قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن الولايات المتحدة تواجه خيارات صعبة في المواجهة مع جماعة الحوثي في البحر الأحمر التي تنفذ هجماتها على سفن الشحن تحت مزاعم نصرة أبناء غزة لما يتعرضوا له من إبادة جماعة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي.

 

وأفادت الوكالة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن واشنطن وحلفاؤها فكروا في ضرب المسلحين الحوثيين في اليمن بعد أن طلبت منهم إما وقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر أو مواجهة إجراءات غير محددة.

 

وذكرت أن واشنطن وعشرات الدول حذرت هذا الأسبوع الحوثيين المدعومين من إيران من أنهم "سيتحملون مسؤولية العواقب" إذا استمروا في هجماتهم في شريان التجارة البحرية الحيوي.

 

 وقد فسر العديد من الخبراء العسكريين والبحريين الذين أجرت بلومبرج مقابلات معهم هذا الأمر على أنه تهديد بشن ضربات وشيكة ضد الجماعة، على الرغم من أن مثل هذه الخطوة قد تزيد الأمور سوءًا، لذا فإن اتخاذ المزيد من الإجراءات المحدودة هو احتمال أيضًا.

 

وحسب الوكالة تشمل التحديات احتمال حدوث المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، مع ارتفاع التوترات بالفعل بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس - وهي جماعة أخرى تدعمها إيران. ويجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن أيضًا أن يأخذ في الاعتبار تأثير الصراع خلال عام الانتخابات.

 

ونقلت بولمبيرغ عن نيك تشايلدز، زميل بارز في القوات البحرية. والأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قوله "سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها "اختيار الخيارات التي يمكن الدفاع عنها بوضوح" والتي تستهدف قدرة الحوثيين على مواصلة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر مع "تجنب التورط في صراع إقليمي".

 

ووفقا لأكثر من عشرة أشخاص أجرت بلومبرج مقابلات معهم، بما في ذلك خبراء في اليمن والشحن والدفاع والأمن، فإن هذه الخيارات تشمل:

 

الضربات المستهدفة

 

ستركز هذه على القضاء على أو إضعاف قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية على السفن وممرات الشحن من خلال ضرب مواقع الإطلاق والرادارات ومستودعات الصواريخ وغيرها من البنية التحتية الداعمة والخدمات اللوجستية. ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أطلق الحوثيون أكثر من 100 طائرة مسيرة وصاروخاً باليستياً في عشرين هجوماً منفصلاً، وفقاً للبنتاغون. وتم استهداف أكثر من 15 سفينة.

 

وطبقا للتقرير فإن هذا النهج يترك للحوثيين وسائل أخرى مثل الطائرات بدون طيار والألغام البحرية والزوارق الهجومية السريعة، في حين يخاطرون بتصعيد الوضع أكثر - مما يؤدي إلى تصعيد المعركة مع المسلحين اليمنيين التي يمكن أن تجتذب داعميهم الإيرانيين.

 

وذكرت أن معظم الفصائل اليمنية التي تقاتل الحوثيين منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء قبل ما يقرب من عقد من الزمن، إلى جانب بعض الداعمين الإقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة، تفضل الانتقام القوي. ويتضمن ذلك إعادة تصنيف الحوثيين كإرهابيين، واستهداف مواردهم المالية، وشن عمل عسكري أوسع إذا لزم الأمر. ويقول البعض إن طرد الحوثيين من مدينة الحديدة الساحلية هو السبيل الوحيد لاستعادة الهدوء في البحر الأحمر.

 

وطبقا للوكالة فإن الكثيرين يلقون باللوم على وجود الحوثيين الساحلي في الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى على القوات المناهضة للحوثيين، وكذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لوقف هجوم كبير في عام 2018 لاستعادة الحديدة لأسباب إنسانية.

 

وترى أن أي عمل عسكري كبير ضد الحوثيين يجب أن يشمل الداعمين الإقليميين الرئيسيين للمجلس الرئاسي في اليمن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي الوقت الحالي، ليس لدى كليهما، وخاصة الرياض، أي رغبة في إشعال صراع يبذلان قصارى جهدهما لإخماده.

 

مرافقة السفينة

 

يشير التقرير إلى أت هناك خيار آخر يتمثل في توسيع نطاق عملية "حارس الازدهار" بشكل كبير - وهي عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة بدأت الشهر الماضي - لتشمل مرافقة السفن في المنطقة الواقعة بين خليج عدن والقسم الجنوبي من البحر الأحمر، على غرار ما يقوم به حلف شمال الأطلسي. لقد حدث ذلك قبل 15 عاماً في ذروة أزمة القراصنة الصوماليين.

 

يضيف "لكن على عكس القراصنة الصوماليين، يتمتع الحوثيون بموارد عسكرية كبيرة والمنطقة التي يهددونها واسعة نسبيًا، لذلك سيتطلب ذلك عددًا كبيرًا من السفن الحربية المزودة بأنظمة دفاع جوي متقدمة. العديد من الدول، وخاصة الدول العربية الإقليمية، مترددة في الانضمام نظرا لادعاءات الحوثيين بأن هجماتهم هي تضامن مع الفلسطينيين في غزة، وفقا لتشايلدز من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

 

وأكد التقرير أن الخدمات اللوجستية شاقة أيضا. وقال آمي دانيال، الرئيس التنفيذي لشركة Winward، وهي شركة للذكاء الاصطناعي البحري، إن هناك في المتوسط حوالي 250 سفينة تعبر البحر الأحمر في أي لحظة، وسيتعين على شركات الشحن القيام بتخطيط وتنسيق كبيرين للدخول في قوافل مرافقة.

 

الدبلوماسية والاسترضاء

 

تتابع الوكالة "يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن تحذو حذو المملكة العربية السعودية، التي عملت جاهدة لإقناع الحوثيين بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار وخطة سلام تشرف عليها الأمم المتحدة من خلال تقديم الحوافز المالية.

 

ماجد المذحجي، مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية يقول للوكالة "المشكلة هي أن تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر كشفت القيود الشديدة على "مفهوم الاستقرار" الذي سعى السعوديون إلى صياغته مع الجماعة". وعلى عكس المملكة العربية السعودية، فإن القوة العظمى مثل الولايات المتحدة لديها اعتبارات أخرى.

 

يقول توربيورن سولتفيدت، المحلل الرئيسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة فيريسك مابلكروفت ومقرها لندن، إن هجمات الحوثيين كانت بمثابة "ضربة إلى حد ما للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة للحفاظ على البحار المفتوحة منذ عقود".

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر الحوثي الملاحة الدولية المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

البحر والبر

كل بيئة حيوية تفرض على الكائن الحي فـيها نمطًا من الحياة، مع الوقت والتكرار يتحول ذلك النمط إلى سمة وثقافة، فإذا كانت الطبيعة الجغرافـية للأرض تقسمها لبحر وبر، فإن ذلك ينعكس على الإنسان نفسه وعلى نمط حياته وثقافته.

فـي عُمان مثالا أينما تأملت وجردت جغرافـيتها فهي فـي المجمل تكوين من الاثنين، البر والبحر، ثم تجد تفاصيل بحرية بين البحر الهادئ أو المفتوح على المحيط، وبين الساحل الحجري والرملي، وتفاصيل برية من السهل للجبل للرمل، وكل منهما عامل مؤثر فـي أنماط الحياة البشرية التي قامت والتي تقوم، ولا يمكن إغفال هذه الفكرة حين التفكير فـي الطبيعة الاجتماعية للناس، بما أن الطبيعة البشرية تتأثر ببيئتها.

ظل البحر يحمل المتغير إلينا مع أمواجه، وكان البر يمثل الثابت بجباله، وبما أن البحر أفق مفتوح فهو يفرض المغامرة والارتحال والاستقبال المستمرين، ولما كان البر شاسعًا فقد فرض على ساكنه التنقل فـي طلب الرزق والمعايش، والكلأ للرعاة، والشراء والبيع للفلاحين، وكل ذلك خلق مناطق مشتركة هي المراكز والمدن اللاحقة، مع أن كل نمط من تلك الأنماط الحياتية ظل يستدعي سمات خاصة به، ويخلق بالتالي مناخًا خاصًا وثقافة خاصة، والملاحظ أن تلك الثقافات المحلية ظلت منفتحة على بعضها البعض، ولكنها حافظت على شبه خصوصيتها وعلى سماتها الخاصة بها وتفردها طوال قرون، رغم أوضاع الشدة والرخاء المتعاقبة وعلى اختلاف الدول.

السلطة من جانبها تتطلب البقاء والثبات النسبيين، وهذا ما جعل العواصم بنظرنا تلجأ للداخل وتسلم زمامها للثقافة الأكثر تماسكًا واستقرارًا، خاصة فـي لحظات الأخطار الخارجية الداهمة، كما حدث فـي صدر الإسلام بتحول العاصمة من صحار ودبا إلى نزوى، ثم الرستاق، والعودة لمسقط، ثم الانشقاق بين مركزين هما مسقط ونزوى إلى منتصف القرن العشرين، وذلك قد يلمح إلى أن الثقافة الثابتة الأقل تغيرًا، كانت هي المتسيدة على ثقافة المتغير، وأن تأثير المتغيرات القادمة من البحر كان أقل إلى حد ما، مقارنة بالمتغيرات القادمة بريًا والتي كانت جذرية.

إن الاستقرار الفلاحي والرعوي، وهو مزيج من الاثنين، انتشر فـي الداخل، بفعل الطبيعة الجغرافـية، والفلاح كما هو معروف مرحلة لاحقة على الرعوي والصياد البري، فهو ابنهما، وهذا الجيل اللاحق الذي شق الأفلاج وبلغ مصادر المياه، وبالتالي أسس البلدات والقرى المتفرقة، خلق أمكنة قابلة للحياة أكثر استدامة، وشكلت بالتالي مراكز قامت عليها حتى الحياة الرعوية المتنقلة بطبيعتها، وبدل البحث الرعوي الدائب عن المراعي من مكان لمكان جرت زراعة علف الحيوانات، عشب القت تحديدًا، فتوفرت بالتالي الموارد الكافـية التي يمكن للرعاة الاعتماد عليها عند تأخر الأمطار وقلة المراعي، وبذلك ارتبط الرعاة والفلاحون بعقد تبادلي، واعتماد متبادل ربط مصيرهم ببعض، وإن ادعى الفلاح عدم حاجته للراعي واكتفائه بما لديه، بما أنه مرب لحيوانات الأسر هو الآخر، لكن ذلك تنفـيه الوقائع، لأن الاعتماد ظل متبادلًا، خاصة فـي حاجة التجارة لنقل البضائع، ونقل المسافرين، حيث كان الرعاة هم الأقدر والأكثر خبرة بحكم تنقلهم المستمر، فكان أغلب الأدلة والمرشدين والمسييرين للقوافل البرية منهم لا من غيرهم، على الغالب.

العلاقة الأخرى كانت بين الفلاح والصياد، وهي كذلك علاقة منفعة اقتصادية متبادلة، سواء من ناحية تبادل المنتجات أو من ناحية النقل والسفر الخارجي، أو توفـير الغذاء والطعام والماء، وقد امتلك كل منهما ميزة فمن ناحية كان هناك استقرار الفلاح وركونه للبقاء مقابل استمرار سفر البحار، واعتماده المغامرة والمواسم، وقد يدعي كل منهما الغلبة على الآخر، لكن يبدو أن الوقائع التاريخية لها إثباتاتها الخاصة. وكما يبدو فـي نظرنا فإن ثبات المورد المائي واستمرار جريانه، جعل الميزان يميل لصالح الفلاحية أكثر، ولا يخلو الأمر من نسبية فـي كل الأحوال.

فـي بيئة متغيرة تعتمد على أمطار موسمية تختلف من سنة إلى سنة، بقي تفكير الإنسان متجهًا لما يبقى، أي لإنتاج منتجات تدوم مدة أطول، على تغير المواسم والسنوات، ومن هنا نشأت فكرة الأطعمة المجففة، فإذا كان الغيل والغدير القديم مهددين بالجفاف والنضوب جرى البحث عن ماء أكثر استدامة، وإذا كانت الآبار تكشف عن مياه مستمرة لا تتأثر بسرعة بالجدب وقلة الأمطار فإن الفكرة هي جعل مياه الآبار جارية، وهي الفكرة التي قامت منها الأفلاج، وبهذه الطريقة جرى توفـير مصدر مياه مستمر لا ينقطع طوال أيام السنة، ولا يتأثر مباشرة بقلة الأمطار بل يصمد لسنوات.

هكذا نجد كذلك أن أغلب القرى العمانية فـي الداخل أو الساحل تقوم على ضفاف الأودية وعند مصادر المياه، بما أن الماء حاجة مركزية لا غنى للإنسان عنها، وبذلك نشأت الصور الأولى للاستقرار والمدنية والحضارة، وقد تمكن الإنسان من شق طريقه لتلبية الحاجات للأجيال، والمشاركة الفعالة فـي محيطه الجغرافـي الإقليمي، فـيما يتعلق بأسباب الحياة والعيش وكل ذلك خلق أنماطًا وأشكالًا متنوعة وغير جامدة من الثقافة الحية حتى فـي إطار الجماعة البشرية الواحدة، حيث تجد كل الأنماط الثلاثة مجالها الحيوي وتتوطد علاقاتها.

هناك مسألة أخرى تتعلق بالثقافة الفلاحية، وهي فكرة الأرض الوطن، لأن الفلاح لا يمتلك خفة الانتقال من مكان لمكان كالراعي، أو الأسفار الطويلة بالشهور كالبحار، فليس بمقدوره الانتقال بأرضه وبستانه من مكان إلى مكان، فهو أكثر لصوقًا بالأرض، وأكثر تجذرًا بها، ويعتمد عيشه واتساع رزقه على بقائه فـي نفس الأرض، وهمه زيادة ملكيته منها، لذلك فإن الأرجح بنظرنا أن فكرة الوطن الثابت المحدد بأطره وحدوده نشأت من الثقافة الفلاحية، ومن البستان تحديدًا، ولا يعني ذلك عدم وجود ذلك المفهوم عند الراعي والصياد بطبيعة الحال، بل إن تنقلهم أسهل من تنقل الفلاح الذي يفقد معناه دون أرض محددة بعينها وملكيتها.

يبدو لنا الآن أن هذه بالمجمل هي الأسباب التي أدت إلى رجحان كفة النمط الفلاحي على الرعوي والساحلي، والتقسيم نظري لأغراض التأمل، ففـي الواقع ظلت الجماعات البشرية معنا محافظة داخلها على نمطين أو أكثر من أنماط الحياة، فـي نوع من المزج، فتجد الأنماط الثلاثة موجودة فـي أنماط يسود فـيها الرعي أو الصيد والإبحار أو الفلاحة، وذلك ما شكل فـي اتحاده مزيجًا أكثر لحمة وصلابة، دون أن يخسر تنوعه واختلافه وغناه، وتكامله.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تطلب تعاوناً دولياً لكسر علاقة الحوثيين وحركة الشباب الصومالية
  • سياسي إرتيري: اليمن كسر الهيمنة الأمريكية وأثبت قدرة الشعوب على المواجهة
  • واشنطن تدرج مهدي المشاط وناطق الحوثيين ضمن قائمة الإرهاب
  • العراق بقلب العاصفة.. تقارب واشنطن وموسكو يحرج طهران ويدفعها لـ4 خيارات
  • إيلون ماسك يدعم مبادرة انسحاب الولايات المتحدة من الأمم المتحدة والناتو
  • معهد "كارنيغي" يكشف عن مساعٍ حوثية لتعزيز نفوذها إقليميا ببناء تحالفات مع الحشد الشعبي (ترجمة خاصة)
  • استشارية أسرية تكشف أبرز التحديات التي تواجه المقبلين على الزواج
  • الضربات التي أوجعت الولايات المتحدة!!
  • البحر والبر
  • كوريا الجنوبية تطلب من الولايات المتحدة استثناءها من التعريفات الجمركية