هل ستصدر محكمة العدل الدولية قرارا بوقف القتال في غزة ؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
سرايا - قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن تل أبيب متخوفة من أن تصدر محكمة العدل الدولية، "قرارا بوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة"، وذلك في أعقاب الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدها.
وقالت هيئة البث الرسمية في بيان مقتضب، إن "تل أبيب تخشى صدور قرار من المحكمة في لاهاي يأمر بوقف الأعمال القتالية في غزة"، دون تفاصيل أخرى.
ومطلع يناير/ كانون الثاني الجاري، رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام "العدل الدولية"، تتهم فيها تل أبيب بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب شرسة منذ نحو ثلاثة أشهر، بينما عينت إسرائيل، الخميس، خبيرا بريطانيا بالقانون الدولي، لتمثيلها أمام المحكمة بالقضية المرفوعة ضدها.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، علقت جنوب إفريقيا علاقاتها مع إسرائيل، احتجاجاً على هجماتها في غزة، وسبق ذلك استدعاؤها سفير إسرائيل لديها، للتشاور بشأن الهجمات على القطاع.
من جانبها، أعلنت محكمة العدل الدولية، أنها ستعقد جلسات علنية في الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد “إسرائيل”، بشأن حرب غزة يومي 11 و12 من شهر يناير الجاري.
وجاء ذلك بعد أن طلبت دولة جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية، إصدار أمر عاجل يعلن أن “إسرائيل” تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 في حملتها ضد قطاع غزة، وفي القلب حماس.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الآن أكثر من "22 ألفا و600 شهيدا و57 ألفا و910 مصابين معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 69/323، المؤرخ في 29 أيلول / سبتمبر 2015 ، أن يكون يوم 9 كانون الأول/ديسمبر هو اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. وفي عام 2022، يصادف حلول هذا اليوم حلول الذكرى الـ74 لاتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (" اتفاقية الإبادة الجماعية ") ، وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة.
وتشير الاتفاقية إلى التزام المجتمع الدولي بألا يتكرر ذلك أبدًا، كما تتيح كذلك أول تعريف قانوني دولي لمصطلح ”الإبادة الجماعية“ ، الذي تم اعتماده على نطاق واسع على المستويين الوطني والدولي.
كما تنص على واجب الدول الأطراف في منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وينظم مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية كل عام فعاليات للاحتفال بهذا اليوم الدولي، وتكريم ضحايا الإبادة الجماعية والذكرى السنوية للاتفاقية.
وتتضمن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفا للإبادة الجماعية بأنها ”أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية ...“، بما في ذلك:
بنود اتفاقية الإبادة الجماعية:
-قتل أعضاء من الجماعة
-إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة؛
-إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛
-فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛
-نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
وتؤكد الاتفاقية أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد الأطراف ’’بمنعها والمعاقبة عليها‘‘ (المادة 1). وتقع المسؤولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.
منع الإبادة الجماعية
ولمنع الإبادة الجماعية والنزاعات التي تؤدي إليها، فإن من الأهمية الحاسمة فهم أسبابها الجذرية. وفي حين يكون للنزاعات أسباب عديدة، فإن النزاعات التي تنطوي على الإبادة الجماعية تتمحور حول الهوية. فعادة ما تحدث الإبادة الجماعية والفظائع المرتبطة بها في المجتمعات التي تضم جماعات قومية أو عنصرية أو عرقية أو دينية متنوعة تشتبك في نزاعات تتصل بالهوية. وليست الاختلافات في الهوية، سواء كانت حقيقية أو متصورة، هي وحدها التي تولّد النزاع، بل الآثار المترتبة على هذه الاختلافات من حيث فرص الوصول إلى السلطة والثروة، والخدمات والموارد، وفرص العمل، وفرص التنمية، والمواطنة والتمتع بالحقوق والحريات الأساسية. وهذه النزاعات يغذيها التمييز، وخطاب الكراهية الذي يحرض على العنف، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.
والخطوة الحاسمة على طريق منع الإبادة الجماعية إنما تتمثل في تحديد العوامل (أي الممارسات التمييزية) الموجودة في حالة معينة التي تؤدي إلى تفاوتات حادة في طرق إدارة مجموعات متنوعة من السكان، والبحث عن سبل للحد من هذه الأسباب، والقضاء في نهاية المطاف على الأسباب المحتملة للعنف الذي يفضي إلى الإبادة الجماعية. وحيث أن ما من بلد يتسم بالتجانس التام، فإن الإبادة الجماعية تشكل تحديا عالميا حقا.
المستشارين الخاصين المعنيين بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية:
يعمل المستشاين الخاصين المعنيين بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية معاً من أجل النهوض بالجهود الوطنية والدولية المبذولة لحماية السكان من الإبادة الجماعية،وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضدا على الإنسانية، بما في ذلك التحريض عليها. وواحدة من مهامهاالرئيسة هي جمع المعلومات أينما كان خطر الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، استناداً على عوامل الخطر المحددة في الإطار التحليلي للتنبؤ بالجرائم الوحشية. إلى ذلك، فجزء كبير من عملهما يبقى بعيدا عن مساحة الرأي العام نظرا لحساسية مسئوليتهما.
ومع ذلك، عندما يرى المستشارون الخاصون أن الإعلان عن مخاوفهم قد يساعد على الحد من الجرائم الوحشية في حالة معينة فإنهم يصدرون بيانا عاما ويتم إعلام مجلس الأمن عند الطلب.
إقرأ أيضاً : خلافات وتراشق بين "الوزاري المصغر" وجيش الاحتلالإقرأ أيضاً : وزير الدفاع الأميركي في المستشفىإقرأ أيضاً : بعد "القنبلة النووية" .. وزير التراث "الإسرائيلي" المتطرف يدعو لإيجاد "طرق أكثر إيلاما من الموت" للفلسطينيين
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: منع الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل.. الاحتماء بالإبادة
كشفت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزّة، عن عوامل أخرى للاستمرارية الإسرائيلية، أو عن أسباب القدرة الإسرائيلية على تثبيت وضعها الطارئ والشاذ المفتقر للمبررات الذاتية، أو عن أدوات "إسرائيل" لحماية نفسها في وضعها الشاذّ ذاك، وبعض هذه العوامل معلوم بداهة، ولكنّه تكشّف هذه المرّة بنحو فجّ، صادم، لا من حيث هو، ولكن من حيث الدرجة التي بلغها، وهو الدعم الأمريكي المطلق والمفتوح والذي لا تبدو له حدود نهائية. وهذا العامل المعلوم، متصل في درجته بعامل آخر، إسرائيلي ذاتي، ولكنه مندفع بلا كوابح بفعل هذا الدعم الأمريكي، وعوامل أخرى.
العامل الأساس الذي تحمي "إسرائيل" نفسها به هو الإبادة، وعلينا بعد الإبادة التي وقعت على غزّة، أن نعود إلى وصف السياسة الإسرائيلية منذ تأسيسها إلى اليوم، بوصفها سياسة إبادية، بقطع النظر عن التعريفات القانونية المتباينة للإبادة، والكيفيات القضائية الدولية في الحكم بوقوع الإبادة بالفعل. إذ يبدو الأمر مهينا للعقل، ومُهدّدا للاجتماع البشري، حينما تُشترط النوايا المعلنة، للحكم على الإبادة الواقعة بالفعل أنّها إبادة، علاوة على التوظيف السياسيّ لمفهوم الإبادة، لتسهيل إبادة شعب، أو على الضدّ من ذلك لكبح جماعة أخرى، دولة كانت أو غير ذلك، باتهامها بالإبادة حتى لو لم تتوفر المعايير القانونية المُدعاة والمشترطة لاتهام آخرين.
مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني
مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني، إذ كيف يُمكن أن يُعطى تأسيس "إسرائيل" التفسير الصحيح والوصف الدقيق، دون وصفه بالإبادة في محض ذاتها ووجودها، لأنّها لم تتصوّر لنفسها ذاتا ووجودا إلا بإزاحة السكان الأصليين، وهو ما يوصف بالتطهير العرقي، بيد أن وصف الإبادة هو الأليق به، وهو وصف واقعي، يقصد المعنى الحرفي، لا المجاز الأدبي، فالإبادة، والحالة هذه، إبادة للوجود في المكان، وإبادة للذاكرة الأصلية الناشئة طبيعيّا في المكان، وهنا يصير المحو رديف الإبادة، محو التاريخ الفلسطيني عن فلسطين، ومحو الاجتماع الفلسطيني عن فلسطين، سواء اتخذ هذا المحو شكل القتل الواسع والشامل وبقصدية قتل أكبر عدد ممكن من السكان، أم اتخذ شكل التهجير والتشريد.
"إسرائيل" هنا في الإبادة، تُعبّر عن عقيدة صريحة، يعيها معتنقوها. لا ينبغي أن يوجد فلسطيني في فلسطين، وقد مُحي معنى الوجود الفلسطيني في فلسطين من الوعي الإسرائيلي، فلا مبرر للوجود الفلسطيني في فلسطين، وبالرغم من خرافية هذه العقيدة، أي نفي المبرر للوجود الطبيعي للساكن الأصلي لأرضه التي ظلّ يتوارثها قرونا ممتدة، إلا أنّ الإسرائيلي مؤمن تماما أن وجوده المُتخيّل فيها قبل ثلاثة آلاف عام هو الوجود الطبيعي!
حين قراءة مذكرات وأدبيات الآباء المؤسسين للحركة الصهيونية، بما في ذلك مؤسسو "إسرائيل" وقادة العنف المباشر فيها، يمكن ملاحظة وعيهم بخرافية هذه العقيدة، لكنهم أولا سعوا إلى عقلنتها أخلاقيّا بما يبرّر حلّ "المسألة اليهودية" على حساب السكان الأصليين لفلسطين، ثمّ سعو إلى عقلنتها في أجيال الإسرائيليين المتعاقبة، حتى تصبح "إسرائيل" هي الطبيعية، وفلسطين هي الشاذّة. هذه العقلنة للخرافة، تزيد من توتر عقيدة الإبادة، لأنّه جرى عقلنتها أصلا بالإلحاح على الكثافة العربية من حول "إسرائيل"، وهذا العربي لا يكتفي برفضه استيعاب الفلسطينيين وتذويبهم في وجوده الواسع والممتد، ولكنه دائما يُضمر نيّة لإزالة "إسرائيل".
وهكذا تصبح الإبادة، عقيدة متحفزة، لمجرد الوجودي الفيزيائي الفلسطيني، ولمجرد الرفض المحيط لدعوى طبيعية "إسرائيل"، وكلما ارتفع التحدّي الفلسطيني أو العربي، للدعوى الإسرائيلية، كلما اتخذ العنف الإسرائيلي شكلا أقرب إلى التعريفات القانونية للإبادة، مستوعبا ذاته تماما، أي العنف الإباديّ، لأنّ السردية المُعقلنة للخرافة، وإعطاء معنى تاريخي للوجود الإسرائيلي، تستند أصلا إلى الذاكرة القومية الإسرائيلية المُتخيّلة، التي تُؤكد أنّه ما كان للتأسيس القديم، قبل ثلاثة آلاف عام، أن يتحقّق إلا بالإبادة، وهي ذاكرة يتبناها الجميع في "إسرائيل"، من مواقع مختلفة، فثمّة من يراها نصوصا دينية مُقدّسة تُشرعن الإبادة والحالة هذه، وثمّة من يراها سجلا موثقا لـ"شعب إسرائيل" المتعاقب في التاريخ، وقدرا يلاحقه لا بدّ له أن يُسلّم به، بانتهاج الإبادة لاستعادة التحقّق الذاتي للشعب، في "أرضه الموعودة".
وإذن، فالإبادة هي النهج الإسرائيلي الذاتي للتحقق، وللاستمرار، وللاحتماء من الخطر المحيط. الإبادة ترتفع بحيث تصل تخوم التعريفات القانونية السائدة لها وتتجاوزها، وتنخفض بمستويات عنفية أقلّ، بحسب مستويات القوّة التي يصل إليها أعداء "إسرائيل"، والقوّة هنا ليست فقط من حيث الفعل المادي النافذ في الواقع كما في "طوفان الأقصى"، أو من حيث امتلاك القوّة التسليحية، ولكن أيضا من حيث قوّة الرفض الاعتقادي للوجود الإسرائيلي، قوّة لا بدّ وأن تتجلّى في جدّية الإعداد والعمل. تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازهلا ينبغي أن يكون أعداء "إسرائيل" أقوياء، وكلّما زادت قوّتهم كلما زاد التهديد بإبادتهم. هنا لا بدّ من ظهور سؤال جدليّ، يردّ على من يقول "قوّتنا في ضعفنا"، كيف تكون قوّة عدوّ "إسرائيل" في ضعفه، طالما تحرص هذه الأخيرة على إبقائه ضعيفا؟! لا تريد "إسرائيل" من أعدائها أن يروا شيئا من المواجهة معها، إلا الإبادة.
الإبادة هنا، تأتي كذلك في مواجهة الإمكان الفلسطيني والعربي، الإمكان الذي اجتهدت "إسرائيل" عمرها كلّه، في التأكيد على كونه مستحيلا. الجيش الذي لا يُقهر والقدرات الاستخباراتية العجائبية، دعايات صدّقت نفسها في مجرد الوجود الإسرائيلي الذي يفتقد مبررات الوجود في محيط من العرب وأبناء المنطقة الطبيعيين، وزادتها تأكيدا بانتصاراتها على هذا المحيط، فكيف إذا تبيّن أن هذا الجيش يُقهر واستخباراته تفشل؟ لا بدّ من الإبادة لاستعادة دعاية الإخضاع، ولا بدّ منها لأن تكريس الإنجاز الفلسطيني، كما في "طوفان الأقصى" وتمدّده يعني نهاية "إسرائيل".
إذن تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازه، باستخدام قوّة الإمبراطورية ونفوذها وقدرتها على الترغيب والترهيب، لتهجير سكان قطاع غزّة إلى عدد من الدول، ذكر منها مصر والأردن.
هذه هي "إسرائيل" تستمد استمرارها، وتحمي نفسها بالإبادة وبأمريكا وإرادتهما، كما تبين من الحرب نفسها، ليست قضاء محكما ولا أمرا مبرما، ليستا نافذتين بلا حدّ، ليكون النقاش الواجب، كيف نحمي أنفسنا من الإبادة. ولكن الإجابة الصحيحة لا تكون بأن نحافظ على ضعفنا، لأنّ معنى ذلك في الحدّ الأدنى إبادة من نوع آخر، لأنّ الاستمرارية الإسرائيلية إبادة للمنطق والعقل والأخلاق ولمعنى وجود السكان الطبيعيين للمنطقة.
x.com/sariorabi