هند الحمدانية
يقول الملياردير والمستثمر الشهير وارن بافيت: "استثمر دائمًا للمدى الطويل"، ومفهوم الاستثمار للدول في حد ذاته يرتبط بأكثر من عنصر إذا أردناه على المدى الطويل مثل التنمية الاقتصادية وأسواق المال والطاقة الإنتاجية والأرباح وأهمها العلاقات الدولية المتوازنة التي تشكل محور أساسي لقيام الاستثمارات وازدهارها.
والحقيقة أن المرتكزات الثابتة التي تؤمن بها السلطنة كالتسامح والانفتاح على العالم ولغة الحوار البناءة والمبادرات الإيجابية الفاعلة، وأسبقيتها في مد اتصالات دائمة مع جميع الأطراف الدولية وفي جميع الظروف، جعلت من السلطنة ذات علاقات وطيدة وراسخة مع جميع دول العالم بلا استثناء، وأكسبتها ميزة تنافسية كبيئة استثمار محفزة ومغرية للمستثمرين من كل أنحاء العالم، والسؤال هنا: ماهي الرؤية الاستثمارية التي نفتقد إليها والتي ستحدث نقلة نوعية شاملة والتي سوف تمكن السلطنة من استغلال ميزاتها التنافسية العديدة وستضمن لها بيئة استثمارية محفزة ووجهة عالمية جاذبة؟.
في هذا المقال نتحدث بعمق عن مفاهيم استثمارية بشكل مختلف ومن زاوية جديدة، نهدف فيها أن نفكر خارج الصندوق ونستلهم الاستثمار كبصيرة ورؤى متجددة، لذلك علينا أن نصبح طلقاء ومنفتحين لاستقبال وتوليد الأفكار الجديدة، غايتنا البحث عن البدائل الممكنة والتي تضيف قيمة أكبر للاستثمار وتعزز فرص جذبه.
بدايةً دعونا نتفق أننا نعيش في عالم مربك نوعًا ما، الكثير من التداخلات والقوانين والتشريعات التي ربما سوف تصنع صورة ضبابية قد تشتت انتباه المستثمرين الجادين وربما تغير وجهتهم عنَّا، قدرتنا على إبقاء الإجراءات بسيطة هي قوة خارقة وهي أحد أسرار النجاح في عالم الاستثمارات والحياة ككل، ما تفعله بيئات الاستثمار الناجحة هي تبسيط لعبة الاستثمار وتبسيط الحياة، وتفعيل كل الإمكانيات لتقليل التعقيدات واستخدام فن الطرح (القدرة على طرح كل الإجراءات الإضافية والتخلص منها) مع الحفاظ على جودة الأداء لتحقيق الهدف المنشود.
قد نعمل بجد واجتهاد خلال العشرة أعوام القادمة لاستقطاب الاستثمارات وتهيئة سوق العمل، لكن النتائج الحقيقية (الفارقة) سوف نجنيها من نقطة تحول واحدة أو بضع نقاط تحول محددة، فهل علينا انتظار نقطة التحول تلك أم علينا التقصي عنها وتحديدها وتفعيلها ثم الاستفادة منها؟!
لذلك علينا أن نقرر التواجد في مصاف بيئات الاستثمار ورواد الأعمال الذين هم فعلياً عند نقطة التحول تلك، شركة أوبر لسيارات الأجرة على سبيل المثال وجدت نقطة التحول تلك، وشركة أوبر هي شركة تكنولوجية متعددة الجنسيات على شبكة الإنترنت تبلغ قيمتها الاستثمارية أكثر من 50 مليار دولار ومتوفرة في أكثر من 66 بلداً حول العالم، كل ما فعلته أوبر هو إدراك حقيقة: أن نظام تحديد المواقع مفتوح ويسمح لأي مستخدم العثور على موقع الهاتف المحمول بما فيهم موقع سائق سيارة الأجرة وموقع الشخص الذي يبحث عن الخدمة، الفكرة بسيطة لكنها ثمينة للذي يدرك قيمتها، البيانات أصبحت متوفرة في عصرنا الحالي، بيانات الأفراد والمستهلكين ومقدمي الخدمات وأصحاب المهارات والشركات وأرقام الفرص واحتياجات الأسواق، ما عليك كمستثمر أو كبيئة استثمار إلا أن تجمعها وتعرضها بطريقة ملهمة لكي يستطيع الآخرون إبصار قيمتها واصطيادها.
قد ننجح في جذب عدد كبير من المستثمرين الناجحين، ولكن يبقى التحدي: هل نستطيع الحفاظ عليهم وعلى شغفهم في مشاركتنا تجربة الاستثمار والسعي لإنجاحها؟ حقيقة هذا الأمر يعتمد بشكل أساسي على بيئة الاستثمارات كما أسلفت الذكر، يجب أن نخلق نوعاً من الامتيازات للمستثمرين (رواد الأعمال) لأنَّ الدراسات أكدت أن العلاقة الناجحة بين المستثمر وبيئة الاستثمار تستمر غالباً لمدة 10 سنوات أو أكثر وهي أطول من متوسط عمر الزواج، لذلك نحتاج إلى مبادئ راسخة وإجراءات عملية سهلة ومبسطة، نحتاج أيضًا إلى النزاهة والشفافية في طرح الفرص والإمكانيات، بحيث نتجنب طرح أفكار جوفاء؛ بل نطرح فرصاً حقيقية مع خطط تنفيذ مدروسة ومؤطره بدراسات جدوى ومواقع محددة للاستثمار حسب التخصصات المختلفة وحسب نوعية المشاريع والفرص المطروحة بكل أنواعها مع تحديد احتياج السوق الفعلي في كل مجال، وهنا اقترح أن يكون لجهاز الاستثمار العماني بصناديقه المختلفة دور فعال في هذا الأمر، بحيث يصبح شريكاً للمستثمرين حتى يشعر المستثمر أن هناك دعم حكومي واضح ومساند له.
رسالتي لك: كن على اطلاع على الفرص الاستثمارية دائماً ولا تخف من احتضان نقاط التحول، واجتهد لتكون حاضرا في البيئات التي تبقيك قريبًا من المستثمرين وأصحاب الأعمال وبيئات النجاح لتواكب مسيراتهم وتنطلق من حيث انتهوا، وهنا أدعوك لتشاركنا في منتدى صحار للاستثمار بمحافظة شمال الباطنة والذي سيقام يومي 26 و27 فبراير المقبل؛ حيث ستجد عددًا كبيرًا من المستثمرين من داخل سلطنة عمان وخارجها، يشاركونك تجارب نجاح مشاريعهم العالمية، وجلسات حوار مفتوحة ولقاءات جانبية بين مختلف المشاركين، مع طرح فرص استثمارية تقارب الـ100 فرصة، مؤطّرة بدراسات جدوى أعدها فريق احترافي وجاهزة للتنفيذ.. شاركنا هذا الحدث المميز، ربما تجد نقطة التحول التي تعنيك.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
برلماني: توجيهات الرئيس بتحسين مناخ الاستثمار يعكس الاهتمام بالصناعة الوطنية
أكد النائب الدكتور حسين خضير رئيس لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، أن الاقتصاد الوطني يشكل أولوية حقيقية للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، سواء في زيادة الصادرات المصرية للخارج أو الاهتمام بقطاع الصناعة أو جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
مناخ الاستثمار ومعالجة التحديات الهيكليةوتطرق خضير في تصريح صحفي له اليوم، إلى توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال لقائه رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي ووزير الاستثمار حسن الخطيب، بأهمية العمل على مواصلة تحسين مناخ الاستثمار ومعالجة التحديات الهيكلية التي تؤثر على الاقتصاد المصري، وبشكل خاص السعي للحد من الأعباء الإجرائية والمالية غير الضريبية، بما يساهم في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقًا للأولويات الوطنية، وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، مع رفع نسبة المكون المحلي في كافة الصادرات، والعمل على جعل مصر مركزًا لسلاسل الإمداد على المستويين الدولي والإقليمي.
ولفت رئيس لجنة الصحة والسكان، إلى أن توجيهات الرئيس السيسي تتماشي مع رؤية وطنية لتحسين مستوى المعيشة والنهوض بالاقتصاد والصادرات وفتح السوق المصري للاستثمارات العربية والأجنبية.
وأشاد خضير، بحديث الرئيس السيسي حول موضوعات اقتصادية غاية في الأهمية، ومنها تطوير منظومة التجارة الخارجية بتسهيل الإجراءات وخفض التكاليف ووقت الافراج الجمركي، وتوطين الصناعة وحماية الصناعة المحلية باستخدام أدوات التجارة ومعايير منظمة التجارة العالمية، وكذلك تعظيم العائد من منظومة ومكاتب التمثيل التجاري.
وكذلك تناول ملف الأعباء المالية غير الضريبية وتوحيد جهات التعامل وتحصيل الرسوم مع المستثمر، ما يؤكد أن مصر مهمومة تماما برفع وتعزيز قدراتها وإمكاناتها الاقتصادية.
صندوق مصر السياديواختتم الدكتور حسين خضير، أن استعراض الرئيس السيسي استثمارات ومشروعات صندوق مصر السيادي، وجهود الصندوق لجذب المزيد من الاستثمارات وتعظيم العائد من الأصول التي يديرها، إضافةً إلى تناول دور الصندوق في المجالات المختلفة، يكشف رغبة مصر العارمة في مضاعفة الاستثمارات.