ما تداعيات محاكمة الاحتلال بتهمة الإبادة الجماعية أمام العدل الدولية؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
لفت أكاديمي وحقوقي تركي إلى أن جريمة الإبادة الجماعية، التي تأتي ضمن إطار الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، هي أخطر جريمة في القانون الجنائي الدولي.
وشدد عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة "ميديبول" بمدينة إسطنبول التركية، الدكتور عبد الله مصعب شاهين، على أن طلب جنوب إفريقيا محاكمة "إسرائيل" أمام "العدل الدولية" متسق ومفصل وله أساس قانوني، وفقا لمقال كتبه لوكالة الأناضول.
وأشار شاهين خلال مقاله إلى نطاق وأهمية إقدام جنوب إفريقيا على رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات الاحتلال بالتزاماته بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
ولفتت الدعوى إلى أن أفعال دولة الاحتلال "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب"، لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية.
وقال شاهين، إنه "منذ انتهاء الهدنة الإنسانية قصيرة الأمد، واصلت إسرائيل هجماتها الممنهجة دون انقطاع، بينما صرحت حركة حماس وممثلو قطر، الذين لعبوا دور الوسيط مرارا وتكرارا، بأن المفاوضات توقفت بسبب هذا الموقف العدواني لإسرائيل"، وفقا للأناضول.
وأضاف: "على الرغم من ذلك، عند تقييم كل التطورات معا، يبدو أن المفاوضات بين حماس وإسرائيل مستمرة. وما نشاهده حاليا يشير إلى أنه لم يتم حتى الآن استبدال الصراعات بالسياسة والعقل، لكن حركة الدبلوماسية مستمرة إلى حد ما".
وشدد شاهين على وجوب انتهاء "حالة العدوان من أجل تسريع الاتصالات الدبلوماسية وطرح أفكار الحل السياسي".
حلول سريعة على أساس قانوني
ولفت شاهين إلى أن البحث عن حل على الساحة الدولية لوقف الهجمات الإسرائيلية "تركز في المقام الأول على الجنائية الدولية، مبينا أن العديد من الدول والمنظمات غير الحكومية قدمت إلى هذه المحكمة أدلة تدين إسرائيل".
وأردف: "لم تكن الجنائية الدولية منطلقا معقولا للتوصل إلى حل لعدد من الأسباب، منها هيكلها المترهّل، وعدم قدرتها على اتخاذ تدابير مؤقتة، والموقف المتحيز للمدعي العام (كريم خان)".
واستطرد: "بدلا من ذلك، من الممكن أن يؤدي تقديم طلب إلى محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية للأمم المتحدة، إلى إيجاد حلول أسرع وأكثر فعالية".
وأوضح أن جنوب أفريقيا تقدمت مؤخرا بطلب إلى محكمة العدل الدولية عبر ملف "متسق ومطمئن للغاية، ومفصل وله أساس قانوني"، حسب الأناضول.
وذكر أن جنوب أفريقيا وبالإشارة إلى المادة ذات الصلة من اتفاقية الإبادة الجماعية، "رفعت دعوى قضائية أمام المحكمة تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة".
وأشار إلى أن إسرائيل اكتفت برفض هذه الدعوى القضائية شفهيا فقط.
ما أهمية طلب جنوب أفريقيا وما بعده؟
في السياق، لفت شاهين إلى أن الطلب الذي قدمته جنوب إفريقيا "يتضمن مطالبات لمنع أعمال إسرائيل التي ترقى لتكون إبادة جماعية، وتسجيلها إبادة جماعية، وتحديد التزامات إسرائيل باعتبارها دولة، ومحاكمة ومعاقبة المجرمين من خلال التنسيق بين محكمة العدل والجنائية الدولية".
وبيّن أنه في المرحلة الأولى يجوز إصدار أمر قضائي "مؤقت فوري" وفقا للوائح، نظرا لوجود حالة طارئة.
وقال: "بعد الطلب، قد تبرز على جدول الأعمال قرارات احترازية مثل تعليق العمليات العسكرية الإسرائيلية العلنية أو السرية، ووقف الأعمال التي ترقى لأن تكون إبادة جماعية، ومنع تدمير الأدلة، وعدم منع الوصول إلى (قطاع) غزة، وضمان حرية وصول المنظمات الإغاثة الدولية للمنطقة".
وذكر الأكاديمي التركي أن إسرائيل "قد تبدي مقاومة حيال عدم الامتثال لقرارات محكمة العدل".
واستدرك: "لكن أي سلوك من جانب إسرائيل يتعارض مع قرارات محكمة العدل الدولية التي تشكل الجهاز القضائي للأمم المتحدة سيزيد الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي، وفي مثل هذا السيناريو فإن دعم الساسة الغربيين لإسرائيل يعني رفض مبدأ حقوق الإنسان برمته".
واستطرد: "فضلا عن ذلك، فإن موقف إسرائيل المناهض لقرارات محكمة العدل قد يدفع مجلس الأمن الدولي إلى التدخل، فضلا عن الضغوط الشعبية الناجمة عن ذلك".
وأوضح أن إسرائيل منذ تأسيسها "لم تتصرف أبدا وفقا لقواعد القانون الدولي، وأن الإسرائيليين يعيشون معزولين عن محيطهم ضمن فقاعة"، لافتًا إلى أنهم "يتمكنون من البقاء غير مبالين بالتطورات العالمية ضدهم، وقد تكون هذه الخطوة من جانب جنوب إفريقيا نقطة تحول في مدى حصولها على الدعم من دول أخرى على الساحة الدولية".
وقال: "بعد عقود، توفرت إمكانية إخضاع إسرائيل بوصفها كيانا سياسيا للمساءلة القانونية عن أفعالها، وفتح بذلك طريق محاسبتها، ومن أجل أن تسير هذه العملية على النحو المنشود، فلا بد أن تحظى خطوة جنوب إفريقيا الجريئة بدعم عاجل من الدول الأخرى وأن تتدخل تلك الدول بالانضمام إلى القضية التي رفعتها".
وأوضح أن الدعوى التي رفعتها أوكرانيا ضد روسيا أمام محكمة العدل، لأسباب مشابهة، شاركت فيها 32 دولة.
ولفت إلى أن تحديد ما إذا كانت ممارسات إسرائيل تشكل جريمة إبادة جماعية من عدمه "يقع ضمن اختصاص المحكمة".
وبيّن أن جنوب أفريقيا قدمت طلبها بناء على اللائحة الواردة في المادة 9 من اتفاقية "منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948، وتعد جنوب إفريقيا وإسرائيل طرفين فيها.
ووفقا لأحكام الاتفاقية يقع على عاتق الدول الأطراف فيها الالتزام بمنع الإبادة الجماعية.
وعلى هذا النحو، أشار شاهين إلى أن جنوب إفريقيا "قدمت طلبها من خلال تسليط الضوء على مسؤوليتها في منع الإبادة الجماعية الناشئة عن الاتفاقية المذكورة التي هي طرف فيها".
وأوضح أن هذا الالتزام بمنع الإبادة الجماعية "يعني أن الدول التي تدعم إسرائيل أو التي لا تتخذ إجراءات ضدها على المدى الطويل، يمكن أن تتحمل أيضًا مسؤولية الإبادة الجماعية".
وذكر أن جنوب أفريقيا تربط مطالبها بالتشديد على أن تصرفات إسرائيل "لا يمكن اعتبارها ضمن نطاق الدفاع المشروع"، فهي تنص بوضوح على أن الإجراء الذي اتخذته حماس (عملية "طوفان الأقصى") في تشرين الأول /أكتوبر الماضي، "لن يضفي الشرعية على أعمال إسرائيل التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية".
ومن ثم، يجري التأكيد أن ممارسات إسرائيل "لا يمكن اعتبارها ضمن نطاق الدفاع المشروع، بل يجب اعتبارها إبادة جماعية"، على حد قوله.
"أخطر جريمة في القانون الجنائي الدولي"
وبيّن شاهين أنه من حيث القانون الجنائي الدولي، فمن الممكن تصنيف ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ عقود على أنها "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية".
وأردف: "مع ذلك، عند إجراء تقييم أضيق ومحدود من حيث الوقت، يتبين أن إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر، ويستند الطلب إلى ذلك".
واستطرد أنه بحسب الإفادات، عند تقييم الممارسات المستمرة التي تهدف إلى القضاء على الفلسطينيين في قطاع غزة، بجانب تصريحات السلطات (الإسرائيلية)، فمن الواضح أن "جريمة الإبادة الجماعية قد حدثت".
وشدد شاهين على أن طلب جنوب إفريقيا يهدف بشكل مباشر إلى "تحديد وجود جريمة إبادة جماعية، وهي أخطر جريمة في القانون الجنائي الدولي، واتخاذ تدابير ضدها"، وفقا للأناضول.
ولفت إلى أنه وفقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لكي تشكل ممارسة معينة جريمة إبادة جماعية، بالإضافة إلى الأفعال المدرجة ضمن نطاق الاتفاقية، يجب أن يكون هناك أيضا نية لتدمير مجموعة ذات خصائص مميزة .
وتابع أنه في ملف الطلب يتبين أن تصرفات إسرائيل وتصريحات عدد من مسؤوليها "تتطابق بتفصيل كبير مع اللوائح الواردة في الاتفاقية، وواضحة وثابتة".
ولليوم الـ92 على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه الوحشي على قطاع غزة، مخلفا مجازر مروعة بحق المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء منهم.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 22,600 شهيد، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 57,910 مصابين بجروح مختلفة، فضلا عن تدمير 70 بالمئة من الأبنية والبنية التحتية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية جنوب أفريقيا الاحتلال غزة غزة جنوب أفريقيا الاحتلال فلسطين الابادة الجماعية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جریمة الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة أن جنوب أفریقیا إبادة جماعیة جنوب إفریقیا أن إسرائیل قطاع غزة وأوضح أن إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
أبو ردينة: قرار إسرائيل بقطع العلاقات مع أونروا يعد انتهاكًا للمواثيق الدولية
قال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن قطع إسرائيل علاقتها بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يُعتبر "تجاهلًا لجميع الأعراف والمواثيق الدولية".
وتابع "أبو ردينة" في بيان له بعد إعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها "أبلغت الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية مع أونروا"، أن "حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بإبلاغها الأمم المتحدة بشكل رسمي عن قطع العلاقات مع أونروا، تتجاهل كافة الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية والقانون الدولي الإنساني".
وأشار إلى أن "إسرائيل تواصل استهداف أونروا بهدف تصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة، بالإضافة إلى عرقلة أنشطتها ودورها".
وأكد أبو ردينة أنه "يتعين على العالم اتخاذ خطوات جدية وملموسة ضد إسرائيل، محملًا حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن العواقب الخطيرة لهذا القرار".
وفي وقت سابق من يوم الاثنين، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية الخاصة بعمل أونروا، مما يعني حظر أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا دخل القرار حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيانها يوم الاثنين: "أبلغنا الأمم المتحدة (عبر رسالة) بإلغاء الاتفاقية مع أونروا".
وادعت إسرائيل أن بعض موظفي أونروا ساهموا في هجوم "طوفان الأقصى" الذي وقع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وادعت أن "جهاز التربية التابع للوكالة يدعم الإرهاب والكراهية"، وهو ما ثبت لاحقًا عدم صحته.
في ذلك اليوم، شنت حركة "حماس" هجمات على 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة قرب قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل وإصابة إسرائيليين؛ وذلك ردًا على "الجرائم اليومية للاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وخاصة المسجد الأقصى".
ونفت أونروا تلك الادعاءات، مؤكدة التزامها بالحياد وتركيزها على دعم اللاجئين، مشددة على أنه لا يمكن لأي منظمة أخرى القيام بمهامها.
تأسست أونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس: الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
تنديد باعتداءات "البيرة"
في سياق آخر، أدان أبو ردينة هجوم المستوطنين الإسرائيليين على مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، حيث تم إحراق نحو 20 مركبة مملوكة لفلسطينيين.
وقال: "هذه الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها ميليشيات المستعمرين الإرهابية ليست سوى نتيجة لاستمرار حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا ومقدساته وممتلكاته، ويتحمل مسؤوليتها حكومة الاحتلال والولايات المتحدة على حد سواء".
وطالب "المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف جميع إجراءاتها وانتهاكاتها بحق شعبنا، وإلزامها بالاتفاقيات الموقعة معها"، وفق بيان الرئاسة الفلسطينية.
وفي وقت مبكر من أمس الاثنين، أضرم مستوطنون النار في نحو 20 مركبة فلسطينية في المنطقة الصناعية بمدينة البيرة، وفقًا لشهود عيان.
وبالتوازي مع حرب الإبادة على غزة، زادت القوات الإسرائيلية من عملياتها في الضفة الغربية، كما زاد المستوطنون من اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم، مما أسفر عن مقتل 768 فلسطينيًا وإصابة نحو 6،300 آخرين، بالإضافة إلى 11،500 حالة اعتقال، وفقًا للمعطيات الرسمية الفلسطينية.