إلى أين يتجه الاقتصاد التركي عام 2024؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
إسطنبول– تدخل تركيا العام الجديد بتحديات اقتصادية كبيرة، إذ تبنت خطة اقتصادية جديدة بعد انتخابات 2023، وأعلنت عن بدء التحول إلى السياسات التقليدية والاستناد إلى الشفافية والقدرة على التوقع وفق المعايير الدولية، كما أوضح وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك.
ويأتي تبني السياسة الاقتصادية الجديدة، بعد حالة التدهور التي عاشها اقتصاد البلاد خلال السنوات الماضية، والتي كان يُلقى باللوم فيها على السياسات غير التقليدية التي كان يصر الرئيس رجب طيب أردوغان على تطبيقها.
وكشفت الإدارة الاقتصادية الجديدة عن البرنامج الاقتصادي متوسط المدى للفترة ما بين عامي 2024 و2026، والذي أعلن عن تفاصيله أردوغان في سبتمبر/أيلول الماضي أمام حضور واسع بالعاصمة أنقرة، راسما الخارطة الاقتصادية للبلاد في السنوات الثلاث القادمة.
وبناء على البرنامج الاقتصادي الجديد، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد التركي معدل نمو بنسبة 4% هذا العام، بينما توقع البرنامج انخفاض معدل التضخم إلى 33% نهاية العام.
كما توقع أن يصل عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 6.4%، على أن يبلغ معدل البطالة 10.3%، ويهدف البرنامج إلى أن تصل الصادرات التركية إلى 267 مليار دولار نهاية 2024، وقيمة الواردات إلى 372.8 مليار دولار.
وفي حديثه عن البرنامج الاقتصادي الجديد، قال أردوغان إنه يسعى مع حكومته إلى جعل الاقتصاد مقاوما لجميع أنواع الصدمات من خلال الانضباط المالي والإصلاحات الهيكلية التي تم الإعلان عنها، مؤكدا أنهم نجحوا في فعل ذلك بالسابق وسينجحون فيه مجددا، بينما أعرب عن أمله في رؤية تطورات إيجابية فيما يتعلق بالتضخم في الربع الأول من 2024.
كما توقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" -في تقريره الاقتصادي للعام 2024- أن يتراجع التضخم في تركيا خلال 2024، لكن مع بقاء المعدل عند مستويات خانة العشرات حتى عام 2025، كما توقع أن يحقق الاقتصاد التركي نموا بمعدل 2.7% فقط العام الحالي ليكون أقل من طموحات أنقرة.
أشارت محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان -خلال مؤتمر صحفي بأنقرة للإعلان عن تقرير التضخم الفصلي للبنك، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إلى أنها تتوقع أن يبدأ تراجع معدل التضخم في النصف الثاني من 2024، لافتة إلى أن التضخم في تركيا سيصل إلى ذروته في مايو/أيار، وأن سياسة التشديد النقدي ستستمر لحين حدوث تحسن في التضخم.
كما أشارت إلى أن النصف الأول من هذا العام سيشهد ارتفاعا في التضخم، لاسيما بعد الإعلان عن زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 49% في يناير/كانون الثاني الجاري.
بينما أشار وزير الخزانة والمالية -في تغريدة على منصة "إكس"- إلى أن التضخم سيبدأ في الانخفاض خلال هذا العام، كما أن قيمة الاحتياطي الأجنبي لدى المركزي ستزداد وسيتم العمل على إنهاء آلية حماية الودائع بالليرة، ويبدأ التحسن في خفض عجز الحساب الجاري، وترسيخ الانضباط المالي، كما سيشهد 2024 تعزيز أساس النمو المرتفع والمستدام.
ويشير الخبراء إلى أن عجز الموازنة سيكون الموضوع الأكثر أهمية لـ 2024 من منظور الاقتصاد الكلي، نظرا للتكلفة العالية التي نتجت عن الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في فبراير/شباط 2023 والتي قُدرت بأكثر من 100 مليار دولار وفقا للعديد من المؤسسات المحلية والخارجية، إذ ستثقل أعمال البناء ومشاريع التحول الحضري التي تقوم الحكومة بتنفيذها كاهل الموازنة العامة.
السياسة النقدية عام 2024
بعد الانتخابات الرئاسية منتصف 2023، تولى شيمشك وزارة الخزانة والمالية، إلى جانب تعيين حفيظة غاية أركان محافظة للبنك المركزي، مما أحدث تحولا جذريا في السياسات الاقتصادية بشكل عام والسياسة النقدية بشكل خاص، حيث اتجه المركزي لتنفيذ سياسة التشديد النقدي، مما نتج عنه ارتفاع معدل سعر الفائدة من 8.5% إلى 42.5%، بخلاف السياسة التي انتهجها المركزي بأن حل مشكلة التضخم لن يأتي إلا من خلال خفض معدلات الفائدة، متبنيا سياسة أن "الفائدة سبب والتضخم نتيجة" على عكس ما ينادي به ويدافع عنه غالبية الاقتصاديين.
وتشير الخطوات التي يتخذها المركزي -وعلى رأسها استمراره في رفع معدلات الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة- إلى استمرار السياسات النقدية المتشددة عام 2024، وهو ما يسعى المركزي من خلاله إلى كبح التضخم وصولا إلى المعدل المستهدف وهو 5% في المدى الطويل.
خفض التضخميرى الباحث بالشأن الاقتصادي محمد أبو عليان -في حديثه للجزيرة نت- أنه في ظل استمرار الضغط الحكومي على الإدارة الاقتصادية لتحقيق معدلات النمو كما تم توقعها في البرنامج متوسط المدى، فإن ذلك سيؤدي لصعوبة كبيرة في خفض معدلات التضخم بالشكل المطلوب، إذ يبدو وكأن هناك محاولة للجمع بين أمرين متعاكسين.
كما يشير إلى أن خفض التضخم لن يتحقق سوى من خلال التخلي عن الرغبة في تحقيق معدل نمو مرتفع، لكي تتمكن الإدارة الاقتصادية من خفض معدل التضخم إلى المعدل المستهدف في البرنامج، كما أن على الحكومة أن تتخلى عن سياسة رفع الحد الأدنى للأجور بمعدلات عالية جدا وتكرارها في نفس العام كما حدث العام الماضي، إلى جانب مكافحة العوامل الأخرى المسببة للتضخم والعمل على مراقبة الأسواق والأسعار وتشديد الرقابة الحكومية.
أما فيما يتعلق بسعر صرف الليرة، فيقول أبو عليان إن توقعات البرنامج متوسط المدى تعتبر طموحة، في ظل الضغط الكبير على النقد الأجنبي وخاصة الدولار بالسوق التركي، والتي يتمثل أبرزها في عجز الميزان التجاري، والديون قصيرة الأجل التي تأتي بجانب معدل التضخم المرتفع والتي تساهم في استمرار تراجع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية.
فضلا عن ضغوط المشهد السياسي الداخلي ولاسيما ما يتعلق بالانتخابات المحلية في مارس/آذار المقبل، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية في الإقليم والتي تترك أثرا سلبيا على عملات المنطقة بما فيها الليرة.
الإنجازات عام 2023استعرض الرئيس التركي -أثناء مشاركته في برنامج الإعلان عن أرقام الصادرات للعام 2023، الثلاثاء الماضي- أبرز الإنجازات التي حققها اقتصاد بلاده.
حيث أعلن أن الصادرات عام 2023 سجلت رقما قياسيا في تاريخ الجمهورية بتحقيقها 255 مليارا و809 ملايين دولار، بمعدل نمو 0.6% مقارنة بالعام الماضي، محققة توقعات البرنامج الاقتصادي متوسط المدى، مشيرا إلى أن متوسط إيرادات الصادرات الشهرية بلغ حاليا 21.3 مليار دولار، بعد أن كان 3 مليارات عام 2002.
وفيما يخص عجز الميزان التجاري والحساب الجاري، أشار إلى بدء الانخفاض المستدام فيهما خلال الأشهر الخمسة الماضية، مؤكدا أن التحسن سيستمر الفترة المقبلة، بجانب تواصل جهود الحكومة لخفض التضخم إلى خانة الآحاد مجددا دون تقديم تنازلات في الإنتاج والتوظيف والنمو الاقتصادي.
كما كشف وزير التجارة عمر بولات عن تمكن بلاده من احتلال المرتبة الثانية بين دول مجموعة الـ20 بعد الهند في مستوى زيادة الصادرات، في إشارة إلى تغلب تركيا على المعوقات الصعبة التي واجهتها على الصعيد الاقتصادي خلال العام الماضي، مشيرا إلى أن الأرقام والإحصاءات الحالية قد تعطي دافعا أكبر نحو تحقيق الطموحات الاقتصادية لعام 2024.
كما أوضح بولات أن الأداء القوي للصادرات ساهم في تحقيق معدل نمو اقتصادي بنسبة 5.9% بالربع الثالث من 2023، ليحافظ بذلك على نموه المتواصل للربع السنوي الـ13 على التوالي، كما قال إن بلاده تهدف لزيادة صادراتها إلى 267 مليار دولار هذا العام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البرنامج الاقتصادی ملیار دولار معدل التضخم التضخم فی هذا العام معدل نمو من خلال توقع أن إلى أن عام 2024
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024.. الاقتصاد الإماراتي يعزز مكاسبه ويرسخ تنافسيته العالمية
قطع الاقتصاد الإماراتي خلال عام 2024، خطوات ثابتة نحو تحقيق المستهدفات الاقتصادية لرؤية “نحن الإمارات 2031″، الرامية إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للدولة ليصل إلى 3 تريليونات درهم بحلول العقد المقبل.
وحافظ الاقتصاد الإماراتي على وتيرة نموه المتسارعة، إذ توقع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة 4% خلال عام 2024، متجاوزا بذلك معدل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي الذي يبلغ 2.7 % فقط وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”.
وبرزت خلال العام 2024 مجموعة من المؤشرات والإنجازات التي رسخت مكانة الاقتصاد الوطني كأحد أبرز وأنشط الاقتصادات إقليميا، وضمن الأكثر تنافسية عالميا، حيث اعتمدت الإمارات خطة الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2025، بإجمالي إيرادات بلغ 71.5 مليار درهم وبإجمالي مصروفات تقديرية بلغ 71.5 مليار درهم، لتكون بذلك الميزانية الأكبر مقارنة بميزانيات السنوات السابقة.
وفي نهاية الربع الثالث من العام الجاري، بلغ إجمالي الأصول المصرفية في الإمارات، شاملاً شهادات القبول المصرفية 4.4 تريليون درهم، فيما وصل إجمالي الائتمان إلى 2.16 تريليون درهم، كما ارتفع إجمالي الودائع المصرفية إلى 2.76 تريليون درهم.
وضخت البنوك العاملة في الدولة 105.6 مليار درهم في القطاع الخاص خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2024 .
وفي سياق متصل، تخطى رصيد المصرف المركزي من الذهب حاجز 23 مليار درهم، في نهاية سبتمبر الماضي، ونما رصيده الذهبي منذ بداية العام الجاري بنسبة تتجاوز 27.76% أي بأكثر من 5 مليارات درهم وذلك من مستواه عند 18.147 مليار درهم نهاية العام الماضي.
وحصلت دولة الإمارات على تصنيف ائتماني سيادي AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني، وعلى تصنيف Aa2 في الجدارة الائتمانية، وهو التصنيف السيادي الأقوى في المنطقة مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك من قبل وكالة التصنيف الدولية “موديز”.
وواصل برنامج سندات الخزينة الحكومية، وبرنامج صكوك الخزينة الإسلامية المقومة بالدرهم، تحقيق نجاحاتهما الاستثنائية خلال العام 2024، حيث شهدا منذ إطلاقهما في 2022 وحتى نهاية أغسطس الماضي إصدار سندات خزينة بقيمة 11.2 مليار درهم، وصكوك خزينة إسلامية بقيمة 13.8 مليار درهم، بمجموع بلغ 25 مليار درهم.
إلى ذلك، أعلنت مجموعة العمل المالي “فاتف”، المنظمة الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في فبراير الماضي، عن استكمال دولة الإمارات تنفيذ جميع التوصيات الـ 15 الواردة في خطة عملها، ما جسد اعترافا بكفاءة منظومة مواجهة جريمة غسل الأموال والحد من التمويل غير المشروع، ونجاحها في خلق بيئة اقتصادية حاضنة للشركات تضمن نموها وازدهار أعمالها.
وعززت الإمارات مكانتها كبوابة رئيسية لتدفق التجارة والخدمات اللوجستية، عبر توسيع شراكاتها الدولية مع الأسواق الإستراتيجية في جميع أنحاء العالم، إذ بلغ عدد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أنجزتها نحو 24 اتفاقية، منها ما دخل حيز التنفيذ بشكل كامل، وأخرى جرى التوقيع عليها رسميا، ويتم حاليا استكمال إجراءات التصديق عليها، تمهيدا لبدء تنفيذها قريبا بشكل متتابع.
وبلغت صادرات الإمارات خلال النصف الأول من 2024، ما كانت تصدره خلال عام كامل قبل “كورونا” في 2019، واقتربت تجارتها الخارجية من 1.4 تريليون درهم خلال ستة أشهر بنمو 25% لصادراتها غير النفطية، في حين يبقى هدفها تحقيق 3 تريليونات درهم تجارة خارجية غير نفطية مع نهاية هذا العام.
وعزز القطاع العقاري مجموعة مكتسباته وإنجازاته مدعوماً بالتوقعات المتفائلة لنموّه خلال السنوات المقبلة، بفعل الطلب المتزايد والاستثنائي، إذ حلت الإمارات ضمن المراكز الـ10 الأولى لمن يخططون لشراء منزل، وفق تقرير الثروات الصادر عن “نايت فرانك” العالمية للاستشارات العقارية.
ومن المتوقع أن يصل حجم سوق العقارات في الإمارات إلى أكثر من 2.56 تريليون درهم بحلول نهاية عام 2024، وفق تقرير لمنصة “ستاتيستا” العالمية.
وبرز القطاع الصناعي كأحد أهم روافد منظومة الاقتصاد الوطني، حيث وصل عدد الشركات الصناعية في الإمارات إلى ً أكثر من 10 آلاف شركة في نهاية أكتوبر الماضي.
وتعتزم وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، طرح 5000 منتج وطني خلال النسخة الرابعة لمنتدى “اصنع في الإمارات”، في مايو المقبل، لترتفع بذلك قيمة طلبات الشراء الإجمالية للمنتجات الوطنية إلى 165 مليار درهم.وام