***
قصة قصيرة (دائرة الضَّوء البيضاء)
بقلم: عمر الحويج
***
مهداة:
إلى البطل ! ! ... الدون كيشوت ، ماسح ( الوجوه الثلاثة )
والقادمين بطريقة جحافل فرسان الماضي رغم أنف عصر (لونا تسعة)
والآخرين الكومبارس مجهولي الإسم والهوية و..كل شيء آخر .
***
ها.. يلا.. الديوم.. الديوم الشرقية.. الماشي، يا جماعة، يركب بسرعة.

نداءات الكمساري.. والبص يتحرك، و...إبراهيم، يجري.. يقفز.. مقعد، ما زال شاغراً، يجلس عليه.. أنفاسه تعلو وتهبط.. في جنبه الأيسر، جرح ينزف.. النظارة الطبية، تكسرت.. بقاياها في جيب القميص.. هو الآخر تمزق بعضه.. و.. داخله هو، تمزق كله.. في يده اليمنى، بعض أعداد من صحف الصباح.. يلمح إحداها.. هناك أيضاً، يحصدون الناس في الشوارع.. والبص، يهتز، يتحرك.. إبراهيم، عيناه وارمتان، يبحث بهما في وجوه الركاب.. الركاب، كلهم واجمون.. لا أحد يتكلم.. في جانبه، فتاة تمزق ثوبها.. و.. ربما تمزق داخلها مثله، قطعاً، كانت هناك.. منظرها يقول ذلك...نظر إليها بإعزاز.. أو خيل إليه.. مد بصره، إلى المقعد المجاور.. عجوز تحتضن قفة.. تبرز من أعلاها، أوراق الملوخية الخضراء.. ربما تحملها، لأحفادها الصغار.. لتخضر بها قلوبهم.. خلف مقعد العجوز.. طفلان، لاهيان، يضحكان في مرح.. الرؤوس، متلاصقة في نشوة، والعيون التي تشع منها السعادة، مثبتة على شيء في حجر أحدهما.. يرفع عنقه ليرى.. إنه كتاب.. يتأكد أكثر.. إنه كتاب "المعرفة".. في المقعد البعيد، فتاة تضم إلى صدرها، لفة كبيرة من الورق.. في البداية، أحس أن محاولاته، تخمين ما بداخلها، قد تبوء بالفشل، لذلك ترك المحاولة.. كل هذا، وتلك الصور، لا تريد مبارحة مخيلته.. تناوشه، لتقفز، وتسيطر عليه.. وهو يهز رأسه بشده.. ربما لطردها.. ولكن، لا سبيل إلى ذلك.. السكين، التي تلمع مع أشعة الشمس، تملأ عليه خياله.. لا سبيل، الصور تتلاحق في ذهنه.. هو يجري، والسكين تجري تلاحقه.. صرخات الحرب تطارده.. هو كان أسرع.. طرف العصا، من ضربة الآخر، وسط ظهره، لا تهم كثيراً.. ولكن أحمد كانت السكين قريبة منه.. وصرخات الحرب تحاصره، من جميع الجهات.. هو لم ير أحمد، ولكنه سمعها... إنها الآن تملأ رأسه.. تشل عقله يا.. للرعب، يضغط على أذنيه، بكل قوته.. أحمد، يصرخ.. أحمد، يئن.. ولكن.. أحمد يصمت.. حتى صمته، إنه الآن يسمعه.. و.. ينطلق صوت، يهز أعماقه.. إنها صفارة، صفارة الكمساري.. ولكن، كلا.. إنها ليست كذلك.. إنها صرخات الحرب.. عيناه تبحلقان في ذلك الجسد، الذي سد بضخامته، باب البص. ما هذا؟؟، يغمض عينيه، يفتحهما.. الرجل الضخم، ذو اللحية الشعثاء.. والنظارات الصمغية، اللزجة، السيف والسكين والعصا، و...الشيء الذي يتدلى من خلف العنق.. النظرات الصمغية، اللزجة، تغير اتجاهها.. السيف يرتفع.. يتابع هو، خط سيره.. طرف السيف يلامسها: ثم بعدها، كل شيء يتحول.. إنه قرأها آلاف المرات.. في غدوِّه، وفي رواحه.. ولم تكن، غير ما كانت عليه.. ولكنها الآن.. الكلمة: التي تحكم كل شيء.. تتحول، السيف حولها: البصق.. محادثة السواق.. عدم النظافة!!.. و.. لماذا جاءت الآن.. تلك الذكرى.. هو لا يدري.. قفزت إلى ذهنه، بلا مقدمات.. الرجل ذو اللحية الشعثاء.. والنظرات الصمغية اللزجة.. وكومر البوليس.. و.. صبي العاشرة، منكسر النظرات.. ونساء الحي، ينظرن من خلف الأبواب.. بعضهن يبكينه، فقد كان واسطتهن في استجابة الدعوات.. هم عرفوا.. ولكن بعض نساء الحي يبكينه.. و.. شيء لزج.. ينتزعه من ذاته.. يحس به، يداعب أصابع قدمه.. ذلك الشيء اللزج، يعلو.. يصل منتصف القدم.. ينظر.. إنه.. إنه، البصاق.. يرفع بصره.. يقرأ: البصق.. السيف، يحول كل شيء، و.. الناس، تبصق.. تبصق، و.. قبل أن يفيق تماماً.. قشعريرة تسري في كامل جسده.. قدمه تتصلب.. شيء كالثعبان، يلتف حولها.. يده تنزل قليلاً.. قليلاً، يتحسس في بطء وفي خوف، ذلك الشيء.. إنه.. إنه، ويلتفت حيث العجوز.. والقفة الفارغة.. و.. لا شيء تخضر به، قلوب أحفادها.. ثم، ما هذا.. فزع، السطح كان أبيض.. البصاق كان أبيض.. الآن، اللون أخضر.. شيء أخضر، يغطي السطح.. يدقق النظر.. إنه، إنها حناء.. ولا وجود لِلَفّة الورق، التي كانت تضمها إلى صدرها.. تلك الفتاة، وإنما حلَّت محلها نظرات الحزن والأسى.. ربما للعرس، الذي ضاع.. و.. النظرات الصمغية اللزجة، تبحلق في الركاب:السيف والسكين والعصا و.. الشيء الذي يتدلى من خلف العنق.. النظرات الصمغية اللزجة، تتوقف بقسوة عند الطفلين.. آه.. إنها تتحول، بسرعة، فها هو كتاب "المعرفة " يتمزق.. يتمزق، وأوراقه تتناثر، تختلط مع البصاق.. البصاق.. ال.. والناس تحادث السواق.. والسواق يلتفت حيث الناس، ويراه.. إنه هو.. الرجل ذو اللحية الشعثاء.. والبص يهتز، وعجلة القيادة تدور وتدور.. و.. الرجل ذو النظرات الصمغية اللزجة.. تركها تدور وحدها.. فهو يتحدث، ولكن ليس كالآخرين.. والعجلة تدور وتدور.. والبصاق يزداد ويزداد.. وحديث الناس يعلو ويعلو.. و.. "المعرفة".. والتي تخضر بها قلوب الأحفاد.. وحناء العرس، الذي ضاع، كلها تعوم.. تغرق.. تغرق.. وعجلة القيادة لا زالت تدور وتدور.. والبص يهتز، يترنح.. والسواق لا يلتفت إليه.. فهو، ما زال يتحدث.. ويتحدث، ولكن ليس كالآخرين.. وإنما للآخرين.. إبراهيم ينتفض.. يهز رأسه بشدة.. والصمت ما زال يعم الركاب.. لا أحد يشير إلى ما حدث.. وما زالت في يده اليمنى، بعض صحف الصباح.. هناك أيضاً يحصدون الناس في الشوارع.. يذكر أن أحمد قال له: إنه احتفظ بالأخيرة في المرة السابقة.. هو الآن سيحتفظ بهذه، إنها لن تكون الأخيرة، لمدة طويلة، هذه المرة.. أحس ببعض الراحة.. أغمض عينيه.. في بحر السواد الذي تمطى أمامه.. رأى، دائرة ضوء بيضاء.. ولكنه في الظلام، الدائرة تقترب.. وهو لا يزال في الظلام.. تقترب أكثر.. وهو يجاهد في الوصول إليها.. تقترب أكثر و.. حين، يجد نفسه، قد توسطها.. دائرة الضوء البيضاء.. يرى أحمد والآخرين، يلوحون له.
ها.. يلا.. النازل المحطة الجاية.
يحسّ بنشوة الوصول.. ولكن ليس إلى المحطة.. وإنما إلى دائرة الضوء البيضاء.

omeralhiwaig441@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: کل شیء

إقرأ أيضاً:

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
بعمارةِ اللفظِ والتركيبِ والدلالة
زياد مبارك | كاتب وناشر سوداني
.
.
1️⃣
✨ أجملُ ما في الشِّعر أنه كلما نهلنا من أحدِ منابعه الشعريِّة العذبة؛ قادنا ذلك إلى اليقين بأن من الشِّعر ما لم نقرأه بعد، ولا ينقادُ متذوِّق الشِّعر إلى هذا اليقينِ إلَّا إن تلقَّى رَسن ذائقته شاعرٌ لديه ذا المنهل والاقتدار على التحليقِ باللغة، لتضحى القصائدُ قلائدَ من البيان، لا تلك القصائد المنظومة التي في طوق كل شاعرٍ رصف ألفاظها كما تُرصَف الطُّرقات بالحجارة، بل القصائد المتوهِّجة التي تصعقُ اللبِّ وتأخذ الانتباه من أذنيه، ثم تُقدَّم في معبدِها كمشات من الإعجاب والثناء بغير حساب.
2️⃣
✨ ومما يمثِّل العقيدة الحداثيِّة في شأن الشِّعر - وهي مما قال الشعراءُ السلفيون ودفوفُهم من النقَّاد بصُحبة الصاجات النحاسيِّة الرنَّانة من أصاغرهِم: "إنها تخرجُ من مِلَّة الشعر قولاً واحداً!" – ما قالته سوزان برنار عن اتحاد المتناقضات في قصيدة النثر لا في الشكل فحسب، وإنما في جوهرها كذلك: إذ هي فوضوية مدمرة وفنٌ منتظم. فهذا التباين الداخلي هو ما بُنيت عليه قصيدة النثر، وهو سرُّ حيويتها؛ رُفعت الأقلام وجفَّت الصُّحف!
✨ فالقصيدةُ لا تتوهجُ إلا بانزياحِ اللفظِ عن معناه، وتركيبِ الجملةِ عمَّا اعتدنا عليه وألِفته أذهاننا، والدلالةِ إلى دلالةٍ أخرى بعيدة الغور بابتكارها وجِدَّتها وفرادتها وغرابتها ومخالفتها لتوقعاتنا. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُقفلُ بالنهايات المدهِشة الصاعقة مثل مسَّةٍ كهربية. والقصيدة تتوهجُ حين يتنامى نصُّها أو مقاطعها إلى ذروةٍ تضعنا في دوَّامة من التأمل اللذيذ في كنه المعاني وأبعادها، والدلالاتِ ومراميها وأوجه مساقطها – إذا تعدَّدت أو انحصرتْ. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُفرَكُ بالاستعارات والمجازات الذهنية؛ فيمتدُ أُفق القصيدةِ آفاقاً باتساع الاستعارة، بل تستعيرُ القصيدة أجنحة الطيورِ وتحلِّقُ في سماء اللغة باجتراحِ الشاعر الفنَّان. والقصيدةُ تتوهجُ حين، وحين، وحين... إلخ من الأحيان الشعريِّة الأخَّاذة ذات الألق والاِقمار.
3️⃣

✨ في ديوان الشاعر السوداني عبد المنعم عوض عبد الرسول؛ عشرة قصائد لأشياء الحرب، وثلاث عشرة قصيدة لأشياء أخرى. كُتبتْ بصورةٍ مقطعيِّة، تتحدُّ مقاطعها اتحاداً موضوعيِّاً. وكذلك فالعشر قصائد عن الحرب كالحبَّاتِ المُرسلةِ في خيطِ المسبحة ليجمعَ تفرُّقَها، فتقرأ مقاطع القصائد العشرة جميعها في موضوعةٍ واحدة، ولكأنها قصيدةٌ طويلة، يُؤذَّن بها في سُرادق النَّوح. إنها حرب الخامس عشر من أبريل 2023، التي يومئ الشاعر عبد المنعم إيماءً بإيحائه كنايةً عنها؛ في قصيدة (وجه):
✒️
"مرَّت الحرب من أمام بيته الطيني،
وبيت جاره الخرساني،
توقفت بقرب شجرة الليمون
كان جده قد مات تحت ظلها بعد عمرٍ ناهز التسعين،
في أبريل".
✨ ونلحظ مزجَ الَّشعر بالسَّرد، باستلاف الحكائية لتنميِّة القصيدةِ بالتداخل الأجناسي، وتلك نزعة الشعر الحديث للتمرّد على القوالب المعهودة المألوفة المطروقة. ولكن الحكائية هاهنا غرائبية فلا نتوقف عندها في ذاتها بقدر ما توقفنا غرائبيتها ومفارقتها الساخرة الصارخة، المفارقة بين بيتي الطين والخرسانة، والحرب المؤنسنة المتجسِّدة المارّة لتتوقّف قرب شجرة الليمون، ولكن الإدهاش في قفلة المقطع بموت الجدِّ تحت ظلِّ الشجرة مناهزاً التسعين، ولكن أوان موته في أبريل! وهنا ندرك أن الأين "قرب شجرة الليمون" لم يكن إلا تمهيداً لمباغتة توقعنا بالأوان، أوان موت الجدِّ الموافق لحرب أبريل. إننا في سرادق النوحِ، إنه الرثاء!
4️⃣
✨ وإنَّ تشريحَ هذا الديوان ليغرقنا فيما يطول ويطول، وإنَّ اقتباسَ مقطعٍ أو مقاطع منه سيوقعنا بلا ريب في ظلم مقاطع الديوان الأُخر. فذا محض إغراء وتحريضٌ على قراءته ودعوة للكشف عليه وسبر ما تحت توهجه وبريقه من أسرار اللغة وسحر البيان. ولا ينبغي إغفال الإشارة إلى "الإشارات" التي صدَّر الشاعر عبد المنعم بها قصائده للحرب، حيث تمثِّل هذه الإشارات عتبات للقارئ. ومنها الإشارة في مدخل قصيدة (الخرطوم الثالثة، هرباً منها)، ونصُّها:
✒️
"إشارة إلى الحرب:
سأخرج إليكِ أيتها الريح المسمومة، فانتظريني خارج حدود المدينة."
✨ وابتداءً من العنوان، والعتبة الإشارية، ثمَّ فيما بقي من جسد القصيدة: نلحظ أن الشاعر اعتمد معجماً لفظيِّاً عزَّز من دلالة الهرب: (هرباً منها/ سأخرج/ خارج حدود المدينة). ثم يلتفتُ إلى الخروج في سياق آخر، لكأن الخروج كله مذموم في أي سياقٍ ورَدَ بما أن سياقات الحرب سواء، يقول:
✒️
"تفتحُ الأسلحةُ مخازنها الحديدية في الفضاء الطلق،
فتخرُج نسورُها الجارحة إلى هواء السكينة الخادعة،
لتنهش بمخالبها الوحشية أمن البيوت الوادعة".
✨ والخروج كالهروب مقرونان بالذهاب والغياب والاختفاء والاحتجاب... إلخ مما تنتظم ألفاظه في حقلٍ دلاليٍّ واحد، لنقرأ:
✒️
"تكوَّرت في الهواء المهشم رائحة البارود الخانقة، وعانقت الغيومُ المنتفخة طقسَ الهزيمة الشخصية المضطرب،
كرةٌ متدحرجة من كتلة اللهب،
لتنفجر في دوار الريح،
وتحتجب".
✨ إن الكرة من اللهب لتتدحرج لتنفجر في دوَّار الريح وتحتجب، وهكذا فليس بعد الهرب من الخرطوم إلَّا خروج النسور إلى هواء السكينة الخادعة، وتدحرُّج كرات اللهب في الريح لتحتجب... لتكون المحصِّلة في الذروة المضمرة في النصِّ، إنها هزيمتنا الشخصيِّة، ففي الحرب الكل مهزوم مهما أُريقتْ في الأجواف من كؤوس النصر.
5️⃣
✨ ثم يتواصل نثر الشاعر لألفاظ تأكيدية لمعنى الهرب ودلالاته واحتمالاته، فذا هو (الركض/ واللهاث/ والتعب)، يقول:
✒️
"الرائحة النحاسية التي تنبعث من جسد النهار،
مفعمةً باليأس من لوثة البنادق المتشاحنة، تلهث متعبة من الركض نحو قبرات الموت،
الذي يسرق جسد الروح من إزاره، والثمر من أشجاره، والماء من أنهاره."
✨ ويصل الشاعر بنا إلى ذروة البناء الشعري، إلى قمَّة القصيدة، إلى قفلتها المدهشة، بتنامٍ فريد لتراجيديا الحرب ورهقها ووطأتها الشعورية الثقيلة، ليصعقنا بمغادرة الآدمي لجسده المنهك من الحرب، إنها الروح المُظلِمة المُطفأة السَّراج بعاصفة الحرب. يتوضأ الآدمي بالدماء ثم يغادر جسده، وهكذا فالهرب والخروج ووو... ينتهي كل ذلك بمغادرة الجسد، إنها المناحة الأخيرة، إذ يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، يتوضأ بالدماء، يغادر جسده! فالخروج إلى الريح المسمومة خارج حدود المدينة ينتهي بمغادرة الآدمي لجسده عن سابق قصد. يقول الشاعر في المقطع الأخير:
✒️
"يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، ليتوضأ من دماء الحرب، ويغادر جسده المنهك.
ليصبح الوطن الشهيد؛
خيطَ دم.
وغصةً في الحلق."
6️⃣
✨ وفي قصائد الديوان الأخرى ثمَة فرحٍ وغناء، فبينما تنقص الحرب منّا؛ يضيفُ الغناء إلى الحياة رواءً ومسرَّة. أو كما يتقلَّب النهار والليل، بين شروق ومغيب. إنها المفارقة في الحياة ذاتها، فما اتحاد المتناقضات في الشَّعر -كما في قول مولاتنا سوزان بنت برنار - إلَّا فرع من مفارقات الحياة وتناقضاتها واحتمالاتها المتعاكسة في مرايانا. يقول الشاعر في قصيدة (لنْ يستطيعَ أحدٌ أن يغنِّي وحدَهُ):
✒️
"مرَّ أول المساء حافياً من أمامي
حاملاً مسرجه الشاحب بين يديه
ويركل حجارة الضوء في الطريق بقدميه
فتقع في مستنقع الظلمة وتضيء."
✨ لقد مرَّت الحرب من قبل في قصيدةٍ للحرب، ولكن أول المساء أيضاً يمرُّ ويركل حجارة الضوء فتقع في الظلمة، فتضئ!
✨ إنها المفارقة الألمعية بطول الديوان، وإن الشاعر الشاعر لقادرٌ على إدهاشنا وحسب، وإن تأملنا في الشِّعر لهو ما يقودنا إلى اليقين بأن هناك من الشِّعر ما لم نقرأه بعد.

masarebart2019@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • ما قدمه الجيش السوداني درس عظيم، ولكن ما قدمه الشعب السوداني درس أعظم
  • قوم يا مصري وأنا المصري.. كيف أصبحت موسيقى سيد درويش رمزا للهوية الوطنية
  • طارق الشناوي: محمد رمضان فنان موهوب ولكن تصريحاته الكثيرة تقلل من موهبته
  • أمريكا تقول إنها بعثت برسالة واضحة إلى الحوثيين.. تفاصيلها
  • (60) عامًا على وفاة الملك فاروق
  • القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
  • رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • 7.5 مليار ريال فائض الميزان التجاري بنهاية ديسمبر الفائت
  • هل يجوز للمرأة وضع العطر؟.. علي جمعة: جائز ولكن بشرط