من التبت إلى شيزانغ.. الصين تشن معركة مصطلحات على سقف العالم
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
لعقود من الزمن، كان المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام الحكومية يشيرون إلى "التبت" في الاتصالات التي يجرونها باللغة الإنكليزية، وهو الاسم المستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء الغرب، لكن في الأشهر الأخيرة، تزايد استخدامهم لمصطلح "شيزانغ"، وهو التهجئة الإنكليزية الرسمية للاسم الذي تطلقه أغلبية الهان العرقية في الصين على موطن شعب التبت الواقع في أقصى غرب البلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
يترافق هذا التحول مع حملة واسعة النطاق لصهر الأقليات العرقية والمناطق النائية في الصين والتي تكثفت تحت قيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي سعى إلى صياغة هوية وطنية واحدة تتمحور حول غالبية الهان والولاء للحزب الشيوعي.
وقد بدأ هذا التغيير في السنوات الأخيرة، مع تحول وزارة الخارجية الصينية وصحيفة شعبية تابعة للحزب القومي إلى استخدام "شيزانغ"، والكتابة بالحروف اللاتينية القياسية لاسم الإقليم باللغة الصينية.
وفي ندوة أكاديمية في أغسطس، دعا الباحثون الصينيون إلى استبدال الإشارات الإنكليزية إلى "التبت" بكلمة "شيزانغ"، وهو الرأي الذي روجت له وكالة الحزب التي تتعامل مع الشؤون العرقية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد شهرين، نظمت الحكومة الصينية مؤتمراً دبلوماسياً في مدينة نينغتشي التبتية، بعنوان "منتدى شيزانغ عبر الهيمالايا للتعاون الدولي"، حيث يشار إلى التبت بشكل عام باسم "شيزانغ" باللغة الإنكليزية.
وتشير وسائل الإعلام الرسمية الكبرى، مثل وكالة أنباء شينخوا، بشكل متزايد إلى "شيزانغ" في التقارير الصادرة باللغة الإنكليزية.
التحول إلى المصطلح الجديد يترافق مع استعدادات بكين لمعركة اختيار خليفة للدالاي لاما الحالي، الزعيم الروحي لشعب التبت الذي سيبلغ 89 عاماً في يوليو.
الهدف من التسميةالاستخدام الأكثر رسمية لكلمة "شيزانغ" كان في نوفمبر، عندما نشر مكتب الدعاية الأعلى في الحكومة الصينية ورقة بيضاء حول "حوكمة شيزانغ"، متخلياً عن الإشارات إلى "التبت" المستخدمة في وثائق السياسة السابقة.
ويقول الخبراء إن التحول الدلالي يفتح جبهة جديدة في جهود الحزب الشيوعي لإعادة تشكيل الروايات العالمية حول الصين لصالح التسمية المفضلة لديه، خاصة فيما تعتبره بكين مصالحها الأساسية.
الباحث التبتي المستقل، المقيم في مدينة دارامشالا الهندية، ماثيو أكيستر، قال إن المسؤولين الصينيين سيسعون إلى الترويج لتسمية "شيزانغ" على الساحة الدولية، من خلال مناشدة المشاعر المعادية للغرب.
ويقول أكيستر إن بكين قد تستخدم الإكراه في نهاية المطاف أيضاً، بما في ذلك الضغط الاقتصادي والمقاطعة التجارية ضد الحكومات والشركات التي تستمر في الإشارة إلى "التبت"، متوقعاً أنه "ستكون هناك عواقب لعدم استخدام "شيزانغ".
ولم ترد إدارة عمل الجبهة المتحدة التابعة للحزب الشيوعي التي تتعامل مع الشؤون الدينية والعرقية، والمكتب الإعلامي لمجلس الدولة، الذراع الدعائي للحكومة الصينية؛ ووزارة الخارجية الصينية على طلبات التعليق.
وقال المتحدث باسم حكومة التبت في المنفى، تنزين ليكشاي، إن تبني تسمية "شيزانغ" "يهدف إلى تحقيق طموحهم السياسي المتمثل في إضفاء الشرعية على مطالبتهم بالتبت"، مشدداً "الصراع الصيني التبتي طويل الأمد، وتغيير الاسم لن يحل المشكلة، بل سيخلق المزيد من التعقيد."
أصل التسميةسعى الحزب الشيوعي الصيني إلى تعزيز سيطرته على التبت منذ إرسال قوات إليها في عام 1950. ومنذ ذلك الحين، بذلت بكين جهودا لصهر التبتيين العرقيين وسحق ما تسميه القوات الانفصالية بقيادة الدلاي لاما الذي كان مراهقاً عندما سيطرت الجمهورية الشعبية على التبت.
وتكثفت جهود الاستيعاب بعد تولي شي السلطة في أواخر عام 2012، في حين اعتمد أسلافه بشكل أكبر على التنمية الاقتصادية كوسيلة لدمج الأقليات العرقية بشكل طبيعي.
وفي التبت، فرضت بكين في السنوات الأخيرة قيوداً متزايدة على الدين والتعليم واللغة التبتية، مع تعزيز قدرة الحكومة على مراقبة السكان. ويرفض المسؤولون الصينيون عموماً الادعاءات القائلة بأنهم يضعفون أو يقمعون الثقافة التبتية، ويزعمون بدلاً من ذلك أن الحزب الشيوعي نجح في تحسين حياة الناس هناك وسبل عيشهم وحافظ على هوياتهم الدينية والعرقية.
ويقول المؤرخون إن الاسم الصيني الحالي للتبت (التي توصف بسقف العالم)، "شيزانغ"، يعود إلى آخر أسرة إمبراطورية في الصين، أسرة تشينغ، وقد جاء هذا الاسم من الترجمة الصينية لكلمة "Gtsang" - في إشارة إلى اسم منطقة داخل التبت التاريخية.
"إن اسم شيزانغ مشبع بالكامل بوجهة نظر صينية" بحسب ما كتب إليوت سبيرلينج، مؤرخ التبت في جامعة إنديانا، في عام 2011، مضيفاً " إن معنى شيزانغ يحدد بشكل أساسي من خلال السياسة".
وأشار المؤرخ الذي توفي عام 2017في إلى الاختلافات في كيفية تعريف الأنظمة الصينية لحدود الاقليم، مؤكداً أن الحكومة الصينية الحالية لا تمتلك مصطلحاً صينياً رسمياً مصرحًا به لـ "المملكة التقليدية والتاريخية للتبت".
إشارات قديمةاستخدمت السلطات الصينية مصطلح "شيزانغ" في الماضي، ولو بشكل متقطع، على سبيل المثال، استخدمت حكومة اقليم التبت xizang.gov.cn كعنوان رئيسي لموقعها الإلكتروني منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على الأقل، على الرغم من أن المسؤولين الصينيين في ذلك الوقت كانوا يشيرون إلى "التبت" في تصريحاتهم باللغة الإنكليزية.
ظل مصطلح "التبت" هو التسمية الإنكليزية السائدة حتى وقت متأخر من عهد شي. على سبيل المثال، نشر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة تقريراً حكومياً في عام 2021 بعنوان "التبت منذ عام 1951: التحرير والتنمية والازدهار".
قادت وزارة الخارجية الصينية استخدام مصطلح "شيزانغ"، مستخدمة الكتابة بالحروف اللاتينية القياسية في البيانات الرسمية والترجمات بوتيرة متزايدة خلال السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، عندما استضاف وزير الخارجية وانغ يي حدثا حول التبت في عام 2021، نشرت الوزارة ملخصاً لتصريحاته مشيرة إلى الاقليم باسم "شيزانغ".
كما قامت صحيفة غلوبال تايمز، وهي صحيفة شعبية قومية يديرها الحزب، بتصنيف التبت على أنها "شيزانغ" في تقاريرها باللغة الإنكليزية منذ عام 2021.
ونشرت إدارة عمل الجبهة المتحدة التابعة للحزب منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي في أغسطس ناقش تسمية "شيزانغ"، نقلاً عن أكاديميين صينيين قالوا إن "زيزانغ" هو اسم إنكليزي أكثر دقة لمنطقة التبت ذاتية الحكم في الصين.
وأشار المقال إلى أن كلمة "التبت" غالباً ما تستخدم للإشارة إلى المناطق المتأثرة بالثقافة التبتية، والتي تشمل منطقة التبت ذاتية الحكم وأجزاء من المقاطعات المجاورة. ونقل عن وانغ لين بينغ، الأستاذ في جامعة هاربين الهندسية، قوله "هذا المفهوم الخاطئ موجود منذ فترة طويلة"، وشوه وجهات النظر الدولية حول النطاق الجغرافي لشيزانغ.
واعتبر المقال أيضاً أن تحويل التبت إلى "شيزانغ" له ما يبرره، من أجل الامتثال للمتطلبات التنظيمية، مستشهداً بقرار الحكومة الصينية في عام 1978 بالاستخدام الموحد لنظام الكتابة بالحروف اللاتينية الرسمي في بكين لتهجئة أسماء الأشخاص والأماكن الصينية.
ونقل عن ليان شيانغ مين، نائب المدير العام لمركز أبحاث التبت الصيني التابع للدولة، قوله "استخدام نظام بينيين يعني التصرف وفقاً للقانون وتنفيذ قوانيننا ولوائحنا ذات الصلة".
وقال ليان إن "بعض الأشخاص في الغرب سيكون لديهم آراء مختلفة، لكن الصين تتعامل مع الشؤون المتعلقة بالتبت وفقاً للقانون، سواء قبلوا بذلك أم لم يقبلوا، فهذه مشكلتهم ".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: باللغة الإنکلیزیة الحکومة الصینیة فی الصین فی عام
إقرأ أيضاً:
10 أضعاف حجم البنتاغون .. الصين تشيد أكبر مركز قيادة عسكري في العالم
سرايا - كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن الصين تبني أكبر مركز قيادة عسكرية في العالم، سيكون أكبر بعشر مرات من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أن "الجيش الصيني يقوم ببناء مجمع ضخم في غرب بكين تعتقد المخابرات الأمريكية أنه سيكون بمثابة مركز قيادة في زمن الحرب أكبر بكثير من البنتاغون".
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها "فايننشال تايمز" والتي تقوم الاستخبارات الأمريكية بفحصها، موقع بناء مساحته 607 هكتارات تقريبا على بعد 30 كيلومترًا جنوب غرب بكين، به حفر عميقة يقدر الخبراء العسكريون أنها ستحتوي على مخابئ كبيرة ومحصنة لحماية القادة العسكريين الصينيين أثناء أي صراع، بما في ذلك احتمال نشوب حرب نووية.
وقال العديد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين إن مجتمع الاستخبارات يراقب عن كثب الموقع، الذي سيكون أكبر مركز قيادة عسكري في العالم، وسيبلغ حجمه 10 أضعاف حجم البنتاغون على الأقل.
واستنادا إلى تقييم صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها "فايننشال تايمز"، بدأت أعمال البناء الرئيسية في منتصف عام 2024. وقال ثلاثة أشخاص مطلعين إن بعض محللي الاستخبارات أطلقوا على المشروع اسم "مدينة بكين العسكرية".
وقال الرئيس السابق لقسم التحليلات الصينية في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية دينيس وايلدر: "إذا تم تأكيد ذلك، فإن المخبأ الجديد تحت الأرض يشير إلى نية بكين ليس فقط بناء قوة تقليدية ذات مستوى عالمي ولكن أيضا قدرة متقدمة على القتال في الحرب النووية".
بدوره، قال ريني بابيارز، محلل الصور السابق في الوكالة الوطنية الأمريكية للاستخبارات الجغرافية المكانية، والذي قام بتحليل صور موقع البناء، إن "هناك ما لا يقل عن 100 رافعة تعمل على مساحة 5 كيلومترات مربعة لتطوير البنية التحتية تحت الأرض".
وأضاف بابيارز، الذي يعمل الآن كنائب لرئيس التحليل والعمليات في مجموعة All Source Analysis، لخدمات التحليل الجغرافي المكاني: "تشير تحليلات الصور إلى بناء العديد من المنشآت المحتملة تحت الأرض والتي تبدو مرتبطة ببعضها البعض عبر ممرات، لكن هناك حاجة إلى وجود بيانات ومعلومات إضافية لتقييم عملية البناء بشكل كامل".
وقالت "فاينانشيال تايمز"، إنه رغم غياب أي وجود عسكري في الموقع، فإن هناك لافتات تحذر من تحليق الطائرات المسيرة أو التقاط الصور في المكان، ويؤكد الحراس عند إحدى البوابات أن الدخول ممنوع، رافضين الحديث عن المشروع.
وأضافت الصحيفة، أنه يتم أيضا منع الوصول إلى الجزء الخلفي من المشروع بواسطة نقطة تفتيش، ناقلة عن أحد الحراس قوله إنه "لا يمكن للجمهور الوصول إلى مناطق التنزه والسياحة الشهيرة التي تقع بالقرب من الموقع"، والذي وصفه أحد أصحاب المتاجر المحليين بأنه "منطقة عسكرية".
وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات الأمريكية، إن "مركز القيادة الرئيسي الآمن للصين يقع في التلال الغربية، شمال شرق المنشأة الجديدة، وقد تم بناؤه قبل عقود في ذروة الحرب الباردة، لكن حجم ونطاق وخصائص المنشأة الجديدة المدفونة جزئيا تشير إلى أنها ستحل محل مجمع التلال الغربية هذا كمركز قيادة رئيسي للحروب".
وتابع: "قد يرى القادة الصينيون أن المنشأة الجديدة ستوفر أمانا أكبر ضد القنابل الأمريكية الخارقة للمخابئ، وحتى ضد الأسلحة النووية، كما أنها يمكن أن تضم أيضا اتصالات أكثر تقدما وأمانا، وتوفر مساحة لتوسيع قدرات الجيش الصيني ومهامه".
وذكرت الصحيفة أن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، الذي يشرف على مجتمع الاستخبارات الأمريكي، لم يعلق على المشروع.
بدورها، قالت السفارة الصينية في واشنطن إنها "ليست على علم بالتفاصيل" لكنها تؤكد أن الصين "ملتزمة بطريق التنمية السلمية وسياسة دفاعية ذات طبيعة دفاعية".
ووفق الصحيفة، فإن بناء الموقع يأتي في إطار عملية إعادة تطوير متعددة السنوات للضواحي الغربية لبكين، لكن كانت هناك تكهنات عبر الإنترنت في الصين حول سبب هدم المنازل في منطقة تشينجلونجهو.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين مقربين من وزارة الدفاع التايوانية، قولهما إنه "يبدو أن جيش التحرير الشعبي يبني مركزا جديدا للقيادة، رغم أن بعض الخبراء تساءلوا عما إذا كانت المنطقة مناسبة لإنشاء مخابئ تحت الأرض".
وقال هسو ين تشي، الباحث في مجلس الدراسات الاستراتيجية والحربية في تايبيه، إن "مساحة الأرض تبدو أكبر بكثير من أن تكون مجرد معسكر للجيش أو مدرسة عسكرية عادية، ولذا لا يمكن إلا أن نفترض أنها موقع لمنشأة إدارية أو قاعدة تدريب كبيرة".
المصدر: "فايننشال تايمز"
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #العالم#قيادة#الصين#ترامب#المنطقة#مدينة#مجلس#بكين#اليوم#الدفاع#الثاني#العسكريين#الرئيس
طباعة المشاهدات: 1156
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 01-02-2025 09:38 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...