د. إبراهيم ابراش لم تترك الحركة الصهيونية ومن يساندها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وسيلة إرهابية وعدوانية ضد الشعب الفلسطيني إلا واستعملتها، من احتلال واستيطان وقتل واغتيالات واعتقالات وتدنيس المقدسات والتضييق على حياة المواطنين لدفعهم للهجرة خارج وطنهم، حتى بعد قيام سلطة فلسطينية أنتجتها معاهدة لتسوية سياسية برعاية دولية ثم اعتراف دولي بدولة فلسطينية تحت الاحتلال واصلت إسرائيل سياستها للتضييق على عمل السلطة ومحاولة تغيير وظيفتها من سلطة وطنية تؤسس لبناء الدولة إلى سلطة هشة وضعيف تخدم استراتيجية الإحتلال، وإسرائيل في كل ذلك تستعين بالدعم الأمريكي بالإضافة الى تواطؤ أنظمة عربية.
وبالرغم من ذلك ما زال الشعب الفلسطيني صامداً على أرضه مقاوماً للاحتلال بكل ما يملك من مقومات المقاومة وكانت آخر ملاحم البطولة ما حدث في مخيم جنين التي تضاف لملاحم البطولة والشرف من ثورة البراق 1929 إلى ثورة عزالدين القسام 1935 إلى الثورة الكبرى 1936 وصولات وبطولات عبد القادر الحسيني وجماعته، وتواصلت البطولات مع الثورة المعاصرة التي أطلقتها حركة فتح عام 1965 وعمت كل ربوع الوطن وخارج الوطن حيث كانت المواجهات مع
العدو انطلاقا من نهر الأردن وجنوب لبنان والصمود البطولي في قلعة الشقيف التي كانت في السادس من يونيو للعام 1982، أيضاً الصمود البطولي للثورة والحركة الوطنية اللبنانية أثناء غزو إسرائيل للبنان 1982 وهو الصمود الذي استمر لمدة 88 يوم في ظل صمت عربي، ولا ننسى صمود شعبنا وبطولاته في مواجهة قطعان المستوطنين في الضفة ومواجهة جولات العدوان المتكررة على قطاع غزة. كل هذا لم يدفع شعبنا للهجرة ولا قيادتنا للاستسلام لإرادة العدو حتى مع التطبيع العربي وتواطؤ البعض من العرب والمسلمين مع العدو. ولأن العدو عجز عن كسر إرادة شعبنا فإنه يلجأ لأساليب جدية كصناعة الانقسام بين غزة والضفة ومحاولة إثارة الفتنة الداخلية عند فلسطينيي 48وأخيراً محاولة تطويع السلطتين في غزة والضفة لإرادته. فقد تعودنا بعد كل عدوان على غزة في سياق حروب تعزيز الانقسام أن تتحدث دولة الكيان الإسرائيلي عن تسهيلات لسلطة حماس في غزة ما بين تمديد مساحة الصيد البحري إلى وعود بتسهيلات لمرور البضائع والأفراد وزيادة حصة الكهرباء إلى السماح للعمال للعمل داخل الكيان ودخول الأموال القطرية الخ ، وكل ذلك مرتبط بالتزام فصائل المقاومة بالهدنة. وما هو قريب من ذلك تمارسه حكومات إسرائيل المتعاقبة مع السلطة الفلسطينية في الضفة. فبعد كل جريمة وعدوان في الضفة كما جرى مؤخراً في مخيم جنين تتحدث إسرائيل عن حزمة تسهيلات للسلطة مالية كالإفراج عن أموال المقاصة أو عودة العمل ببطاقات vip لكبار الشخصيات في السلطة مع الدعوة لتقوية وجود الأجهزة الأمنية للسلطة في مناطق التوتر. في كلا الحالتين فدولة الكيان تريد سلطة (قوية) ولكن حسب منظورها وبما يخدم مصالحها. وللأسف فإن مساعي العدو لمحاصرة الشعب وتطويع السلطتين ما كان لها أن تنجح لولا تواطؤ وتخاذل الحكومات العربية التي تنصب بعضها نفسها وصية على الفلسطينيين ولا تتورع فضائياتها في التدخل في شؤوننا الداخلية مناصرة طرفاً على آخر، وتكيل الاتهامات للقيادة والأحزاب بالتقصير بل وتخونها أحياناً دون تقديم ما يدعم صمود الشعب على أرضه أو التحركات الدبلوماسية للقيادة. والسؤال أين العرب من دعم صمود الشعب على أرضه ونيابته عن الأمتين الإسلامية والعربية في الدفاع عن المسجد الأقصى؟ أين العرب مما يجري مع السلطة الفلسطينية ومحاولة اسرائيل تجريدها من دورها الوطني؟ أين وعودهم في القمم العربية بشبكة أمان مالي في حالة تضييق إسرائيل عليها؟ الأمر لا يقتصر على وقف أو تقليص الدعم المالي والسياسي للسلطة بل يتجاوز ذلك التآمر عليها وعلى القضية الوطنية بشكل عام سواء من خلال التطبيع أو تعزيز الانقسام والفتنه الداخلية. مثلاً : هل تدعم قطر السلطة الفلسطينية غير ما تقدمه لحماس لتعزيز الانقسام بما يضعف السلطة؟ وهل تقدم دولة الإمارات دعما للسلطة والفلسطينيين غير ما تقدمه لدحلان لإضعاف حركة فتح وإثارة الفتنة؟ للأسف هناك من الأنظمة العربية من أضر بالقضية الوطنية بما لا يقل عما فعله العدو الصهيوني. كاتب فلسطيني Ibrahemibrach1@gmail.com
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية لوقف اقتطاع إسرائيل عائدات الضرائب
أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أنها تنظر بخطورة بالغة إلى استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلى فى الاقتطاعات الجائرة من عائدات الضرائب الفلسطينية "المقاصة"، واحتجاز أموال الشعب الفلسطينى التى فاقت 7 مليارات شيكل.
واعتبرت الوزارة - في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) اليوم الثلاثاء، أن الاقتطاعات مخططات سياسية استيطانية عنصرية تندرج في إطار حرب الإبادة والتهجير والضم، ومحاولات الاحتلال إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها التجسيد المؤسسي لدولة فلسطين على أرض الوطن، في انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية.
وطالبت بخطوات عربية إسلامية لحماية الشرعيات الفلسطينية ومؤسساتها وحكومتها المعترف بها دولياً، وتنفيذ شبكة الأمان المالية، كما طالبت المجتمع الدولي بسرعة التحرك ومواجهة تغول الاحتلال على الشعب الفلسطيني وحقوقه.
يذكر أن أموال المقاصة الفلسطينية لدى إسرائيل، تعود إلى السلطة الفلسطينية وموجودة لدى إسرائيل، وهي الإيرادات الضريبية والرسوم والجمارك المفروضة على السلع والبضائع المستوردة إلى فلسطين، أو عبر إسرائيل والمعابر والحدود حسب اتفاقية أوسلو، تجبيها طواقم وزارة المالية الإسرائيلية بشكل شهري نيابة عن السلطة وتحولها لوزارة المالية وخزينة السلطة الفلسطينية