يناير 6, 2024آخر تحديث: يناير 6, 2024

د.بشار الحطاب

خبير قانوني

إن المحكمة الاتحادية العليا قد اقرت العديد من المبادئ الدستورية في حيثيات حكمها رقم (٩/اتحادية/٢٠٢٣) الذي تضمن في مقدمتها حقها في فرض رقابتها على مدى شرعية الإجراءات القانونية التي يمارسها رئيس مجلس النواب اثناء ممارسة صلاحياته ومنها نظر الاستقالة التي يقدمها عضو مجلس النواب للتأكد من سير الإجراءات الجوهرية بطريقة سليمة، حيث يعد قرارها المذكور آنفاً سابقة جديدة من الممكن أن تقييد الحصانة النيابية وتفتح السبيل أمام القضاء لفرض المزيد من القيود في المجالات التي تراها المحكمة الاتحادية العليا ضرورية لحماية الإرادة الشعبية التي تمثلها الصفة النيابية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بهذا الصدد هل تمتد رقابة القضاء الدستوري إلى مراجعة مشروعية المراحل التمهيدية أو الإعدادية التي تسبق اصدار القرارات والأوامر النيابية ذات الطابع الفردية التي تستهدف تغيير أو إلغاء مراكز القانونية؟

والإجابة على هذا السؤال يكون من خلال عرض المبادئ الأساسية التي ارستها المحكمة الاتحادية العليا في قرارها المرقم المذكور آنفا والذي ترتب عليه إنهاء عضوية النائب ليث الدليمي وعضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ويمكن ايجازها على النحو التالي:

١- قيام النائب بأداء اليمين الدستورية وفق المادة (٥٠) من الدستور تفرض عليه عدم مخالفة الدستور والقوانين النافذة اثناء ممارسة صلاحياته فيما يعرض عليه من مخاطبات وطلبات متصلة بشؤون العضوية بصفته ممثلا عن الإرادة الشعبية.

٢- اتساع رقابة المحكمة الاتحادية العليا نحو أعمال السلطة التشريعية في جوانبها المختلفة يمثل تطبيقا عملياً لمبدأ سمو الدستور في ميدان النشاط القانوني للدولة، وإن تمتع مجلس النواب بسلطة تقديرية وما ينتج عنها من اثار قانونية تبقى مرتبطة ارتباطاً مباشراً بعدم إساءة استعمال النائب لصلاحياته الدستورية والقانونية لاسيما أن النيابة عن الشعب قوامها الثقة والاعتبار وإنه ملتزم بعدم ارتكاب كل ما يخل بالحفاظ على احترام وهيبة مجلس النواب والمؤسسات الدستورية الاخرى للدولة طبقاً للمادة (١٠/سابعاً) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم ١٣ لسنة ٢٠١٨.

٣- تتمتع المحكمة الاتحادية العليا بسلطة تقديرية مطلقة في بحث الأدلة وإجراء التحقيقات للوقائع التي تعرض عليها تجاه كل ما ينسب إلى رئيس مجلس النواب من مخالفات دستورية وقانونية تتعارض مع مركزه القانوني والاعتباري حتى وإن كانت في نطاق المسؤولية الجزائية طالما كانت متصلة بنظرية التعسف في استعمال السلطة، فضلاً عن تعارضها مع صفته النيابية التمثيلية التي تحول دون الإتيان بإعمال تعد خرقاً لليمين الدستورية التي يترتب عليها إنهاء عضويته أو إسقاطها.

٤- إن استقصاء المحكمة الاتحادية العليا في بحث العيوب الموضوعية والشكلية التي تعتري الإجراءات الإدارية التي تمارسها السلطة التشريعية ومدى انسجام قرارتها مع نصوص الدستور يعد من وظيفتها القضائية الشاملة التي تخولها بحث المشروعية العليا في سلوك وواجبات الوظيفة النيابية وتغليبها على الاعتبارات السياسية لحماية القيم والمبادئ الدستورية المتصلة بالنظام الديمقراطي والحقوق والحريات العامة.

٥-  مارست المحكمة الاتحادية العليا في قرارها المذكور آنفاً دوراً رقابياً غير محدود على أعمال السلطة التشريعية يكاد يجعل منها قضاءً انشائياً كالقضاء الإداري، حيث لا يمكن للنصوص الدستورية ان تفسر أو تطبق بمعزل عن المصالح العليا في الدولة، وهذا ما يقوم به القاضي الدستوري عندما يوازن بين هذه المصالح التي تفسر في ضوئها النصوص الدستورية وبين القانون أو القرار المشكوك في شرعيته الدستورية محققاً للمصلحة العامة في ضوء روح الدستور.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: المحکمة الاتحادیة العلیا رئیس مجلس النواب العلیا فی

إقرأ أيضاً:

القضاء يوجه بتنفيذ قانون العفو العام خلافا لقرار المحكمة الاتحادية

آخر تحديث: 6 فبراير 2025 - 10:28 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- ذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان ،الخميس، أن “مجلس القضاء الأعلى عقد جلسته الرابعة حضوريا والكترونيا، برئاسة رئيس محكمة التمييز الاتحادية فائق زيدان، وتم خلال الجلسة مناقشة موضوع الأمر الولائي الصادر من المحكمة الاتحادية ذي العدد (3) وموحداته 4 و18 و 19 و 21 / اتحادية / أمر ولائي / 2025) في 4 / 2 / 2025 بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة التي تم إقرارها في جلسة مجلس النواب العراقي في 21 / 1 / 2025”.وتابع البيان، ان “المجلس توصل الى إن موضوع نفاذ القوانين والطعن بعدم دستوريتها تمت معالجته بأحكام المادتين (93/أولاً) و (129) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 إذ يقتضي ابتداءً عند الطعن بعدم دستورية أي قانون يصدر من مجلس النواب أن يتم نشره في الجريدة الرسمية حتى يصبح القانون محلاً للطعن بعدم دستوريته وهذا ما استقر عليه قضاء المحكمة الاتحادية العليا في العديد من قراراتها ومنها القرار ذي العدد (88/اتحادية/2016) في 20 /12 /2016 والقرار المرقم (31/اتحادية/2018) في 11 /3 /2018 “.وأضاف أنه “من باب أولى لا يجوز إيقاف تنفيذ القانون الذي يتم تشريعه من قبل مجلس النواب العراقي قبل نشره في الجريدة الرسمية، ولان الأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا أنف الذكر قد نصَ صراحةً على إيقاف تنفيذ إجراءات صدور ونفاذ قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل وقانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل على الرغم من أن هذين القانونين لم ينشرا في الجريدة الرسمية لحد الآن”. وأشار الى انه “بهذا يعتبر الأمر الولائي غير ذي موضوع لأنه قد انصب على قانونين غير نافذين لعدم نشرهما في الجريدة الرسمية وان مجرد التصويت عليها فقط في مجلس النواب العراقي يقتضي التريث في إصدار أي قرار سلباً أو إيجاباً يتعلق بتنفيذ القانون”.وبين أنه “يلاحظ كذلك بأنه ورد في قرار المحكمة الاتحادية العليا (الخاص بإصدار الأمر الولائي في 4 /2 /2025) بأن إصدار أمر ولائي مستعجل بناءً على طلب مستقل أو ضمني في الدعاوى الدستورية المقامة أمامها لم يتم التطرق إليه كما لم تتم معالجته في قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل، ولا النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022، وبذلك فهو يخضع للأحكام المشار إليها في المادتين (151 و 152) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل استناداً للمادة (39) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا”. ولفت إلى أن “المحكمة الاتحادية خلصت في قرارها إلى إن إصدار أمر ولائي مستعجل محكوم فقط بالضوابط والشروط الواجب توافرها لإصداره الواردة في قانون المرافعات المدنية المذكور، وبالرجوع الى تلك الضوابط والشروط نجد إنها أجازت لمن له الحق في الاستحصال على أمر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون أن يطلب من المحكمة إصدار هذا الأمر في حالة الاستعجال على وفق الإجراءات المبينة في المادتين (151 و152) من قانون المرافعات المدنية، وإذ أن المادة (129) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 منعت إيقاف تنفيذ القوانين أو تأجيل تنفيذها أو التريث بها ((قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد (75/اتحادية/أعلام/2015) المؤرخ 12 /8 /2015))، مما يكون طلب إيقاف تنفيذ القوانين ومن ضمنها قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 غير وارد قانوناً لتعارضه مع النص الدستوري واستقرار المحكمة الاتحادية العليا وعدم مراعاة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية، فضلاً عن أن المادة (153/مرافعات) أجازت للمتضرر من الأمر الولائي الطعن فيه بالتظلم أمام المحكمة الذي أصدرته ومن ثم الطعن فيه تمييزاً في حين أن المحكمة الاتحادية وصفت أمرها الولائي بالبات والملزم للسلطات كافة خلافاً لنصوص قانون المرافعات المدنية الذي استندت عليه والمادة (39) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا”. واكمل، أن “الأوامـــــر الولائيـــة هي قرارات وقتية ولا تتمتع بالحجية الباتة والملزمة التي هي صفة تلازم الأحكام النهائية الفاصلة في موضوع النزاع” ،مؤكداً أن “المحاكم ملزمة بتطبيق قانون العفو العام المصوت عليه من قبل مجلس النواب العراقي بتاريخ (21 /1 /2025) وأن المادة (129) من الدستور منعت تعطيل تنفيذ القوانين ما دام لم يصدر قرار بات بعدم دستوريتها أو إلغاءها من الجهة التي أصدرتها، وبالتالي يكون لزاماً على المحاكم المضي بتنفيذ قانون تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص”.

مقالات مشابهة

  • المحكمة الاتحادية العليا تقرر تسليم المتهم مهدي شرفا إلى فرنسا
  • القضاء يوجه بتنفيذ قانون العفو العام خلافا لقرار المحكمة الاتحادية
  • المالية النيابية تبحث مع وفد أمريكي ملف تعاقدات شركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان
  • المحكمة الاتحادية ترد على مجلس القضاء بشأن الأمر الولائي للقوانين الثلاثة
  • مجلس القضاء الأعلى يفصّل دستورية قرار المحكمة الاتحادية بشأن القوانين الثلاثة
  • تعطيل الدوام في (3) محافظات احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف تعديل قانون العفو العام
  • المحكمة الاتحادية تقرر بطلان عضوية النائب ( احمد المشهداني)
  • الإطار يدعم قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف تنفيذ القوانين الجدلية
  • الاتحادية تبطل عضوية المشهداني وتثبت المساري وترد دعوى نصيف ضد الخفاجي
  • المحكمة الاتحادية تقضي بعدم صحة عضوية النائب أحمد المشهداني ليحل أحمد المساري بديلاً عنه