المطر الحمضي.. خطر حقيقي أم مبالغة في التنبؤ بالهلاك؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
قال الكاتب روس بوميروي إنه تبين قبل 35 عاما أن مياه بحيرة كولدن في جبال آديرونداك بنيويورك شديدة الحموضة لدرجة لا تصلح لحياة الأسماك، مما جعل هذه المسطحات المائية الخلابة واحدة من الضحايا الرئيسيين للأمطار الحمضية.
كما أظهرت أشجار التنوب الحمراء في نيو إنغلاند علامات الإجهاد نتيجة تسرب أمطار الكالسيوم الحيوي إلى التربة، مما أدى إلى توقف نمو الأشجار بشدة، واليوم؛ عادت أسماك السلمون المرقط في بحيرة كولدن وازدهرت أشجار التنوب، وهي علامات ملموسة على نجاح الجهود التي استمرت لعقود من الزمن لتخفيف الأمطار الحمضية.
وأوضح الكاتب في مقاله الذي نشره في موقع "بيغ ثينك" أنه بعد أن انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين المسببة للأمطار الحمضية بشكل كبير في أوروبا وأميركا الشمالية، فمن السهل أن ننظر إلى الأخبار المذعورة في الثمانينيات والتسعينيات ونتساءل عما إذا كان المطر الحمضي في الواقع بمثابة "إزعاج وليس كارثة"، كما كتب أستاذ الكيمياء الحيوية الفخري ويليام ريفيل لصحيفة آيريش تايمز، وبالنظر إلى كيفية تعاملنا مع المشكلة قد لا نعرف الإجابة بشكل قاطع أبدا.
وأشار الكاتب إلى أن علماء الولايات المتحدة والدول الإسكندنافية اكتشفوا المطر الحمضي في الستينيات واختاروا جمع الأدلة لسنوات قبل دق ناقوس الخطر في السبعينيات والثمانينيات، ووجد عالم البيئة الأميركي جين ليكنز وزملاؤه أنه رغم أن مياه الأمطار كانت في كثير من الأحيان حمضية قليلاً مع درجة حموضة قدرها 5.6، وبحلول عام 1980 كان متوسط درجة حموضة الأمطار في الولايات المتحدة 4.6، أي أكثر حمضية بنحو 10 مرات، وكان الأمر يزداد سوءا.
وكانت المشكلة أكثر حدة في المناطق الواقعة في اتجاه الريح من محطات توليد الطاقة بالفحم (المصادر الرئيسية لانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت)؛ حيث تنخفض درجة الحموضة في العواصف الممطرة أحيانا إلى 3 أو أقل، أي مثل عصير الجريب فروت أو الصودا، وقد تسببت هذه الأنواع من الأمطار في تجوية المباني، وتحلل العناصر الغذائية التي تحتاجها الأشجار للبقاء على قيد الحياة، وتسببت بإطلاق الألمنيوم في التربة.
وأكد الكاتب أن العلماء عبر المحيط الأطلسي في السويد حذروا من أن نصف البحيرات والأنهار في البلاد ستصل إلى درجة الحموضة الحرجة بحلول أوائل منتصف القرن الحادي والعشرين، مما قد يتسبب بنفوق أعداد كبيرة من الأسماك إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لوقف الأمطار الحمضية.
وسواء كانت هذه السيناريوهات تشكل "ضجيجًا" أو "إزعاجًا" أو "كارثة"، فقد يعتمد ذلك على تفكير المرء تجاه التنبؤات العلمية والبيئية، ولكن ليس هناك شك في أن المطر الحمضي كان مشكلة متنامية يتحمل البشر مسؤوليتها.
وأفاد الكاتب أنه لهذا السبب، وبعد سنوات من النقاش العام؛ أنشأ المشرعون في الولايات المتحدة برنامجًا تجاريًا مشتركًا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذي وضع سقفا لانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في صناعة الطاقة عند مستوى أقل بشكل كبير مقارنة بعام 1980، وسمح للشركات بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في صناعة الطاقة، كما تم وضع حدود على انبعاثات أكسيد النيتروجين.
وقد حقق برنامج السوق الحرة نجاحًا باهرًا؛ حيث انخفض المتوسط الوطني لتركيزات ثاني أكسيد الكبريت السنوية المحيطة في الولايات المتحدة بنسبة هائلة بلغت 93% بين عامي 1980 و2018.
وأوضح الكاتب أنه رغم اختفاء سحابة المطر الحمضي تقريبا من معظم أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا واليابان، فإنها تمثل مشكلة متصاعدة في أماكن مثل الهند والصين؛ حيث يستمر استخدام طاقة الفحم على نطاق واسع، كما تشهد المناطق الحضرية في أميركا اللاتينية وأفريقيا أيضا تزايدا في حموضة هطول الأمطار.
واختتم الكاتب التقرير بالقول إنه بالنسبة لهذه الأماكن، فإن الحد من الانبعاثات الضارة التي تغذي الأمطار الحمضية يعد هدفا مترادفا مع خفض تلوث الهواء كله؛ حيث يموت أربعة ملايين شخص قبل الأوان بسبب تلوث الهواء الخارجي على مستوى العالم.
إن جعل الهواء أكثر قابلية للتنفس وتقليل حمضية المطر يفيد الجميع، بغض النظر عما إذا كان المطر الحمضي مشكلة مبالغا فيها أم مشكلة حقيقية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صاحب نوبل للآداب
توفي، الأحد، الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في ليما حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة إكس.
وجاء في رسالة كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا: "بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا في ليما بهدوء محاطا بعائلته".
وسرت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة بشأن تدهور وضع الكاتب الصحي.
وقال نجله ألفارو في أكتوبر الماضي: "شارف على التسعين وهو عمر ينبغي فيه التحفيف من نشاطاته" من دون أن يوضح وضع والده الصحي.
ولد فارغاس يوسا في عائلة بيروفية من الطبقة المتوسطة وكان أحد أبرز الأسماء في "الفورة" الأدبية الأميركية اللاتينية في الستينات والسبعينات مع الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز والأرجنتيني خوليو كورتازار.