السودان: للبحث عن مكاسب سياسية...قائد قوات الدعم السريع دقلو يستبدل الزي العسكري باللباس المدني
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
بتوقيعه إعلانا مع المدنيين وقيامه بجولة أفريقية ليبحث من خلالها عن شرعية دولية سعيا لحسم معركته ضد الجيش في السودان، يكون قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو غادر من منطقة الظل التي بقي بها خلال التسعة أشهر الأولى من النزاع.
في أواخر العام الماضي، قام قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بجولات خارجية تزامنت مع جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب التي اندلعت منتصف نيسان/أبريل، وألقى كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن في الأيام الأخيرة، ومع تحقيق قواته تقدما ميدانيا، استبدل دقلو زيّه العسكري بالملابس المدنية، وقام بجولة خارجية تخللها لقاء مسؤولين كبار في أوغندا وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا.
ويرى الخبير في الشأن السوداني أليكس دي فال أن دقلو "في حالة صعود".
ويقول كليمان ديهي، المتخصص في الشؤون السودانية في جامعة السوربون بباريس، إن دقلو تمّ استقباله "بمراسم تخصص لرئيس دولة".
ومنذ اندلاع القتال في 15 نيسان/أبريل بين الحليفين السابقين البرهان ودقولو، أودت الحرب في السودان بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، وهي حصيلة يُعتقَد أنها تبقى دون الفعلية.
كما تسببت بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص داخل وخارج البلاد بحسب الأمم المتحدة.
"خطوة لكسب الشرعية"أبعد من الميدان، يحاول دقلو تحقيق مكاسب سياسية في حربه ضد الجيش. ووقّع الثلاثاء في العاصمة الإثيوبية إعلانا سياسيا مع عبد الله حمدوك الذي سبق له تولي رئاسة الوزراء في السودان قبل أن يطيحه انقلاب عسكري قاده البرهان ودقلو في العام 2021.
وكانت الهيئة التنسيقية للقوى الديموقراطية المدنية برئاسة حمدوك دعت مؤخرا لعقد "لقاءات عاجلة (مع الجيش وقوات الدعم السريع) تبحث قضايا حماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية وسبل وقف الحرب عبر المسار السلمي التفاوضي".
ونتيجة لاستجابة الدعم السريع فقط لهذه الدعوة إلى الآن، وقّع دقلو وحمدوك "إعلان أديس أبابا" الذي تبدي من خلاله قوات الدعم "استعدادها التام لوقف عدائيات فوري وغير مشروط عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة".
كما تتعهد "فتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية"، و"تهيئة الأجواء لعودة المواطنين لمنازلهم في المناطق التي تأثرت بالحرب".
ويرى أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج بلندن أندرياس كريغ أن الإعلان "هو الخطوة الأكثر أهمية التي يمكن (لدقلو) القيام بها لكسب الشرعية".
ويقول ديهي لوكالة الأنباء الفرنسية إن "توقيع المدنيين على اتفاق مع حميدتي، على الرغم من التطهير العرقي في دارفور والاغتصاب والنهب الممنهج في وسط السودان ودارفور، يمنحه الشرعية في نظر المجتمع الدولي".
وقبل نشوب النزاع بينهما، كان دقلو نائبا للبرهان، وقاما بتنظيم انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021 الذي أطاح الحكومة المدنية برئاسة حمدوك. وأعيد الأخير إلى منصبه لفترة وجيزة، قبل أن يستقيل في مطلع 2022 ويغادر السودان.
ولم يلتق القائدان العسكريان منذ اندلاع الحرب على رغم محاولات الوسطاء.
"ائتلافًا ضعيفًا مكونًا من ائتلافات ضعيفة"من جهتها ترى المحللة السودانية خلود خير أن جولات دقلو الخارجية أشعرت البرهان بـ"استياء"، خصوصا مع محاولات الأول الذي يرأس مجلس السيادة "تقديم نفسه كزعيم سياسي وطني".
وفي كلمة ألقاها الأسبوع الماضي لمناسبة استقلال السودان، انتقد البرهان زيارات دقلو ومضيفيه.
وخاطب الدول "التي تستقبل هؤلاء القتلة بأن كفوا أيديكم عن التدخل في شأننا (..) وأن استقبال أي جهة معادية للدولة لا تعترف بالحكومة القائمة يعتبر عداء للدولة". إلا أن اللقاء بين حمدوك ودقوا أعاد فتح الباب أمام تكهنات قديمة.
وتوضح خير لوكالة الأنباء الفرنسية "الشائعات حول وجود صلة بين قوى الحرية والتغيير وحميدتي، والتي كانت منتشرة حتى قبل الحرب، زادت الآن بسبب مشهد الاجتماع" بين حمدوك ودقلو بغياب البرهان.
وفي مقاطع فيديو نشرت على منصات التواصل لاجتماع أديس أبابا، شوهد حمدوك وغيره من السياسيين وهم يصطفون لمصافحة دقلو. وتقول خير "ظهر حميدتي خلال الاجتماع وكأنه هو المسؤول".
وكانت الهيئة التنسيقية للقوى الديمقراطية المدنية نشأت من كتلة المعارضة الرئيسية، أي ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي أدى دورا رئيسيا في الإطاحة بالرئيس عمر البشير. وترى خير أن هذا التحالف المشكل حديثا لا يزال "ائتلافًا ضعيفًا مكونًا من ائتلافات ضعيفة"، وقد لا يمتلك القدرة على تغيير الأوضاع.
الجيش أصبح "معزولا أكثر فأكثر"واتهم نشطاء حمدوك بخيانة المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية. وكتب مستخدم على منصة "إكس"، "هذا هو حميدتي ذاته الذي اتفق مع (الجيش) لفض الاعتصام وشارك في انقلاب 25 أكتوبر"، في إشارة إلى الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم في حزيران/يونيو 2019 للمطالبة بالحكم المدني.
ويستبعد خبير الشؤون الأفريقية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن كاميرون هيودسون أن يلبّي البرهان حاليا دعوة حمدوك للقائه، خصوصا بعد الإعلان بين الأخير ودقلو.
إلا أنه يرجح أن يكون "هذا هو القصد تحديدا (من الطرفين)، لأنه (عدم لقاء البرهان بحمدوك) سيجعل الجيش يبدو معارضا للسلام ويصور حميدتي على أنه الطرف الأكثر عقلانية ومسؤولية".
ويرى دي فال أن حمدوك ارتكب "خطأ دبلوماسيا" فادحا بالظهور مع الدعم السريع وبعيدا عن الجيش.
من جهته، يعتبر ديهي أن الجيش أصبح "معزولا أكثر فأكثر"، وأن ما تكبدته القوات المسلحة من خسائر في الميدان أبعد عنها حلفاء أقوياء مثل القاهرة.
ويضيف أنه بات في مقدور دقلو الآن "بدء المفاوضات من موقع قوة"، محذّرا من أن عزل البرهان بشكل إضافي "سيؤدي حصرا إلى تعقيد الوضع وتوفير مزيد من الوقت والمجال لاستمرار القتال".
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج السودان حرب أهلية عبد الفتاح البرهان محمد حمدان دقلو حميدتي قوات الدعم السريع الحرب بين حماس وإسرائيل إسرائيل غزة إيران حماس الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
وسائل إعلام تكشف علاقة قوات الدعم السريع بالكيان الصهيوني
في الآونة الأخيرة، تزايدت الأنباء والمعلومات المتداولة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول وجود علاقات واتصالات بين إسرائيل وقائد قوات "الدعم السريع" السودانية، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ "حميدتي"، وقد تم تدعيم هذه المعلومات بتقارير إعلامية واستخباراتية نقلت عن مصادر إسرائيلية وأخرى سودانية، تُشير إلى أن قوات "الدعم السريع" تلقت شحنات من الأسلحة المتطورة والأجهزة العسكرية والاستخباراتية.
وتم تدعيم تلك المعلومات المنتشرة بعدّة تقارير إعلامية واستخباراتية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية أو مصادر محلية سودانية تعمل مع الدعم السريع، تشير إلى تلقي قوات "حميدتي" لشحنات من الأسلحة والأجهزة المتطورة المستخدمة لأغراض عسكرية واستخباراتية وتجسسية.
"إسرائيل" تزود "حميدتي" بالسلاح وأحدث الأجهزة
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو، "حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس متطورة، نقلتها إلى الخرطوم طائرة مرتبطة ببرنامج التجسس "الإسرائيلي"، تجلب تكنولوجيا المراقبة من الاتحاد الأوروبي. وبحسب الصحيفة فقد تم نقل الشحنة على وجه السرعة إلى منطقة "جبل مرة" بدارفور التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" بالكامل.
وبحسب خبراء تقنيين، فإن أجهزة التجسس التي حصل عليها "حميدتي"، تعزز من قدرات قوات "الدعم السريع"، وتزيد من نفوذهم الأمني في البلاد على حساب نفوذ وقدرات الجيش السوداني؛ حيث يمكنها اختراق نظام أندرويد وأيفون والبنى التحتية للشبكات والتجسّس البصري، فضلًا عن تعقّب أنظمة "واي فاي"، واعتراض الاتصالات عبر الشبكة الهاتفية (جي إس إم) والـ(جي بي اس) عبر الهواتف، وهو ما يوفر لـ "الدعم السريع" بنية أمنية واستخباراتية مستقلة عن الجيش السوداني.
وبحسب الخبير والمحلل السياسي محمد سعود الموالي، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تدعم بها تل أبيب "حميدتي"، حيث انتشرت معلومات حول تزويد اسرائيل "للدعم السريع" بالأسلحة التي سيطرت عليها بعد دخولها بريًا في قطاع غزة، ولوحظ بحسب مصادر سودانية، الصاروخ المعدل "الياسين 105" المضاد للدروع والذي تمتلكه كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس.
وأضاف الموالي، بأن هذه الصفقة تشير إلى رغبة إسرائيلية وخطة مسبقة للتوغل أمنياً في السودان، ودعم طرف على حساب الأطراف الأخرى، تخدم المصالح الإسرائيلية في المنطقة.
تاريخ العلاقات الإسرائيلية مع قوات "الدعم السريع"
بدوره علق الباحث والخبير بالشؤون الأفريقية عبد الواحد سمسمي على هذه المعلومات مؤكداً أن العلاقات بين إسرائيل والأطراف الحاكمة في السودان ليست جديدة، حيث أن السودان قام بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في 23 أكتوبر 2020، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين.
وكان أحد العوامل الرئيسية في التقارب بين السودان وإسرائيل حينها هو الوساطة التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي بفضلها حصل تقارب كبير بين إسرائيل وقوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي المدعوم إماراتياً، والذي وثقت به إسرائيل لاحقاً، ولازال حتى الآن يتمتع بعلاقة خاصة واتصالات دائمة مع الموساد الإسرائيلي. كما التقى بالمخابرات "الإسرائيلية" مرتين منذ حزيران/ يونيو 2021 وفقاً لمصادر سودانية.
بالإضافة لذلك، كان تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" هو أحد الشروط الرئيسية التي فرضتها واشنطن مع الغرب والامارات على السودان لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وبحسب سمسمي، فإن إسرائيل حافظت على علاقات جيدة مع طرفي الصراع في السودان بعد اندلاع الحرب ولكنها استخباراتياً وأمنياً كانت تميل لحميدتي وقواته وذلك لعدة أسباب.
أسباب وخلفيات الدعم الإسرائيلي لـ "حميدتي"
في السياق ذاته أكد الخبير العسكري والاستراتيجي محمد عبدلله قبلان بأن لإسرائيل كثير من المصالح والأسباب التي تدفعها لدعم حميدتي، أولها، أن إسرائيل تدرك أن ازدياد نفوذ الإسلاميين في الجيش السوداني وانتصارهم على قوات الدعم السريع، يعني ازدياد دعمهم وموالاتهم لحماس وحركات المقاومة الإسلامية في لبنان واليمن وفلسطين التي تقاتل ضد إسرائيل، في الوقت نفسه يعني ازدياد مناهضة السودان لإسرائيل وسياساتها ومصالحها في المنطقة.
وأشار قبلان بأنه، حصل سابقاً وتعاون الإسلاميون في السودان بشكل نشط مع حماس في الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 2014 وقاموا بتزويد الحركة بالسلاح، إلى أن توقف هذا التعاون بضغط سياسي من المملكة العربية السعودية، بعد الضربات الإسرائيلية التي وجهت للسودان عام 2012.
ثانياً، وبحسب قبلان فإن دعم إسرائيل لحميتي عسكرياً وسياسياً لن يخلصها فقط من القوة الموالية للإسلاميين (الجيش السوداني بقيادة البرهان)، بل يوف يسمح لها أيضاً بالضغط على مصر في أي استحقاقات سياسية أو امنية مستقبلاً وسوف يمنحها نفوذ أكبر في البحر الأحمر.
ثالثاً، دعم "حميدتي" وقواته من الممكن أن يكون تمهيد لاستخدام "الدعم السريع" كمرتزقة للقتال ضد الحوثيين، حيث أن إسرائيل تخطط لاستخدام قوات "حميدتي" لقتال جماعة الحوثي التي تسبب لها كثير من الإزعاجات في البحر الأحمر، وبالتالي سوف تعزز تل أبيب من نفوذها في البحر الأحمر، وتحمي سفنها التجارية، وتضعف حركات المقاومة في المنطقة.