هل تتأثر قناة السويس بعمليات الحوثيين؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
بعد ثلاثة أشهر من بدء العدوان الإسرائيلي البربري على غزة- ردًا على عملية "طوفان الأقصى"، وهو العدوان الذي رفض حقوقيون كثيرون اعتباره يدخل في باب الدفاع المشروع عن النفس؛ باعتبار إسرائيل كيانًا أجنبيًا محتلًا بدايةً- كان من المنطقي في أعقاب ذلك أن تستنفر بعض القوى العربية للرد عليه.
من بين تلك القوى التي تحركت للرد كانت جماعة أنصار الله الحوثية، التي تهيمن على الأوضاع في اليمن منذ 2015، حيث استهدفت المصالح الإسرائيلية في منطقة مضيق باب المندب، وخليج عدن وبحر العرب، ومنعت السفن الإسرائيليّة أو المتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر البحر الأحمر إلى موانئ فلسطين المحتلة في "أم الرشراش" (إيلات)، على خليج العقبة، أو "أسدود" و"حيفا" على سواحل البحر المتوسط.
زاد القلق المصري عندما بدأت أجهزة الدعاية الأميركية -وهي الدولة التي تمثل الداعم الأكبر للكيان الصهيوني- بترويج مخاوف من أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران تخطط لإغلاق البحر الأحمر كليًا
ولكن، بما أن في كل حرب ضحايا للنيران الصديقة، فقد تخوّف كثيرون من أن تكون قناة السويس إحدى ضحايا هذه الخطوة، وهي التي تمثل لمصر مصدرًا رئيسيًا للدخل، وتمثل للعالم الشريانَ الرئيسي والأمثل للربط بين الشرق والغرب، في حركة التجارة العالمية، وهو يستحوذ بالفعل على نحو 12٪ من التجارة الدولية، حيث يوفر للسفن معبرًا أكثر أمانًا، ويختصر مدة تتراوح بين 17 إلى 22 يومًا من زمن الرحلة، إذا قرّرت السفن العبورَ عبر رأس الرجاء الصالح، وهو بذلك الأكفأ اقتصاديًا بما يوفره من وقت ومال، وبما يحققه من انسياب لحركة الاستثمار.
مصر دائمًا شديدة الحساسية تجاه قناة السويس، باعتبارها ترتبط بنضالها ضد الاستعمار لتحقيق التحرر الوطني، كما أنها واحدة من أهم ثلاثة موارد للدخل من العملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد، بواقع 8.8 مليارات دولار العام الماضي.
ولذلك فأنظار صنّاع القرار والاقتصاديين سرعان ما تلتفت إليها مع كل مواجهة عسكرية في المنطقة، أو عند تردد أنباء عن مشاريع لإنشاء ممرات منافسة، كما حدث في قمة العشرين بالهند (9-10 سبتمبر /أيلول 2023) التي أعلن خلالها عن مشروع ممر اقتصادي، أو كما حدث مع الإعلان عن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية – (أو طريق الحرير الجديد)- التي تهدف إلى توفير حزام بري من السكك الحديدية، والطرق البرية لإيصال البضائع من الصين إلى أوروبا .
وزاد القلق المصري عندما بدأت أجهزة الدعاية الأميركية -وهي الدولة التي تمثل الداعم الأكبر للكيان الصهيوني- بترويج مخاوف من أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران تخطط لإغلاق البحر الأحمر كليًا، ثم سارعت الإدارة الأميركية بعد ذلك إلى إطلاق عملية ظاهرها حماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، وبحر العرب، وباطنها تقديم دعم لوجيستي للكيان الصهيوني، وحشدت لهذه العملية التي أسمتها "حارس الازدهار" عشر دول، بينها بريطانيا، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وسيشل، وإسبانيا.
وكما هو متوقع فقد كان رد الفعل -الذي لجأ إليه عديدٌ من الشركات بعد هذا التوتر المتصاعد- هو الإحجام عن المرور عبر البحر الأحمر، مستعيضة هذه الشركات عنه بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح مؤقتًا.
الأمر المؤكد، أن الهدف الوحيد -الذي ما كان لهذا التحالف أن يحققه عبر عملية "حارس الازدهار"- هو منع جماعة أنصار الله الحوثية من تهديد التجارة الإسرائيلية البحرية، فالخطر سيحيق بشكل أو بآخر بأي سفينة إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل تمرّ في هذه المنطقة المحاذية للشواطئ اليمنية، وهو ما تعيه جيدًا شركات الشحن، حيث أصبح نقل البضائع لإسرائيل يمثل خطرًا عليها، ولذلك أعلنت شركة مثل "إيفرغرين" التايوانية في 18 ديسمبر الماضي، أنها لن تحمل أية بضائع إسرائيلية تمر في المنطقة منذ اليوم.
في المقابل كانت هناك شركات أخرى، أعلنت مقاطعة مرور سفنها عبر البحر الأحمر، وقناة السويس- مثل: "نيوبون يوسين" اليابانية، و"يوروناف" البلجيكية، و"يانغ مينغ" التايوانية، و"هاباغ لويد" الألمانية، و"إتش إم إم" الكورية الجنوبية، و"أورينت أوفرسيس كونتينير لاين" السنغافورية، وغيرها من كبريات شركات الشحن العالمية، غير أن بعض هذه الشركات، مثل: "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية و"إيفرغرين" التايوانية و"ميرسك" الدانماركية – عدَلت لاحقًا عن هذا القرار، وأعلنت استئنافها عبور البحر الأحمر، بعد أن هدأت الأوضاع.
والأرجح أنه لم يكن في نية جماعة أنصار الله الحوثية تعطيل الملاحة في البحر الأحمر، بل إنها أكدت على ذلك أكثر من مرّة، ومثلها فعلت إيران التي حافظت على سياستها في ممارسة التصعيد المحسوب، إذ قالت؛ إنها تهتم باستمرار حرية الملاحة في البحر الأحمر لباقي السفن، وهي مواقف يبدو أنها جاءت عقب اتصالات مصرية مع الطرفين.
وفي ضوء ما سبق، يتبين أنه لا يوجد مبرر لمزيد من التخوّف من تضرر الملاحة في قناة السويس، فرسالة جماعة أنصار الله موجهة إلى الكيان الصهيوني وحده، وقد كانت مؤثرة وستبقى كذلك، مهما تواصلت عملية "حارس الازدهار"، فالغرب يدرك- تمامًا من واقع التجارب السابقة- أن جماعة أنصار الله ليس لديها ما تخسره إذا قوبلت بالقوة المسلحة.
وبذلك ستظل إسرائيل وحدها الأكثر ارتباكًا تجاريًا، فميناء إيلات تراجع نشاطه في استقبال الشحنات، وتكلفة شحن بضائع إسرائيلية تضاعفت مع زيادة مخاطر حملها، ورحلاتها لا تجد لنفسها إلا الطريق الأطول "رأس الرجاء الصالح".
أما مصر فلم تتأثر تقريبًا، فقد أعلن أسامة ربيع- رئيس هيئة قناة السويس- أن عدد السفن التي امتنعت عن المرور في القناة خلال الفترة من 19 نوفمبر إلى 17 ديسمبر 2023 لم يتجاوز 55 سفينة، وهو رقْم لا يكاد يذكر أمام آلاف تعبر شهريًا.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جماعة أنصار الله البحر الأحمر قناة السویس الملاحة فی
إقرأ أيضاً:
تقرير: مقاتلات أميركية استخدمت صواريخ ليزرية لإسقاط مسيرات الحوثيين في البحر الأحمر
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
نقل موقع “ذا وور نيوز” عن مسؤول عسكري أميركي قوله إن مقاتلات “إف-16” التابعة للقوات الجوية الأميركية استخدمت صواريخ موجهة بالليزر لإسقاط طائرات الحوثيين المسيرة خلال العمليات في البحر الأحمر العام الماضي.
ولم يذكر المسؤول الأميركي عدد الصواريخ التي تم استخدامها، أو عدد الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين التي أسقطتها تلك الصواريخ، أو التاريخ الدقيق لأول استخدام لهذه الصواريخ في استهداف مسيرات الحوثيين، معتبرا أن هذا الخيار “أقل تكلفة مقارنة بخيارات أخرى”.
وأشار التقرير إلى أنه يمكن استخدام الليزر لتحديد الهدف خلال الاشتباك الجوي، إذ تحدد طائرة واحدة الهدف لطائرة أخرى، وبالنظر إلى الفارق في السرعة بين مسيرات الحوثيين وطائرات “إف-16” يمكن لطائرة واحدة إبقاء الهدف ثابتا بينما تقوم الأخرى بهجومها.
زتطرق تقرير الموقع إلى المزايا العسكرية الأخرى لاستخدام الصواريخ الموجهة بالليزر، وذكر منها أنها مناسبة تماما في استهداف مسيرات الحوثيين، كما تعد أقل كلفة من استخدام الصواريخ جو-جو الموجودة للتعامل مع أهداف مثل الطائرات المسيرة، وتمنح عمقا أفضل.
وحسب التقرير، “أكدت العمليات العسكرية الأميركية للدفاع عن إسرائيل العام الماضي أهمية عمق المخزن الأكبر في مواجهة الهجمات الجماعية بالطائرات المسيرة والصواريخ”.
ويرى التقرير أن الأزمات الأخيرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط “أتاحت للجيش الأميركي مجموعة من الدروس المهمة المستفادة بشكل عام.
كما سلطت الضوء على المخاوف بشأن معدلات الإنفاق على الأسلحة وكفاية المخزون، وهي القضايا التي لن تكون أكثر وضوحا إلا في معركة عالية المستوى، مثل تلك التي تدور في المحيط الهادي ضد الصين”.
وأشار الموقع إلى أن مستويات مختلفة من الطائرات بدون طيار “أصبحت عنصرا ثابتا في ساحات المعارك الحديثة، فضلا عن التهديد المتزايد للأصول العسكرية والبنية التحتية الحيوية خارج مناطق الصراع التقليدية”.