(تصدقوا ولو بشق تمرة) (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
(تصدقوا ولو بشق تمرة) (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي
في هذا الزمان المادي الاستهلاكي أصبح معظم بني البشر علي هذه البسيطة يجرون وراء شهواتهم وارواء عطشهم من الحرام ولا يبالون كم من الثمن يدفعون مقابل هذه الدناءة والانحدار الذي وصلوا إليه يستوي في ذلك الأفراد والجماعات ودول كبيرها وصغيرها الكل يريد أن يظهر في مظهر غير مظهره وهذا السلوك برز عندنا في سوداننا الحبيب منذ مدة طويلة مع وصول اول عسكري للحكم وتوالي الصفوف العسكرية الحاكمة التي ميزت منسوبيها وبنت لهم الامتدادات الجديدة التي استهلكت الكثير من الاسمنت حتي ترتفع العمارات إلي عنان السماء في حين أن مواطن الدرجة الثالثة بالكاد يجد كيلو اسمنت ليرمم به سقف بيته المتهالك عند رشة اول مطرة وأصبح الوضع تحت حكم العسكر خيرا وبركة علي كبار الضباط ومن ارتضي أن يكون في خدمتهم من السياسيين والمخبرين مع جوقة المحاسيب والموالين والأهل والأصدقاء وكل هؤلاء متاح لهم السيخ والاسمنت وكافة ادوات البناء وبقية الشعب المسكين يعجز أن يشتري طوبة حمراء وليس بمستغرب أن يكون في سوق السجانة أباطرة ظهروا مع الإنقاذ وصار لهم نفوذ وزحفوا الي تملك الأراضي ومنهم من حاز علي تسعة وتسعين قطعة سكنية وصار مسؤولاً عن الجماعة التي دمرت ثلاثين سنة من عمر البلاد ومازالت تسعي وتبحث عن من لم يطالهم الدمار الشامل لتجهز عليهم حتي يرتاح بالهم ويبلغوا تركيا وقطر بان المهمة قد أنجزت بالتمام و الكمال فهيا يامخلوع عد الي كرسيك الذي احترق ونحن نعرف أنه لاحياء عندك ولاخلق وسوف تجلس عليه بفرحة طفل أتوا له بدمية جديدة وستعود من جديد للرقص علي الجماجم وربما فرحتك لن تتم فزولك البرهان ترك الدواس مع صديقه حميدتي بعد أن اخلي له ودمدني وسلمها له بكل مافيها من بشر وحجر وتفرغ لحرب كلامية قد تطول موجهة ضد الحرية والتغيير وهذه قمة العجز وقمة الإفلاس !!.
نترك البرهان والجنجويد ونعود للمفيد أن شعبنا السوداني الأبي الكريم دخلته الجرثومة المادية الاستهلاكية العالمية فصار منا وهو يعرف أن دخله محدود لايقوي علي شراء فرخة أو سمكة بلطية يريد أن يتعشي في روتانا أو علي الاقل في مطعم امواج ولايهم أن اختلس أو سرق أو زور الوثائق وقبض الرشاوي وربما يسرق عديل من غير خجل أو وجل لانه فقد الإرادة ولا يريد أن يعيش في حدود إمكانياته ولايريد أن يكون حامدا شاكرا يعيش في بساطة وبشيء من الفول الحار وزيت السمسم والعيش البلدي يمكن أن يتعشي مع الأسرة الكريمة هنيئا مرييا دون أن يشغل نفسه بالوجبات المكلفة التي ربما تورده مورد الهلاك في جيبه وصحته وتعود يده علي القفز الي المنطقة الحرام فيختلس ويرتشي ورغم كل هذه المشاق فهذا الطعام غير صحي رغم مايحيط به من الابهة والفخامة فهو حقيقة يستاهل أن يرمي في سلة القمامة والعود أحمد لما عندنا من التقلية والروب والدمعة والقراصة والكسرة الرهيفة والقراصة والعواسة في مطابخ البيوت ولاداعي للمخابز التركية التي لم نجني منها غير الغلاء والاذية وهؤلاء الاتراك لم نستفيد منهم شيء وكل استثماراتهم حلاقة ودكاكين ستارات ومسالخ منها يطير اللحم جوا للخارج والمواطن لايجد حتي الاظلاف والعضام ... دا كلام يا ناس دا كلام وصار اللواء اركان حرب مديرا للمسلخ وتركنا كاليتامي للجنجويد يتعلمون فوق رؤوسنا الزيانة !!..
نختم بهذه القصة الرائعة فقد جاءت للسيدة عائشة رضي الله عنها امرأة فقيرة تطلب المساعدة ومعها طفلاها وقد بأن الجوع علي ملامحهم ، بحثت السيدة عائشة في جميع اركان البيت ولم تجد غير ثلاث تمرات دفعت بهم الي الام التي أعطت كل واحد من الاثنين تمرة واحتفظت لنفسها بالثالثة ويبدو أن الطفلين لم يشبعا وطفقا ينظران الي التمرة التي مازالت بيد الام ، وما كان منها وبكل عاطفة الأمومة والشفقة والحنان إلا أن شقت التمرة الي نصفين واعطت كل منهما شق ، وتعجبت السيدة عائشة وهي تري هذا السلوك الرفيع من آلام وعندما جاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حكت له القصة فقال عليه الصلاة والسلام :
( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) .
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لو عشنا الواقع ولم نتطلع لما في أيدي الغير وتراحمنا مع بعضنا البعض ولو بشق تمرة هل كنا سنغرق في حالة من الضنك كتلك التي نحن عليها اليوم ؟!
اللهم لطفك ورضاك وعفوك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجيء بمصر .
ghamedalneil@gmail.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
لبنان لن يكون “إسرائيليًا”…
ليلى عماشا
أشهر طويلة مرّت، وسماء لبنان كما أرضه، تنتهكها الطائرات الحربية المعادية: قصف وغارات وترويع عبر خرق جدار الصوت فوق مختلف المناطق اللبنانية …هذا فضلًا عن طائرات الاستطلاع المعادية التي قلّ ما تغادر سماءنا.. كلّها لم تحرّك ساكنًا في لغة “السياديين”؛ ولم يبلغ صوتها مسامعهم المرتهنة للإشارات العوكرية، لكن أرّقتهم طائرة مدنية تقلّ زوّارًا لبنانيين من الجمهورية الإسلامية في إيران وإيرانيين يستعجلون الحضور إلى بيروت ليكونوا في عداد مشيّعي ومودّعي الأمينين العامين لحزب الله، سيّد شهداء الأمّة السّيّد حسن نصرالله والسيّد الهاشميّ هاشم صفيّ الدّين..
لقد أرّقتهم إلى حدّ منع منحها إذن الهبوط في مطار بيروت! للحظة، يتلّفت سامع الخبر حوله ليتبيّن موقعه الجغرافي: هل نعيش في الأراضي المحتلّة؟ هل المطار الذي منع إذن الهبوط للطائرة الإيرانية هو حقًّا مطار بيروت؟.. هل هو هجوم سيبراني إذًا ما سبّب هذا الخلل الفاضح؟! لا. إنّه مجرّد قرار أميركي تسابق “لبنانيون” لتنفيذه على رجاء رضا عوكر! يا للعار!.
في ساعة انتشار الخبر، حلّ ما يشبه الصّدمة على أهل المقاومة في لبنان، فهم وإن لا يتوقعون أي بادرة وفاء وتقدير من “السيادة اللبنانية” للجمهورية الصديقة والمساندة التي لا تكفّ عن منح لبنان كلّ عون ممكن، فإنّهم أيضًا لم يتوّقعوا أن تبلغ الوقاحة هذا الدرك من عدم احترام القوانين والأنظمة من جهة، ومن المجاهرة بمعاداة كلّ ما يمتّ إليهم بصلة، وإن كانت طائرة ركَاب مدنية تلتزم جميع المعايير الدولية للطيران وتقلّ مواطنين مدنيين عائدين إلى بلدهم وضيوفًا من إيران يريدون المشاركة في التشييع المهيب يوم الأحد في ٢٣ شباط/فبراير. الصّدمة لم تطل، فالغضب الناتج عن هذه الإهانة الوقحة، والتي يريد منها مرتكبوها القول لأهل المقاومة أنّهم غرباء في بلدهم ومستضعفون، تُرجم إلى تحرّك شعبي عفويّ مباشر على طريق المطار، وإلى حملة إلكترونية مندّدة بالقرار الجائر والوقح تحت وسم “لبنان لن يكون إسرائيليًا”.
لم تعد كلمة “المعيب” تكفي لتوصيف هذا النوع من القرارات التي تلتزم حذافير الرغبة الأميركية، فالأمر تخطّى درجات العيب المتمثّل بالانصياع التّام والمشهود للأوامر التي تصدرها الإدارة الأميركية. وإن كان الصهاينة علانية قد هدّدوا في أثناء الحرب بقصف أي طائرة مدنية إيرانية أو عراقية حال هبوطها مطار بيروت، وإن كانت قناة الحدث الصهيونية في الشهر الفائت قد أذاعت إخبارًا كاذبة تقول إن طائرة مدنية إيرانية تحمل على متنها “أموال إعادة الإعمار” ما دفع بالقرار “السيادي” في المطار إلى تفتيش ركابها طوال ساعات.. فحادثة اليوم أكثر خطورة وأكثر انتهاكًا لأبسط المفاهيم الحقوقية والقانونية والسيادية: ما حدث هو حرفيًا عدوان صهيوني “ناعم” على مطار بيروت وعلى فئة من اللبنانيين، باستخدام فئة لبنانية “رسمية” ارتضت على نفسها عار الارتهان الكامل للعدوّ.
على سبيل إيجاد تخريجة قامت “السيادة” بإرسال طائرة تابعة لشركة الميدل ايست لنقل اللبنانيين العالقين في مطار طهران، على أساس أن الأزمة هي أزمة نقل وليست أزمة شرف، على وقع تهليل الفريق العوكري بالخطوة العظيمة التي تقوم بها دولتهم، فعبّروا لا عن ارتهانهم وانبطاحهم للقرار الأميركي وحقدهم الأسود على أهل المقاومة في لبنان فحسب، بل عن ضحالة أخلاقية مريعة وتورّط مشهود بتشويه مفاهيم الشرف الوطني والكرامة الإنسانية..
لقد بدا هؤلاء حرفيًا كسرب يهلّل لمن ينتهك شرفه ويفرح بكونه من فئة لو وُجدت في بلد يحترم ذاته الوطنية لحُوكمت بتهمة الخيانة وعُوقبت وفقًا لما تنصّ عليه القوانين المرعية الإجراء. يهلّل هؤلاء لاجراء ينتهك حقًّا مدنيًا ومواثيق دولية فقط لكونه يتماهى مع أوامر مشغّلتهم في عوكر، ثمّ يخرجون إلى الشاشات ليتحدثوا عن السيادة ودولة القانون.. هزُلت!