نشرت صحيفة "هاآرتس" العبرية، تقريرا، تحدثت فيه عن كيفية إحباط "الموساد" لسنوات تدفق تحويلات مبالغ ضخمة إلى كل من حركة حماس وحزب الله.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "سيارة من طراز جيب وصلت في أيار/ مايو 2010 تقل راكبين إلى معبر رفح الحدودي. وخضع الرجال، الذين جاءوا بسيارتهم من القاهرة عبر شبه جزيرة سيناء، لفحص أمني روتيني بعد وصولهم إلى الجانب المصري من المعبر، ودخلوا قطاع غزة بسيارتهم.

وبعد أن قطعوا مسافة قصيرة، انفجر صاروخ أمامهم فجأة". 

وأضافت: "قفز الاثنان من السيارة في حالة من الذعر واحتميَا على جانب الطريق. وبعد ثوانٍ، سقط صاروخ آخر، وأصاب السيارة هذه المرة، اشتعلت فيها النيران وتطايرت عشرات الآلاف من الأوراق النقدية المحروقة في الهواء".

‌وتابعت الصحيفة: "أطلِقت الصواريخ من قبل طائرة مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة. في البداية، لم يتم استهداف السائق والراكب حيث كان الصاروخ الأول تحذيرًا، من أجل تمكينهم من الفرار. وكان الهدف الحقيقي 20 مليون دولار موجودة في السيارة تم تحويلها من أحد البنوك ومن الصرافين في مصر، وكانت موجهة لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس".

‌إلى ذلك، هرع مسؤولون رفيعو المستوى من "حماس" إلى الموقع، وبدأوا بسرعة بجمع وتعبئة الأوراق النقدية السوداء. وبعد بضعة أيام، عاد رجال "حماس" إلى القاهرة، حيث دخلوا أحد فروع بنك مصر، وهو أكبر بنك في مصر، بهدف استبدال الأوراق النقدية التالفة بأخرى جديدة. لكن الموظفين رفضوا ذلك. في تلك المرحلة، تنفس العاملون في مكاتب وحدة هاربون، في الطابق الثالث من مقر الموساد في جليلوت، خارج تل أبيب، الصعداء، ومن بينهم ليفي، رئيس الوحدة المنحلة في الوقت الراهن".

‌وأضاف: "كان تدمير أموال ’حماس’ في تلك الحادثة عملاً مشتركًا ناجحًا بين مديرية العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي، التي كان يرأسها في ذلك الوقت اللواء تال روسو، ووحدة هاربون السرية التي أنشئت منذ حوالي عقد من الزمن، من أجل مراقبة وإحباط تحويل الأموال إلى الجماعات الإرهابية وإيران. وكان داغان هو من عيّن ليفي، الذي كان آنذاك مقدما في الجيش الإسرائيلي وقائدا للوحدة".

وأردف: "خلال 15 عامًا من النشاط، نفّذت وحدة هاربون عددًا كبيرًا من العمليات. تم إرسال عملاء الموساد لمراقبة واختراق مكاتب الصرّافين والبنوك في أوروبا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، حيث يشتبه في أنهم ونظام طهران لديهم حسابات".

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن الصرافين في تركيا كانوا يخضعون لمراقبة خاصة. فيما قال عميل من وحدة العمليات السرية للغاية في الموساد، والمعروف باسم "كيدون" (بايونت)، والذي تمت ترقيته فيما بعد لرئاسَة قسم في منظمة التجسس، في مقابلة شخصية معه: "لقد راقبنا الصرافين في عدد من البلدان في أوروبا". وأضاف عميل آخر في الموساد: "لقد راقبنا البنوك في أوروبا التي يشتبه في أنها تغض الطرف عن حسابات العناصر".

وتعاونت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع منظمات تجسّس محليّة في هذه العمليات. حذّر عملاء الموساد وهاربون نظراءهم من الحسابات المشبوهة ونقلوا المعلومات إلى البنوك والمالية والمسؤولين الحكوميين الآخرين في تلك البلدان. وفي إحدى الحالات، أدّى ذلك إلى إحباط مخطط إيراني لنقل أسلحة خارج دولة أوروبية. 

وفي عملية أخرى، نُفذت مع اقترب نهاية حرب لبنان عام 2006، قصف سلاح الجو حاويتين مخبأتين في حي الضاحية الشيعي في بيروت، تحتويان على عشرات الملايين من الدولارات.

أوردت الصحيفة، أن "ليفي كان قائدًا لوحدة هاربون طوال فترة وجودها وتقاعد في عام 2016 وفككت في عام 2017؛ وفي نهاية فترة ولايته، شهد تغيرًا في النهج بين المستويات العليا في حكومة الاحتلال الإسرائيلية تجاه الجهود الرامية إلى إحباط تحويل الأموال إلى المنظمات في فلسطين". 

وفي هذا السياق، قال ليفي: "بدأت أرى أن موضوع تمويل "الإرهاب" أصبح أقل أهمية بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منذ إعادة انتخابه في سنة 2015، رفض السماح بالعمليات ذات الأهمية الاستراتيجية التي اقتَرحناها، وأعرب عن مخاوفه بشأن آثارها. وأكد أن العمليات المعنية استهدفت ’حماس’ بشكل أساسي".

‌وذكرت الصحيفة أن هذه المسألة تشكل أهمية خاصة في الوقت الحاضر، في أعقاب عملية ’حماس’ في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. تجاهل نتنياهو لسنوات عديدة تدفق المليارات من الدولارات من قطر إلى المنظمة الإسلامية، بل وشجع هذا التمويل. وكان هذا جزءًا من جهوده لتأجيل حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكن الأموال استخدمت لتعزيز قدرات ’حماس’ العسكرية، الأمر الذي فاجأ دولة الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو بدأ تشكيل أجندته السياسية في نهاية عام 2014. وقد دعمها مدير مجلس الأمن القومي آنذاك ورئيس الموساد لاحقًا، يوسي كوهين، كما فعل مئير بن شبات، الذي خلّف كوهين في منصب رئيس مجلس الأمن القومي. ومن بين القلائل الذين شككوا في هذه السياسة كان أفيغدور ليبرمان، وزير الحرب في ذلك الوقت؛ وتمير باردو، الذي ترأس الموساد من 2011 إلى 2016؛ وليفي نفسه. لكن نتنياهو لم يكترث لتحذيراتهم. وبحسب ليفي، رفض رئيس الوزراء لسنوات توصيات المؤسسة الأمنية بشن حرب اقتصادية جدية ضد ’حماس’.


ونقلت الصحيفة عن ليفي، قوله: "اعتقد نتنياهو وكوهين أن استرضاء ’حماس’ هو الحل الذي يخدم نظرتهما العالمية وأيديولوجيتهما. ولم يفهموا، أو لم يريدا الفهم، أن هذه هي المشكلة بالفعل. لقد كان قرارًا سياسيًا". وكان هذا القرار، من وجهة نظر ليفي، مخالفا لمصالح دولة  الاحتلال الإسرائيلي. 

وتابعت الصحيفة، بأنه "لحسن حظه، التقى ليفي في ذروة الانتفاضة الأولى برئيس الإدارة المدنية للحكومة العسكرية، العقيد غادي زوهر. وكان زوهر هو أول من سمع عن القوة الاقتصادية المتنامية لـ ’حماس’". في السياق ذاته، أوضح: "أخبرني غادي أن جهاز الشاباك والمخابرات العسكرية لم يحددا المشاكل الرئيسية التي يواجهها عامة السكان. حيث ركزوا على الخلايا الإرهابية، ولم يروا الصورة الأوسع ولم يفهموا ما كان يحدث في الخفاء". 

بدأ ليفي جمع معلومات عن الأنشطة المالية لـ’حماس’، وكذلك، بدرجة أقل، عن أنشطة الجهاد الإسلامي. يتذكر قائلاً: "عندما كتبت في ذلك الوقت، في أوائل التسعينيات، أن منظمات ’حماس’غير الربحية ضخت حوالي نصف مليار دولار من التبرعات الخارجية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، سخر مني الشاباك. زعموا أن الأموال بلغت 10 ملايين دولار. وقال لنا جدعون عزرا، الذي كان رئيسًا لقسم الشاباك: لا تتحدثوا عن هذا الهراء. لن أتعامل مع المدارس والمستشفيات. مهمتي الوحيدة هي إحباط الإرهاب".

لكن ليفي وجد آذانا صاغية لدى اللواء إيلان بيران، رئيس القيادة المركزية آنذاك، ولدى منسق أعمال الحكومة في المناطق، اللواء داني روتشيلد. وحيال ذلك قال "كانت أداتنا الرئيسية هي أوامر المحكمة، التي مكنتنا من إغلاق المؤسسات ومصادرة الأموال. تابعنا قضايا الصرافين في الضفة الغربية وغزة، ورؤساء المجالس. وكان الاسم الرمزي لنشاطنا هو بيور هاميتس في إشارة إلى طقوس عيد الفصح".

وأوضحت الصحيفة أن نقطة التحول جاءت في عام 2001، جزئيًا في أعقاب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، عندما أصبحت الإدارة الأمريكية أكثر وعيًا بأهمية الكفاح ضد تمويل الجماعات المسلحة، والصلات بين الجمعيات الخيرية التي تبدو بريئة والجماعات المسلحة. 

وكانت النقطة الفاصلة الثانية انتخاب آرييل شارون، رئيسًا للوزراء في السنة نفسها. وبناء على توصية داغان، وافق شارون على إنشاء هيئة سرية داخل مجلس الأمن القومي، الذي كان يرأسه عوزي ديان. وأطلق دايان على الوحدة اسم هاربون، مستوحاة من "موبي ديك" لملفيل، والتي تم تعيين ليفي لرئاستها. وكان أساس عمل وحدة هاربون الشعار المعروف "اتبع المال".

ونقلت الصحيفة عن ليفي قوله: "من سنة 1993 حتى سنة 2016، بالكاد تغيرت الأساليب المستخدمة لنقل الأموال. ففي العقد الأول، من سنة 1993 حتى سنة 2003، جاءت أموال المنظمات المسلحة في المقام الأول من السعودية؛ من حكومتها ومن تبرعات السعوديين الأثرياء، الذين اكتتبوا أيضًا لتنظيم القاعدة، وقاموا بتحويل الأموال مباشرة من البنوك السعودية إلى البنوك الفلسطينية، أو عبر ويسترن يونيون، وأوقفت السعودية تحويل الأموال إلى ’حماس’ سنة 2003، بسبب خوفها من رد فعل الولايات المتحدة، بعد أن تم الكشف عن قيام السعوديين بدعم مقاتلي أسامة بن لادن".

وأوردت الصحيفة أن الإيرانيين حلّوا محل السعوديين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، باعتبارهم العنصر المهيمن في تمويل الحركات المسلحة الفلسطينية، وسيطروا على تحويلات الأموال إلى ’حماس’ والجهاد الإسلامي، وكذلك إلى السلطة الفلسطينية. ومن الأمثلة على ذلك تهريب الأسلحة من إيران إلى السلطة الفلسطينية في سنة 2002 على متن سفينة الشحن كارين أيه، التي استولت عليها بحرية الاحتلال الإسرائيلي. وقام فيلق القدس الإيراني بتمويل العملية وشراء الأسلحة.


بالتوازي مع التمويل القادم من طهران، تدفّقت الأموال باستمرار من عشرات المنظمات غير الربحية، في كل من الإمارات وقطر وإندونيسيا وماليزيا وأيضًا من الدول الغربية: ألمانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك وفرنسا وبريطانيا. وقامت هذه الهيئات بجميع أنواع جهود جمع التبرعات: بدءًا من جمع الأموال من صناديق الصدقات في المساجد، وحتى الحصول على التمويل من المنظمات غير الربحية الكبيرة ذات التوجه الاجتماعي في الغرب. وقال ليفي: "إنها شبكة مجنونة من المنظمات غير الربحية في جميع أنحاء العالم والتي تستمر في العمل حتى يومنا هذا".

وأشارت الصحيفة نفسها بالقول: "مُنحت هاربون صلاحيّات وسلطة غير عادية منذ بدايتها، وذلك لتعقب وإحباط تحويل الأموال. وأضاف ليفي: كان وزير العدل، يعقوب نيمان يقف خلفنا، وانضمت جميع الهيئات إلى الجهود: الشرطة الإسرائيلية، والسلطة الإسرائيلية لحظر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وبنك إسرائيل، وسلطة الضرائب الإسرائيلية، والبنوك، والمدعين العامين للدولة والعسكريين".

وقالت الصحيفة: إن "نائب ليفي كان بي، وهو ناشط ميداني عمل في دول معادية، بما في ذلك إيران. لقد انضم المحامي بول لاندز، من هيئة غسيل الأموال، إلى الفريق وعمل فيما بعد نائبًا لليفي. وحسب ليفي "كان هناك قرار سري بعيد المدى من حكومة شارون يسمح لنا بتلقي معلومات من أي مصدر مرخص له في إسرائيل والتصرف على أساسها، والاتصال بأي حكومة في العالم".

وأضافت الصحيفة أن تلك السلطات كانت على وشك انتهاك الخصوصية. ولم تتمكن الوحدة من الوصول إلى الحسابات المصرفية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن إذا كانت لديها شكوك في أن المنظمات العربية غير الربحية في دولة الاحتلال، وخاصة الفرع الشمالي للحركة الإسلامية، تعمل كقناة لتحويل الأموال إلى ’حماس’ وإلى الأقاليم، فقد تم تمرير المعلومات إلى الشرطة وفتح تحقيق.

وتابعت: "نُفّذت إحدى عمليات هاربون المهمة في ذروة الانتفاضة الثانية، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بهدف تعقب أصول الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، الذي كان يشتبه في أنه يخفي مئات الملايين من الدولارات حول العالم. وزعم ليفي أن "عرفات وزوجته سهى ومساعديه كانوا فاسدين تمامًا. وكان للرئيس الفلسطيني حسابات مصرفية كثيرة، في مالطا وفرنسا ومصر والأردن وتونس والجزائر، كان يديرها مدير حساباته محمد رشيد".

وحاولت "هاربون"، بمساعدة الموساد، وضع يديها على الحسابات المصرفية التي يملكها عرفات وزوجته. وكان للوحدة هدف مزدوج: أولًا، كانوا يأملون كشف الحسابات ونشر المعلومات عنها على نطاق واسع، كوسيلة للحرب النفسية، من أجل تشويه سمعة عرفات وإظهار فساده. وفي هذا الجهد، حصل هاربون والموساد على مساعدة من الصحفيين الأجانب والإسرائيليين، حتى إن أحدهم ذهب إلى حد اقتراح أن يتظاهر بأنه مراسل أجنبي ويحاول الاتصال بسهى. وتم رفض الفكرة، لكن ليفي وعملائه تمكنّوا من إقناع بنك لئومي بإغلاق حساب عرفات.

أما الهدف الثاني كان الاستيلاء على الحسابات المصرفية للزوجين وتحويل أموالهما إلى دولة صديقة في الشرق الأوسط، وهي حليفة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هذه المرة لم تنجح هاربون.
واستخدمت الوحدة أساليب مماثلة ضد حركة الجهاد الإسلامي. وكان مؤسسها، الدكتور فتحي الشقاقي، يمارس سيطرة مركزية للغاية على المنظمة وأموالها. 

ومنذ أيامه الأولى هناك، في الثمانينيات، كان الشقاقي ممولًا من إيران. وقد دعمت طهران مجموعته، التي نفذت بعضًا من أكثر الهجمات المسلحة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الهجوم عند تقاطع بيت ليد في كانون الثاني/ يناير 1995 والذي قُتل فيه 22 إسرائيليًا. وفي تشرين الأول/ أكتوبر التالي، اغتالته عناصر من وحدة هاربون التابعة للموساد في أحد شوارع مالطا في وضح النهار. 


وبحث خلفاء الشقاقي، عن أموال الجهاد الإسلامي لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الحسابات المصرفية. وكانت هناك شائعات بأن زوجته قد حصلت على المال وأخذته إلى إيران أو إلى مكان آخر.

وأوردت الصحيفة أن الشقاقي، لم يتردد خلال حياته في قبول مصادر تمويل إضافية أيضًا. وكان مدير حساباته في الولايات المتحدة سامي العريان، وهو أستاذ هندسة الحاسوب في جامعة جنوب فلوريدا، والذي قُبض عليه سنة 2003 ووجهت إليه 17 تهمة من بينها الانتماء إلى "منظمة إرهابية"، وتمويل "منظمة إرهابية"، وغسيل الأموال.

تم إرسال ليفي، في ذلك الوقت تقريبًا، نيابةً عن دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى فلوريدا، حيث سُمح له لمدة ثلاثة أشهر، بمشاركة المستندات والمعلومات الاستخباراتية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة. في النهاية، تمت تبرئة العريان من نصف التهم الموجهة إليه. ووقّع على صفقة الإقرار بالذنب وقضى أقل من خمس سنوات في السجن. وبعد إطلاق سراحه في سنة 2014، تم ترحيله من الولايات المتحدة وأنشأ مركز أبحاث في إحدى جامعات إسطنبول، والذي حسب المخابرات الإسرائيلية، متورط أيضًا في تحويل الأموال إلى الجماعات.

وأفادت الصحيفة بأن النجاح الأكبر الذي حققته شركة هاربون كان معركتها الاقتصادية ضد إيران. وبفضل عملها، تمكنت دولة الاحتلال الإسرائيلي على مر السنين من إقناع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية بفرض عقوبات صارمة على إيران، التي لا يزال معظمها ساري المفعول حتى اليوم. وعلى وجه التحديد، قدمت وحدة هاربون، بالتعاون مع أقسام الأبحاث في الموساد والمخابرات العسكرية، معلومات تم على أساسها وضع توصيات بشأن الصناعات والشركات في إيران التي يجب فرض عقوبات عليها.

ونقلت الصحيفة عن تامير باردو، قوله: "لعبت فترة عملي كمدير للموساد دورًا حاسمًا في الحرب الاقتصادية ضد إيران، وضد ’حماس’ وحزب الله. لم تقم هاربون بأي إجراءات على الأرض ضد البنوك الإيرانية، بسبب مشاكل تشغيلية والخوف من تعريض موظفيها للخطر. مع ذلك، نجحت في تعقب وتحديد الأموال التي تستخدمها الشركات والأفراد الإيرانيون الذين حاولوا الالتفاف على العقوبات لتهريب مكونات المشاريع الصاروخية والنووية. ونُقلت المعلومات إلى حكومات الغرب والشرق الأقصى، مما ساعد على منع تهريب المعدات، التي تمت مصادرتها في كثير من الحالات".

وأضافت الصحيفة أن "أحد معالم أنشطة هاربون كان إقناع ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي من سنة 2011 إلى سنة 2019، باتخاذ إجراءات صارمة ضد إيران". وأشار ليفي إلى أن "دراجي ساعدنا كثيرًا"، مضيفًا أن "التطور الأكثر أهمية كان قرار حرمان إيران ومواطنيها من الوصول إلى نظام "سويفت". وقد دفعت هذه الإجراءات طهران إلى طاولة المفاوضات وأدت إلى توقيع الاتفاق النووي لسنة 2015".

وأضافت الصحيفة أن "هناك جهود فاشلة للكشف عن مصادر تمويل المنظمات المسلحة واحباطها. فعلى سبيل المثال، سافر ليفي وأحد كبار عملاء الشاباك إلى دبي لإقناع قائدها بالتوقّف عن تمويل حماس، فقام بطردهم". وقال ليفي عن حكومة دبي: "إنهم أكبر غاسلي الأموال في الشرق الأوسط. تقريبًا جميع الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني وجهاز استخباراتها لديها تمثيل ومكاتب واجهة في دبي، مما يساعدها على غسل الأموال وتجاوز العقوبات".


‌وأردفت: "حدث تحول جذري في سنة 2014، حين بدأت قطر إرسال التمويل إلى قطاع غزة. وسمحت لها إسرائيل بإدخال حقائب مليئة بالملايين نقدًا عبر سفيرها في رام الله. ومن جانبه، تقاعد ليفي في سنة 2016 وتقدم للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة بار إيلان، وكتب أطروحة حول الإسلام المتطرف، وانخرط في مشاريع تجارية خاصة. وفي السنة نفسها، أصبح يوسي كوهين رئيسًا للموساد، والذي قرر تفكيك هاربون وتقسيم مسؤولياتها بين مكتبين". 

قال مئير بن شبات، الذي تولى للتو رئاسة مجلس الأمن القومي، إنه لم يشارك في هذا القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء الأمني في آذار/ مارس 2018. وبدلًا من هاربون، أنشأت وزارة الحرب المكتب الوطني لمكافحة تمويل الإرهاب، ويرأسها الآن بول لاندز. وتم نقل الأدوار الأخرى للوحدة البائدة، ولا سيما جمع وتركيز المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة، إلى قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية حماس المصري غزة مصر حماس غزة حزب الله صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الحسابات المصرفیة تحویل الأموال إلى مجلس الأمن القومی الولایات المتحدة فی ذلک الوقت الصرافین فی غیر الربحیة الصحیفة أن هاربون ا الذی کان رئیس ا فی سنة

إقرأ أيضاً:

الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد تسعة أشهر من القتال الضاري في غزة، يبدو أن إسرائيل وحزب الله اللبناني متأهبان لتصعيد العداءات القائمة بينهما إلى حرب أوسع. والحق أن كلا الجانبين يلوِّحان بالسيوف إذ تنهي إسرائيل عملياتها الثقيلة في غزة لتحول تركيزها إلى الجبهة اللبنانية، في ظل التزام خاص من إسرائيل بضمان إلحاق هزيمة منكرة بخصمها الشمالي. ويجدر بهذا الواقع أن يثير فزع زعماء العالم الذين ينبغي أن يرفضوا علانية أي صراع محتمل، في ضوء احتمال حدوث نزوح جماعي يضاهي أزمة اللاجئين في 2015-2016.

تبادلت إسرائيل وحزب الله إطلاق النار عبر الحدود منذ الثامن من أكتوبر، أي بعد يوم من مهاجمة حماس لإسرائيل. وزاد كلا الجانبين من الخطاب والأفعال النارية، موسعين نطاق وحجم عملياتهما العسكرية، مستهدفين بازدياد شخصيات ومواقع مهمة مع تعهدهما بحرب دموية أوسع نطاقًا. والمهم أن الوضع يبدو وكأنه يقع خارج هيكل الردع الطبيعي القائم منذ حرب 2006 بين الجانبين.

ولا يتورع القادة الإسرائيليون عن التصريحات العلنية، حيث كرر وزير الدفاع يوآف جالانت في السابع والعشرين من أكتوبر تهديدات سابقة بأنه سوف يعيد لبنان إلى «العصر الحجري». وهذا ومثله من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤكد عزم إسرائيل على غزو لبنان.

ولا يختلف خطاب حزب الله، برغم أن راعيته إيران تبدو أقل ميلا إلى بدء حرب شاملة. ومع ذلك، زعم حسن نصر زعيم حزب الله في السادس والعشرين من يونيو أن الصراع القادم سيكون «بلا قواعد أو خطوط حمراء». وجاء هذا بعد نشر الجماعة فيديو لطائرة مسيرة في المجال الجوي الإسرائيلي يؤكد قدرة الجماعة على ضرب بنية أساسية مهمة، في إشارة واضحة إلى أنها سوف ترد داخل إسرائيل على أي ضرر بلبنان.

بعث الرئيس جو بايدن مسؤولين كبارًا إلى لبنان وإسرائيل لتهدئة نزوع الطرفين إلى حرب شاملة، لكن هذه الجهود لم تزل مضطربة. فلا يزال حزب الله مصرًا على أن يكون أي وقف للقتال مشروطًا بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو أمر يستمر نتنياهو في تقويضه بحديثه العلني عن كلا الطرفين في ما يتعلق بالمفاوضات. وبالمثل، يقوم مسؤولون أمريكيون حاليًا بمثل ذلك مع حزب الله، ويقدم مسؤولون مجهولون تأكيدات بأن الولايات المتحدة سوف تدافع عن إسرائيل في حال نشوب حرب.

وعلى هذا النحو يكون الوضع غير مستقر. فالخطر الأكبر على إسرائيل هو حزب الله، وهذه حقيقة يفهمها قادة الفريقين فهما تاما. ولا بد أن يظهر حزب الله القوة والدعم لفلسطين ضمن أيديولوجية المقاومة العامة التي يتبناها حفاظا على شرعيته وسط قاعدة أنصاره. وهذه الأيديولوجية -شئنا أم أبينا- هي التي توجه تفكير الجماعة، بمعنى أنها لا تستطيع أن تنكص وسط صراع مع الإسرائيليين. في الوقت نفسه تزعم الولايات المتحدة أنها تدعم عدم التصعيد لكنها تستمر في وضع نفسها في مواقف تصعيدية من خلال دعمها غير المشروط لإسرائيل.

وفقا لهذا السيناريو، كل الطرق تفضي إلى الصراع. فمن المحتمل للغاية أن تختار إسرائيل القوة للسماح بعودة قرابة ستة وتسعين ألف مواطن إلى مدنها الشمالية. ناهيكم بالإسرائيليين النافذين الذين لا يزالون يظنون أن بلدهم يمكن وينبغي أن يهزم حزب الله بعد هزيمتين مخجلتين سابقتين في لبنان. وحتى القراءة الوردية للموقف التي ترى أن إسرائيل تحاول التحريض على وقف نسبي وغير رسمي لإطلاق النار في غزة من خلال إنهاء جميع العمليات الكبيرة في غزو رفح مشيرة إلى حزب الله بأنها تعرض مسارًا للابتعاد عن الهاوية، فاحتمالات نجاح هذه الاستراتيجية محدودة. إذ لن يكون بوسع أي من الطرفين أن يكبح القتال في المناطق الحدودية أيضًا في حدود اقتراح البعض عمليات إسرائيلية «محدودة».

والحق أن السبب في هذا هو أن دوامة التصعيد الحتمي قد تكون قائمة بالفعل. فإسرائيل لن تلزم نفسها بوقف دائم وكامل لإطلاق النار في غزة ، وليس من المرجح أن تتحول حماس عن مطالبها، وهي على وجه التعيين انسحاب إسرائيلي كامل ووقف دائم لإطلاق النار. ودونما التوصل إلى اتفاق، ليس من المرجح أن ينتقل حزب الله إلى وقف إطلاق نار من طرف واحد مع إسرائيل. وبرغم جميع جهود الولايات المتحدة في التوصل إلى نتائج سلمية إيجابية، فقد أثبتت إدارة بايدن عجزها عن عمل ما يلزم من أجل تحقيق نتيجة تنهي القتال، وذلك في المقام الأكبر بسبب إيمان بايدن الظاهر بأن على واشنطن أن تلبي كل مطلب إسرائيلي.

والنتيجة هي حرب بين حزب الله وإسرائيل تجتذب الولايات المتحدة على نحو شبه مؤكد. ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بارع في السياسات الأمريكية، ويتلاعب دومًا بواشنطن حتى تدعم طموحاته. وحينما تبدأ القنابل في التساقط على تل أبيب -وسوف تسقط بأرقام هائلة لأن ترسانة حزب الله المؤلفة من مائة وخمسين ألف صاروخ قوي تتجاوز دفاعات إسرائيل- فمن المرجح أن يلجأ نتنياهو إلى إحراج بايدن علنا مرة أخرى. وسوف تطغى على هذا الشجار القواعد الخطابية المعهودة، من قبيل أن بايدن لا يقدم الدعم الكافي لصديق وحليف وشريك ديمقراطي وحيد في الشرق الأوسط.

سوف تبتلع النخبة السياسية الأمريكية هذا الخطاب، فترغم بايدن على تقديم الدعم لإسرائيل بإشراك الولايات المتحدة مباشرة في الحرب. وكونوا على يقين من أن هذه لن تكون اللحظة التي تقول فيها واشنطن (لا) لإسرائيل وقد أثبتت دعمها الأعمى لها حتى الحين. وحينما تبدأ الطائرات الأمريكية في قصف وادي البقاع، سوف يتصاعد خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع تصاعدا كبيرا، بما يجعل القوات الأمريكية سيئة الدفاعات في مواقع نائية بسوريا والعراق والأردن عرضة لخطر كبير يتمثل في هجمات من إيران أو وكلائها من الميلشيات.

ووفقا لهذا السيناريو، سوف تنهمر مشكلات إقليمية أخرى. فسيكون لنزوح الناس تداعيات تفيض على المنطقة، وتتفاقم الأزمات المستمرة في العراق وسوريا ولبنان. وسوف يرغم هذا في نهاية المطاف أعدادًا غير معلومة من الناس على الهرب إلى أوروبا أو بلاد إقليمية أخرى تواجه بالفعل مشكلات متعلقة بالاستقرار، من بينها الأردن. ومثل هذه النتيجة سوف توازي أو تتجاوز أزمة الهجرة في 2015-2016، فتنشأ مشكلة كبيرة لأوروبا في غمار حرب أوكرانيا وصعود أقصى اليمين.

سوف يلزم توجيه الموارد والاهتمام إلى معالجة هذه المسائل، فيكون هذا خصمًا من الدعم الموحد -على اهترائه- لأوكرانيا. والأدهى أن ذلك سوف يشتت الولايات المتحدة عن تحولها الاستراتيجي اللازم بحق إلى المحيط الهادي وشرق آسيا، حيث تنعم الصين ولا شك بتعثر واشنطن. ناهيكم عن أن حربًا في لبنان سوف تترك أثرًا سلبيًا على أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولن يقتصر مداها على الجهود المبذولة لدمج المنطقة سياسيًا واقتصاديًا ودفاعيا. وأخيرًا، مع نظام الإغاثة العالمي البالغ أقصى حدود طاقته، وأثر تزعزع الاستقرار في المنطقة على النظام سوف يكون وبالا على الأزمات الإنسانية القائمة، وهذه نتيجة غير مقبولة في ضوء نقص التمويل حتى لأسوأ الصراعات العالمية في غزة وسوريا واليمن وإثيوبيا والسودان.

وفي النهاية، تمثل المخاطر المرتبطة بحرب تقوم بين إسرائيل وحزب الله سيناريو كارثيًا بالنسبة لصناع السياسة الأمريكي، لكنه سيناريو يقدرون على اجتنابه ويجب عليهم أن يجتنبوه. فلا بد من الإيضاح فورًا أن الولايات المتحدة لن تدعم غزوًا إسرائيليًا للبنان. وكل ما هو دون هذا النهج سوف يجعل واشنطن متواطئة في عاصفة نارية من صنع يديها.

ألكسندر لانجلوا محلل شؤون خارجية يركز على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: ما زلنا قلقين من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • بلينكن: هناك زخم يقود باتجاه الحرب بين إسرائيل وحزب الله
  • The Spectator: احتمالات الحرب بين حزب الله وإسرائيل حقيقية.. ليس أمامنا سوى الانتظار
  • لقاء مشترك لقيادتي أمل وحزب الله في صور
  • مصدر رسمي لـCNN: السلطة الفلسطينية لم تلق أي أموال من إسرائيل حتى الآن
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط
  • بقيمة 300 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضية غسيل أموال بتجارة المخدرات
  • إسرائيل تهدد إيران وحزب الله
  • نيويورك تايمز: واشنطن تضغط لتجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله
  • حزب الله يعلن مقتل أحد أفراده في غارة إسرائيلية بلبنان