دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تستعيد القطارات مجدها في أنحاء العالم مع تزايد طلب المسافرين عليها.. من القطارات عالية السرعة، و"الرحلات البرية" الفاخرة، وقطارات المسافات الطويلة النهارية والليلية. وقد تجاوزت رحلات السكك الحديدية مستويات عام 2019، في العديد من الدول، وهذا الأمر تخطى توقعات الخبراء بكثير.

لكن، إلام يعود سبب نهضة السكك الحديدية هذه؟

يزيد عدد سكان العالم المتحضرين وتزيد متطلباتهم للتنعّم بتنقل جيد داخل المدن وفيما بينها. ويبحث الكثير منا أيضًا عن بديل سريع وموثوق ومستدام لتفادي بؤس الطرق السريعة المزدحمة، أو السفر الجوي لمسافات قصيرة. وتستثمر دول العالم بمليارات الدولارات في البنية التحتية الجديدة التي ستساعدنا على الانتقال إلى النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين.

لكن القطارات لا تقتصر على مجرد التنقل اليومي. فبالنسبة للعديد من المسافرين، تعد أفضل رحلات القطارات وجهة بحدّ ذاتها، وهي تجربة لا تُنسى قد تتراوح من عربة تقدم بانوراما بزاوية 360 درجة لجبال الألب السويسرية، إلى تجربة فاخرة للغاية على متن"فندق على السكة" مثل قطار البندقية سيمبلون-أورينت-إكسبريس الشهير.

فيما يلي بعض من أفضل القطارات الجديدة التي يمكنك اختبارها، في عام 2024.

باريس إلى برلين ليلاً أو نهارًا ستصبح خدمة Nightjet الجديدة ليلاً في أواخر عام 2024.Credit: Laurie Dieffembacq/Belga/AFP/Getty Images

كانت الروابط بين العاصمتين الأكثر زيارة في أوروبا سيئة للغاية، بسبب غياب خطوط قطارات مباشرة منذ تسعينيات القرن المنصرم. لكنّ هذا الأمر تغيّر للتو مع دخول قطار ليلي مباشر تديره شركة ÖBB (السكك الحديدية الفيدرالية النمساوية).

سيتم تشغيل خط "Nightjet" بداية ثلاث مرات أسبوعيًا، عبر ستراسبورغ وفرانكفورت، وسيصير ليلًا في خريف عام 2024، ما يوفر خدمة مباشرة عالية الجودة للمسافرين من رجال الأعمال والسيّاح.

كما هي الحال مع مسارات Nightjet الأخرى، يتوقّع أن يكون الطلب عليه مرتفعًا. تبدأ المقاعد من 33 دولارًا فقط، ومقصورات النوم من 105 دولارات للشخص الواحد.

ويرجح أن يحصل خط باريس-برلين على اتصال نهاري، إذ تعمل SNCF (شركة السكك الحديدية الحكومية الفرنسية) مع نظيرتها الألمانية لتقديم قطار مباشر عالي السرعة TGV في عام 2024، تستغرق الرحلة على متنه حوالي سبع ساعات.

قطار إيطاليا الجديد الفخم جانب من قطار الشرق السريع La Dolce Vita.Credit: Dimorestudio

بعد تأجيل غير متوقع لمدة عام، سيستقبل القطار الإيطالي الجديد الفائق الفخامة "Orient Express - La Dolce Vita" أولى ركّابه في وقت ما، في عام 2024.

تم إنشاء القطار من قبل مجموعة الفنادق الفرنسية أكور، ويستهدف المسافرين المهتمين بالتصميم، متخليًا عن طراز Belle Epoque التقليدي لقطار البندقية Simplon-Orient-Express، الذي كان يتّسم  بالهندسات الداخلية التي تحتفي بالديكور الإيطالي والفن والهندسة المعمارية في ستينيات القرن الماضي. ويتميّز أيضًا بمظهره الخارجي المستوحى من القوارب البخارية الفاخرة مثل Riva Aquarma الأسطورية.

وسوف يعبر إيطاليا من الشمال إلى الجنوب في ستة مسارات منتظمة تعرض الكنوز التاريخية التي لا تعد ولا تحصى في البلاد، من جبال الألب الإيطالية والبندقية وروما، إلى ماتيرا وباليرمو في الجنوب. ستتضمن الرحلات إلى صقلية قفزة لا تُنسى عبر مضيق ميسينا على متن آخر عبارة قطار ركاب في أوروبا.

سينطلق القطار  بستة مسارات لليلة واحدة أو اثنتين من روما. وتبلغ الكلفة الأدنى للشخص الواحد حوالي 2000 دولار، وستتم إضافة الطرق الدولية إلى باريس وإسطنبول وسبليت على ساحل البحر الأدرياتيكي في كرواتيا لاحقًا. إنها تجربة رائعة لـ62 شخصًا محظوظين سيحصلون على مكان في كل رحلة.

بروكسل إلى براغ في مقصورة للنوم يزداد الطلب بالفعل على مقصورات European Sleeper. Credit: Jeroen Berends

فاق الطلب على القطارات الليلية في أوروبا العرض بالفعل، ما دفع بالعديد من الشركات الناشئة الطموحة للكشف عن خطط لإدخال طرق جديدة ومثيرة.

انطلقت التعاونية البلجيكية الهولندية European Sleeper في عام 2023، وستقوم بتمديد قطار بروكسل-برلين إلى دريسدن وبراغ في مايو/ أيار 2024، ما يوفر رابطًا مباشرًا تشتد الحاجة إليه بين المدن في غرب ووسط أوروبا.

تتميّز العربات التي خضعت للتجديد إذ استحالت مقصورات للنوم ذات أسرّة صغيرة، أو مقاعد قابلة للاستلقاء، وتستهدف المسافرين بميزانيات مختلفة، إلى جانب الميزات الحديثة مثل نقاط الشحن والواي فاي.

سرعة عالية إلى بومبي سيتم تشغيل قطارات Frecciarossa عالية السرعة بين روما وبومبي، حاليًا. Credit: Gabriel Bouys/AFP/Getty Images

يزور أكثر من أربعة ملايين شخص سنويًا مدينة بومبي الرومانية في جنوب إيطاليا، التي دمّرها ثوران بركاني عام 79 بعد الميلاد.

بالنسبة لمن يستخدمون وسائل النقل العام، لم تكن الرحلة الأسهل دومًا، حيث تتطلب عملية التبديل في نابولي، من قطارات الشبكة الوطنية إلى وسائل النقل المحلية المتهالكة التي عفا عليها الزمن، قطارات شيركومفيسوفيانا سيئة السمعة.

لكن هذا الواقع سيتغير خلال عام 2024، مع  مسار أسبوعي مباشر عالي السرعة من روما يستغرق ساعتين فقط. قامت شركة السكك الحديدية الوطنية ترينيتاليا بتوسيع الرابط بعد تجربة في عام 2023، وذلك باستخدام قطاراتها الرائعة عالية السرعة Frecciarossa. 

وعوض تشغيلها يومًا واحدًا شهريًا، كما حدث في عام 2023، سيصبح المسار الآن أكثر قابلية للتطبيق مرة واحدة أسبوعيًا. وعند مغادرة روما قبل الساعة 9 صباحًا، تتيح الرحلة للزوار ثماني ساعات لاستكشاف بومبي والعودة إلى روما بحلول الساعة 9 مساءً، لتناول عشاء متأخر.

لتوفير الوقت، تتوفر تذاكر الدخول والمعلومات في القطار، كما تعمل الحافلات المكوكية المخصصة لنقل الركاب من المحطة إلى الآثار.

الأخبار السيئة؟ يتم تشغيله فقط في أيام الآحاد والعطل الرسمية المحددة.

مدريد إلى باريس بأسلوب (سريع) سيرتبط خط مدريد وباريس الجديد عالي السرعة بعملية إيريو الإسبانية. Credit: Jesus Hellin/Europa Press/Getty Images

رغم استثمار مليارات الدولارات في اتصالات جديدة عالية السرعة تحت جبال البيرينيه، فإن خدمات السكك الحديدية العابرة للحدود بين إسبانيا وفرنسا سيئة حاليًا حيث لا يوجد سوى قطارين يوميًا.

ومن المقرر أن يتحسن هذا في عام 2024، حيث ستكثف شركات القطارات الإسبانية والإيطالية منافستها مع مركبات TGV الفرنسية، التي تشغل المسار حاليًا.

قدمت شركة السكك الحديدية الوطنية الإسبانية Renfe مسارات جديدة من مدريد وبرشلونة إلى ليون/مارسيليا في عام 2023، كما أعلنت ترينيتاليا عن خطط لربط باريس-برشلونة-مدريد في عام 2024، باستخدام قطارات فريتشياروسا التي تبلغ سرعتها 249 ميلًا في الساعة.

حول العالم في 80 يومًا ستشمل رحلة Railbookers التي تستغرق 80 يومًا حول العالم، رحلة أخرى على متن قطار Rocky Mountaineer الكندي.Credit: Ian Clarke/Alamy Stock Photo

أربع قارات، و13 دولة، وسبعة قطارات فاخرة على مدار 80 يومًا، من المقرر أن تغادر التجربة النهائية الخاصة بخبراء السفر في أواخر عام 2024.

قامت شركة السفر المتخصصة Railbookers بتجميع خط سير جديد ضخم يشمل سبعة من أكثر القطارات شهرة في العالم: روكي ماونتينير في كندا، وبيلموند رويال سكوتسمان، وفينيسيا سيمبلون-أورينت إكسبريس، وغولدن إيغل دانوب إكسبريس عبر أوروبا الوسطى، وقطار المهراجا إكسبريس في الهند، وقطار روفوس في جنوب أفريقيا وأفخم قطار في جنوب شرق آسيا، القطار الشرقي والشرقي السريع الذي أعيد إلى التشغيل حديثًا.

وأفاد فرانك ماريني، الرئيس التنفيذي ورئيس شركة Railbookers، في بيان صادر لوسائل الإعلام: "يستمر الطلب على السكك الحديدية الفاخرة في النمو، واستجابة لذلك أنشأنا قائمة الرحلات النهائية". وتابع: "نظرًا لأننا رأينا اتجاهًا لدمج مسارات الرحلة حتى تشمل العديد من القطارات الفاخرة، فقد قمنا بتصميم خط سير الرحلة هذا بالتوازي مع مسارات أصغر وقابلة للتخصيص تضم هذه القطارات الشهيرة". 

سينطلق المسافرون الذين يقومون برحلة مدتها 80 يومًا، بسعر يبدأ من 119.599 دولارًا أمريكيًا للشخص الواحد، من فانكوفر في 28 أغسطس/ آب، ويعبرون أكثر من 20 مدينة في أوروبا والهند وجنوب إفريقيا وماليزيا إلى وجهتهم النهائية في سنغافورة. يتم التعامل مع الفنادق ونقل الأمتعة ورحلات الطيران ومعظم الوجبات والجولات خارج القطار من قبل متخصصين في السفر، ما يتيح لك الحرية في الاسترخاء والاستمتاع برحلة العمر حول العالم.

ألمانياإسبانياإيطاليابلجيكافرنساباريسبرلينقطاراتنشر السبت، 06 يناير / كانون الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: باريس برلين قطارات السکک الحدیدیة عالیة السرعة فی أوروبا فی عام 2024 فی عام 2023

إقرأ أيضاً:

هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي

في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يَعُد مستقبل الوظائف مجرد سيناريوهات مستقبلية أو تكهنات بعيدة، بل بات واقعًا يتشكّل بسرعة تفوق التوقعات. ما كان يُعتبر ضربًا من الخيال قبل سنوات، أصبح اليوم حقيقة مدعومة بأرقام وتقارير صادرة عن كبرى المؤسسات البحثية والتقنية.

الذكاء الاصطناعي لم يَعد يكتفي بأتمتة المهام الروتينية، بل بات يُعيد تشكيل سوق العمل من جذوره، ويبتكر وظائف لم تكن موجودة من قبل، دافعًا بالمهن إلى تحوّل غير مسبوق في النوع والسرعة والمهارات المطلوبة.

ووسط هذه التحولات المتسارعة، لم تعد الوظائف الجديدة خيارًا تقنيًا نخبويًا، بل أصبحت ضرورة حتمية تفرضها موجات التغيير، وتُبرز الحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد بمرونة واستعداد دائم.

فالتغيير الذي كان يستغرق عقودًا بات يحدث خلال أشهر، ومهن الأمس باتت تُستبدل بوظائف لم نسمع بها من قبل، إذ تُجمِع التقارير الحديثة الصادرة عن  PwC و Gartner وMcKinsey  على أن الوظائف الجديدة ليست ترفًا تقنيًا، بل ضرورة إستراتيجية للتكيف مع عالم سريع التغيّر.

من أبرز هذه الوظائف، فني الصيانة التنبُّئِية بالذكاء الاصطناعي (AI Predictive Maintenance Technician) الذي يستخدم خوارزميات لرصد الأعطال قبل وقوعها، ما قد يُوفر على الشركات ما يصل إلى 630 مليار دولار سنويًا، بحسب Cisco Systems، وكذلك مهندس سلاسل الإمداد الذكية (Smart Supply Chain Engineer )، الذي يوظف أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة ودقة تسليم المنتجات؛ إذ أظهرت دراسة لمؤسسة Deloitte أن هذه الوظيفة يمكن أن تقلّص وقت التسليم بنسبة 40%، وتخفض الانبعاثات بنسبة 25%.

إعلان

إنها ليست مجرد لحظة تحوّل في سوق العمل، بل ثورة مهنية تقودها الخوارزميات، وتبتكر وظائف لم تُكتب فصولها بعد، وفي قلب هذه الثورة، تتزايد الحاجة إلى مواهب قادرة على فهم هذه التحولات والتفاعل معها بمرونة وكفاءة.

فالسؤال لم يَعُد: "ما الوظيفة التي سأشغلها؟"، بل أصبح: "هل وظيفتي المقبلة موجودة أصلًا؟"، في وقت تشير فيه دراسة حديثة لمعهد McKinsey Global (2024) إلى أن 85% من وظائف عام 2030 لم تُخترع بعد.

هذا الواقع الجديد يُحتّم على الأفراد والمؤسسات إعادة التفكير في مهاراتهم، وأنماط التعلم، ونماذج العمل، استعدادًا لسوق لا يعترف بالثبات، بل يكافئ القادرين على التكيف المستمر، والتعلّم مدى الحياة.

في القطاع القانوني مثلًا، يُعاد تعريف العمل المكتبي مع ظهور محلل العقود الذكية (Smart Contract Analyst)، الذي يدمج بين القانون والبرمجة لفهم وتحليل الوثائق القانونية الرقمية.

أما في المجال الأخلاقي، فتبرز حاجة الشركات إلى مهندس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Engineer) لضمان ألا تتخذ الخوارزميات قرارات متحيزة أو تمييزية، كما تنبأت Gartner بأن 30% من الشركات الكبرى ستوظف هذا الدور بحلول 2026.

ضمن الرؤى الاستشرافية التي تقدمها تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها، تم التنبؤ بظهور خمس مهن جديدة بحلول عام 2030، تشمل: مدقق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Auditor)، ومهندس الميتافيرس (Metaverse Engineer)، ومطور برامج الحوسبة الكمومية (Quantum Software Developer)، ومعالجًا نفسيًا مختصًا في الإدمان الرقمي (Digital Detox Therapist)، ومهندس التعلم (Learning Engineer).

هذه الوظائف – التي لم يكن لها وجود فعلي قبل سنوات قليلة – تعكس ليس فقط التحولات التقنية، بل أيضًا التغير العميق في طبيعة المهارات المطلوبة.

إعلان

وهو ما يفرض على الجامعات ومراكز التدريب إعادة صياغة مناهجها لتتناسب مع هذه الاتجاهات المستقبلية، وتوفير بيئات تعليمية مرنة تُعد الطلبة لشغل أدوار لم يُخترَع جزء كبير منها بعد.

قصة حقيقية من كوريا الجنوبية تُجسّد هذا التحول: "لي جاي هون"، مهندس ميكانيكي سابق، أعاد تأهيل نفسه ليصبح منسق التفاعل بين البشر والروبوتات (Human-Robot Interaction Facilitator)، ليقود فريقًا في تطوير تجربة العملاء داخل متاجر ذكية تستخدم مساعدين روبوتيين. بعد ستة أشهر من التدريب المتخصص، تضاعف دخله وانتقل إلى إدارة مشاريع تقنية كانت خارج نطاق تصوره المهني السابق.

لكن هذا التقدم لا يتوزع بشكل عادل حول العالم. ففي حين تسارع الدول الصناعية إلى إعادة هيكلة أنظمتها التعليمية واستثماراتها في المهارات المستقبلية، تقف الدول النامية، وخاصة العربية، أمام تحديات مضاعفة. ضعف البنية التحتية الرقمية، ونقص التمويل الموجه للبحث والتطوير، يحدان من قدرة هذه الدول على مواكبة التحول.

بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، فإن فجوة المهارات الرقمية في بعض دول الشرق الأوسط تتجاوز 60%، وهو ما يهدد بتهميشها في الاقتصاد العالمي الجديد.

هنا يبرز دور الحكومات كمحرك رئيسي للجاهزية المستقبلية. فبدلًا من التركيز فقط على خلق وظائف تقليدية، عليها تبني سياسات دعم للوظائف الرقمية الجديدة، مثل تقديم حوافز للشركات التي توظف في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإنشاء شراكات بين الجامعات ومراكز الأبحاث التكنولوجية، كما فعلت سنغافورة ورواندا بنجاح لافت.

في العالم العربي، بدأت مؤسسات وشركات في دول مثل قطر، والسعودية، والإمارات تولي اهتمامًا متزايدًا بهذه التحولات. على سبيل المثال، أطلقت بعض الجامعات العربية برامج دراسات عليا متخصصة في الذكاء الاصطناعي، تشمل مساقات تتناول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف القطاعات.

إعلان

كما بدأت بعض الشركات الناشئة في المنطقة توظيف مختصين في تصميم واجهات تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس بداية دخول العالم العربي في موجة جديدة من الابتكار الوظيفي.

هذا الواقع الجديد يتطلب إعادة نظر شاملة في مفهوم المهارة. فالمهارات التقنية وحدها لم تعد كافية، بل أصبحت المهارات التحليلية والإنسانية مثل التفكير النقدي، والإبداع، والتواصل الفعّال، عوامل حاسمة للنجاح في هذه المهن الناشئة.

كما يُعد الاستثمار في منصات التعلم مدى الحياة خطوة ضرورية لتقليل "التآكل المهني السريع"، إذ تشير تقديرات البنك الدولي (2024) إلى أن 40% من المهارات الحالية ستصبح غير صالحة خلال خمس سنوات.

المسؤولية اليوم لا تقع على الحكومات فحسب، إذ على الأفراد كذلك أن يعيدوا تعريف علاقتهم بالوظيفة. فالمستقبل سيكون لمن يتقنون فن التعلم المستمر والتكيف السريع، لا لمن يعتمدون على تخصص جامعي واحد مدى الحياة. إن مهارات مثل تحليل البيانات، التفكير النقدي، والقدرة على التعاون مع الخوارزميات، ستكون العملات الجديدة في سوق العمل.

المؤكد أن سوق العمل لم يعد كما عرفناه. فبينما استغرقت الثورة الصناعية الأولى قرنًا لتغيير طبيعة المهن، يكفي اليوم تحديث خوارزمية واحدة لإعادة تشكيل صناعة بأكملها.

ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى جميع القطاعات – من القانون إلى الطب، ومن الإعلام إلى الخدمات اللوجيستية – فإننا أمام تحول يشبه الانتقال من عصر الفلاحة إلى الثورة الصناعية، لكن بوتيرة أسرع بمئة مرة.

هذا التسارع غير المسبوق يفرض علينا جميعًا، حكومات وأفرادًا، أن نعيد تعريف جوهر المهارات المطلوبة، ونفكر بمرونة، ونستعد لما هو أبعد من مجرد التغيير: إلى ما يشبه إعادة خلق الإنسان المهني من جديد.

عودٌ على بدء، فإن المهن الجديدة التي أوجدها الذكاء الاصطناعي تمثّل اليوم فرصة مهمة للعالم العربي ليس فقط لمواكبة التحول الرقمي، بل لقيادته أيضًا في بعض المجالات. ويتطلب ذلك استثمارًا جادًا في التعليم، والبحث، وتوفير بيئة تنظيمية وأخلاقية تُشجّع على الابتكار دون الإضرار بالقيم المجتمعية.

إعلان

وأخيرًا، نقف اليوم على أعتاب مرحلة يُعاد فيها رسم خريطة العمل عالميًا، ومن يتهيأ لها منذ الآن، سيكون الأقدر على حصد ثمارها لاحقًا.

فالمستقبل لا ينتظر المترددين، بل ينحاز لمن يملكون الشجاعة لتعلم الجديد، والمرونة لإعادة تشكيل ذواتهم المهنية، والوعي بأن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل أداة تفتح أبوابًا لم تُطرق من قبل. إنها لحظة تحوّل، والفرص الكبرى قد لا تأتي مرتين.. فهل نحن فاعلون؟

 

| الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

مقالات مشابهة

  • هيئة الأفلام تصدر تقرير شباك التذاكر لعام 2024: إيرادات تتجاوز 845 مليون ريال وبيع 17.5 مليون تذكرة خلال عام
  • مواعيد القطارات اليوم من القاهرة إلى أسوان والعكس.. إحجز تذكرتك بدون الذهاب للمحطة
  • مواعيد القطارات اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025
  • محافظ الإسكندرية يتابع إزالة المحال المتعدية على حرم السكك الحديدية ومسار مشروع مترو أنفاق أبوقير
  • أطباء أفارقة يتطوعون لعلاج الأمراض النادرة في القارة الأكثر فقرًا في العالم
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • من قبلي لـ بحري.. جدول مواعيد القطارات اليوم الإثنين 28 أبريل 2025
  • مواعيد القطارات على خط «القاهرة - أسوان» اليوم الإثنين 28 أبريل 2025
  • مواعيد القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية» اليوم الإثنين 28 أبريل 2025
  • مقتل شخصين كانا على سطح قطار في ضواحي العاصمة الالمانية برلين