بين داعش ولوم إسرائيل.. الإرهاب نقطة ضعف ترفض إيران الاعتراف بها
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن شعور الأمن الذي طالما برّرت به إيران لشعبها والعالم، حضورها العسكري في العراق وسوريا "تحطم"، الأربعاء، مع أعنف هجوم منذ تأسيس الجمهورية الإسلام عام 1979.
وذكرت الصحيفة، أنه لسنوات عديدة، عللت إيران حضورها في العراق وسوريا، باعتباره استراتيجية لمواجهة الجماعات الإرهابية، كما أن المسؤولين الإيرانيين، كثيرا ما تفاخروا بأن محاربة الإرهابيين مباشرة أو من خلال الميليشيات بالوكالة في المنطقة تقي البلاد شر مخاطرهم بالداخل
ووقع التفجيران اللذان تبناهما تنظيم داعش، في محافظة كرمان جنوب إيران، خلال حفل تأبيني قرب ضريح القائد العسكري قاسم سليماني الذي قُتل في يناير 2020 في غارة أميركية في العراق.
وأعلن التلفزيون الرسمي الجمعة أن 89 شخصا قتلوا في التفجيرين بينهم نساء وأطفال، بعد وفاة خمسة جرحى بحسب آخر حصيلة.
وأوضحت الصحيفة، أنه حتى بعد إعلان تنظيم داعش مسؤوليتها عن الهجوم، أصر المسؤولون الإيرانيون والنقاد المقربون من الحكومة - كما فعلوا في أعقاب الهجوم مباشرة - على لوم إسرائيل.
وذهبت وكالة تسنيم للأنباء، الذراع الإعلامي للحرس الثوري، إلى حد الادعاء بأن "إسرائيل أمرت داعش بتحمل المسؤولية عن الهجوم".
وقال الرئيس إبراهيم رئيسي، متحدثا في حفل تشييع الضحايا، الجمعة، إن إيران سترد، ملقيا باللوم على كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
"تشويه صورة"ونقلت "نيويورك تايمز" عن محللين ومعارضين إيرانيين، أن إلقاء اللوم على إسرائيل والولايات المتحدة يبقى أكثر ملاءمة بكثير من الاعتراف بأن الدولة لا تستطيع حماية شعبها من الإرهاب.
وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أن هذا الهجوم "يشوه" الصورة التي تسعى إيران لرسمها عن نفسها، باعتبارها قادرة على استعراض قوتها في الحروب في جميع أنحاء المنطقة، مع بقائها بعيدة عن مثل هذا الانتقام الكبير في الداخل.
وأعلنت وزارة المخابرات الإيرانية، الجمعة، عن اعتقال 12 شخصا في ستة أقاليم مختلفة، فيما يتعلق بالهجوم لكنها لم توضح هوياتهم أو انتماءاتهم.
وأضافت، أن أحد الانتحاريين من طاجيكستان، لكن هوية الثاني لم تتأكد بعد.
وأفاد بيان للوزارة، بأن عملاء الأمن اكتشفوا المكان الذي أقام فيه المهاجمون في كرمان، واعتقلوا اثنين من شركائهم.
وأعلن تنظيم داعش، الخميس، مسؤوليته في تفجيري، الأربعاء، قائلا إن رجلين ارتديا أحزمة انتحارية ناسفة ونفذا الهجوم خلال مراسم إحياء ذكرى سليماني، لكن التنظيم لم يحدد ما إذا كان ذراعه في أفغانستان المعروفة باسم تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان هي المسؤولة عن التفجيرين اللذين وقعا بمدينة كرمان.
"اتصالات اعترضتها الولايات المتحدة" تؤكد من يقف وراء تفجيري إيران قال مصدران مطلعان على معلومات استخبارية لرويترز، اليوم الجمعة، إن "اتصالات اعترضتها الولايات المتحدة أكدت ضلوع فرع تنظيم الدولة الإسلامية بأفغانستان في التفجيرين المزدوجين بإيران الذين أسفرا عن مقتل نحو 100 شخص".وقال مصدران مطلعان على معلومات استخبارية لرويترز، الجمعة إن اتصالات اعترضتها الولايات المتحدة أكدت ضلوع فرع تنظيم داعش بأفغانستان في التفجيرين.
وذكر أحد المصدرين "المعلومات الاستخبارية واضحة ولا جدال فيها".
وقال المصدران اللذان طلبا عدم نشر اسميهما لحساسية الأمر، إن المعلومات الاستخبارية ضمت اتصالات جرى اعتراضها وذلك دون تقديم مزيد من التفاصيل. ولم ترد من قبل تقارير عن اعتراض هذه الاتصالات.
وكشف بيان الوزارة الإيرانية، أن الشرطة عثرت على سترتين ناسفتين وأجهزة تفجير عن بعد وقنابل يدوية وآلاف الشظايا التي تستخدم في صنع سترات ناسفة وأسلاك وعبوات ناسفة تشير، كما قال المسؤولون، إلى أن المهاجمين كانوا يخططون لهجمات أخرى.
وأصدر تنظيم داعش، الجمعة، بيانا جديدا هدد فيه بمزيد من الهجمات، وقال إن تفجيرات كرمان تمثل "بداية حربنا" مع إيران.
غضب وتصاعد انتقاداتوفيما يبقى من غير الواضح إلى أي مدى يقبل الرأي العام الإيراني مزاعم السلطات بوقوف إسرائيل وراء الهجوم، أشارت نيويورك تايمز إلى الانتقادات والغضب بدءا في التصاعد تجاه الحكومة.
وقال محافظون موالون لرجال الذين يحكمون البلاد، إن رد إيران الخجول على "الانتهاكات الأمنية الإسرائيلية شجعها أو دفع جهات فاعلة أخرى مثل داعش للهجوم على البلاد".
ونفذت إسرائيل العديد من الضربات على مر السنين ضد المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية، إلى جانب اغتيال علمائها النوويين وغيرهم، بحسب نيويورك تايمز التي أشارت إلى أن "تلك الهجمات، على عكس الهجوم الأخير الذي تبناه داعش، استهدفت بشكل دقيق أهدافها".
يقول أبو ذر نصر، مواطن إيراني في 44 من عمرة من مدينة قم الدينية، "إننا نتلقى الضربات مراراً وتكرارا ولا نفعل شيئاً".
وتابع في مقابلة مع الصحيفة عبر الهاتف: "إذا كانت السياسة هي ضبط النفس، فيجب على المسؤولين التوقف عن خطابات التهديد التي تبدو فارغة ومزيفة.
وتدعم إيران وتساعد في تسليح حركة حماس، المصنفة على لوائح الإرهاب بعدد من الدول، والتي قادت هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، التي ترد بحملة قصف مدمرة على قطاع غزة.
كما أنها تسلح حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، الذين كثفوا هجماتهم على إسرائيل خلال حربها مع حماس.
وهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر ومنعوا السفن المتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر الممر التجاري الحيوي، مما أدى إلى تعطيل الشحن الدولي، في حين يشن وكلاء إيران هجمات شبه يومية على القواعد الأميركية في سوريا والعراق.
وخلال مناقشات متعددة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، تساءل متحدثون من مدن مختلفة وفصائل سياسية مختلفة داخل إيران عن أسباب عدم اتخاذ قوات الأمن المزيد من الإجراءات والاحتياطات لتفادي الهجوم، في ظل تصاعد التوترات في المنطقة.
وسبق أنه أعلن تنظيم داعش عن مسؤوليته في عدد من الهجمات على إيران، من بينها هجوم عام 2018 على عرض عسكري إيراني أسفر عن مقتل 25 شخصًا، وهجومين منفصلين شنهما مسلحون على ضريح شيعي في شيراز عامي 2022 و2023 وأديا إلى مقتل نحو عشرة أشخاص.
تحديات متزايدةواعتبرت الصحيفة، أنه بالنسبة للقيادة الإيرانية، فإن التهديد بشن هجمات إرهابية واسعة النطاق ينضاف إلى قائمة التحديات المتزايدة التي تواجه البلاد، محليا ودوليا.
وذكرت أن الاقتصاد في حالة من الفوضى بسبب العقوبات الأميركية وسوء الإدارة والفساد، كما أن احتمالات الخيار الوحيد، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيف العقوبات، تبدو قاتمة، في إشارة إلى العودة لاتفاق نووي مع الغرب.
وتفرض الحرب بين إسرائيل وحماس بدورها تحديات جديدة على القيادة الإيرانية، حيث تشارك الميليشيات المتحالفة معها بنشاط في القتال، غير أن طهران تتجنب التدخل المباشر وتمدد الصراع ليصل إلى أراضيها.
وقال المحلل السياسي المقيم في طهران، ساسان كريمي، إن "الجمهورية الإسلامية تدرك تمامًا أن هذه الهجمات مجتمعة قد تكون فخا يهدف إلى توسيع دائرة الحرب لتصل إليها".
وتابع "الجميع غاضب. لكن القيادة تريد الرد بضبط النفس لتجنب خطأ استراتيجي قد يعرض قبضتها على السلطة محليا وإقليميا للخطر".
وحتى مع تصاعد خطاب الحرب، أصدر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي تعليمات للقادة العسكريين بمتابعة "الصبر الاستراتيجي"، وتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة بأي ثمن، وفقا لمصدرين إيرانيين مطلعين على المناقشات الداخلية.
ومع ذلك، يدعو بعض المتشددين الإيرانيين، إلى الرد بقوة على الهجمات الأخيرة,
مهدي محمدي مستشار، رئيس البرلمان الإيراني والقائد السابق في الحرس الثوري، دعا إلى "الرد وإلا سيكون علينا كل يوم أن نبكي من أجل المزيد من الشهداء".
وتابع في منشور على منصة إكس: "الرد عبر هجوم مشترك لا يعني دخول الحرب، بل يبقى ردعا".
وزار إسماعيل غني، خليفة قاسم سليمان كرئيس لفيلق القدس القوي بالحرس الثوري، الخميس، المقبرة في كرمان التي كانت مسرحا للهجوم الانتحاري.
وظهر غني مرتديا الأسود بدلاً من الزي العسكري، وركع على قبر اللواء سليمان، ووضع يديه على شاهد القبر وصلى، ومن حوله حشد كبير يهتف "انتقام، انتقام".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة نیویورک تایمز تنظیم داعش
إقرأ أيضاً:
"الغارديان": قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب
خلص تحقيق لـ "الغارديان" إلى أن إسرائيل استخدمت ذخيرة أمريكية في قتل 3 صحفيين وإصابة 3 آخرين بتاريخ 25 أكتوبر في جنوب لبنان، باعتداء يعتبره الخبراء جريمة حرب.
وقالت الصحيفة في 25 أكتوبر في الساعة 3.19 فجرا، أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخين على منزل (فندقي) فيه 3 صحفيين، هم المصور غسان نجار والفني محمد رضا من قناة الميادين "الموالية لحزب الله"، بالإضافة إلى المصور وسام قاسم من قناة المنار "التابعة لحزب الله".
وتتابع الصحيفة أن هؤلاء الصحافيون قتلوا أثناء نومهم في الهجوم الذي أدى أيضا إلى إصابة 3 صحفيين آخرين يعملون في مواقع إعلامة مختلفة كانوا يقيمون في مكان قريب منوهة بأنه لم يكن حينها أي قتال دائر في المنطقة.
زارت صحيفة الغارديان الموقع، وأجرت مقابلة مع مالك العقار والصحفيين المتواجدين وقت الهجوم، وحللت الشظايا التي عُثر عليها في موقع الضربة، وحددت موقع معدات المراقبة الإسرائيلية في نطاق مواقع الصحفيين.
واستنادا إلى نتائج "الغارديان"، قال 3 خبراء في القانون الإنساني الدولي إن الهجوم قد يشكل جريمة حرب ودعوا إلى مزيد من التحقيق.
من جهته قال نديم حوري، محامي حقوق الإنسان والمدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي: "تشير جميع المؤشرات إلى أن هذا كان استهدافا متعمدا للصحفيين: جريمة حرب. كان هذا محددا بوضوح كمكان يقيم فيه الصحفيون".
بعد الضربة، قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب "هيكلا عسكريا لحزب الله" بينما "كان الإرهابيون موجودين داخل الهيكل". وبعد ساعات قليلة من الهجوم، قال الجيش الإسرائيلي إن الحادث "قيد المراجعة" في أعقاب تقارير تفيد بإصابة صحفيين في الضربة.
ولم تجد صحيفة "الغارديان" أي دليل على وجود بنية تحتية عسكرية "لحزب الله" في موقع الهجوم الإسرائيلي، والصحفيين لم يكون بحوزتهم أي شيء سوى أنهم مدنيون.
ولم يستجب الجيش الإسرائيلي لطلب توضيح من الصحيفة أي من الصحفيين كانوا من "مقاتلي حزب الله" كما لم يعطي إجابات عن تقرير الضربة.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بغض النظر عن انتماءاتهم الصحفيين) السياسية، فإن قتل الصحفيين غير قانوني بموجب القانون الإنساني الدولي ما لم يشاركوا بنشاط في أنشطة عسكرية.
وقالت جانينا ديل، المديرة المشاركة لمعهد أكسفورد للأخلاق والقانون والصراع المسلح: "إن الارتباط بين الصحفيين والعمليات العسكرية بحكم انتمائهم المفترض أو ميولهم السياسية، ثم يصبحون على ما يبدو أهدافا للهجوم هو اتجاه خطير شهدناه بالفعل في غزة. وهذا لا يتوافق مع القانون الدولي".