الجزيرة:
2024-11-17@00:21:29 GMT

كيسنجر وأساطيره الستة

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

كيسنجر وأساطيره الستة

مع وفاة هنري كيسنجر في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن عمر يناهز 100 عام، عادت سيرته للواجهة من جديد، وأصبح إعلان وفاته مناسبة للتذكير بإرثه الدبلوماسي المثير للجدل؛ حيث "ملأ الدنيا وشغل الناس"، وظلّ منذ ظهوره على الساحة السياسية في أواخر الستينيّات محلّ استقطاب شديد بين النخب السياسية في الغرب وحول العالم.

بدأ كيسنجر عمله الحكومي بمنصب مستشارِ الأمن القومي، ثم وزيرًا للخارجية في عهدَي الرئيسين ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد في الفترة من 1973 إلى 1977. وقد شهدت فترة توليه حقيبةَ الخارجية تحولات سياسية واقتصادية هامّة، تركت آثارها على مسار الدبلوماسية الأميركية.

عراب السياسات

لم يكن كيسنجر مسؤولًا عاديًا ينفّذ سياسات الإدارات التي عمل معها، فهو يمثّل العرّاب للعديد من السياسات والإستراتيجيات التي شكّلت ملامح السياسة الأميركية الخارجية في فترة الحرب الباردة، حتى وُصف من قبل أنصاره بـ "عملاق الدبلوماسية الأميركية"، والشخصية الأكثر تأثيرًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

مكّنت سياساته بلاده من الخروج من مستنقع حرب فيتنام عبر التفاوض، ومكّنتها من فتح قنوات التواصل مع الصين، وتدشين علاقات دبلوماسية بين واشنطن وبكين. الأمر نفسه فعله في علاقة بلاده مع الاتحاد السوفياتي، فقد نجحت سياساته – بحسب أنصاره- في احتواء النفوذ الشيوعي المتنامي في مناطق متفرقة من العالم، وتقليل التوترات مع القطب السوفياتي.

في مقابل هذا الاحتفاء والتبجيل، يحظى سجلّ كيسنجر وإرثه السياسي بنقد كبير عند مناوئيه في أميركا وفي بقية العالم، حيث كان براغماتيًا محضًا، لا يتردّد في عقد الصفقات مع الأنظمة الاستبدادية، وتقويض الديمقراطيات.

وإرثه يمثّل عندهم التجسيد الأقبح لنهج الولايات المتحدة في اتباع أي وسيلة في سبيل تحقيق المصالح، وفرض النفوذ في العالم. ولذلك يصفه منتقدوه بالطاغية؛ لارتكابه العديد من الفظائع والجرائم في فيتنام، وكمبوديا، والشيلي، وفي بنغلاديش، وإندونيسيا، وفي مناطق أخرى عديدة.

لسنا هنا بصدد تقييم الأطروحات التي تناولت إرثَ كيسنجر، بقدر ما نريد لفتَ عناية القراء لمقالة الكاتب جيمس مان، التي نُشرت مؤخرًا في موقع " بوليتيكو"، بعنوان: "الأساطير الستة التي صنعها كيسنجر حول نفسه وكيف وقع الجميع في شِراكها". فقد حاول الكاتب من خلالها النظرَ في إرث كيسنجر بعيدًا عن ثنائية التبجيل والتمجيد أو التشهير والذم.

جيمس مان، صحفي أميركي لامع، عمل لأكثر من عقدَين في مجال الصحافة، إضافة إلى أنه مؤرخ مهم نشر العديد من الكتب حول علاقات أميركا بالشرق الأوسط والصين، أبرزها كتابه: "صعود آلهة النار: وزارة حرب بوش".

اللافت في مقالته هذه أنه يقول: إن كثيرًا من المقالات التي كُتبت عقب وفاة كيسنجر، سواء كانت مقالات تبجيلية أو ناقمة، استندت إلى المرويّات التي دوّنها كيسنجر بنفسه أو أشاعها وسط الإعلام. وأن هذه المرويّات – بحسب الكاتب- تتضمن "سلسلة واسعة من القصص والأكاذيب المضللة التي شيّدها كيسنجر حول نفسه طوال مسار حياته المهنية".

تفنيد الأساطير

وينطبق هذا الأمر بصفة خاصة على إنجازات كيسنجر في ملف الصين، "فكثير من التبجيل الذي حظيت به سيرته -حتى عندما تم الاعتراف بسياساته المدمرة في أماكن مثل فيتنام وكمبوديا – يميل إلى اعتباره رجل الدولة وصاحب الرؤية ومهندس فكرة الانفتاح على الصين".

يُشير الكاتب إلى أنه تنبه منذ سنوات لمشكلة مرويّات كيسنجر، حينما أتيحت له أثناء تأليف بعض كتبه، فرصةُ تفحص ومعاينة الوثائق السرية التي رفعت عنها المحاكم غطاء السرية، بموجب قانون حرية المعلومات، إضافة إلى مراجعة المذكرات الشخصيّة التي كتبها من عملوا مع كيسنجر.

ويعترف الكاتب بـ "أن هذه المصادر التي رجع لها، تكشف قصصًا كثيرة تكاد تختلف بشكل جوهري أحيانًا مع الروايات المثيرة للإطراء التي دوّنها كيسنجر بنفسه في مذكراته، أو لجأ إلى تمريرها عن طريق كتّاب أعمدة الرأي الصديقة".

بهذه الخلفيّة، انخرط الكاتب في مهمة أسماها: "وضع الأمور في نصابها الصحيح"، من خلال تفنيد الأساطير الستة التي صنعها كيسنجر من أجل الترويج لنفسه وخلق هالة حول إنجازاته.

أولًا: فكرة الانفتاح على الصين لم تكن مبادرة كيسنجر

ارتبط اسم كيسنجر في مخيّلة الناس باعتباره صاحب مبادرة فكرة الانفتاح على الصين. لكن الحقيقة- بحسب الكاتب- هي أن الرئيس ريتشارد نيكسون هو من كان بالفعل صاحب المبادرة والمحرّك الرئيس وراء تلك الفكرة. لتفنيد هذه الفكرة الشائعة، رجع الصحفي جيمس مان، إلى مذكرات ألكسندر هيج، الذي عمل نائبًا لكيسنجر في تلك الفترة.

في المذكرات، حكى ألكسندر قصة خروج كيسنجر من اجتماع له مع الرئيس نيكسون، وهو يقول: " لقد انسلخ زعيمنا عن الواقع. إنه يعتقد أن هذه هي اللحظة المناسبة لإقامة علاقات مع الصين الشيوعية. لقد أمرني للتو أن أقوم بتحقيق هذه الرحلة الخيالية بعيدة المنال". وبحسب توصيف هيج لتلك اللحظة فقد "وضع كيسنجر رأسه بين يديه وهتف بدهشة: "الصين!". وفقًا لهذه الرواية فإن كيسنجر سخر في بداية الأمر من فكرة إقامة علاقات مع الصين، وهذا يناقض الدور التبجيلي الشائع عنه في ملف العلاقات الأميركية الصينية، فهو لم يكن لا مبادرًا ولا متحمسًا للفكرة.

ثانيًا: كذب كيسنجر بشأن الجوانب الجوهرية والأكثر أهمية في رحلته السرية إلى الصين

يُشير الكاتب إلى أن المرويّات التي أوردها كيسنجر في مذكراته، ظلت لعقود تمثل المرجع الرئيس لكافة المعلومات المتعلقة برحلته السرية إلى بكين في عام 1971. ويصف الكاتب كيسنجر بالكذب فيما أورده في تلك المذكرات، من أن تايوان "لم يتم ذكرها إلا لفترة وجيزة خلال اجتماعه الأول مع رئيس الوزراء الصيني، تشو إن لاي".

ويستند، جميس مان، في ذلك إلى الوثائق المتصلة بهذا الموضوع، خصوصًا محضر لقاء كيسنجر مع تشو إن لاي، الذي رُفعت عنه السرية في عام 2002، فقد ورد فيه أن موضوع تايوان استغرق الثلث الأول من ذلك اللقاء، على عكس إفادة كيسنجر التي تقول: إن تايوان "بالكاد ذُكرت" في اللقاء.

تنازلات غير مبررة

الأدهى من ذلك، أن كيسنجر – بحسب التفاصيل الجديدة التي وفرتها تلك الوثائق – قدم خلال ذلك اللقاء، "تنازلات بالغة الأهمية، ظلت منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، تتحكم وتعيق مسار السياسة الأميركية تجاه الصين وتايوان".

ومن الشواهد الدالة على ذلك التنازل، أن الموقف الرسمي للولايات المتحدة، قبل رحلة كيسنجر إلى الصين، كان يعتبر أمر السيادة على تايوان "مسألة غير محسومة". إلا أن كيسنجر، في سبيل إنجاح مهمته "وعد تشو إن لاي، بعدم دعم الولايات المتحدة لحكومتين صينيتين: (واحدة في بكين، وواحدة في تايبيه)، وأنها لن توافق أيضًا على حل: "صين واحدة وتايوان واحدة"، كما أنها لن تدعم استقلال تايوان".

يمضي الكاتب ليتساءل عن جدوى تنازلات كيسنجر المعبّر عنها في تلك الوعود، والتي ما زالت تتحكم في الموقف الأميركي من استقلال تايوان؛ هل كان يتعيّن تقديم هذه التنازلات في سبيل استمرار مبادرة الانفتاح على الصين؟

يرى الكاتب أن هذا أمر غير واضح بعد، مع أن البعض يعتقد أنه لم يكن يستحق تلك التنازلات. ويضيف أن "علينا أن نتذكر أن انفتاح أميركا على الصين كان يعني في المقابل انفتاح الصين على أميركا، لاسيّما أن الصين في ذلك الوقت كانت تعيش في فقر مدقع، وفي أجواء صراع عسكري متصاعد مع الاتحاد السوفياتي".

ويخلص الكاتب إلى أن الصين كانت ترغب بشدة في إقامة علاقة جديدة مع الولايات المتحدة. ويبني على هذه الخلاصة استنتاجًا مفاده أن النظر بأثر رجعي لمسألة علاقة الولايات المتحدة مع الصين، لا يظهر ما يؤكد أن كيسنجر كان بحاجة إلى تقديم مثل هذه التنازلات الكبيرة في ذلك الوقت المبكر من المباحثات.

ثالثًا: تعمد كيسنجر إخفاء بعض المهام التي فشلت فيها دبلوماسيته تجاه الصين

يؤكد الكاتب على أن كيسنجر ظل بعد تركه العمل الدبلوماسي والسياسي الرسمي داخل الولايات المتحدة منذ عقود، يُذكر على الدوام في أدبيات الدبلوماسية باعتباره مهندس فكرة الانفتاح على الصين التي مهدت الطريق لزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الصين في عام 1972. وهو احتفاء- بحسب الكاتب- يتجاهل الإشارة إلى المهام التي فشلت فيها دبلوماسية كيسنجر في الصين.

تصرفات محرجة

 

عزز الكاتب حجته في هذا الصدد بواقعة حدثت في عام 1995، عندما تمكنت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"- التي كان يعمل بها الكاتب في ذلك الوقت- من كسب دعوى قضائية بموجب قانون حرية المعلومات، تُتيح لها الحصول على دراسة كانت قد صنفت بالسرية، أجرتها الأجهزة الاستخباراتية الأميركية حول المفاوضات الأميركية المبكرة مع الصين.

ومن أبرز الجوانب التي كشفت عنها تلك الدراسة أن نيكسون وكيسنجر كانا يرغبان في مساعدة الصين لهما في إيجاد تسوية لحرب فيتنام. وتبين الدراسة أنهما بالفعل التمسا في عام1972، من بكين أن تبذل ما في وسعها "لإحضار مسؤول التفاوض في فيتنام الشمالية، لو دوك ثو، إلى الصين لإجراء محادثات على الأراضي الصينية خلال رحلة نيكسون التاريخية للصين. غير أن الصين رفضت العرض".

أما على مستوى التصرفات السلوكية المحرجة، يكتفي الكاتب بالإشارة إلى تصريح ورد في إحدى الوثائق، ينسب لكيسنجر أثناء زيارة نيكسون عام 1972، يقول فيه: "بعد وجبة عشاء من بط بكين، سأوافق على أي شيء".

قد لا يعدو أن يكون هذا التصريح مجرد مجاملة تعبّر عن مدى ارتياح كيسنجر لرحلته إلى الصين، لكن الكاتب يرى أن ذلك التصريح كان بداية "افتتان كيسنجر بالصين". ولتأكيد هذا الافتتان، ينقل عن إحدى المذكرات السرية التي أرسلها كيسنجر إلى نيكسون عام 1973، والتي يقول فيها: " ربما تكون الصين الآن الأقرب إلينا في تصوراتها العالمية. ولا يتمتع أي من زعماء العالم الآخرين بالقدرة والخيال اللذين يتمتع بهما كل من ماو وتشو".

رابعًا: كيسنجر فرض نفسه وسيطًا للرؤساء وزعماء العالم

ورد في كتابات النعي الإشارة إلى أن كيسنجر بعد مغادرة العمل مع الحكومة عمل وسيطًا بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، خاصة الصين. ويبدو أن هذه الفكرة تشير ضمنًا إلى أن المسؤولين الأميركيين كانوا يطلبون من كيسنجر العمل كوسيط.

واقعية وحشية

بَيدَ أن من يُراجع سجلّ كيسنجر الحقيقي، يكتشف أن الأمر لم يكن يتم بتلك الصورة، على العكس من ذلك، "فقد اعتاد كيسنجر أن يفرض نفسه وسيطًا، دون أن يُطلب منه ذلك، وحتى عندما يكون غير مرغوب فيه".

وبحسب الكاتب فإن تتبع تحركات كيسنجر بعد ترك الوظيفة العمومية تبيّن أنه كان "يسافر من تلقاء نفسه إلى الصين، لأغراض تجارية في الغالب. وعندما تُتاح له فرصة عقد لقاءات مع القادة الصينيين، كان يأخذ على عاتقه إخبارهم بما يفكر فيه المسؤولون الأميركيون ويصرحون به في واشنطن. ثم، عند عودته إلى الولايات المتحدة، يذهب إلى البيت الأبيض أو وزارة الخارجية ويتطوع لإخبار المسؤولين الأميركيين بما يدور في بكين".

ويذهب الكاتب إلى أبعد من ذلك، ليقول: إن كيسنجر لم يقتصر على لعب دور الوسيط من وراء الكواليس، وإنما حاول مرارًا وتكرارًا العودة إلى السلطة بعد إعفائه من منصبه في عام 1976 (أي بعد انتخاب جيمي كارتر رئيسًا).

ففي عام 1980، كان أحد مهندسي "صفقة مؤتمر الحزب الجمهوري، التي تقضي أن يكون الرئيس السابق جيرالد فورد مرشح رونالد ريغان لمنصب نائب الرئيس، وكيسنجر لمنصب وزير الخارجية. غير أن فريق ريغان الانتخابي رفض تلك الصفقة بلطف. كرّر الأمر نفسه في عام 1988، حينما اقترح على فريق جورج إتش دبليو بوش، "أن يتسلّم زمام الدبلوماسية السوفياتية باعتباره المبعوث الأساس للإدارة الأميركية للرئيس السوفياتي ميخائيل جورباتشوف".

يستنج الكاتب -مما سبق – أن كيسنجر في كثير من الأحيان فرض نفسه وسيطًا بدرجة أكبر مما أراده الرؤساء الأميركيون.

خامسًا: في الشأن الصيني لم يكن كيسنجر واقعيًا كما ادّعى

يوصف كيسنجر عادة بأنه رجلٌ يتبنى منهجًا واقعيًا في مجال العلاقات الدولية. ولذلك يعترف الكاتب، بأنه قد يكون بالفعل صاحب منهج واقعي من الناحية الفلسفية، لاسيما أنه " كرّس مشروعاته، في أجزاء كثيرة من العالم – كما لاحظ منتقدوه بدقة في تأبينه – وَفق منهج واقعي صارم، بل ووحشي في بعض الأحيان".

غير أن من يتأمل حصيلة أعمال كيسنجر فيما يتعلق بالصين، يجد أنه كان رومانسيًا أكثر منه واقعيًا. ويستحضر الكاتب في هذا السياق معلومة وردت في إحدى مذكرات كيسنجر الخاصة التي أرسلها إلى نيكسون بشأن الصين، والتي كتبها بعد زيارة قام بها إلى بكين عام 1973، والتقى فيها بالزعيم ماو تسي تونغ، حيث كتب يقول: إن شخصية ماو "تشع بهالة السلطة والحكمة العميقة… لقد تأثرت بعظمة الرجل هذه المرة أكثر من المرة الماضية. يمكن للمرء أن يتخيّل بسهولة قوة وذكاء هذا الرجل في مقتبل عمره ". وبحسب الكاتب، لا يمكن أن يصدر مثل هذا التقييم عن رجل واقعي.

سادسًا: ساهمت إفادات كيسنجر في تضخيم دوره في الدبلوماسية مع الصين

أشارت التقارير قبيل وفاة كيسنجر إلى أنه لعب دورًا في رفع فتيل التوتر بين إدارة بايدن والصين، وأضافت أن الاتصالات رفيعة المستوى التي شهدها البلدان حصلت نتيجة زيارة قام بها كيسنجر إلى بكين. مرة أخرى، الوقائع تقول خلاف ذلك. فإذا كان كيسنجر سافر إلى الصين في منتصف يوليو/تموز، فإن إدارة بايدن كانت قد سبق أن أرسلت وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة، جانيت يلين إلى بكين، وكانت المباحثات جارية بالفعل لترتيب زيارة الزعيم الصيني، شي جين بينغ، إلى الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني. وبالتالي، لم يلعب كيسنجر أيَّ دور في هذه المسألة الدبلوماسية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة کیسنجر إلى الکاتب إلى ذلک الوقت کیسنجر فی إلى الصین ا کیسنجر أن الصین إلى بکین مع الصین ات التی فی ذلک لم یکن فی عام إلى أن وسیط ا أن هذه من ذلک

إقرأ أيضاً:

بشرى خلفان: رأي الكاتب يُستشفُّ من كتاباته وليس فيما يقول عن نفسه

لقد كتبتُ تمت، فقد تمت!

التتمة محكومة بسكون الشخصيات لدي

ظلت الشخصيات متمسكة بحكايتها

قدمت شخصيتين جديدتين لدعم الحكاية

هناك أفكار جديدة تتبلور

وقّعت الكاتبة الروائية بشرى خلفان روايتها الجديدة "دلشاد.. سيرة الدم والذهب" في جناح "منشورات تكوين" بمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية الثالثة والأربعين، وقد جمع حفل التوقيع عدداً من القراء الذين قصدوا الحفل للالتقاء بالكاتبة بشرى خلفان والحديث معها حول تفاصيل الرواية التي تأتي كجزءٍ ثانٍ من الرواية الأولى "دلشاد.. سيرة الجوع والشبع".

وعلى هامش حفل توقيع الرواية، التقيتها، فطرحت عليها سؤالي الأول، هل تنتهي حكاية "دلشاد" مع آخر سطر في روايتها الجديدة؟ فأجابت الكاتبة بشرى خلفان قائلة: "لقد كتبت (تمت)، فقد تمت".

وصارحتها بعدم قراءتي للجزء الثاني من دلشاد بعد، الأمر الذي قد يزعج الروائي، فبعض الروائيين يشترطون على المحاور أن يكون قارئاً لروايتهم، ولكن المحاور قد يسأل عن أمور أخرى غير الرواية بحد ذاتها، وهنا أوضحت بشرى خلفان رأيها بهذا الموضوع قائلة: "في اعتقادي الشخصي، أن رأي الكاتب يمكن للقارئ استشفافه من كتاباته، وليس مما يقوله الكاتب عن نفسه، هناك بعض الكتّاب يرون أن أي حوار لا يستند إلى قراءة منتجهم وحواره بشكل جاد هو غير مناسب، خاصة إذا كان الحوار يركز على العموميات بدلاً من مناقشة تفاصيل الكتابة، هنا أتحدث عن اللقاءات الإعلامية المتعلقة بمناسبة إصدار العمل أو احتفاءً بتحقيق العمل لإنجاز معين، فيكون المحور هو العمل نفسه، لذلك من الأولى أن يكون المحاور قارئاً للمنتج، ولكن في لقاءات أخرى، مثلاً حول الندوات التي تتعلق بالرواية العمانية أو غيرها، فلا أرى أنه من الضروري أن يكون المحاور قد قرأ للكاتب، لكن إذا كنت تأتي لفعالية توقيع كتاب، فمن المهم أن تكون على دراية بما كُتب".

رغم إجابتها المحرجة، كوني لم أقرأ الرواية الجديدة، إلا أن الرواية جديدة ولم تحظَ بالتوزيع الكبير بعد، وها أنا قد اشتريت الرواية الموقّعة منها، وكنت قبل ذلك قد قرأت الرواية الأولى، فما كان مني إلا أن وجهت سؤالي المرتبط بقراءتي للرواية الأولى، والتي وعدت في نهايتها القراء بأن هناك تتمة. فهل كان التزامها بكتابة الجزء الثاني نوعاً من الواجب في إتمامها رغم الظروف؟ وما إذا مرت بضغوط الالتزام بالكتابة؟ فأجابت قائلة: "أعتقد أن الأمر محكوم بما إذا كان في داخل الكاتب تتمة للحكاية أم لا، إذا كانت الشخصيات ما زالت حيّة في داخله وتطالب باستكمال حكايتها، فإن الحكاية ستكتمل، لكن إذا كان هناك قسر في الكتابة، فسيشعر القارئ بذلك، أي يشعر بمحاولة اختلاق الحكاية، ويشعر بتكلّف الكاتب، حاولت تأجيل الجزء الثاني، لكن الشخصيات كانت تُلزمني بإتمام الحكاية لأنها حاضرة وتقول لي يجب أن أكتبها".

وفي ذات السياق واصلت بشرى خلفان حديثها بقولها: "بدأت الكتابة وأنهيت الجزء الأول (دلشاد.. سيرة الجوع والشبع) في عام 2020، ونُشر في مارس من عام 2021. أما الجزء الثاني (دلشاد.. سيرة الدم والذهب) فقد بدأت كتابته في نهاية عام 2023، وأتممته في نهاية يوليو 2024، أعتقد أنني تمهلت بما فيه الكفاية، ورغم هذه المدة بين الانتهاء من الجزء الأول والجزء الثاني، إلا أن الشخصيات ظلت متمسكة بحكايتها، رغم ظني أنها قد تبهت أو تغادر".

أخبرتها عن قراءة أحد الأصدقاء للجزء الثاني، رغم أنه لم يُتم الرواية، لكنه لاحظ عدم ظهور شخصيات جديدة. وحول ذلك قالت: "لقد قدمت شخصيتين جديدتين لدعم سير الحكاية وإكمال الصورة التي تعبر عنها الرواية".

وختاماً، طرحت سؤالي الأخير عما تضمره بشرى خلفان في نفسها من مشاريع أدبية قادمة، فقالت: "مهلاً، للتو انتهيت من هذه الرواية التي بين يديك. ولكن رغم ذلك، نعم، هناك أفكار جديدة تتبلور".

وتتمتع الكاتبة بشرى خلفان بأسلوب سردي آسر، خاصة في وصف المكان. ففي رواية دلشاد بجزئها الأول -وأجزم في الثاني كذلك- تتجلّى مسقط القديمة تحديداً بشكل دقيق بأسلوب يبعث في النفس إعمال الخيال لتشكيل صورة سينمائية في الذهن، إلى جانب غيرها من المدن القديمة، ما شكّل ارتباطاً لدى القراء وحماساً لاقتناء الجزء الثاني، إلى جانب روعة الأسلوب المكتوب دون استعجال -كما أشارت الكاتبة في حديثها- وإنما برويّة مقرونة بالمزاج السليم الباعث على الإبداع.

وتقول بشرى في غلاف الرواية الجدية: "كبر الفراغ في قلبي فأوجعني وأوجعتني خيبتي، خيبة من ظن أنه وَجَدَ ثم أدرك أنه ضيّع ما وجد... هل كنت أحلم؟ أكان كابوساً؟ أركض في السوق من زقاق إلى آخر ولا أصل؟ سقطت عيني على قدمي المغبرتين، قدمي اللتين تركضان ولا تصلان إليه، شعرت بألم ركضهما الحافي. أين سقط نعلاي؟... أطلت النظر إليهما، تذكَّرتُ لما كان حصى الوادي يحرق باطن قدمي فيقطر أبي الزيت في كفه ويدهنهما به. لم يكن الألم يزول مرة واحدة، بل يتلاشى مع الوقت وهو يغني لي ثم أتبعه في الغناء. من منا كان يغني للآخر؟".

مقالات مشابهة

  • متضامنون مع الكاتب الزعبي يناشدون النواب التحرك للإفراج عنه وعن معتقلي الرأي
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. قابل للكسر .. !!
  • انتقال باقة خدمات لـ «الكاتب العدل الخاص» بمحاكم دبي
  • مجلة أمريكية تتوقع سحق الحوثيين في الأشهر الستة الأولى من إدارة ترامب المقبلة (ترجمة خاصة)
  • د. بني سلامة .. اعتقال الكاتب الزعبي ضربة لحرية التعبير
  • بشرى خلفان: رأي الكاتب يُستشفُّ من كتاباته وليس فيما يقول عن نفسه
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الهروب من الألم
  • الصين الشعبية، مستمعاً سموه للجهود التي تقدمها الجامعة والتعاون بين الطرفين في المجال البحثي.
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. كان لنا في الشرق بوابة!
  • شيخ قبلي يكشف مكان اختطاف الكاتب الصحفي ‘‘محمد المياحي’’ و13 ألف مختطف في سجون المليشيات الحوثية