بوابة الوفد:
2025-03-10@22:51:28 GMT

ميلاد المسيح هو ميلاد الأبدية

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

لا شك أن الفداء هو السبب الأساسى للتجسد، جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل ذاته عن الكثيرين، جاء السيد المسيح ليوفى العدلى الإلهى ولينوب عن البشرية فى الموت وفى كل ما هو مطلوب منها أن تعمله نحو إرضاء الله لكى تكون لهم حياة أفضل. لقد كانت خطة الفداء ماثلة فى فكر الله منذ سقوط الإنسان الأول، وأول ما نتذكره فى عيد الميلاد المجيد هو أن الله يسعى دائماً لخلاص الإنسان حتى لو كان الإنسان لا يتهم بأبديته بأى طريقة، لأنه يريد خلاص الجميع.

 عندما تجسد كلمة الله فى صورة بشرية فقد جسد على أرضنا فى صورة مرئية وبذلك صار الله الحى متجلياً فى صميم الواقع البشرى حتى لا يبقى الإنسان جاهلاً مصدره أو غريباً عن خالقه.

 قد تجسد ابن الله الأبدى فى حاضرنا الزمنى، لكى يملأ حاضرنا بما هو أبدى، ويجعل مستقبلنا الأبدى مشرقاً بالرجاء، لأن ما نعيشه من شركة الحياة مع الله بالمسيح هو البدايات الأولى التى ستنمو معنا وتستمر وتزدهر، حيث فى الأبدية تبلغ كمال ملئها «لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله» (أف 19:3). هذا التجسيد للحياة الأبدية أمام عينى الإنسان، هو فى ذات الوقت دخول حياة الله إلى عالم الإنسان، لكى يدخل فى شركة الحياة والخلود مع الله، ويحيا معه إلى الأبد «لذى رأيناه وسمعناه نخبركم به لكى يكون لكم أيضاً شركة. وأما شركتنا نحن فهى مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح» (أيو3:1).

 بهذا صارت الحياة الأبدية حقيقة أمام كل إنسان تشتهى نفسه إلى حياة الملكوت، فعندما يؤمن الإنسان بالمسيح يسوع، ولد من فوق ويسير فى طريق النور، تحل فيه حياة المسيح وهى حياة روحية لضمان النمو الداخلى وتغيير الحياة الإنسانية باستمرار إلى الأفضل، ولتزويد المؤمنين بكل مقومات الحياة كقوة إيجابية فعالة ساكنة فى الإنسان، هذه هى الحياة الأبدية التى جاء السيد المسيح مجسداً إياها أمام الإنسانية. 

 فنفرح اليوم بميلاده العجيب ونسبح مع الملائكة قائلين: «المجد الله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة».

 

الدكتور رفيق رمسيس مرقص

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفداء العالم ل ارضاء الله

إقرأ أيضاً:

هل يتقرّب الإنسان إلى الله بالعقل؟

لا بدّ أن يكون المؤمن ذا قلب سليم وعقل سليم ومستقيم وخالٍ من العلل




يعدّ القرآن معجزة عقليّة، تحتكم إلى العقل في فهمه وتدبّره أو استنباط الأحكام من نصوصه، كما يمثل العقل في الإسلام مناط التكليف بكل الفرائض والأحكام، لهذا جاء القرآن بكل الأدلة المنطقية والبراهين العقلية للبرهنة على وجود الخالق، ودحض حجج المنافقين والمكابرين، وأجاب عن كل التساؤلات الملحة التي قد تتكرّر عبر الزمان. ألم يجعل الله سبحانه من التفكر والتدبّر عبادة يؤجر عليها المرء ويثاب؟ وجعل من العقل سبيل الوصول إلى الحق والخير وفهم العدل والفضيلة وجعل له قدرات التمييز ما بين خير الخيّرين وشرّ الشريرين، وكلّ هذا ليكون حجة على الإنسان (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ).
وعندما يصل الإنسان إلى الحق عن طريق العقل يفتح الله له أنوار الهداية والقرب منه لهذا جاءت كلمة لا يعقلون: أي الذين لا يهديهم عقلهم إلى طريق الله في 11 آية، وقد حدّدت هذه الآيات صفات واضحة وصريحة للذين لا يعقلون، أي لا يهتدون إلى طريق الله، أو اتخذوا من دون الله شفعاء، أو يتبعون آباءهم حتى ولو كانوا على ضلالة، أو يتخذون الصلاة هزءاً ولعبًا، أو يفترون على الله الكذب، أو الإيمان بغير الله... إلخ.
دعونا نتمعّن في المدلول اللّفظي للعقل "ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي أو المنع أو المحظور والمنكر، ومن هنا كان اشتقاقه من (عقل) التي يؤخذ منها العقال.
متى يتقرب الإنسان إلى الله بالعقل؟ كيف أجعل العقل سليمًا قادرًا على الاستبصار والاستنباط؟ ما المقصود بنور الله الذى ينير به العقل المؤمن؟ ومتى يصبح العقل طريقًا إلى جنّات عدن؟ أليس أقصر الطرق وأفضل مقامًا من يعبد الله بعقله وقناعته وفكره؟!
لن يستدل المؤمن بكل هذه المقاصد إلّا بنور "البصيرة" التي تعني الفهم الثاقب الصحيح والعلم في دين الله، ومما لا شكّ فيه أن فقدان البصيرة الواعية حجاب طامس وتشويش لمعاني التدين الصحيح، تجعل الإنسان أضل من الأنعام.
المسلم بحاجة ملحّة إلى البصيرة في كل شيء، وفهم دين الله أشدّ أهميّة الآن من أيّ وقت مضى؛ وقد طغت الحياة المادية وزاد التشدّد والتزمّت في غالب تفكيرنا، وما ترتب عليه من بروز الطرق المنحرفة والسلوكيات المشينة والأخلاقيات السيئة، والبصيرة هي تلك القوة التي تقف وراء العقل، كما يسلط النور على الأشياء فتتضح وسط الظلمة، كذلك العقل مهما سما لن يستغني عن النقل أو ما شرعه الله لعباده من أحكام تقنن لحياته.
قاعدة قرآنيّة طالما تناسيناها كمسلمين ولن نهتدي إلى جادّة الصواب حتى نُحسن استخدام عقولنا، ويحذّر القرآن من أنّنا لن نهتدي إلى الحق الذي فيه إلا إذا كُنّا من الذين يعقلون، لهذا فإنّ "العقليّة المؤمنة" نابعة من القرآن دفاعًا عن الإيمان ومرادفاته. إذن كيف نسخّر هذه العقليّة المؤمنة لنتقرب بها إلى الله؟
لا بدّ أن يكون المؤمن ذا قلب سليم وعقل سليم ومستقيم وخالٍ من العلل والآفات التي تؤثر حتماً في إمكانيات العقل وقدراته، فإمّا أن يزيد نور هذا العقل بالإيمان وعمل الخير وإمّا أن يخفت حتى ينطفئ بسبب الظلم والطغيان، وكل ما يطغى إثمه على نفعه يوجب العقل تجنبه، ذلك رجس من جهة العقل، كما في الآية (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلونَ) وقد أريد في الآية بالرجس ما يقابل الإيمان من الشكّ والريب بمعنى يسلب الإيمان عن الذين لا يعقلون.
لهذا دعونا نقتنص هذه الأوقات الثمينة من عمر الزمن -رمضان- وأن نفسح المجال لعقولنا لتكون نيّرة واعية قادرة على أن تقتبس من أنوار هذا الشهر الفضيل، وأن تسهّل الطريق الأمثل إلى الله، ونزيد من الاجتهاد عند اقتراب مواسم الطاعات، فالاستثمار الأمثل في الآخرة في ليلة خير من ألف شهر، لهذا ورد الأمر الشرعي في رمضان بالتنافس، والمسابقة والمسارعة للخير، للحصول على منازل الآخرة؛ والفوز بالنعيم المقيم الذي لا يزول من خلال استخدامنا لعقولنا في الدنيا من أجل الآخرة.
الجاهل أو المقصّر هو الذي تكون عبادته موسميّة في أوقات معلومة، أو من يعبد الله على حرف، فالله يستحق الطاعة والرضوخ لأوامره التي ليست مصحوبة بشرط ولا شك.
والشعائر الظاهريّة بدون تعقل وتدبر لا تؤتى ثمارها من القبول، لأنّ الله يعبد بالعلم وبالتفكر وبالفهم والتدبر سواء في الصلوات والعبادات والنّسك، أو في التأمّل في ملكوته وآياته، وأقصر الطرق إلى الله ما كان فيها إدراك وتمعّن، لأنّ المسلم الحكيم هو من يسترعي انتباه كلّ المعاني الخفيّة والمقاصد من الشعائر والعبادات. ولهذا جعل الله الذين عطّلوا عقولهم هم الذين ضلوا وأضلّوا، ولهذا لا يقال للعاقل عاقلاً حتّى يعصم نفسه من الزلل والشطط والانحراف، كما في قوله تعالى على لسان أهل النار :(وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).

مقالات مشابهة

  • عبد المسيح: تشرفت اليوم بزيارة الرئيس عون
  • سمعُك في رمضان
  • بالفيديو.. ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء تُوضح
  • وزير الأوقاف: القرآن منهج حياة شامل وليس مجرد كتاب ديني
  • هل يتقرّب الإنسان إلى الله بالعقل؟
  • القرآن الكريم دستور حياة مثالية 100 %
  • عبد المسيح يشيد بدور المعلمين ويؤكد: أنتم في صلب معركتنا
  • مأساة فى نهار رمضان.. عاطل ينهى حياة مسن أمام المارة بالبحيرة
  • وزير الأوقاف: حياة الوطن جيلاً بعد جيل تظل مدينة لأرواح الشهداء
  • ملتقى باب الريان بالأزهر يناقش حرمة إنهاء حياة الإنسان وتحذير القرآن من خطورته