١ ـ رغم المحاولات المُستميتة التي يبذلها الإنسان ليكون بمبعدةِ عن مرمى موجة السلبية التي تحاصره في كل مكان وتتعقبه تبوء جهود النأي بنفسه عن تأثير هذه الموجة بالفشل.
تنّقضُ الأخبار الكئيبة عليه منذ دقائق الصباح الأولى عبر نشرات الأخبار والتقارير التي تبثها القنوات الفضائية والإذاعات المحلية والدولية وما تتكفل بنشره مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة وهو ما يكفي لجعل يومه مأزوما شديد الاضطراب.
تُطارده الانطباعات والحوارات والتصورات المُحبِطة والمشاعر السلبية تجاه كل شيء فلا يكاد يستشعر تفاؤلا بشأن المستقبل أو يستمع إلى حوار يمنح الإيجابية على مدار اليوم.
لا حديث إلا عن القادم المُظلم وتطورات الحروب والجرائم وحوادث القتل والسيارات واستشراء الأمراض المزمنة والمستعصية في المجتمع وهجمة الاضطرابات النفسية وتفشي العوز والفاقة... سلبية سلبية سلبية أينما يُيمِم وجهه.
٢ - شخصيا أعتبر بيئة المجموعات التي تحتدم بين أعضائها مناقشات حول قضايا «مزمنة» لا سبيل لحلها أو «وطنية» لا يمتلك الشخص معلومات حقيقية وكافية بشأنها.. أعُدها بيئة خصبة لنمو الخلافات الشخصية وتخمر العداوات كونها مناقشات «سفسطائية» لا تؤدي إلى نتيجة علاوة عن أنها تتجاوز محددات الحوار الصحي وغالبا ما تأخذ مسارا سلبيا يوصِل إلى نتائج غير محمودة.
لهذا فإنه ومن باب الحفاظ على السلام الداخلي.. على كل شخص عاقل متزن تجنب الانزلاق في مهاترات لا طائل من ورائها حتى لو كلف ذلك هروبه من أي مجموعة ديدنها إقلاق راحته وسلب هدوء باله فخيار المغادرة قد يجلب في كثير من الأحايين راحة النفس وصفاء الذهن.
٣ - وجود مجموعات تنتمي إلى جنسيات بعينها في الأحياء السكنية بمدينة مسقط مؤخرا ظاهرة تثير القلق وتطرح العديد من الأسئلة التي تتعلق بأسباب وجود هذه المجموعات من الرجال والنساء فجأة ودون مقدمات !.
من بين هذه الأسئلة: ما الأعمال التي قدِم هؤلاء من أجلها ؟ وما هي مبررات عيشهم وسط المُخططات المأهولة بالسكان ؟.. من المسؤول عن الفوضى التي يُحدثونها وكيفية ظهورهم بصورة سلبية في الشوارع وسط مجتمع إسلامي محافظ ؟.. ماذا عن أي تجاوزات أو جرائم قد يُقدِمون عليها والخطر الذي بدأوا يشكلونه على الأُسر خاصة الأطفال، وكذلك الممتلكات «كما ظهر في فيديو سجلته كاميرات أحد البيوت في الموالح »؟!!.
آخر نقطة..
«غرباء ثم أصدقاء وأحاديث طويلة ثم أحبة ثم حديث قليل ويعودون غرباء».
ميلان كونديرا
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
صحتك النفسية والأخبار المروعة.. كيف توازن بينهما؟
تجعل وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي من المستحيل تقريبا تجنب التدفق المستمر للأحداث السياسية الكبيرة، والصور المروعة للحروب المنتشرة.
وتترك كل التوقعات الجيوسياسية المروعة وصور الأشخاص الذين يبكون أمام الجثث في مناطق الحروب، أثرا على صحة المرء النفسية.
وعام 2021، خلصت دراسة إلى أن الاطلاع على أخبار جائحة كورونا لمدة دقيقتين فقط كان كافيا لقتل الشعور بالتفاؤل لدى المرء، و"الانخفاض الفوري والكبير في التأثير الإيجابي".
وتقول ناتالي كراه عضوة الرابطة المهنية لعلماء النفس الألمان: "من وجهة نظر الصحة النفسية، يجب أن يبتعد المرء عن هذه الأمور لفترة، خاصة الصور".
كما تقول الأستاذ في علم النفس بجامعة "إف أو إم" الألمانية للعلوم التطبيقية للاقتصاد والإدارة نورا فالتر، إن حقيقة أنه من المرجح أن ينجذب الأشخاص بصورة أكبر للاطلاع على الأنباء السيئة يعد أمرا تطوريا.
وأضافت: "نحن ننقر على عناوين أخبار الكوارث للبحث عن معلومات تحمينا من تهديد محتمل، لكن إذا أحاط المرء نفسه بصورة دائمة بالأنباء السيئة فقط فسيظهر خطر أنه لن يتمكن بعد الآن من التفكير بصورة إيجابية".
كما خلصت دراسة عام 2022 إلى أنه يمكن أن تكون هناك صلة بين الرغبة القهرية للاطلاع على الأخبار والمشاكل الصحية.
وعلى سبيل المثال، فإن الذين يتأثرون بـ"استهلاك الأخبار المثيرة للمشاكل"، أي يقومون بتفقد الأخبار بصورة خارجة عن السيطرة، يجدون صعوبة في الانفصال عنها، ويستمرون في التفكير في الأحداث التي قرأوا بشأنها بعد مرور فترة طويلة على وقوعها.
ويقول براين ماكلفلين من جامعة تكساس تيك، أحد المشاركين في وضع الدراسة التي أعقبت جائحة كورونا: "مشاهدة وقوع هذه الأحداث في الأخبار يمكن أن تسبب حالة دائمة من التأهب لدى بعض الأشخاص، وتعزز من دوافعهم للمراقبة إلى أقصى حد، كما تجعل العالم يبدو كمكان مظلم وخطير".
لكن كيف يمكن أن يتعامل المرء مع ما يقرأه أو يسمعه أو يشاهده على منصات التواصل الاجتماعي من أجل حماية صحته العقلية؟
عندما يرى الإنسان منشورا به صور مروعة، من الشائع أن يبحث عن مزيد من المعلومات والمقالات أو المنشورات، وبما أنه يبدو أنه يسعى للتأكد مما رآه فهو يبحث عما يدعم صحته من خلال مزيد من الصور والمعلومات، وهذه القراءة اللانهائية للأخبار السلبية على الإنترنت تعرف باسم "التصفح المهلك".
وتقترح ناتالي كراه 3 حلول، الأول هو الابتعاد عن مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو، و"من أجل الصحة النفسية للمرء يتعين ألا يستمر المرء في البحث عن الصور أو مقاطع الفيديو المزعجة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أنها تسبب ألما نفسيا أكثر من المعلومات المكتوبة".
والحل الثاني من وجهة نظرها هو التواصل مع المقربين، فهذا "يتيح للمرء التخلص من العبء الذي يشعر به وأن يشارك مشاعره ويتعلم كيف يتعامل الآخرون مع الأمور المروعة في الأخبار".
والحل الثالث هو "التساؤل بشأن دوافع الأشخاص الذين يبثون المحتوى، فإذا كان المرء يتبع مجموعات معينة على قنوات التواصل الاجتماعي، عليه أن يسأل نفسه دائما لمصلحة من يتم تداول هذه الصور. وهل هي قضية يريد تأييدها؟ إذا كانت الإجابة لا، فلا يتعين أن يشاركها".
وهذا لا يعني أن يتوقف المرء تماما عن الاطلاع على الأخبار والمعلومات، ففي نهاية المطاف هي مهمة للمساعدة في تشكيل الرأي.
وفي بعض الأحيان تكون مواقف الأشخاص متباينة، فكيف يمكن للشخص التعامل مع هذا الأمر إذا وقع داخل أسرته أو دائرته المقربة أو أصدقائه أو زملائه في العمل؟
هذا أمر شائع منذ ذروة جائحة كورونا، فالبعض أيد الحصول على اللقاحات في حين رفضها آخرون، لكن هناك حركة مختلفة الآن، حيث تجمعنا تفضيلات واهتمامات مع أشخاص آخرين قبل أن نشكل مواقف بشأن الحروب الدائرة حاليا.
3 حلول
هنا تقترح كراه أيضا 3 حلول، الأول إذا لم يستطع المرء التوصل لاتفاق بشأن الخلافات السياسية، سواء كانت الحرب في أوكرانيا أو صراع الشرق الأوسط أو كليهما، يمكن أن يلتزم بالموضوعات الأقل انقساما، طالما كان الآخر قادرا على القيام بذلك أيضا.
وثانيا، يمكن أن يؤدي الفحص النقدي لمواقف الإنسان للتقارب، فالكثير من الخلافات في الرأي تصل لطريق مسدود ليس بسبب الجوهر، لكن بسبب تردد الأطراف في الاعتراف بأخطائهم.
الحل الثالث هو "إدراك ما إذا كانت أمور غير ذات الصلة هي ما تعزز الخلاف، فيمكن أن يكون المرء تحت ضغط كبير في الأسرة أو العمل، وينفس عن غضبه من خلال التمسك بموقفه تجاه هذه الحرب أو ذلك الصراع بصرامة عندما يتم طرح القضية".