حكومة نتنياهو تستعد لإغلاق ملف "الإبادة" قدمت جنوب أفريقيا، الأسبوع الماضي، طلبا إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل بسبب العمليات العسكرية التي تشنها في قطاع غزة، إلا أن هذا التحرك يواجه تحديات عدة قد تمنع من تحقيق أهدافه.

وكانت جنوب أفريقيا قد طلبت من المحكمة، قبل أسبوع، إصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، في حملتها على حركة حماس.

إسرائيل وصفت طلب جنوب أفريقيا بأنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، متهمة بريتوريا بالتعاون مع ما سمتها "جماعة إرهابية تدعو لتدمير إسرائيل" في إشارة إلى حركة حماس، وادعت أن إسرائيل تعمل على الحد من وقوع الضرر على المدنيين.

أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات لسفاراتها بالضغط على الدبلوماسيين والسياسيين في البلدان المضيفة لهم لإصدار بيانات ضد "ملف جنوب أفريقيا"، وفقا لنسخة من برقية عاجلة حصل عليها موقع أكسيوس.

وتنص برقية وزارة الخارجية الإسرائيلية على أن "الهدف الاستراتيجي" لإسرائيل هو أن ترفض المحكمة طلب إصدار أمر قضائي، والامتناع عن تحديد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، والاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي يعمل في القطاع وفقا للقانون الدولي.

وجاء في البرقية التي حصل موقع "أكسيوس" على نسخة منها من 3 مسؤولين إسرائيليين مختلفين: قد يكون لحكم المحكمة آثار محتملة كبيرة ليس فقط في العالم القانوني، بل لها تداعيات عملية ثنائية ومتعددة الأطراف واقتصادية وأمنية.

نطلب بيانا عاما فوريا لا لبس فيه على النحو التالي: أن تعلن علنا وبشكل واضح أن دولتك ترفض الاتهامات الشنيعة والسخيفة والتي لا أساس لها ضد إسرائيل.

 وتقول البرقية إنه بموجب اتفاقية عام 1948، يتم تعريف الإبادة الجماعية على أنها خلق ظروف لا تسمح ببقاء السكان مع نية إبادتهم.

ومن ثم، التأكيد على جهود إسرائيل لزيادة المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وخفض عدد المدنيين الذين يقتلون "أمر بالغ الأهمية"، كما جاء في البرقية.

وفي البرقية، صدرت تعليمات للسفارات الإسرائيلية بأن تطلب من الدبلوماسيين والسياسيين على أعلى المستويات "الاعتراف علناً بأن إسرائيل تعمل (جنبا إلى جنب مع الجهات الفاعلة الدولية) على زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، فضلاً عن تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين.

وقيل لهم إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيرسل رسائل إلى العشرات من زعماء العالم على نفس المنوال. وأعلنت محكمة العدل الدولية، الأربعاء، أنها ستعقد جلسات علنية في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا على إسرائيل يومي 11 و12 يناير الجاري

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

هكذا انهارت بروباغندا إسرائيل إلى الأبد

فيما تحرص وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية على إبقاء الفلسطينيين في الظلام، وهم يواجهون محاولة إسرائيل الأخيرة لاستكمال التطهير العرقي في شمال غزة. فإن المجتمع المدني، والطلاب والأساتذة، ومنظمات حقوق الإنسان، والصحفيين المستقلين، والسياسيين البارزين، ونظام المحكمة الدولية، جميعهم يسلطون الضوء على حقيقة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، ما أدى إلى موجة إدانة عالمية غير مسبوقة.

في نوفمبر/تشرين الثاني، أُقصي عوفر كاسيف، البرلماني الإسرائيلي المعروف بمواقفه المناهضة للصهيونية، من الكنيست مجددًا، بعد أن خضع للتحقيق من قبل "لجنة الأخلاقيات"، وذلك لدعمه الجهود التي تبذلها جنوب أفريقيا في رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية (ICJ)، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

أدانت اللجنة كاسيف بتهمة "التحريض على سفك دماء جنود إسرائيليين"، لمجرد وصفه الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال في الضفة الغربية بـ "مقاتلي الحرية". لكن أخطر التهم التي وجهت إليه كانت عرقلته  لـ"البروباغندا الإسرائيلية"؛ إذ زعمت اللجنة أن تصريحاته "تقوض قدرة دولة إسرائيل على مواجهة اتهامات الإبادة الجماعية".

لكن محاولات إسكات كاسيف جاءت بنتائج عكسية مذهلة. فخلال فترة إقصائه القسري من الكنيست، قام بجولة أوروبية ألقى خلالها خطبًا مؤثرة أمام حشود ضخمة في مكتبة ماركس التذكارية بلندن ودار الضيافة الهندية YMCA، حيث أدان الإبادة الجماعية في خطابات استقطبت اهتمامًا واسعًا.

إعلان

غير أن كاسيف لم يكن الوحيد الذي يعمل على تفكيك آلة البروباغندا الإسرائيلية التي كانت ذات يوم فعالة للغاية.

في يوم الأربعاء، 4 ديسمبر/كانون الأول، نظمت دار النشر المستقلة OR Books، التي يقع مكتبها المتواضع في الجانب الشرقي السفلي من مانهاتن، حفل إطلاق كتاب "إذا كان عليّ أن أموت: شعر ونثر"، من تأليف رفعت العرعير، المعلم والشاعر الفلسطيني الذي اغتالته إسرائيل في غزة في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023.

كتبت الروائية الفلسطينية المبدعة سوزان أبو الهوى مقدمة الكتاب، تروي فيها أول تواصل لها مع رفعت العرعير، حين كان يكتب أطروحته الجامعية حول روايتها الشهيرة "الصباح في جنين". ومنذ ذلك الحين، توطدت صداقتهما عبر منصة تويتر (X)، حيث تبادلا الرسائل والنقاشات، لكن تلك الرسائل ضاعت إلى الأبد عندما تعرض حساب سوزان أبو الهوى للإيقاف الدائم في أوائل 2023، بعد حملة شنها صهاينة بهدف إلغائه.

وتروي أبو الهوى أنه بعد عقد من الزمن، ومع الهجوم الإسرائيلي على غزة، طلب منها رفعت العرعير إنشاء حساب جديد على تويتر (X)، قائلًا:

"نحتاج إلى صوتك هناك". وعندما أرسلت إليه رابط حسابها الجديد، رد عليها ممازحًا: "أول أربعة متابعين عندك [إيموجي غمزة]".

"لن يتم إسكات سوزان أبو الهوى مجددًا"، هذا ما كتبته بحزم في مقدمة الكتاب، في تعهد واضح بعدم السماح لأي أحد بإسكات صوتها مرة أخرى.

كان إطلاق كتاب "إذا كان عليّ أن أموت" بمثابة إزالة حجر آخر من جدار البروباغندا الإسرائيلية. فقد اعتمدت الصهيونية على شيطنة الفلسطينيين، زاعمة أن الفلسطينيين لا يملكون فنًا ولا ثقافة ولا كلمات تعبر عن روحهم الإنسانية، لكن هذا الكتاب الجديد فند تلك المزاعم. وحقق الكتاب نجاحًا هائلًا، حيث أبدى الناشر قلقه من نفاد النسخ المطبوعة. وبسرعة، تم تصنيفه كأحد أفضل 50 كتابًا مبيعًا على مستوى العالم.

إعلان

في ساحة أخرى، شهد اتحاد أكسفورد مناظرة حول القضية الفلسطينية، حملت عنوان: "هذا المجلس يؤمن بأن إسرائيل دولة فصل عنصري مسؤولة عن الإبادة الجماعية".

في تلك المناظرة، تحدث محمد الكرد، الكاتب والشاعر الفلسطيني، وبدأ خطابه بعبارة قوية: "شخصيًا، لا أعتقد أن هناك مجالًا للنقاش في حضور لحم محترق"، مشيرًا إلى البث المباشر لجرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب لحظة حدوثها.

ووصف الكرد الجلوس لمناقشة مسألة مثل الإبادة الجماعية التي تُبث على الهواء مباشرة بأنه عمل متعالٍ وغير إنساني. وأكد أن الصهيونية "أيديولوجيا قائمة على التفوق العرقي، على القتل، وعلى سرقة الأراضي"، وقال بكل وضوح: "هذه الحقيقة ليست محل جدال".

وقال أيضًا: "لا يوجد شيء يمكن أن يفعله الشعب الفلسطيني ليجعل هؤلاء الناس يتوقفون عن محاولة إبادتنا. مشكلتهم ليست مع طريقة عيشنا، بل مع وجودنا ذاته".

كما ألقت سوزان أبو الهوى خطابًا مؤثرًا، قالت فيه: "أنا هنا من أجل التاريخ. أتحدث إلى أجيال لم تولد بعد، وأسجل وقائع هذه الحقبة العجيبة، حيث يُشرّع قصف الشعوب الأصلية العزلاء. أنا هنا من أجل جدتيّ الاثنتين، اللتين تُوفِيتا كلاجئتين معدمتين، بينما يعيش اليهود الأجانب في منازلهما المسروقة".

في نهاية المناظرة، تم التصويت على القرار، وأُقر بأغلبية ساحقة.

وفي أعقاب المناظرة، ظهر أرسين أوستروفسكي، أحد المدافعين عن إسرائيل، على قناة i24، حيث سخر من قرار أكسفورد، قائلًا إنهم "يشجعون حماس تحت ستار الفكر المستنير أو حرية التعبير"، في تأكيد على العقلية الإسرائيلية التي تسعى دائمًا لإسكات كل صوت معارض.

لكن تراكم الأدلة جعل الموقف الإسرائيلي أكثر ضعفًا من أي وقت مضى. فقد قدمت جنوب أفريقيا دعوى من 750 صفحة إلى محكمة العدل الدولية. كما أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا من 300 صفحة يوضح أن السلطات الإسرائيلية ارتكبت ولا تزال ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

إعلان

وتستند هذه الأدلة إلى مقاطع فيديو صورها جنود إسرائيليون، حيث تُظهر أفعالهم بوضوح، وهي مقاطع شاهدها العالم أجمع، بينما تجاهلتها وسائل الإعلام الغربية وحكوماتها.

رمزي بارود أشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، مما يُعد خطوة جديدة نحو محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

لقد أصبحت إسرائيل في مواجهة تيار لا يمكن إيقافه.

هناك تغيير جذري في الطريقة التي يرى بها العالم هذا النظام الإبادي. لم تعد الدعاية الإسرائيلية قادرة على السيطرة على السرد، ولا يمكن لبروباغندا إسرائيل أن تتجنب المساءلة عن محاولاتها القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة.

ومع ذلك، فإن الصحفيين الفلسطينيين، الذين قُتل الكثير منهم، ما زالوا يوصلون رواية الإبادة الجماعية إلى العالم.

اليوم، أثرت أعمال إسرائيل في الرأي العام الأميركي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلبية الأميركيين يريدون وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، خاصة بين الأجيال الشابة.

وبعد الانتخابات الأميركية، كان الشباب المؤيدون لفلسطين يهتفون في مبنى مجلس الشيوخ الأميركي، مطالبين بوقف حزمة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل. وعلى الرغم من أن الحزمة لم تُلغَ، فإن 19 سيناتورًا أميركيًا صوتوا لصالح وقف شحنات الأسلحة، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الكونغرس الأميركي.

في النهاية، فإن إرث رفعت العرعير، المعلم الذي كان يُرى دائمًا وهو يحمل كتابًا ويتحدث مع الشباب عن الكتابة، لا يزال حيًا.

لقد انهارت أسطورة "رمز الحضارة في الشرق الأوسط" التي حاولت إسرائيل تصديرها. لا توجد "زر إعادة ضبط" لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء.

المقاومة مستمرة بالكلمة، بالفن، وبالإنسانية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • باحث: اغتيال الشيخ بهان ضمن جرائم الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
  • بعد أن أنهت عملها في جنوب لبنان.. الفرقة 98 الإسرائيلية في مهمّة جديدة
  • القضاء يستعرض أهم الإصلاحات التي قامت بها المحكمة العليا
  • فلسطين تطالب مجلس الأمن بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وحماية حل الدولتين
  • هكذا انهارت بروباغندا إسرائيل إلى الأبد
  • حيثيات المحكمة تكشف كيفية سرقة مجوهرات زوجة المخرج خالد يوسف
  • رتب أدراج غرفة نومها.. المحكمة تكشف أدلة إدانة عمر زهران في قضية سرقة المجوهرات
  • النائب أيمن محسب يطالب المجتمع الدولي بالتصدى للانتهاكات الإسرائيلية التي تمس السيادة السورية
  • إسرائيل تكشف تفاصيل صادمة عن تجسس إيراني ومحاولات اغتيال مسؤولين إسرائيليين
  • متحجبتش قبل كده.. أميرة فتحي تكشف عن أسرار حياتها والشائعات التي طالتها