2024.. هل يكون عام ترامب بامتياز؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
واشنطن- يُتوقع أن يهيمن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الحياة السياسية خلال عام 2024 من خلال محاكماته المتعددة، وسعيه الدؤوب للعودة للبيت الأبيض في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
لم يختف ترامب من المشهد السياسي منذ خروجه من البيت الأبيض في الـ20 من يناير/كانون الثاني 2021، بل كان لاعبا مهما على مدار السنوات الثلاث الماضية، إلى أن توج الإثارة من حوله عام 2023 بالاتهامات الجنائية المختلفة التي لاحقته بلا توقف، في الوقت الذي سيطر فيه تماما على مشهد الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري.
بينما يحبس حلفاء أميركا وأعداؤها حول العالم أنفاسهم، سيراقب العالم انتخابات 2024 بصورة استثنائية، وسيذهب الأميركيون على مضض إلى مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس، وتحديد من يسيطر على الكونغرس.
وسيتم التنافس على جميع المقاعد الـ 435 في مجلس النواب، إلى جانب 34 مقعدا من أصل 100 في مجلس الشيوخ. كما سيتم انتخاب حكام جدد لـ13 ولاية.
إلا أن هذه الانتخابات لن تأتي للأميركيين إلا بإحباط كثير نظرا لرغبة قرابة 70% منهم في سباق انتخابي رئاسي دون ترامب والرئيس الحالي جو بايدن.
وتشير جميع الدلائل إلى إعادة المعركة الانتخابية بين مرشحين كلاهما من كبار السن: بايدن (81 عاما)، وسلفه ترامب (78 سنة). ولن يكون هناك أي شيء تقليدي بخصوص هذه الانتخابات، خاصة ما يراه أغلب الأميركيين من عدم تمتع الرجلين باللياقة اللازمة للعمل لـ4 سنوات كرئيس وقائد أعلى للقوات المسلحة الأميركية.
وسينتج عن المنافسة، فوز أحدهما، بايدن الذي تنخفض حاليا شعبيته إلى ما دون الـ 40%، أو ترامب، الذي يراه بايدن بمثابة تهديد وجودي للديمقراطية الأميركية.
من جانبه، لا يزال ترامب رافضا لنتائج انتخابات 2020 في وقت يواجه فيه العديد من لوائح الاتهام الجنائية، ويصر على أن الرئيس بايدن كبير في السن وضعيف، ويفتقد اللياقة الذهنية اللازمة للتعامل مع مشاكل أميركا والعالم.
ورغم اقتراب عدد سكان أميركا من 340 مليون شخص بحلول موعد الانتخابات، قد يحدد 50 ألف ناخب، في 4 أو 6 ولايات مصير الولايات المتحدة. ويتوقع "تقرير كوك" -وهو خدمة متخصصة في تقييم الانتخابات- أن تحدد ولايات أريزونا وجورجيا وبنسيلفانيا وويسكونسن، وميشيغان ونيفادا، هوية رئيس البلاد القادم.
في دورة انتخابية تقليدية، يتعين على الأميركيين الانتظار حتى نهاية مارس/آذار القادم، أو ما بعده قليلا، لمعرفة من هو المنافس الذي من المرجح أن يحمل بطاقة الحزب الرئاسية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
ولكن في هذه الدورة يمكن الانتهاء من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بحلول نهاية فبراير/شباط المقبل دون الانتظار إلى تتويج المرشح الفائز ببطاقة الحزب في المؤتمر العام للجمهوريين والذي سينعقد في يوليو/تموز المقبل بمدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن.
وينتقل الاهتمام في الشهر التالي، أغسطس/آب، لمدينة شيكاغو بولاية إلينوي، حيث سيجتمع الديمقراطيون في مؤتمرهم العام لإثارة الحماس أمام 4 سنوات أخرى من حكم بايدن. ويعني ما سبق أن الأميركيين سيقضون 8 أشهر كاملة من حملة الانتخابات العامة بين مرشحين لا يحظيان بشعبية وسط الناخبين.
تأثير المحاكمات
من جهة أخرى، يمثّل اختيار مدينتي ميلووكي وشيكاغو تذكيرا بأهمية منطقة الغرب الأوسط وولاياتها في حسم انتخابات 2024.
إذا كانت الانتخابات التمهيدية أقل أهمية من المعتاد في حالتي ترامب وبايدن، فإن اهتمام الأميركيين سيتحول من ترامب المرشح إلى المُدعى عليه. وتبدأ محاكمته الفدرالية لمحاولته إلغاء انتخابات 2020 في 4 مارس/آذار القادم، أي قبل يوم واحد من انتخابات "الثلاثاء الكبير"، عندما تصوت 13 ولاية في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
ومن شأن هذه المحاكمة، التي تُعقد في العاصمة واشنطن، أن تؤثر على تركيز ترامب في السباق الانتخابي، وربما تخرجه من مسار الحملة الانتخابية في فترة محورية منها.
وسيدخل ترامب هذه المحاكمة متأثرا بنتائج الانتخابات التمهيدية في 6 ولايات، وقد يصبح حينها قادرا على تأمين نفسه كمرشح متقدم في السباق الجمهوري.
في حين يتزامن موعد أول انتخابات تمهيدية في ولاية آيوا في منتصف يناير/كانون الثاني القادم مع بدء مسار مواجهات ترامب حين يواجه في محكمة بولاية نيويورك السيدة جين كارول، التي تتهمه باغتصابها قبل أكثر من 20 عاما، وتشويه صورتها وسمعتها لاحقا، ويعقب ذلك محاكمات أخرى في فلوريدا، وجورجيا، وواشنطن.
ومن غير المرجح أن يتم الانتهاء من المحاكمات الفدرالية ضد ترامب بحلول 5 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، يوم الانتخابات، لأن إستراتيجية ترامب القانونية ستكون التأخير قدر المستطاع، ثم الاستئناف.
ونتيجة لهذا، وللمرة الأولى، سوف يكون لأميركا مرشح رئاسي على ورقة الاقتراع متهم بارتكاب جرائم فدرالية وجرائم على مستوى الولايات. من هنا بدأ الكثير من خبراء القانون الدستوري الإشارة لعبارات مثل "مجهول" و "غير مسبوق" و "غير معروف" لوصف ما هو قادم من تطورات سياسية خلال عام 2024.
أميركا وعالم 2024
لن تغيب الإثارة والخطورة معا عن علاقات أميركا بالعالم خلال 2024، ومن الصعب المبالغة في تقدير مدى أهمية نتائج انتخابات 2024 لأميركا وبقية العالم، خاصة مع استمرار أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا، وأزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار تهديدات الصين لتايوان، وبقية جيرانها.
ومع أن فوز بايدن لن يأتي بأي تغيير كبير في سياسات أميركا الخارجية الحالية، فإن من شأن فوز ترامب بفترة حكم ثانية أن يهز علاقات واشنطن بهذه الأزمات الثلاث بصورة قد لا يتخيلها أحد، وسيدفع بتغيرات زلزالية في طبيعة علاقاتها ببقية دول العالم.
ونجح ترامب في دفع الحزب الجمهوري للاستعداد عن تخلي تمويل المجهود الحربي الأوكراني ضد روسيا، في وقت يشعر الحلفاء في أوروبا بالخوف من فترة فوزه وما قد يعنيه ذلك إزاء تآكل مكانة أميركا المركزية في حلف الناتو، ناهيك عن بقاء الحلف نفسه، واستمراره كمظلة أمنية للقارة الأوربية.
وعلى الرغم من أن كلا الحزبين يحاولان التفوق على بعضهما البعض في التشدد تجاه الصين، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيلزم الجيش الأميركي بالدفاع عن تايوان. كذلك لا يعرف أحد كيف سيتعامل مع ملف صراع الشرق الأوسط.
ويرى المعلق فريد زكريا أن التحدي الأكثر خطورة على النظام الدولي القائم على القواعد لا يأتي من الصين أو روسيا أو إيران، إنما من الولايات المتحدة. ويحذر من تداعيات سلبية لآليات السياسة الداخلية الأميركية، بما قد يترك معه الباب مفتوحا أمام الأزمات الدولية السابق ذكرها، بما يمهد لمزيد من الفوضى على الساحة العالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الانتخابات التمهیدیة
إقرأ أيضاً:
بعد 6 عقود.. مقديشو تجري أول عملية تسجيل في الانتخابات البلدية
مقديشو- أطلقت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، اليوم الثلاثاء، إجراءات تسجيل الناخبين في انتخابات البلديات لأول مرة منذ 60 عاما، وبحسب اللجنة فإن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس البلديات ستجرى في العاصمة مقديشو، لتشمل بعدها الولايات الفدرالية في البلاد.
ووفقا لجدول الانتخابات، يتوقع أن تستمر عملية التسجيل في انتخابات مجالس البلديات لمدة 30 يوما، في 4 ولايات فدرالية من أصل 6 تتكون منها البلاد، حيث لن تشارك ولايتا صومالي لاند وبونت لاند باعتبار أنهما قد أجرتا انتخابات البلديات مؤخرا.
وتعد انتخابات المجالس المحلية في الصومال أول انتخابات ديمقراطية بعد عقود من الصراعات، حيث كان نظام تقاسم السلطة في البلاد قائما على نظام تقاسم قبلي للسلطة، لكن هذه المرة -ومن خلال هذه الانتخابات- تسعى الصومال لبناء مؤسسات سياسية، تستند إلى شرعية شعبية حقيقية بعيدة عن الأنظمة القبلية.
حظيت عملية تسجيل الناخبين التي بدأت في حي شنغاني شرق العاصمة مقديشو، والذي اختارته اللجنة ليكون المركز الأول للتسجيل، بإقبال كبير من المواطنين الذين توافدوا للمشاركة في عملية انتخابية يتوقع الكثير منهم أن تطوي صفحة نظام الانتخابات القائم على المحاصصة القبلية، التي تنظم على أساسها انتخابات تقليدية منذ عام 2004.
وقال رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، عبد الكريم أحمد حسن للجزيرة نت "إن إقبال المواطنين على مراكز التسجيل فاق توقعاتنا، وهذا يعكس مدى رغبة المواطنين بالمساهمة في التحول الديمقراطي، بعد عقود كانت (فيها) الانتخابات غير المباشرة تمثل المشهد السائد في البلاد".
وأوضح أن اللجنة الوطنية للانتخابات المستقلة استكملت جميع الإجراءات المطلوبة لجعل عملية التسجيل عملية سلسة، مما يتيح إمكانية تسجيل أكبر عدد ممكن من المواطنين في انتخابات المجالس البلدية.
إعلانوكجزء من جهودها لتعزيز الشفافية والنزاهة في الانتخابات، اعتمدت اللجنة الوطنية آلية تسجيل الناخبين على النظام "البيومتري"، الذي يستخدم تقنيات القياس الحيوي مثل بصمات الأصابع وصور الوجه لتحديد هوية الناخبين ومنع التزوير.
ويمر الناخبون بعدد من الإجراءات خلال عملية التسجيل، حيث يطلَب منهم تقديم معلوماتهم الشخصية، بالإضافة إلى بصمات الأصابع والتقاط صورهم، كما يتم التحقق من هوية الناخبين والتأكد من عدم تسجيلهم أكثر من مرة، ثم تصدر بطاقة الناخب التي تشمل البيانات البيومترية، ما يسهل عملية التصويت ويمنع التزوير أيضا.
وشهد إطلاق عملية تسجيل الناخبين في انتخابات مجالس البلديات ترحيبا شعبيا ورسميا واسعا، كونها أول عملية تسجيل للناخبين.
تقول صفية أحمد نور، وهي أم لـ4 أطفال، للجزيرة نت، إنها سعيدة جدا بوقوفها في طوابير طويلة لتسجيلها في انتخابات البلديات، مشيرة إلى أنها تشعر بالفخر، كونها تشارك في "أول عملية انتخابية ديمقراطية حقيقية لانتخاب مجالس البلديات".
من جهته، قال عمدة بلدية مقديشو محمد أحمد -في تصريح للإعلاميين- إنها "لحظة تاريخية تشهدها العاصمة مقديشو بعد نحو 6 عقود، وهي لحظة طال انتظارها من قبل الشعب للحصول على حقه في انتخاب من يدير مدينته".
ودعا عمدة البلدة المواطنين للتوجه إلى مراكز التسجيل، "لضمان مشاركة واسعة ديمقراطية في البلاد، واختيار ممثلين محليين يعكسون إرادة الشعب".
وبحسب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، فان عدد المواطنين المتوقع مشاركتهم في عمليات تسجيل الناخبين التي ستجرى في 16 محافظة من أصل 18 في الصومال، يقدر بنحو 1.5 مليون مواطن، مع ترجيحات بأن ترتفع المشاركة إلى مليوني مواطن.