رأي اليوم:
2025-04-02@07:34:39 GMT

جواد العطار : العراق: فوضى الاعمار

تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT

جواد العطار : العراق: فوضى الاعمار

جواد العطار لا اختلاف ان مقولة من “يضع حجرا على حجر” للكاتبة المصرية منى نور الدين هم اصحاب المقام الرفيع ، الا انه ومع الاسف هذه المقولة لا تنطبق على العراق بكافة المقاييس ، لسببين هما: ١. ان الاعمار الجاري لا يستجيب لحاجة الجمهور الفعلية. ٢. ان طابعه استثماري ربحي بحت دون أية دراسة. بالفعل هذا ما يجري ، فالمجمعات السكنية والمباني الشاهقة ليست في متناول اغلب الطبقات مع وجود اكثر ثلاثة الاف عشوائية في بغداد وحدها ، وتكدس المولات والماركتات الكبيرة ليست ضمن الحاجة الفعلية للشعب مع عديد الجامعات الاهلية والمستشفيات الخاصة التي تكلف المواطن مبالغ باهظة… بما يشبه الفوضى الحقيقية في ظل غياب التنظيم العمراني وطمس الهوية الأصيلة للمدن العراقية وحتى تغيير ديمغرافيتها بانتقال اصحاب الاموال الى مراكز المدن المهمة مثل بغداد والمدن المقدسة في كربلاء والنجف الاشرف.

ان ما يجري ينذر بخطر كبير ، فليس من المعقول ان لا نستفيد من تجارب الاخرين ، فهل يعقل ان نكرر تجربة مدن الصفيح في امريكا اللاتينية التي تمتاز مراكزها الرئيسية بناطحات السحاب والرفاهية المفرطة بينما تخفي خلفها مدن الصفيح المتهرئة والتي تضم غالبية الشعب… انها مغامرة مستقبلها اظلم وحالك على الأجيال المقبلة فالكلام على التوازن الاجتماعي والهوة السحيقة بين الطبقات ليست في مصلحة احد ، بين طبقة مخملية جديدة ظهرت في مجتمعنا وطبقات محرومة ومهمشة لا تستطيع توفير قوت يومها. فالمتر في المجمعات السكنية الاستثمارية الجديدة يتراوح بين الف دولار وتسعة الاف دولار في بغداد وباقي المحافظات بينما متوسط دخل الفرد العراقي السنوي لا يتجاوز ٧ ملايين دينار حسب وزارة التخطيط اي ما يعادل اقل من خمسة الاف دولار… فمن الذي يشتري في هذه المجمعات؟ ، والقسط السنوي في المدارس الاهلية يعادل نصف دخل الفرد العراقي في المدارس المتوسطة مثلا!!! ودخول مستشفى اهلي معناها فواتير طويلة من الخدمات باهظة الثمن التي تفوق مثيلاتها في دول الجوار… فمن يوقف هذا الاستغلال ويضع ضوابط وتعليمات صارمة تنصف كل الطبقات من عمال وموظفين وكسبة ومتقاعدين وبسطاء مهمشين؟. ان كامل المسؤولية يقع على الدولة التي تمنح المستثمرين مشاريع دون أية شروط او ضوابط ليحققوا الارباح الهائلة على حساب الكادحين من ابناء الشعب ، من خلال تخصيص جزءا من ميزانياتها لبناء دور منخفضة الكلفة في متناول الطبقة البسيطة وان تحسن من الخدمات الصحية التي تقدمها وترفع من جودة التعليم الحكومي ، وان تفرض على المستثمرين في المجمعات السكنية نسبة ٢٠ بالمئة مدعومة للطبقة المتوسطة وكذا في المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة ، حتى تتوقف فوضى ما يسمى بالاعمار ونحافظ على الجزء اليسير مما تبقى من طبقات المجتمع. فبعد ان استباحت الدكتاتورية البلد لخمسة وثلاثين عاما والاحتلال والارهاب لعقدين ونصف وبعد كل النضال والدماء التي سالت نقدم مقدرات البلد على طبق من ذهب مجانا تحت يافطة الاستثمار؛ لافراد لا يملكون اي فضل او انجاز سوى ان لديهم علاقات. كاتب عراقي

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

من العوجة إلى ميسان رحلة تحول الحكم الكبرى

بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..

على مدى قرون من الزمن رزح الجنوب العراقي تحت حكم السطوة السياسية المحكومة بالجذور الأولى لقيام الدولة العربية الإسلامية في بغداد وما تبعها من أنظمة حكم مختلفة كانت سبباً في تكريس مفهوم السلطة الغالبة والمهيمنة على القرار السياسي والإقتصادي وتفاعلات السطوة على الثقافة والنسيج الإجتماعي الذي تصنعه أياد بتوجهات معينة ثابتة مستقرة غير قابلة للتحول والإنهيار لتلك الإعتبارات التي رسخها الوجود العثماني في العراق على مدى قرون من الزمن والذي كرس هو الآخر سلطة متفردة واحدة غالبة غير قابلة للتصدع مدعومة من هيمنة عثمانية في غالب الدول العربية حتى شمال افريقيا والمناطق الداخلية البعيدة نسبياً عن البحر المتوسط ومدن الساحل المتوسطي الذي يطبعه وجود ديني وطائفي متجذر وممتزج بالوجود التركي الذي كان يقاوم في البداية وفقاً لقاعدة الصراع القومي بين العرب والأتراك الذين مارسوا سياسة التتريك في المناهج العلمية والثقافية العامة وحتى إشتراطات الدين والمذهب من خلال تكريس الفكر الصوفي المتماهي مع الدولة وغير الراغب في المواجهة لأنه يعتمد الروحانية الخالصة البعيدة عن المنافسة والتي تقترب وتبتعد وفقاً لمزاج خاص مع المذاهب الدينية في الجسد الإسلامي ما سمح بتهدئة الأوضاع بين جماعات فكرية والسلطة العثمانية مع أن الوازع القومي كان يتصاعد في الجغرافيا التركية حتى إنهيار الخلافة العثمانية وصعود التيار الأتاتوركي الذي دفع بالدين خارج مساحة التاثير ودعم الثقافة التركية القومية الممتزجة مع العلمانية الحديثة المتأثرة بأوربا وتداعيات التحولات الكبرى فيها منذ الثورة الفرنسية التي غيرت وجه العالم .
ومع إنهيار الوجود التركي ودخول القوات البريطانية من جنوب العراق في العام 1916 وترسخه عام 1917 بإحتلال بغداد وقيام المملكة الهاشمية التي كرست هيمنة دينية خالصة لم تسمح لجغرافيا الجنوب العراقي من النهوض لكن بمرور الوقت وتجذر الثقافة الدينية والإنفتاح الثقافي وظهور الإعلام بشكله الجديد وتأسيس برلمان ونظام حكم ملكي ووزارات راعية لشؤون الدولة .

كانت هيمنة بغداد على الجنوب تتآكل ببطء رهيب يشبه التحولات المناخية أو ذوبان الجليد في القطبين وإرتفاع درجة حرارة الكوكب رويداً رويداً وهنا كان صعود الجنوب من خلال زيادة السكان ونزوحهم نحو المركز ومدن الفرات الأوسط وقيام ثقافة متجذرة من خلال نشوء الحوزات الدينية وظهور فئات إجتماعية تشتغل في التجارة والسياسة والثقافة وكان الثقل السكاني في بغداد يتحول تدريجياً رغم محاولات نظام صدام حسين منع ذلك وإصدار قوانين وتشريعات لا تتيح الإنتقال أو التملك في بغداد وبرغم أن القانون كان شاملاً للمحافظات كافة لكنه كان واضحاً في قصديته لسكان الجنوب والفرات الأوسط الذي يتمثل فيه ثقل السكان الذين تمكنوا من الإنتقال بنسبة كبيرة إلى ضواحي العاصمة وما إن إنهار نظام صدام حسين حتى وجدنا أن الحكم والنفوذ والهيمنة السياسية والإقتصادية تحول من شمال وغرب ووسط العراق إلى الجنوب الفاعل والمتحفز والمنتظر لتلك اللحظة التاريخية .
بدأ الصعود السياسي والإقتصادي والثقافي المدعوم من اغلبية سكانية متصاعدة ونسبة إنجاب عالية أدت إلى سطوة وهيمنة كبرى للجنوب العراقي على بقية الجغرافيا العراقية .
كان صدام حسين يتعمد في مناسبات عدة أن يتوجه إلى تكريت مملكته الخاصة وعاصمتها قرية العوجة ليمارس رقصة الجوبي في المناسبات المختلفة وكان يبعث بإشارات الإهتمام والأفضلية من خلال تغليب تكريت والعوجة إقتصادياً وسياسياً وثقافياً وحتى من خلال اللهجة التي بدأ العديد من العراقيين بنطقها على قاعدة : ( عجل يابا .. هينه .. يولو ) وبدأت سلطة القرية تتكرس في العاصمة العتيدة بغداد التي تمتزج فيها اللغات واللهجات والثقافات ، لم يجرؤ أي رئيس وزراء على إرسال إشارات التحدي والنظرة بإعتزاز بمحافظات الجنوب كما فعل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي جال بلباس عربي تقليدي على مضايف محافظة ميسان وصلى صلاة عيد الفطر وزار أسرها وتوغل في نواحيها ومعروف عن ميسان أنها المحافظة الأكثر معاناة من سطوة البعث والسلطة المهيمنة التي جعلت الجنوب يتراجع ويتخلف ويتحول إلى نكتة وسخرية ونوع من القمع غير المسوق .
التحولات السياسية الكبرى في العراق في هذا القرن تنسف أربعة عشر قرناً من هيمنة الرأي الواحد والفكر الواحد ولعل زيارة السوداني إلى ميسان مسقط رأسه دليل على نوع التحول ومداه وإلى أين يذهب .

Fialhmdany19572021@gam

فراس الغضبان الحمداني

مقالات مشابهة

  • خارطة الأرض السوداء.. آلاف الألغام تهدد شرق العراق
  • القبض على عصابة متخصصة بسرقة الدور السكنية في النجف
  • من العوجة إلى ميسان رحلة تحول الحكم الكبرى
  • اكتشاف حقل نفطي ضخم في بحر الصين الجنوبي
  • قبلان: اللعب بنار منع الاعمار يضع البلد في قلب معادلة لا سابق لها بتاريخ لبنان
  • تعرف على الدول التي تضم أكبر عدد من الأغنياء (إنفوغراف)
  • 11 مليار دولار في مهب الريح.. النزاع النفطي يشلّ اقتصاد العراق
  • اليوم.. أسعار صرف الدولار=148500 ديناراً
  • كلب K9 يطيح بعراقية محمّلة بـ”كرستال و4 الاف حبة مخدرة ومارجوانا” في منفذ مع ايران
  • اسعار الصرف تسجل 148500 دينار لكل مئة دولار في بغداد