جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-07@00:28:20 GMT

الميزانية وملامح المستقبل

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

الميزانية وملامح المستقبل

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

مع بداية كل عام ميلادي يتركز الحديث عن الميزانية العامة للدولة، والتي جرت العادة أن يكون مرسوم إقرارها هو المرسوم الأول في كل عام، وفي هذا العام كان الحديث عن الميزانية العامة للدولة يتسم بالإيجابية والتفاؤل، خاصةً مع ما حملته المؤشرات من قراءات تبين أن خطة التوازن المالي التي أنتهجتها الحكومة بتوجيهات من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- آتت ثمارها وبدأت كثير من المؤشرات الدولية والتصنيفات التي تصدرها المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية تعكس هذا التحسن والنمو وبدأت تُظهر النتائج التي حققتها خطط الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية، وآثار جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط حول العالم .

وبالنظر إلى الفترة الزمنية القصيرة- وهي قياسية بمعنى الكلمة- التي استطاعت خلالها سلطنة عُمان تجاوز كل تلك التحديات سابقة الذكر، وهو ما يدعو للفخر والإشادة بالجهود التي بذلت من الجميع وفي مقدمتهم المواطن العماني، الذي أظهر مدى إخلاصه وحبه لوطنه وقدم الكثير من التضحيات وتحمل عبء الأزمة. وهذا الأمر ليس بغريب على شعب بذل الكثير في سبيل بقاء هذا الوطن وتماسكه، ومازال مستعدًا للبذل والعطاء عندما يتعلق الأمر بسلطنة عمان الأرض والمصير.

وفي المقابل، المؤشرات التي أعلنتها وزارة المالية عن ميزانية 2023، تظهر تحسنًا في الإيرادات؛ حيث بلغت 12 مليارًا و213 مليون ريال عماني بنهاية 2023، بزيادة قدرت بنحو 21.2% عن عام 2022، وجاءت هذه الزيادة نتيجة عوامل أساسية مثل زيادة أسعار النفط والغاز، وتعد هذه الزيادة إنجازًا مُهمًا؛ حيث إنها ساهمت في القضاء على العجز المالي في تلك السنة، وحققت فائَضا ماليًا، وساعدت على تقليص الدين العام من خلال إعادة جدولة جزء منه بفائدة أقل. وفي الجانب الآخر توقعت موازنة 2024 زيادة الإنفاق العام بنسبة 2.6% عن العام السابق؛ بفضل تحسن أسعار النفط وإجراءات الضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق وتحسن الإيرادات.

جميع الأرقام التي ذكرت في الميزانية العامة للدولة 2024، جاءت إيجابية وحملت زيادة في عديد من البنود، خاصة تلك المتعلقة بالتنمية، فيما خُصصت الفوائض المالية التي حققتها الدولة في 2023 في جانبين مهمين وهما: تعزيز الإنفاق الاجتماعي وتحفيز النمو الاقتصادي، وكذلك في تخفيف الدين العام، وهذا بدوره سوف يساهم في تحسُّن المؤشرات والتصنيفات الدولية للسلطنة، مما يعني سهولة الحصول على العديد من الامتيازات الاقتصادية والمالية مستقبلًا، والتي بكل تأكيد سوف تعزز من مركز سلطنة عمان المالي.

ربما الحديث حول ما حملته الميزانية العامة للدولة من مؤشرات إيجابية يحتاج إلى الكثير من التحليل والتعمق من قبل المختصين، للحديث عن ذلك والأسباب التي ساهمت في هذا النمو والظروف والعوامل التي أثرت فيه، ولكنني هنا بصدد الحديث عن ما يهم المواطن بالدرجة الأولى، خاصة وأن الشهور الأخيرة من العام الماضي شهدت صدور قانون الحماية الاجتماعية، وفي هذا الجانب ركزت موازنة 2024 على مستهدفات مُهمة تسعى الحكومة لتحقيقها؛ ومنها: الاستمرار في تعزيز جودة حياة المجتمع ورفع مستوى الخدمات الأساسية، وفي هذا الإطار حظيت قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والإسكان بما نسبته 40% من إجمالي الإنفاق العام، وارتفعت حصة منافع الحماية الاجتماعية لتصل إلى 560 مليون ريال، فيما أطلقت الحكومة برنامج "إسكان" لتسهيل وتسريع وتيرة الحصول على القروض الإسكانية بمبلغ مليار و900 مليون ريال، وهذا المشروع يعد نقلة نوعية في تاريخ المبادرات الحكومية لمشاريع الإسكان.

وفي ظل النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان المفدى- أعزه الله- نشهد العديد من البرامج التي أطلقتها الحكومة لتسهيل امتلاك المواطنين للمسكن الملائم وفق برامج مُيسِّرة، وذلك إيمانًا بحقوق المواطنين التي كفلها النظام الأساسي للدولة وضمنتها التوجيهات السديدة من القيادة الرشيدة، التي تضع المواطن في صدارة سلم أولويات التنمية، ومن أجل ذلك كان الإسكان محور الاهتمام ومن بين المبادرات التي أطلقت خلال الفترة الماضية إعفاء 700 أسرة من سداد القروض الإسكانية من الذين يقل دخلهم عن 350 ريالًا بتكلفة إجمالية بلغت 13 مليون ريال في العام 2021، وكذلك إعفاء 1600 أسرة من القروض الإسكانية من الذين يقل دخلهم عن 450 ريالًا بتكلفة إجمالية بلغت 30 مليون ريال، وتقديم منح إسكانية لعدد 1400 أسرة بتكلفة إجمالية بلغت 35 مليون ريال. وفي عامي 2022 و2023، تم  منح 1200 أسرة مساعدات إسكانية بتكلفة إجمالية 35 مليون ريال، مع زيادة المنحة من 25 ألف ريال إلى 35 ألف ريال، ليأتي هذا العام ويشهد تدشين برنامج "إسكان" بقيمة مليار و900 مليون ريال، وهذا ما سيكون له الأثر الإيجابي على المواطنين وعلى حركة السوق والاقتصاد الداخلي.

ما تقدمه الحكومة من برامج خاصة فيما يتعلق بالإسكان، هو جزء مهم من مسيرة التنمية التي تستهدف الإنسان بالدرجة الأولى، وحق من حقوق المواطنين يساهم في الاستقرار الأسري وينعكس أثر ذلك على العطاء لهذا الوطن ويعز الارتباط بهذه الأرض الطيبة، ويغرس لدى الأجيال قيم الانتماء والتضحية لهذه الأرض، إن الدول تتقدم عندما تضع تنمية البشر في سلم أولوياتها، وعندما تقدم الخدمات كحق من حقوق المواطن، وعندما تعزز المواطنة الصالحة عندها تسود قيم المساواة والعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن، من أجل ذلك جاءت الخطط والاستراتيجيات لترسيخ معنى الدولة العصرية القائمة على أساس توفير الحياة الكريمة لأبنائها، ومن أجل ذلك ستبقى سلطنة عمان دولة المبادئ والقيم والثوابت، شامخة بعزيمة أبنائها وحكمة قيادتها الرشيدة، تمضي سفينتها إلى بر الأمان.

والله من وراء القصد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تقرير: الطلاب السودانيين في مصر.. قلق وخوف من المستقبل

 

الارتباك والغموض وتعقيدات الوضع التعليمي والإداري في المدارس السودانية ألقت بظلالها على أولياء الأمور والمعلمين. تقول أم يوسف في مقابلة مع “التغيير”: “لم يتبقَ على انتهاء امتحانات ابني سوى أيام قليلة، والآن هو دون مدرسة”

كمبالا: التغيير: تقرير

“كانت القرارات المفاجئة بإغلاق مدرسة ابني في مصر صادمة لنا جميعًا. لم يُمنح، الوقت الكافي لإتمام امتحاناته المتبقية.. نشعر بقلق كبير حيال مستقبل تعليمه واستمراره في الدراسة دون انقطاع”.. بهذه الكلمات تعبر أم يوسف عن حيرتها بعد إغلاق مدرسة ابنها.

“يوسف”، طالب الصف الأول متوسط، كان من بين ملايين التلاميذ الذين حُرموا من مواصلة تعليمهم بسبب حرب الجيش والدعم السريع، التي اندلعت العام الماضي، فهرب إلى مصر مع أسرته، إذ تمكن من الالتحاق بإحدى المدارس السودانية في القاهرة التي يتجاوز عددها 200 مدرسة.

توقف مفاجئ

أثناء أداء يوسف للامتحانات الصفية بالمدرسة، تفاجأت عائلته، باخطار من المدرسة بتوقف الدراسة على خلفية قرار السلطات المصرية، القاضي بإغلاق عدد من المدارس السودانية في أراضيها بما فيها مدرسة الصداقة، المؤسسة الوحيدة التي لديها ترخيص للعمل.

الارتباك والغموض وتعقيدات الوضع التعليمي والإداري في المدارس السودانية ألقت بظلالها على أولياء الأمور والمعلمين. تقول أم يوسف في مقابلتها مع “التغيير”: “لم يتبقَ على انتهاء امتحانات ابني سوى أيام قليلة، والآن هو دون مدرسة”.

المتوسطة في مهب الريح

سيد، الذي يستعد لامتحان الشهادة المتوسطة، غير مدرك ما إذا كان الامتحان المقرر في السادس من يوليو سيُجرى كما هو مخطط له. توقف عن الذهاب إلى المدرسة منذ أكثر من أسبوع، ولكنه بدأ الدروس عبر الإنترنت قبل يومين فقط.

المعلمون يؤكدون له أن الامتحان سيجري في موعده، لكن” سيد” وفق حديثه “للتغيير” لا يرى دليلاً واضحًا على قيام امتحانات الشهادة المتوسطة في الموعد المحدد.”.

معلمة في المرحلة المتوسطة تعمل في مدرستين سودانيتين بالقاهرة، تقول أن الإدارة ابلغت المعلمين بأنهم في إجازة، واخيرا طلبت منهم التدريس عبر الإنترنت لطلاب الصف الثالث المتوسط . وتشير المعلمة، إلى أنها حاولت التواصل مع الإدارة لفهم الوضع، لكنها لم تتلقَ أي رد، وأكدت أن لا أحد يعرف ما يحدث بالضبط.

وتقول إن مالك إحدى المدارس اخبرها أن الحكومة المصرية تضغط عليهم لإجراء التصديقات. التي تبدأ من وزارة التربية مرورًا بوزارة الخارجية، بالسودان ثم وزارة الخارجية المصرية، وتضيف: اتضح أن جميع أصحاب المدارس الموقوفة تعمل دون الحصول على تصديقات رسمية من الجهات المختصة.

أبعاد متعددة

المشكلة تتجاوز الجوانب الجغرافية والتاريخية، وتبدو كظاهرة معقدة تشمل العديد من الأبعاد وفقا للأستاذ بمدرسة القبس المنير بالقاهرة، إسماعيل شريف، في حديثه لـ”التغيير” التي لخصها في الانتشار المتزايد للمدارس السودانية في مصر وتسويقها المكثف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أثار انتباه وحفيظة السلطات المصرية، لاسيما وأن الدولة لا تجمع منها أي ضرائب أو رسوم أو فوائد اقتصادية. ويعتبر شريف ان مما زاد الشكوك حول العوائد الاقتصادية لتلك المدارس، مقال سهير عبدالرحيم، عن جني السفارة السودانية في القاهرة نحو 21 مليون جنيه مصري كرسوم لامتحانات الشهادة الابتدائية.

ويرى شريف ان دخول ثقافات جديدة مثل ممارسات ختان الإناث من قبل السودانيين، التي تمت مناقشتها في البرلمان المصري، يثير قلقًا عميقا لأن هذه السلوكيات كافحتها الدولة لسنوات طويلة.

التشغيل غير القانوني

العديد من المدارس تعمل دون تصاريح وتم فتحها في شقق سكنية مما تسببب في ازعاج المواطنين جراء الحركة الزائدة للطلاب والتلاميذ، خاصة في الأحياء السكنية، وفق إفادة شريف.

وحذر من خطورة إغلاق هذه المدارس لأنه يمكن أن يؤدي إلى فقدان التلاميذ لفرص التعليم، كما يمكن أن يرفع معدلات الجريمة بين الفئات العمرية مابين 9 إلى 15 سنة.

ويستبعد شريف أن يكون اشتراط تدريس مناهج التاريخ والجغرافيا المصرية للطلاب السودانيين هو السبب وراء إغلاق هذه المدارس، قبل أن يقترح ضرورة تشكيل لجنة مشتركة بين السفارة والمدارس والسلطات المصرية، قبل بدأ العام الدراسي الجديد المقرر في اكتوبر المقبل، لوضع سياسات فعالة تضمن تشغيل المدارس بشكل قانوني يحافظ على حقوق الطلاب،  ويحقق استقرار المجتمع ويؤكد أن امتحانات الشهادة المتوسطة ستعقد في السادس من يونيو، رغم أن المدارس ما زالت مغلقة حتى الآن بانتظار انجلاء الأزمة.

%95 من المدارس مخالفة

كشفت تقارير مصرية أن 95 في المائة من  المدارس السودانية في مصر ، مخالفة لقرارات وزارة التربية والتعليم ولوائح المدارس الخاصة. فضلا عن المخالفات المالية والإدارية، واتهمت دوائر قانونية مصرية، ملاك المدارس، بالانصراف عن أمر التعليم و التركيز على أنشطة أخرى مثل الإقامات والمتاجرة بمستقبل الطلاب، وعدم الالتزام بأبسط القواعد القانونية في فتح المدارس حيث فتح بعضها دون إخطار المنطقة التعليمية أو إدارة المدارس الخاصة.

تقنين الأوضاع

لكل ذلك، يعتبر المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر، أنه كان لا بد من ضبط الأوضاع، وقال في افادته لـ”التغيير” ان هذه الخطوة تبرهن على ضرورة السعي لتقنين وضع المدارس السودانية في جمهورية مصر ويقر بان غياب الآلية الواضحة التي تقنن وضع المدراس، وتضع الشروط اللازمة لها للحصول على التصديق، جعلها أقرب الفوضى، ولا تراعي ابسط المطلوبات التي تجعل منها مدرسة مناسبة لاستقبال الطلاب.

ويشير المتحدث باسم لجنة المعلمين إلى انه يجب البناء على خطوة الحكومة المصرية والسعي الجاد لوضع التعليم السوداني في مصر في المسار الصحيح.

السفارة السودانية في القاهرة أكدت متابعتها اللصيقة للقضية وقالت المستشارية إنها على “تواصل دائم مع السلطات المصرية لإيجاد حلول لأزمة إغلاق المدارس وتقنين أوضاعها، وفقا لشروط ممارسة النشاط التعليمي للمدارس الخاصة الأجنبية بجمهورية مصر”.

وشددت المستشارية الثقافية هلى ضرورة الالتزام بالشروط والموافقات المعتمدة لدى السلطات المصرية المختصة، للحصول على التصديق اللازم وتتمثل تلك الشروط في الحصول على موافقة كل من وزارة التربية والتعليم السودانية، ووزارة الخارجية السودانية، والخارجية المصرية، توفير مقر للمدرسة يفي بجميع الجوانب التعليمية والعلمية والتربوية، وإرفاق البيانات الخاصة والسيرة الذاتية لمالك المدرسة ومدير المدرسة، وكذلك صورة من طلب مالك المدرسة للمستشارية الثقافية بالسفارة

وتلزم السلطات كذلك القائمين على المدارس بإرسال ملف كامل للمدرسة يشمل المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم بالصفوف والمراحل التعليمية بالمدرسة، وإرفاق رسم تخطيطي لهيكل المدرسة.

 

الوسومالعملية التعليمية في السودان المدارس السودانية في مصر حرب السودان

مقالات مشابهة

  • بتكلفة 256 مليون ريال.. تدشين مشروع العرس الجماعي الرابع لــ640 عريساً وعروساً بعمران
  • خلال جلسة استثنائية.. مجلس الوزراء يناقش توجهات وملامح الوظيفة العامة
  • مؤشر بورصة مسقط يرتفع 173 نقطة في النصف الأول من العام الجاري
  • عمان.. الناتج المحلي الإجمالي ينمو 0.8% بالربع الأول من 2024
  • ما عوامل ارتفاع المؤشر الرئيس لبورصة مسقط في النصف الأول من العام الجاري؟
  • دولاب عمل جديد للدولة المصرية قراءة فى التشكيل الحكومى الجديد
  • النيابة العامة تأمر بحبس متهمين حرروا عقود بيع مزورة لأراض تابعة للدولة
  • «مصر أكتوبر»: تمكين الشباب أولوية قصوى لتحقيق التنمية المستدامة بمصر
  • «برلمانية الوفد»: تمكين الشباب ضرورة حتمية لبناء المستقبل
  • تقرير: الطلاب السودانيين في مصر.. قلق وخوف من المستقبل