من بحر العرب إلى شرق البحر المتوسط، وصلت إيران إلى أقصى نفوذ إقليمي ممكن عبر دعم جماعات في دول عديدة، ولا يمكنها توسيع نفوذها لخمسة أسباب بينها احتمال الانتقال قريبا إلى مرشد جديد للبلاد، وفقا لكامران بخاري في تحليل بمركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي (Geopolitical Futures).

بخاري تابع، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "بعد الصين وروسيا، تمثل إيران التحدي الأكبر في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وقد أربكت الإدارات الأمريكية المتعاقبة لنحو نصف قرن".

وأضاف أنه "لفترة طويلة، استغلت إيران نقاط الضعف المزمنة في العالم العربي، وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل، وعملت على بناء مجال واسع من النفوذ في الشرق الأوسط".

وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

وأردف بخاري أنه "مع عدم قدرة أي دولة في المنطقة على مواجهة إيران، فإنها تقترب من الحدود الطبيعية لتوسعها".

وفي 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أغرقت القوات البحرية الأمريكية ثلاثة زوارق هجومية تابعة لجماعة الحوثي اليمنية للحوثيين في البحر الأحمر.

وبدعم أمريكي، يتعرض قطاع غزة  منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة خلّفت حتى السبت 22 ألفا و722 شهيدا، و58 ألفا و166 جريحا، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وتضامنا مع غزة، استهدف الحوثيون، بصواريخ وطائرات مسيّرة، سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

و"حتى ذلك الحين، كان وكلاء إيران الإقليميون، وبينهم الحوثيون، يتصرفون غالبا دون عقاب، لكن المجموعات (الموالية لطهران) في سوريا ولبنان والعراق أدركت أنها لن تتمكن (عبر هجماتها) من تحقق تقدم، بخلاف الهجمات الإسرائيلية أو الأمريكية العرضية على منشآتها"، كما زاد بخاري.

وشنت جماعات موالية لإيران، بينها "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين سوريا ولبنان، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، تضامنا مع غزة، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن.

اقرأ أيضاً

التواصل غير المباشر مع إيران محور رئيسي في رحلة بلينكن إلى المنطقة.. لماذا؟

رد فعل السعودية

بخاري قال إن "السعودية، الزعيم الفعلي للعالم العربي، حثت الولايات المتحدة على ضبط النفس ضد الحوثيين خوفا من اندلاع حريق إقليمي أوسع نطاقا".

واعتبر أن "رد فعل الرياض مفهوم في بعض النواحي، فهناك ضغوط داخلية على السعودية لحملها على إنهاء الحرب في غزة، كما أن الصراع الذي خاضته المملكة منذ سبع سنوات في اليمن لم يؤد إلا إلى ترسيخ موقف الحوثيين".

ومنذ 20 شهرا يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو تسع سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المسيطرين على محافظات ومدن في الشمال بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014.

وزاد بخاري بأن "الرياض تحاول التوصل إلى تسوية مع الإيرانيين، وهي العملية التي أدت إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية في يونيو (حزيران) الماضي"، بناء على اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي.

وتابع أن "السعودية تعتقد أن هذه الجهود تمكنها من إدارة الأمن الإقليمي بشكل أكثر فعالية، ولا تعتقد أنها ستجبر إيران على التخلي عن هدفها بالهيمنة على الشرق الأوسط".

ورأى أن "هذا ما يفسر عمل المملكة بشكل محموم على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو الهدف الذي نسفه هجوم (حركة) حماس (على إسرائيل) في 7 أكتوبر (الماضي). وتتكون استراتيجية الرياض لوقف طهران من مزيج من التعاون الأمريكي، واستعادة العلاقات مع إيران، وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

اقرأ أيضاً

تشاتام هاوس: الردع الأمريكي ضد إيران تضرر بشدة.. وهذه طريقة ترميمه

معسكر سُنّي منقسم

"لكن المشكلة النهائية التي تواجهها السعودية هي أنه في حين أن المعسكر الشيعي الذي تقوده إيران متماسك إلى حد كبير، فإن المعسكر السُنّي منقسم بشدة"، كما استدرك بخاري.

وأردف: "ويمكن لتركيا، مثلا، أن تشكل ثقلا موازنا قويا ضد إيران، لكن الدول العربية لا تريد هزيمة إيران ثم ينتهي بها الأمر إلى الخضوع لسيطرة الأتراك. كما أن أنقرة محاصرة من إيران عبر العراق وسوريا، وتمر بأزمة مالية تتطلب الاستثمار العربي لحلها".

وقال إنه "على الرغم عدم وجود دول إقليمية قادرة على مواجهة إيران بشكل حاسم، إلا أن هناك عوامل أخرى مستوطنة في إيران ستمنعها من السيطرة على المنطقة، فهي دولة فارسية عرقيا، وستكافح لفرض سيطرتها على الدول العربية".

و"تمكنت من التحايل على هذه العقبة بدعم الجماعات الشيعية من حدودها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. وكما هو واضح في علاقة إيران بحماس، فقد تمكنت طهران من سد الفجوة الجيوطوائفية عبر تطوير بعض الوكلاء السنُة"، وفقا لبخاري.

واستطرد: "وهنا، فإنها تستفيد من أيديولوجية إسلامية مشتركة مع جماعة الإخوان المسلمين السنُية، التي تعد حماس فرعا منها. لكن الأهم هو أن إيران وضعت نفسها كبطل للقضية الفلسطينية في وقت يُنظر فيه إلى الدول العربية على أنها متعاطفة مع إسرائيل. وفي الواقع، تدعم تركيا وقطر أيضا حماس، لكن سلوكهما يعتمد على رد الفعل".

اقرأ أيضاً

رئيسي: إيران جاهزة للرد على هجوم كرمان في الزمان والمكان المناسبين

استقرار الممالك العربية

"لكن على الرغم من نجاح استراتيجية إيران في دعم الجماعات من بحر العرب إلى شرق البحر المتوسط، فقد وسعت قوس نفوذها إلى أقصى حد ممكن"، كما تابع بخاري.

وزاد بأن "العوامل الديموجرافية، مثل حقيقة أن غير الفرس يشكلون أكثر من نصف سكان إيران، فضلا عن الاستقرار النسبي للممالك العربية وقوة إسرائيل، تجعل من الصعب للغاية على إيران التوغل بشكل أكبر في المنطقة، كما شكل نظام العقوبات (الغربية) الضخمة عقبة رئيسية أخرى أمام أي تقدم خارجي آخر".

"أضف إلى ذلك الانتقال الوشيك إلى مرشد أعلى جديد (علي خامنئي هو المرشد الحالي للبلاد- 84 عاما)، في وقت النخبة الحاكمة منقسمة فيه بشكل مرير، ما يترك إيران في لحظة محورية، ليس فقط في كيفية تطورها كدولة، ولكن أيضا في كيفية احتفاظها بممتلكاتها الجيوسياسية في المنطقة"، كما ختم بخاري.

اقرأ أيضاً

إيكونوميست: لا رغبة لإيران وحزب الله في التصعيد.. لكن "مقامرة إسرائيل" قد تشعل الحرب مع لبنان

المصدر | كامران بخاري/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

أربعة أسباب أفقدت العملات المشفرة لمعانها في صدارتها البيتكوين

 

بينما كانت توقعات أسواق المال تؤشر إلى بلوغ وحدة بتكوين مستوى 100 ألف دولار خلال وقت لاحق من العام الجاري، ويتبعها صعود لعملات مشفرة أخرى، إلا أن حركة السوق سارت عكس التوقعات.

وعلى الرغم من تراجع بتكوين، ومعها تراجعت القيمة السوقية للعملات المشفرة من 2.6 تريليون دولار في مارس/آذار الماضي، إلى 2.04 تريليون دولار حالياً، إلا أن العام الجاري شهد أرقاما قياسية.

خلال وقت سابق من مارس/آذار الماضي، كسر سعر وحدة بيتكوين حاجز 71 ألف دولار في أعلى سعر قياسي على الإطلاق، صعودا من 67.8 ألف دولار وهو السعر القياسي الذي حافظ على مكانه منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2021.

في مارس الماضي، كانت توقعات الأسواق تشير إلى وصول بيتكوين لمستوى 100 ألف دولار بحلول نهاية العام الجاري، وسط زيادة حادة في الطلب، مدفوعة بطفرة سعر جديد غير مسبوق.

إلا أن العملات المشفرة وبصدارة بيتكوين، بدأت رحلة تراجع منذ مايو/أيار الماضي، وازداد التراجع حدة خلال الأسبوع الأول من يوليو/تموز الجاري، لتستقر اليوم الإثنين عند 56 ألف دولار.

والجمعة، انخفضت بيتكوين بنسبة 8 بالمئة إلى حوالي 54 ألف دولار، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير/شباط الماضي.

** الحكومة الألمانية

ولعبت تحويلات الحكومة الألمانية للبيتكوين إلى البورصات وخطط Mt. Gox لسداد الدائنين دورا رئيسيا في هذا الانخفاض.

ويظهر انخفاض سعر بيتكوين الأسبوع الماضي، على خلفية تحويلات الحكومة الألمانية لما قيمته 172 مليون دولار من البيتكوين إلى بورصات العملات المشفرة.

ففي 4 يوليو الجاري، قامت محفظة تشفير مرتبطة بالحكومة الألمانية بتحويل 1300 بيتكوين إلى Coinbase وKraken وBitstamp، كانت حصلت عليها من تسوية قضائية.

هذا هو التحويل الثاني للحكومة الألمانية، بينما كان هناك تحويل أول بأكثر 3700 وحدة بيتكوين في يونيو/حزيران الماضي، وهي وحدات تم الاستيلاء عليها من مشغل موقع أفلام القراصنة Movie2k.

ويعني بيع الحكومة الألمانية لهذه الوحدات من بيتكوين، إلى زيادة المعروض العالمي من العملة المشفرة الأبرز، وهو ما يسهم في خفض قيمتها السوقية بشكل تلقائي، بناء على نظرية العرض والطلب.

وغالبا ما يشير الحجم الكبير لعملة البيتكوين التي تدخل البورصات إلى عمليات بيع محتملة، مما يؤدي إلى انخفاض ثقة السوق والضغط على سعر البيتكوين للانخفاض في الأيام الأخيرة.

** Mt. Gox

وتفاقم انخفاض سعر البيتكوين بسبب الإشارات التي تشير إلى أن منصة Mt. Gox التي أعلنت إفلاسها قبل 10 سنوات، تقترب من سداد دائنيها بأكثر من 140 ألف وحدة بيتكوين، بقيمة تقريبية تبلغ 8.5 مليارات دولار.

وهذا التحويل، يعني مزيدا من عمليات البيع المحتملة، خاصة وأن مشتريات العملاء من العملة كانت لا تتجاوز 270 دولاراً لكل وحدة، بينما اليوم تتداول فوق 55 ألف دولار.

ومن المثير للاهتمام أن هؤلاء الدائنين كانوا ينتظرون السداد لأكثر من عقد من الزمان، وخلال هذه الفترة ارتفع سعر البيتكوين بأكثر من 250 دولارا إلى قرابة 55 ألفا.

** بيع المراكز الطويلة

كذلك، تسارع انخفاض سعر البيتكوين منذ مطلع الشهر الجاري، بشكل أكبر، بسبب التصفية الهائلة للمراكز الطويلة في سوق العقود الآجلة للبيتكوين.

ويعني ذلك، أن عمليات بيع تطرأ عند ارتفاع سعر العملات المشفرة، في موجة تصحيحية، بينما هناك عملاء يحتاجون إلى جني الأرباح السريعة، من خلال البيع.

** ارتفاع سوق الأسهم

وخلال الربع الثاني من العام الجاري، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية، وبعض الأسهم الأوروبية والآسيوية، الأمر الذي قاد إلى عمليات بيع في أسواق العملات المشفرة، والشراء في أسواق الأسهم.

وترتفع أسواق الأسهم، مع توقعات بقرب إعلان الفيدرالي الأمريكي عن خفض أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية خلال وقت لاحق من العام الجاري.

 

مقالات مشابهة

  • أسباب انخفاض أسعار المانجو في الإسماعيلية.. وصل إلى 50%
  • مجلس الوزراء: التباحث مع "اليونسكو" لتأسيس مركز إقليمي للإبداع في المملكة
  • النيابة تستدعي مارين لوبان زعيمة أقصى اليمين في فرنسا
  • منير أديب يكتب.. الحروب والصراعات الدينية بين إيران وإسرائيل
  • شينكر: تفاهم حزب الله وإسرائيل ممكن
  • صور بالأقمار الاصطناعية تظهر توسع إيران في إنتاج الصواريخ
  • أربعة أسباب أفقدت العملات المشفرة لمعانها في صدارتها البيتكوين
  • «بزشكيان» رئيسًا جديدًا لإيران فهل تنتصر السياسة على القوة؟
  • بعد انتخاب الإصلاحي بزشكيان.. كيف سيتأثر نفوذ إيران في سوريا؟
  • "مبالغ طائلة".. إيران تحصي قيمة صادراتها الى العراق خلال 2024