هل تبدد موثوقية البلوك تشين مخاوف المستثمرين الرقميين؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
مها الحبسية في حوار لـ"عمان": سلطنة عمان تبنّت البلوك تشين بشكل استراتيجي في منظرها الاقتصادي لتعزيز التنمية وتحفيز الابتكار -
تتيح تقنية "البلوك تشين" -وهي آلية متقدمة لقواعد البيانات تسمح بمشاركة المعلومات بشكل شفاف داخل شبكة أعمال- سوقًا رقمية لا مركزية، أكثر شفافية، وتسهم في حماية وتأمين البيانات الحساسة، وتوفير معاملات سريعة، إذ تعد واحدة من التقنيات الناشئة لدعم الاقتصاد الرقمي من خلال مواجهة التهديدات المتنامية في أمن المعلومات، وتغذّي هذه التقنية الابتكار في الكثير من القطاعات المالية والعلمية للدفع بعجلة الاقتصاد نحو النمو.
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة "جلوبال أرينا القابضة" يُقدَّر نمو سوق تقنية "بلوك تشين" العالمية بمعدل سنوي مركب 67.4% ليصل إلى 200.82 مليار دولار بحلول عام 2028، مقارنةً بحجم السوق الذي بلغ نحو 9.12 مليار دولار خلال عام 2022.
وتبنّت سلطنة عمان مؤخرا تقنية "البلوك تشين" في العديد من المجالات الاقتصادية منها القطاع المالي وإدارة سلاسل الإمداد وغيرها من المجالات.
وعرَّفت مها بنت محمد الحسبية، قائدة فريق التخطيط وتنظيم المعارض والمؤتمرات في الأكاديمية العمانية ومتخصصة في تقنية "البلوك تشين"، هذه التقنية بأنها نظام لامركزي ثوري يحوّل طريقة تخزين المعلومات والتحقق منها ومشاركتها، وتتألف من دفتر حسابات موزع يتم الحفاظ عليه بواسطة شبكة من العقد، مما يضمن الشفافية والأمان وثبات البيانات، وكل كتلة في السلسلة تحتوي على تشفير للكتلة السابقة، مما يخلق هيكلًا مترابطًا ومقاومًا للتلاعب.
تنمية الاقتصاد
وأشارت الحبسية في حوارها لـ"عمان" إلى أن هذا الابتكار لا يقتصر فقط على العملات الرقمية بل يمتد إلى مختلف الصناعات، مقدما حلا لقضايا الثقة والكفاءة والمساءلة إذ تعتمد العقود الذكية على تشغيل وفرض الاتفاقيات دون وسطاء، ومع استمرار تطور تقنية البلوك تشين، تكمن تطبيقاتها المحتملة في مجالات واسعة، تتجاوز المال إلى إدارة سلسلة التوريد والرعاية الصحية وغيرها، مشكّلة بذلك المشهد المستقبلي لإدارة البيانات الآمنة والفعالة.
وردا على سؤال "عمان" حول إمكانية أن يتم تبنّي تقنية البلوك تشين في تنمية الاقتصاد المحلي، أفادت بأن سلطنة عُمان تقف في طليعة الابتكار التقني، إذ تبنّت البلوك تشين بشكل استراتيجي في منظرها الاقتصادي لتعزيز التنمية وتحفيز الابتكار، وأحد المجالات الملحوظة للاستفادة هي القطاع المالي، حيث يتم استخدامه لتعزيز الشفافية وتقليل الاحتيال وتسريع المعاملات عبر الحدود مما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويعزز الشمول المالي.
وأضافت: كما اعتنقت سلطنة عُمان تقنية البلوك تشين أيضًا في إدارة سلسلة الإمداد مما يضمن تتبعا دقيقا وكفاءة في حركة السلع لتعزيز موثوقية منتجاتها وتسهيل اللوجستيات، كما تظهر التزام الحكومة بدمج تقنية البلوك تشين خلال استثمارها في البنية التحتية والتعليم، كما نفذت السلطنة مبادرات تعليمية لتطوير مهارات القوى العاملة في تقنية "البلوك تشين".
وأشارت إلى أن سلطنة عمان اعتمدت على تقنية "البلوك تشين" في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز الابتكار، وضمان الاستدامة، من خلال استخدام هذه التقنية في القطاعات المالية وإدارة سلسلة الإمداد، إذ ترسخ سلطنة عمان موقفها كزعيم إقليمي في اعتماد التكنولوجيات المحورية، ومع استمرار الاستثمارات في البنية التحتية والتعليم، تجعل عمان نفسها في وضع مثالي للاستفادة من فوائد تقنية البلوك تشين في بناء اقتصاد أكثر شفافية وكفاءة ورقميا.
اتفاقيات دون وسطاء
وحول كيفية الاستفادة من تقنية البلوك تشين في دعم الابتكار وريادة الأعمال أوضحت مها الحبسية أن تقنية البلوك تشين تقدم مجموعة من الفوائد الكبيرة في دعم الابتكار وريادة الأعمال في مختلف الصناعات، وإحدى المزايا الرئيسية هي التحسين في مجال الأمان والشفافية للمعاملات وإدارة البيانات، كما أن الطبيعة اللامركزية والخوارزميات التشفيرية لتقنية البلوك تشين تجعلها مقاومة للتلاعب والوصول غير المصرح به، مما يعزز الثقة في النظام، وتشجع هذه الثقة، بدورها على الابتكار من خلال توفير منصة آمنة لرود الأعمال لاستكشاف أفكار جديدة والتعاون مع الأطراف المعنية.
وأشارت الحبسية إلى أن العقود الذكية هي جزء أساسي من تقنية البلوك تشين؛ إذ تقوم بأتمتة وتنفيذ تلقائي لاتفاقيات محددة مسبقًا دون وسطاء، وتقلل هذه الكفاءة من التكاليف وتسرّع تنفيذ المعاملات، مما يتيح لرواد الأعمال التركيز على ابتكاراتهم الأساسية بدلا من التنقل في إجراءات تعاقدية معقدة.
ولفتت إلى أن تقنية البلوك تشين تحوّل جمع التمويل إلى تجربة محورية للشركات الناشئة من خلال عروض العملات الأولية أو عروض الرموز الأمانية، حيث يمكن لرواد الأعمال الوصول إلى مجموعة عالمية من المستثمرين، مما يعزز الابتكار دون عوائق التمويل التقليدية، ويفتح هذا التوسع في مجال التمويل أفقا جديدا أمام رواد الأعمال والشركات الناشئة الصغيرة، معززًا المشهد الريادي بشكل أكثر شمولا.
وأضافت الحبسية: كما تعزز تقنية البلوك تشين التتبع والمساءلة في سلاسل الإمداد، وهو أمر حيوي للشركات المبنية على الممارسات المستدامة ويمكن لرواد الأعمال عرض مصداقية منتجاتهم من خلال هذا النظام، مستهدفا الزبائن الذين يتّسمون بالوعي تجاه المسائل البيئية والاجتماعية.
حماية الابتكار
وفي ميدان الملكية الفكرية بيّنت الحبسية أن تقنية البلوك تشين تضمن تحديدا زمنيا آمنا في حماية الأفكار والابتكارات، ويمكن لرواد الأعمال تسجيل وتخزين سجلات الملكية الفكرية بشكل آمن، مما يقلل من خطر سرقة الملكية الفكرية ويوفر دليلا شفافا على الملكية، وتبسيط التعاون من خلال تمكين مشاركة آمنة للبيانات والموارد بين الأطراف مما يمكّن رواد الأعمال من إقامة شبكات لامركزية تعزز الابتكار من خلال الذكاء التعاوني وتبادل الموارد.
ولفتت إلى أن تقنية البلوك تشين تعد منشطًا للنمو الريادي وتعزز بيئة تشجيعية للابتكارات الرائدة على مستوى العالم، ومع استمرار تطور هذه التقنية من المرجح أن يتّسع تأثيرها في دعم المشاريع الريادية، مُشكّلةً مشهدًا أكثر دينامية وشمولًا للمبتكرين في جميع أنحاء العالم.
وفي سؤالها عن مدى وجود مؤسسات في سلطنة عمان تبنّت تقنية البلوك تشين أوضحت أنه يوجد عدد من المؤسسات الحكومية تبنّت هذه التقنية مثل البنك المركزي العماني وعدد من البنوك التجارية مثل بنك ظفار لحماية البيانات، وافتتاح مركز تعدين البيتكوين في المنطقة الحرة بصلالة لمعالجة البيانات وتعدين العملات الرقمية، مشيرة إلى أن اهتمام سلطنة عمان بهذه التقنية من خلال افتتاح نادي عمان بلوك تشين وبرمجيات مفتوحة المصدر الذي يقدم العديد من الدورات لتعزيز وعي المجتمع بأهمية تقنية البلوك تشين والتقنيات الرائدة.
نزاهة المعلومات
وفيما يتعلق بخصائص تقنية "البلوك تشين" أفادت الحبسية أن تقنية البلوك تشين تتميز باللامركزية؛ والذي يعني عدم وجود سلطة مركزية تتحكم في الشبكة، والشفافية، حيث يمكن رؤية تاريخ المعاملات بأكمله من جميع المشاركين في الشبكة، والثبات؛ حيث بمجرد إضافة البيانات إلى سلسلة الكتل، لا يمكن تعديلها أو حذفها. وتعزز هذه الميزة نزاهة المعلومات المخزنة على سلسلة الكتل، مما يجعلها مقاومة للتلاعب أو الأنشطة الاحتيالية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد تقنية "البلوك تشين" على آلية توافق لضمان الاتفاق بين المشاركين قبل إضافة كتلة جديدة، وتعزز هذه الآلية أمان الشبكة، كما توفر تقنية البلوك تشين العقود الذكية، والتي هي عقود تنفيذية ذاتية بشروط الاتفاق مكتوبة مباشرة في الشيفرة، وتُعد هذه ميزة تلقائية للعمليات المعقدة، مما يسهّل عمليات المعاملات ويقلل من الحاجة إلى وسطاء.
وتحدثت الحبسية عن أنواع البلوك تشين وذكرت أنها تأتي بأنواع متنوعة، تلبي كل منها احتياجات واستخدامات محددة، ومن بين أنواعها الأكثر شيوعا البلوك تشين العام، والبلوك تشين الخاص، البلوك تشين التعاقدي.
واستطردت بالقول: البلوك تشين العام هو لامركزي ومفتوح للجميع، مما يوفر الشفافية والأمان، بينما على النقيض، البلوك تشين الخاص مقيد لمجموعة أو منظمة معينة، مما يوفر الخصوصية المحسنة والتحكم في الوصول حيث يتم استخدام هذا النوع في بيئات الشركات، مضمنًا نظامًا أكثر تمركزًا وكفاءة. في حين البلوك تشين التعاقدي يجمع بين جوانب البلوك تشين العام والخاص، مما يسمح لمجموعة محددة من المشاركين بالمحافظة على الشبكة، ويُفضّل هذا النوع غالبا في الصناعات مثل إدارة سلسلة التوريد. بالإضافة إلى هذه الأنواع، هناك أيضا البلوك تشين الهجين الذي يدمج عناصر من أنواع مختلفة لتحسين الوظائف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لرواد الأعمال البلوک تشین ا هذه التقنیة سلطنة عمان من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
” إمداد” تعزز توسعها في سلطنة عمان بالشراكة مع “أوريس”
أعلنت اليوم، مجموعة “إمداد”، مزود خدمات إدارة المرافق المتكاملة والمستدامة التي تعزّز الكفاءة التشغيلية للأصول المادية ومقرها دبي، توسعها الإقليمي في سلطنة عمان، عبر مشروع مشترك مع الشركة العمانية للعقارات والاستثمار “أوريس”، التابعة لمجموعة أومينفست.
تهدف هذه الشراكة الإستراتيجية إلى تأسيس إمداد عُمان ” أومداد “، التي ستركز على توفير حلول شاملة ومبتكرة لإدارة المرافق في مختلف أنحاء السلطنة.
ويشكل المشروع الجديد خطوة ضمن إستراتيجية التوسع في المنطقة، وتعزيز مكانتها الرائدة في قطاع إدارة المرافق.
وتأتي هذه الخطوة استكمالا للنجاح الذي حققته الشركة مؤخرا بدخولها السوق المصري عبر “إمداد مصر”.
ومن المتوقع أن يسهم تأسيس “إمداد عُمان” في تعزيز حضور الشركة في سلطنة عمان، إذ تعمل حاليا من خلال “إمداد الباطنة”، الشركة المتخصصة في تقديم خدمات إدارة النفايات على مستوى السلطنة.
وقال عبد اللطيف الملا رئيس مجلس إدارة إمداد، إن تعزيز التوسع الإقليمي في سلطنة عمان يؤكد الالتزام بترسيخ مكانة الشركة الرائدة في قطاع إدارة المرافق، والسعي من خلال هذا المشروع المشترك إلى الارتقاء بمعايير القطاع في السلطنة عبر تقديم خدمات ذات جودة عالية.
من جهته، قال ناصر راشد سيف الشبلي الرئيس التنفيذي للعقارات في أومينفست، إن التعاون مع إمداد سيوفر خدمات عالمية المستوى وحلولا مبتكرة للسوق، ما يسهم أكثر في نمو وتطوير البنية التحتية في سلطنة عمان.وام