عربي21:
2025-01-06@12:21:08 GMT

البرهان يخسر على الأرض والأثير

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

هي الفتنة العمياء أوقد نارها     **      مغيظٌ رأى أن الجهاد موفق

هذا مطلع قصيدة للشاعر السوداني أحمد محمد صالح، صاغها في عام 1955 عندما انطلقت شرارة التمرد في جنوب السودان، وكان الرجل عضوا في أول مجلس للسيادة (رئاسة الدولة)، بعد نيل السودان استقلاله عام 1965، وانتهى التمرد عام 2005، فبعد أن فشل الجيش على مر العقود على دحره، لم يكن من سبيل سوي تعيين قائد (جون قرنق) نائبا لرئيس الدولة (عمر البشير)، ثم انفصل جنوب السودان في عام 2011 وصار دولة مستقلة.



ومنذ منتصف نيسان/ أبريل المنصرم، وفتنة الحرب التي أشعلها من حسبوا أن محو قوات الدعم السريع أمر سهل وميسور مستعرة، وهذه القوات كانت في الأصل مليشيا قبلية قوامها أبناء قبيلة الرزيقات في جنوب إقليم دارفور، وقامت حكومة عمر البشير التي سقطت جزئيا وشكليا في نيسان/ أبريل 2019 بتسليحها وتوسيع مواعينها، ومنحها اسما فيه نكهة القداسة (ق. د. س= قوات الدعم السريع)، وأوكلوا إاليها أمر قمع التمرد الذي بدأ عام 2003 في دارفور، فأبلت بلاء سيئا من الناحية الأخلاقية، وبلاء حسنا من الناحية العسكرية، فقد تميز جنود الحركة بشراسة مفرطة بأن مارسوا عمليات قتل المدنيين بالجملة ونهبوا الممتلكات وأحرقوا القرى، ولكنهم وفي  سياق كل ذلك دحروا التمرد، وارتفعت أسهمهم لدى الحكومة عندما دمروا قوات حركة العدل والمساواة الدارفورية في معركة قوز دنقو عام 2016، وبهذا النصر فاز قائد تلك القوات، محمد حمدان دقلو (حميدتي) برتبة لواء ثم فريق.

ومن يتابع وقائع الحرب التي تدخل شهرها العاشر بعد أيام في السودان، يعجب لكون الجيش الوطني يخسر الموقع تلو الموقع أمام قوات الدعم السريع، ولا مجال للعجب والدهشة فلم يسبق للجيش السوداني أان حسم أو هزم حركات تمرد اقل عديدا وعتادا من الدعم السريع، في بلد ظلت الجماعات المتمردة على السلطة المركزية تتناسل وتتكاثر، لأن الحكومات المتعاقبة في السودان، لم تكن تفاوض أو تساوم إلا حاملي السلاح.

ولكن عجز الجيش السوداني عن دحر الحركات المتمردة، ليس مرده بالضرورة ضعف القدرات القتالية، بل أساسا لكون الحرب مع المتمردين وفي كل مكان، لا تكون حرب مواقع وجبهات ثابتة، بل تقوم من جانب التمرد على تكتيك اضرب واهرب، ولهذا فشل الجيش الأمريكي بكل جبروته العسكري في هزيمة "متمردي" فيتنام، وفشل في دحر ثوار الساندينستا في نيكاراغوا، وفشل الجيش السوفييتي الأكبر عديدا وعتادا في العالم على مر الزمان في هزيمة "المتمردين" على حكومة الأراجوزات في أفغانستان، وفشل جيش بريطانيا العظمى في حسم مليشيا الحزب الجمهوري الإيرلندي، وها هم حفنة من المقاتلين المزودين بأسلحة خفيفة في غزة يصمدون ببسالة وجسارة، في وجه أحد أقوى جيوش العالم للشهر الثالث على التوالي، وهذا ما لم يحدث خلال المواجهات بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية النظامية.

ولكن مصاب أهل السودان في جيشهم الوطني مؤلم للغاية، فالحرب التي تدور رحاها في مختلف أقاليم ومدن السودان، لم تشهد حتى الآن الكر من جانب الجيش، بينما تتكرر عمليات الفر من جانبه، فتساقطت العديد من المواقع والمدن في قبضة قوات الدعم السريع، فما كان من قادة الجيش إلا ان عكفوا على اصدار المناشدات للمواطنين لحمل السلاح لقمع "التمرد"، وما حدث في مدينة ود مدني، آخر مغانم الدعم السريع، يؤكد أن الجيش لا يملك من الموارد ما يجعله قادرا على تسليح المتطوعين، فقد صرح قائد قوات "المُسْتَنفَرين" بأنه كان يجلس في غرفة العمليات العسكرية في المدينة، عندما انتبه الى فرار الجنود، فما كان منه إلا أن فر بدوره، وبرر ذلك بأنه كان مزودا ببندقية فيها طلق ناري واحد.

مصاب أهل السودان في جيشهم الوطني مؤلم للغاية، فالحرب التي تدور رحاها في مختلف أقاليم ومدن السودان، لم تشهد حتى الآن الكر من جانب الجيش، بينما تتكرر عمليات الفر من جانبه، فتساقطت العديد من المواقع والمدن في قبضة قوات الدعم السريعوبينما تنشط قوات الدعم السريع على جبهة العمل الإعلامي، ويحرص قائدها محمد حمدان دقلو حميدتي على إصدار بيانات رصينة محشوة بوعود تكريس الحرية والديمقراطية والحكم المدني (وهي المبادئ التي ظل ينسفها خلال فترة شهر العسل بينه وبني عبد الفتاح البرهان قائد الجيش) فإن الناطق الرسمي باسم الجيش ظل صامتا طوال الأشهر الخمسة الأخيرة، بينما يواصل البرهان الطواف على الحاميات العسكرية البعيدة عن المعارك، ليحدثهم عن الهزيمة الوشيكة "لما تبقى من الدعم السريع"، وبأنه لن يفاوض قيادة تلك القوات حتى تخرج من المواقع التي تحتلها، وكأنه يصدق أنه في موقع قوة ويستطيع إملاء الشروط على  الدعم السريع، وأن الأخيرة ستتنازل عن مكاسب حققتها بالنصر العسكري جبرا لخاطره.

ولا تغيب عن فطنة أحد، أن البرهان وكعادته منذ أن جلس في القصر الجمهوري في الخرطوم، رئيسا لمجلس السيادة وقائدا عاما للجيش، يمارس "الاستهبال"، وهو أن تفترض أن الآخرين بلهاء، ومن ثم صارت تتعالى النداءات بإزاحته من منصبه العسكري، حتى من غلاة المساندين للجيش في معركته ضد الدعم السريع، فبينما حميدتي شبه الأمي يظهر هنا وهناك ويطوف بالعواصم الأفريقية مرتديا مسوح رجل السلام وداعية الحرية والديمقراطية، يواصل البرهان إطلاق الرصاص على قدمه بالكلام الأرعن والكذب الصراح فخسر بذلك أيضاً، حرب الأثير والإعلام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السوداني الجيش المعارك السودان معارك الجيش رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش يصد هجومًا للدعم السريع على أبراج الحجاز في بحري

 

 دمر الجيش السوداني نحو (5) عربات قتالية لقوات الدعم السريع في هجوم  على أبراج الحجاز بشارع الإنقاذ في مدينة بحري شمالي الخرطوم

بحري – كمبالا: التغيير

قالت مصادر عسكرية إن الجيش السوداني صد اليوم السبت، هجومًا لقوات الدعم السريع على قواته الموجودة في شارع الإنقاذ بالخرطوم بحري في محاولة لاستعادة أبراج الحجاز.

وفي أواخر ديسمبر الماضي، سيطر الجيش على أبراج الحجاز بمدينة بحري بعد معارك شرسة، وأجبر قوات الدعم السريع على التراجع من بعض المواقع التي كانت تسيطر عليها.

وأفادت المصادر أن قوات الدعم السريع هاجمت بحوالي 10 عربات قتالية، تم  تدمير 5 عربات، و2 تكتك و3 مواتر وقتل عدد من القوات المهاجمة.

وتشهد منطقة الخرطوم بحري معارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع حول سلاح الإشارة المقابل للقيادة العامة على الضفة الأخرى للنيل الأزرق، ويحاول الجيش الزحف نحو سلاح الاشارة المحاصر من ثلاثة محاور منذ بدء القتال الذي يقترب من عامه الثاني.

وأوضحت  المصادر أن الجيش يحاول ربط قوات الإشارة بقوات الكدرو لفك الحصار عن القوات  المحاصرة بالمقر منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023.

وفي سبتمبر الماضي، التحم جيش الكدرو بقوات كرري وسيطر على جسر الحلفايا في عمليه وصفها بيان للجيش بأنها نوعية ناجحة.

وأدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 18 ألف سوداني وفرار أكثر من 11 مليون شخص من منازلهم، وتسبب في أزمة إنسانية أثّرت على أكثر من 25 مليون شخص وفقا للأمم المتحدة.

 

الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع بحري

مقالات مشابهة

  • اتهمت بمساندة الدعم السريع.. هل تستعيد السودان وتشاد علاقاتهما؟
  • البرهان يرحّب بالعرض التركي لحلّ النزاع في السودان
  • «البرهان» يرحّب بالعرض التركي لحلّ النزاع في السودان
  • البرهان يرحّب بالعرض التركي لحلّ النزاع في السودان  
  • 8 قتلى و53 جريحا في قصف للدعم السريع على 3 مناطق في السودان
  • السودان.. قتلى وعشرات الجرحى بقصف لقوات «الدعم السريع» 
  • ميليشيا الدعم السريع تهاجم عدة قرى وتتسبب في قتل 4 أشخاص
  • الجيش يصد هجومًا للدعم السريع على أبراج الحجاز في بحري
  • توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع» .. هيئة حقوقية: ما يحدث للنساء في ولاية النيل الأزرق «جرائم ضد الإنسانية»
  • هل سيضحون بالدعم السريع؟