراج إنارة متنقلة وتُستخدم هذه المنتجات في مشاريع البناء والتعدين والبنية التحتية، وتوفر حلول طاقة موثوقة في البيئات الصعبة.
تعمل أطلس كوبكو جروب في الإمارات من خلال مكاتب إقليمية في دبي وأبوظبي، حيث تقدم خدمات البيع والدعم الفني للعملاء في جميع أنحاء الدولة ومن خلال مجالات عملها الأربعة، تقدم «أطلس كوبكو جروب» في الإمارات حلولاً شاملة تدعم الإنتاجية والنمو المستدام في مختلف القطاعات.


تتخصص هذه الوحدة في الأدوات الصناعية، أنظمة التجميع، منتجات ضمان الجودة والحلول البرمجية. وتخدم بشكل أساسي صناعات السيارات والطيران، بالإضافة إلى قطاعات التصنيع والصيانة العامة، حيث تسهم في تحسين الإنتاجية وضمان جودة عمليات التجميع.
توفر وحدة تقنيات الطاقة ضواغط ومولدات ومضخات وأبراج إنارة متنقلة وتُستخدم هذه المنتجات في مشاريع البناء والتعدين والبنية التحتية، وتوفر حلول طاقة موثوقة في البيئات الصعبة.
تعمل أطلس كوبكو جروب في الإمارات من خلال مكاتب إقليمية في دبي وأبوظبي، حيث تقدم خدمات البيع والدعم الفني للعملاء في جميع أنحاء الدولة ومن خلال مجالات عملها الأربعة، تقدم «أطلس كوبكو جروب» في الإمارات حلولاً شاملة تدعم الإنتاجية والنمو المستدام في مختلف القطاعات.

مقالات مشابهة

  • مدير الإشارة للقوات المسلحة: افتتاح مركز السيطرة بمجلس النواب يحسن من جودة خدمات الطوارئ
  • وزير الزراعة يوجه بمضاعفة المشروعات الإنتاجية للجمعيات الزراعية
  • وسط زيادة الإنتاجية.. انطلاق حصاد القمح في دمياط
  • حبس المتهم بالترويج للحشيش عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالسلام
  • «الكهرباء»: تعديل تعريفة الاستهلاك للأنشطة التي تتجاوز أحمالها 0.5 ميغاوات بدءًا من 15 مايو
  • خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع
  • ليانغ سوو لي: منفعة متبادلة بين الشركات الصينية والعربية في إطار النمط التنموي الجديد
  • مديرة وكالة الدعم الاجتماعي من واشنطن: الميزانية السنوية للدعم الاجتماعي قد ترتفع إلى 30 مليار درهم
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • «أطلس كوبكو جروب».. حلول شاملة لدعم الإنتاجية والنمو المستدام