جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-11@12:42:36 GMT

شكسبير يُعادي الصهيونية!

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

شكسبير يُعادي الصهيونية!

 

الطليعة الشحرية

استبقت شخصية شايلوك اليهودي من مسرحية "تاجر البندقية" لويليام شكسبير الإطار الزمني بوصفه لليهود، حيث كتب ويليام شكسبير هذه المسرحية في عهد الملكة إليزابيث آخر ملوك إنجلترا من آل تيودور ما بين عامي 1596 و1598م، وفي تلك الفترة كانت مشاكل اليهود في مختلف بلدان أوروبا تتفاقم وتمّ إجلاؤهم من أغلب بلدان أوروبا؛ لما أحدثوه من مشاكل اقتصادية واجتماعية؛ الأمر عينه في بريطانيا؛ إذ تمّ تحديد أماكن خاصة وتجمعات لليهود أشبه بالمُخيمات، وأن يضعوا قبعات على رؤوسهم حمراء في حال خروجهم من أماكنهم حتى يتم تمييزهم كيهود؛ بل كانوا يدفعون وهم صاغرون لمن يقوم بحراستهم.

أحكم شكسبير رسم شخصية المُرابي اليهودي "شايلوك"، وأبرز فيها قذارة اليهود وجشعهم ومحاولتهم السيطرة المالية في البيئة التي يعيشون فيها وحقدهم ودناءتهم وخستهم في سبيل الوصول إلى مآربهم وقسوة قلوبهم التي لا تعرف الرحمة حين تلوح لهم فرصة الانتقام.

ولتذكير هذا العالم المُتصهين، فمؤلف مسرحية شكسبير إنجليزي ليس عربيًا ولا مُسلمًا، ولكنه فاق استبصاره المألوف وتنبأ عبر شخصية (شايلوك) المُرابي الجشع بصهاينة الرأس مالية الجشعة في عالمنا الحالي. فإذا اعتبرنا أن " شايلوك" هو رمزٌ للاستيطان اليهودي فسيتجلى لنا فهم الشخصية المرابية الجشعة والمقيتة وهوسهم بالاستيلاء على ممتلكات الشعب الفلسطيني وأراضيهم بشتى الطرق والوسائل الخبيثة. ولن يتورّع المرابي الجشع عن سفك الدماء والقتل واستخدام أخبث وأدنس الحيل وأساليب المكر والإغواء الملتوية للعرب والساسة والقادة والعلماء والمثقفين وأصحاب النفوذ وإغرائهم بالنساء والملذّات؛ كي يسهلَ السيطرة عليهم وسلبهم كرامتهم وأرضهم وثرواتهم والتحكم والسيطرة عليهم.

ونرى تجسُّد "شايلوك" اليهودي المُرابي في عالمنا الحالي قافزًا عبر فجوة الزمن مُلقيًا معطف الخسة ومرتديًا بذة الرأسمالية الصهيونية، يفقأ بأصبعه عين كل مُبصر، ومُكمما بكفه أفواه كل مُغرد خارج سربه، ويحجب الحياة نفسها عمّن تسول له نفسه المعارضة.

نشاهد اليوم المُرابي"شايلوك"، في "عملية كناري " Canary Mission التي تأسست عام 2015 والتي تهدف إلى تعقب وملاحقة الطلاب والمحاضرين والعاملين في الجامعات والتجمعات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية ممن ينشطون في حركات ومؤسسات تناصر الشعب الفلسطيني وداعمة لمقاطعة الكيان الصهيوني المحتل. رصدت عملية كناري الآلاف من الطلاب والمحاضرين المتضامنين مع القضية الفلسطينية وأدرجت الكثير منهم في قوائم تضم معلومات مفصلة عنهم. ويتم التشهير بهؤلاء بادعاء أنهم ينشرون الكراهية ومعاداة السامية، وحسب تحقيق لصحيفة "فوردود" فإن تمويل هذه العملية يأتي من الاتحاد اليهودي (Jewish Community Federation) في سان فرانسيسكو، وصندوقه المسمى بهيلين ديلر Helen Diller، وهي كُبرى المنظّمات اليهوديّة في الولايات المتّحدة وأكثرها تأثيرًا.

تقرر "عملية كناري" من يدخل ومن يخرج من إسرائيل، فالمخابرات الإسرائيلية تستخدم موقع "عمليّة كناري" كمصدرٍ معتمدٍ لاستقاء المعلومات حول المواطنين الأميركيين والأجانب. وأنّ منع دخول الأجانب يتمّ على أساس ظهور اسمهم في هذا الموقع. كما يخضعون، قبل إعادتهم إلى بلادهم، إلى تحقيقات تتعلّق بنشاطهم السياسيّ، وتُطرح عليهم أسئلةً عن المعلومات الواردة في موقع العمليّة، هذا بالإضافة إلى المضايقات والتضيق على الطلاب والأكاديميين فمن الصعوبة الحصول على وضيفة أو الترشح للبحث العلمي لو وجد اسم المتقدم في القائمة السوداء. ناهيكم عن فصل الأكاديميين بتهمة معادتهم للسامية وآخر من تنحى كان رئيسية جامعة هارفارد الأميركية، "كلودين غاي"، وفصل أستاذ علم الاجتماع، "ديفيد ميلر"، من جامعة بريستول، وكلهم بذات التهم مُعادة السامية.

هل نسي أحفاد "شايلوك" المُرابي أن شكسبير يُعادي السامية؟  لماذا لا ترتفع المطالب بحذف شخصية "شايلوك" ومسرحية تاجر البندقية من الإرث الأدبي العالمي فهي تُعادي السامية، فالإنجليز مُعادون للسامية ولمشيئة الرب!

لا تتوقف عقلية المُرابي الخبيث عن تقيد وتكميم أفواه الأكاديميين والطلاب والعلماء والمثقفين، بل تتعداها إلى السيطرة والتحكم بالساسة والقادة والمؤثرين باستخدام الإغواء بأقذر وأحقر الأساليب والطرق وهذا ما كشفته مجموعة الوثائق المتعلقة بشبكة الملياردير الأمريكي جيفري إبستين.

شملت الوثائق أكثر من 150 اسمًا ممن كانوا على تواصل مع إبستين، من ضمنهم رؤساء وقادة وساسة ومشاهير، ومن أبرز تلك الأسماء أستاذ القانون بجامعة هارفارد سابقًا آلان ديرشوفيتز، والمتهم باغتصاب الأطفال، وهو المحامي الذي كلفته إسرائيل بتمثيلها أمام محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، وسُحب التكليف بعد الاتهامات الموجهة للمحامي مع تكليف المحامي البريطاني البروفيسور مالكوم شو.

لم يكن اختيار شو عبثيًا؛ فهناك رسالة تريد إسرائيل تمريرها من خلال اختياره أمام المحكمة، وهي أنها تُدير الحرب على غزّة بشكل يتلاءم مع القانون الدولي؛ باعتبار السمعة الدوليّة المعروفة لشخص شو في مجال القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، ومشاركته في العديد من المؤسسات القانونيّة خبيرًا أو مستشارًا لحل نزاعات إقليميّة، وتمثيله سابقًا في محكمة العدل الدوليّة.

من الشخصيات التي شملتها قائمة إبستين، شريكته جيسلين ماكسويل ابنة إمبراطور الإعلام روبرت ماكسويل صاحب شركة "بيرجامون بريس" والتي تمتلك مجموعة "ميرور" وتضم: صنداي ميرور، وديلي ميرور، وجزء من صحيفة الإندبندنت البريطانية، ومن المعروف أن روبرت ماكسويل تشيكي من أصول يهودية، وهو من أكبر الداعمين للمشروع الصهيوني ولحزب الليكود الذي يقوده بنيامين نتنياهو.

اشتهر ماكسويل بأنه يشتري أي صحيفة تنشر مقالات ضد إسرائيل وكان له علاقات وثيقة بإسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وبجهاز الموساد، وله علاقات وثيقة بتجارة السلاح.  جيسلين ماكسويل شريكة، جيفري إبستين في شركاته ومُتواطئة معه في فضيحة الاتجار بالقاصرات.

يسيطر أحفاد شايلوك المرابي على ثلاثة مفاصل أساسية، فعلميًا العقول المفكرة يتم تكميمها وتقييدها بـ"عملية كناري"، والقادة والسياسيون والمؤثرون والمشاهير يتم التحكم بهم والسيطرة عليهم بمشروع جزيرة إبستين و"بيتزا جيت" وغيرهما، والسلطة الإعلامية وتوجيهها والضغط عليها عن طريق التمويل من اللوبيات الصهيونية. فهل للضعفاء من نصير؟ وهل للعدالة من صوت؟ وهل للحق من مناصر؟

لا قوة تضاهي قوة المُرابي!

ويستمر مسلسل العُهر الصهيوني المتواصل على قطاع غزة مع سقوط أكثر من 22 ألف شهيد، وتدمير شامل للبنية الأساسية، وانتهاك صريح وصارخ للمعايير الدولية باستهداف الصحفيين، والمراسلين، والأطباء، والمستشفيات، وقد وُثِّقَت كل تلك الجرائم وأكثر، في صحيفة الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا وتتألف من 84 صفحة، صيغت بدقة من قبل خبراء دوليين في مجال الإبادة الجماعية، ورفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

الوثيقة مليئة بالأدلة الداعمة للاتهامات التي وجهتها جنوب أفريقيا لإسرائيل، وتقدم الوثيقة حقائق ساطعة لا يمكن دحضها أو التشكيك فيها. وتحدد الدعوى أن إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة جماعية مُتعمَّدة في غزة، ومُوجَّهة ضد سكان القطاع بشكل خاص، واستشهدت على ذلك بسياسة دولة الاحتلال وأفعالها، التي عبَّرت عنها التصريحات الصادرة من أعلى المناصب السياسية في الدولة، إضافة إلى أفعال وسلوك جنودها.

قدمت الوثيقة سيلًا من الأدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جنائية في غزة، وقسمتها إلى 7 تصنيفات رئيسية؛ أولها تجاوز أعداد الشهداء 22 ألفًا، 70% منهم أطفال ونساء، إلى جانب المعاملة الوحشية واللاإنسانية من قبل إسرائيل بحق أعداد كبيرة من المدنيين، ومن بينهم أطفال، الذين تم اعتقالهم وعصب أعينهم وإجبارهم على خلع ملابسهم والبقاء في الطقس البارد في العراء، قبل نقلهم إلى أماكن مجهولة.

ناهيك عن التراجع المستمر عن الوعود الأمنية؛ حيث تقصف إسرائيل المناطق التي تنصح سكانها في منشورات بالهروب إليها، مع حرمانهم من الوصول إلى الغذاء والماء، وهي السياسة التي دفعت سكان غزة إلى حافة المجاعة.

ومن أهم البنود في الوثيقة المرفوعة: التصريحات العلنية من المسؤولين الإسرائيليين عن نية ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين؛ بما في ذلك إشارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى القصة التوراتية عن التدمير الكامل للعماليق على يد اليهود، وبيان جيورا آيلاند الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومستشار الحكومة، عندما قال: "لقد قطعنا إمدادات الطاقة والمياه والوقود عن القطاع، ولكن هذا ليس كافياً. من أجل جعل الحصار أكثر فعالية، علينا أن نمنع الآخرين من تقديم المساعدة لغزة، يجب أن يُقال للشعب إن أمامه خيارين: إما البقاء والجوع، وإما المغادرة".

ومع استمرار المذابح وسياسات التجويع واستهداف المدنيين على مرأى ومسمع العالم، لم تتحرك إلا جنوب أفريقيا غير آسفةٍ على العرب والمسلمين.

جنوب أفريقيا تعلم وتستشعر حجم المعاناة وجحيم الاستبداد والفصل العنصري، فقد عانت على  مدى عقود من ذات السياسية العنصرية المريضة، وكأن التاريخ يُعيد فصلًا من الممارسات العنصرية والفاشية ضد الفلسطينيين، من قبل الحركة الصهيونية المتطرفة، والمدعومة بسياسيات رأسمالية مُرابية جشعة وخبيثة يمارسها المُرابي "شايلوك". أما فرض السلطة القمعية والفاشية المغلفة بـ"الفيتو" والعولمة  والحريات عبر جزيرة إبستين القذرة والمرعبة، أو عبر عملية "كناري" لتكميم الأفواه وحجب الآراء والتحكم بالعقول، والإعلام المموَّل الذي يقود دفة الممارسات القمعية الفاشية الرأسمالية الصهيونية الممنهجة.

"شايلوك" المرابي وأحفاده بطموحهم ومشروعهم الصهيوني الغربي الداعم بإستراتيجيات عميقة ومتجذرة لإفراغ فلسطين من شعبها، ما هي سوى منهجية طويلة الأمد لإفراغ العالم العربي من شعوبهم.

لقد أُسدلت الستارة على الفصل الأخير من مسرحية "تاجر البندقية" لويليلم شكسبير، بهزيمة شايلوك وانتصار الحق، فهل كان الكاتب والشاعر الإنجليزي مُنهاضًا للصهيونية؟ وهل تُسدل الستارة في عصرنا هذا على هذه الصهيونية المتوحِّشة؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد

لم يكن المسعف الفلسطيني رفعت رضوان يعلم، حين ارتدى بزته الطبية وحمل حقيبته الإسعافية فجرًا، أن هذه المهمة ستكون الأخيرة في حياته، برفقة زملائه، لإنقاذ عددٍ من المواطنين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي في حيّ تلّ السلطان، غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر يوم 23 مارس/آذار الماضي.

فعند الساعة 05:20 صباحًا، تحرك فريقٌ مشترك من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وإحدى الوكالات الأممية، استجابةً لنداءات استغاثة أطلقها جرحى فلسطينيون كانوا محاصرين.

انطلقوا بنية إنسانية خالصة، لا يحملون سوى الضمادات وقلوبٍ مخلصة، لكنهم -دون أن يعلموا- كانوا الهدفَ القادم لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن ما بدأ كمهمة إنقاذ انتهى بمجزرة دامية، فبعد وقت قصير من انطلاق الفريق انقطع الاتصال به، وبعد ساعات أعلنت قوات الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة.

المسعف رفعت رضوان كان يوثق تفاصيل المهمة بهاتفه النقال دون أن يدرك أنه سيوثق أيضًا الجريمة النكراء التي هزت العالم، تلك كانت اللحظات الأخيرة في حياة مجموعة من المسعفين الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد.

الهاتف الذي كان بحوزة رفعت رضوان عُثر عليه مع جثمانه، موثقًا المشاهد الأخيرة التي تكشف أبعاد المجزرة، وكان رفعت في سيارة الإسعاف الثالثة ضمن قافلة ضمت سيارة إطفاء انطلقت للبحث عن سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني فقدت الاتصال بقاعدتها، وضُعت علامات واضحة على جميع المركبات في القافلة، مع وميض أضواء الطوارئ.

إعلان

وفي عملية البحث، رصد الطاقم السيارة المفقودة على جانب الطريق. قال أحد المسعفين في الفيديو الذي وثقه رفعت: "إنهم مبعثرون على الأرض! انظروا، انظروا!" نزل رفعت مع مسعفين آخرين من سيارتهم للاطمئنان على زملائهم الذين سقطوا، ولكن حين يتحول المنقذ إلى هدف، انطلق صوت الرصاص من رشاشات وبنادق جنود الاحتلال الذين نفذوا المجزرة بحق المسعفين.

أصيب رفعت، وفي لحظاته الأخيرة صلى ودعا الله مرارًا وتكرارًا ليغفر له وطلب المسامحة من والدته لاختياره طريق الإسعاف الذي وضعه في طريق الأذى. توقفت بعدها صلواته مع توقف نبض حياته، وبعد العثور على جثامين الضحايا، تبين أن قوات الاحتلال قتلت 8 من عمال الهلال الأحمر الفلسطيني في تلك الليلة، إضافة إلى 6 من العاملين في الدفاع المدني الفلسطيني كانوا في المهمة نفسها. وتم القبض على مسعف تاسع يُدعى أسعد النصاصرة.

هؤلاء المسعفون لم يكونوا مجرد أرقام، بل كانوا أشخاصًا لهم حياة وعائلات وأحلام، ولكل منهم صفات مميزة أحبها من حوله، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الجانب الإنساني لهؤلاء الشهداء من خلال شهادات معارفهم وزملائهم الذين عاشروهم وأحبوهم. المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي رافق الشهداء خلال سنوات خدمتهم، تحدث للجزيرة نت عن حياتهم وعملهم الإنساني ضمن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مشيرًا إلى 16 شهرًا من حرب الإبادة المستمرة على غزة.

رفعت رضوان: الحفيد الطيب الذي وثق الجريمة بهاتفه

فرفعت، ابن الـ24، كان روحًا لطيفة. "لقد حرص على مساعدة أي امرأة مسنة يصادفها"، يقول أبو الكاس. "كان يسعى للحصول على دعواتهن الصادقة عندما يقدم لهن المساعدة، ثم يودعهن برقة تجعلك تعتقد أنها جدته".

أشرف أبو لبدة: الهادئ كما كان يطلق عليه رفاقه

بوجهه الجاد ونظارته، كان حضور أشرف، ذو الـ32 عامًا، مطمئنًا لزملائه، بدأ التطوع عام 2021 ومنذ ذلك الحين كان يحرص على تقديم وجبات الإفطار لزملائه في رمضان، سواء بإعدادها بمركز الهلال الأحمر أو بجلب الطعام من منزله.

عز الدين شعت الأب الجميل كما يلقبه زملاؤه

عُرف عز الدين (51 عامًا) بهدوء النفس المطمئنة وروح الدعابة، وكان شعاره: "سنعود إن كُتب لنا، وإن لم نعد فهي أقدارنا".

إعلان

ويقول أبو كاس إن عزالدين كان أبا جميلا.. وأخا عزيزا.. هدوء النفس المطمئنة.. كان يمازح الجميع.. وكان شعاره.. سنعود إن كتب لنا.. وإن لم نعد فهي أقدارنا..

قبل أن ينتقل إلى مركز إسعاف رفح بعد أن كان يعمل في مركز إسعاف خانيونس.. يقوم خلال الليل بعمل ساعة راحة لكل طاقم.. ويطمئن أن جميعها قد تناول العشاء.. حتى كان يكتب أسماء العاملين خوفا من أن ينسى أحدهم.

محمد بهلول: صانع المعجزة

كان محمد (36 عامًا) شغوفًا بمساعدة الناس، ويُعرف بقدرته على إيجاد الحلول للنازحين، رغم التحديات.

مصطفى خفاجة: أبو النور

أب لطفل يبلغ 15 عامًا، مكث في المقر أيامًا متتالية، يتفانى في عمله، ابنه هو النور الذي يضيء له الطريق.

محمد الحيلة شاب في الـ 23 من عمره كان يمتلك حس الدعابة وروح التعاون

ويروي عنه أبو كاس إحدى القصص بالقول ذات يوم ماطر.. كانت هناك سيدة طاعنة في السن تريد قطع الطريق، ولا تستطيع.. حديث الشركاء قد دار بين محمد ومصطفى.. هل نحن شركاء بالطبع.. مهما كانت المهمة؟ بالتأكيد.. قم ننقذ تلك السيدة وننقلها للجانب الآخر من الطريق.. وبالفعل يضعون لها كرسيا ومن ثم يجلسونها.. ويحملونها إلى الجانب الآخر من الطريق.. وسط ابتسامات جميلة وهم يزفون العجوز وكأنها عروس.. وتقوم هي بالزغاريد والدعاء لهم..

رائد الشريف: المصور الحالم

قال أبو كاس أحب رائد الذي كان بلغ من العمر، 25 عاما ، وكان يحب التقاط الصور، سخيفة، جادة، غير رسمية، وكان رائد أعرب عن أمله في أن يرى العالم صوره يوما ما وأن يتمكن من نقل معاناة شعبه من خلال عمله.

بدأ التطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2018، عندما كان عمره 18 عاما، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.

قتلت إسرائيل 214 متظاهرا، بينهم 46 طفلا، خلال هذه المظاهرات، وأصابت 36 ألفا و100، بينهم نحو 8,800 طفل.

إعلان

رائد هو الأصغر من بين 5 أشقاء، ولم يتزوج بعد، على الرغم من أن عائلته كانت تأمل في أن يتزوج بعد الحرب. لكن هذا لم يحدث، ويروي والد رائد انتظارا مروعا لمدة 9 أيام لمعرفة ما حدث لطفله الأصغر، ويكافح من أجل كبح اليقين بأنه قد أعدم مع زملائه.

الجريء صالح معمر

رغم إصابته في مهمة سابقة، أصر صالح (42 عامًا) على العودة للعمل لإنقاذ الأرواح.

وقال شقيقه حسين للجزيرة إن صالح أحب عمله أيضا، وعاد بمجرد تعافيه من الجراحة في عام 2024.

وأوضح حسين أنه في شباط/فبراير الماضي، كان صالح في مهمة لمساعدة الجرحى عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار على المسعفين، على الرغم من إبلاغه بأنهم سيكونون هناك.

أصيب صالح بجروح بالغة في الكتف والصدر، وانتهى به الأمر إلى قضاء بعض الوقت في المستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد ذلك عاد مباشرة إلى العمل.

أبو الكاس تحدث عن شجاعته: "لقد كان مكرسا للمساعدة، وكان يقول إنه أينما كان الناس يصرخون طلبا للمساعدة، فهذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، للرد عليهم".

أسعد النصاصرة: الطفل الهمس

قال أبو الكاس إن أسعد البالغ من العمر 47 عاما كان أبا لـ6 أولاد كما أنه أبدى دائما صبرا لا نهاية له للتفاوض مع الأطفال. كلما رأى أطفالا يلعبون في الشارع، كان يذهب إلى القيادة والتعامل معهم، ويقدم لهم الحلوى للخروج من الطريق والذهاب للعب في مكان آمن، سرعان ما اكتشفه الأطفال، وسيلعبون في الشارع مرة أخرى في المرة القادمة، يضحكون ويقولون: "لقد خدعناك!"، لكن أسعد لم يمانع قط، واستمر ببساطة في تسليم الحلويات.

لم تكن جثته من بين أولئك الذين تم العثور عليهم عندما ذهبت بعثة دولية للبحث عن عمال الطوارئ المفقودين، تم القبض عليه وتقييده وأخذه بعيدا، وفقا للشاهد الوحيد الناجي، منذر عابد.

تحدث الأب البالغ من العمر 47 عاما إلى عائلته آخر مرة في المساء الذي اختفى فيه، وأخبرهم أنه في طريقه إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتناول الإفطار مع زملائه، وفقا لابنه محمد.

إعلان

عندما حاولوا الاتصال به في وقت قريب من السحور، لم يستجب واكتشفوا من المقر الرئيسي أنه لا أحد يستطيع الوصول إليه أو إلى عمال الطوارئ الآخرين.

وقال ابنه إنه كان دائما يحذر عائلته من أنه كلما توجه في مهمة قد لا يعود، لكن مع استمرار أسعد في أعمال الإنقاذ لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حاولوا دائما تجنب التفكير في ذلك.

هذا التقرير، الذي أعده فريق الجزيرة نت، سلط الضوء على الجانب الإنساني لبعض الشهداء الأبطال من فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم في سبيل مساعدة أهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والقتل الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 شهرًا، من خلال كلمات المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي عاشر هؤلاء الأبطال وعايش تفاصيل حياتهم.

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: الانقسام الداخلي في إسرائيل يكشف زيف الرواية الصهيونية
  • بعد تعنُّت إسرائيل.. كيف عاش اليهودي يوسف طرّاب ينكرها ومات لبنانيًا عربيًا
  • منافس مصر.. جنوب أفريقيا تعلن قائمتها استعدادًا لأمم أفريقيا تحت 20 عامًا
  • ماذا نعرف عن جماعة أولي البأس التي ظهرت جنوب سوريا وهل هي فعلا ذراع جديد لإيران في المنطقة؟
  • بث مباشر| أحمد موسى يناقش تفاصيل مباراة الزمالك ضد بطل جنوب أفريقيا
  • موعد مباراة المغرب ضد جنوب أفريقيا في كأس أمم أفريقيا للناشئين والقنوات الناقلة
  • لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
  • رسوم ترامب تهدد 35 ألف وظيفة بقطاع الحمضيات بجنوب أفريقيا
  • عون: الانتهاكات الصهيونية تُهدد الاستقرار في جنوب لبنان
  • الرئيس اللبناني: الانتهاكات الصهيونية تُهدد الاستقرار في جنوب لبنان