الخليج الجديد:
2025-01-18@01:50:12 GMT

الضربة التي لا تقتلك تقوّيك!

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

الضربة التي لا تقتلك تقوّيك!

الضربة التي لا تقتلك تقوّيك!

لجأ مجلس الحرب إلى "الموساد" ليفوّضه البحث عن "صيد ثمين"، حتى يعوّض به عن الخسائر التاريخية التي منيت بها إسرائيل.

السؤال كيف ستتعامل المقاومة مع كل هذه التحدّيات؟ سؤال خطير في ظل وضع عربي بائس وحكومات مستسلمة أو شامتة أو شريكة!

حتى لو تمكّنوا، لا سمح الله، من اغتيال كل قادة المقاومة في فلسطين وخارجها، لن يضمن لهم هذا الأمن والأمان، ولن يتمكّنوا من تصفية القضية.

في إطالة الحرب إرهاقٌ لا يُطاق للمدنيين الذين يحاصرهم العدو الصهيوني في كل لحظة بكل مكان، مما يثقل كاهل المقاومة ويضعها أمام مسؤولياتٍ جسام.

بعد هدم 70% من مباني غزّة، وحشر مليون ونصف المليون من السكان في جنوب غزّة لدفعهم في أول مناسبة نحو سيناء، يعتبر هذا التحدّي الرئيسي للقيادة السياسية.

المطلوب مزيد من الصمود وأن تتجنب المقاومة أخطاء تكتيكية جديدة، فهي تتعامل مع عدو شرس، لا يحترم عهودا ولا مواثيق، فلا تمكّنه من فرص أخرى لإضعاف معنويات مقاتليها وأنصارها.

* * *

حتى لو تمكّنوا، لا سمح الله، من اغتيال كل قادة المقاومة في فلسطين وخارجها، لن يضمن لهم هذا الأمن والأمان، ولن يتمكّنوا من تصفية القضية. هي مغروسة في وجدان الفلسطينيين، يتوارثونها جيلا بعد جيل.

الدليل أن المحتلين اغتالوا سابقا مؤسّس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، ثم قتلوا عبد العزيز الرنتيسي الذي تولّى قيادة الحركة بعده، فهل قضوا بذلك على روح المقاومة، أم حصل العكس تماما، تجذّرت "حماس" في الأرض، واكتسبت حاضنة اجتماعية أوسع، وتمكّنت من تأسيس جناح عسكري أكثر خبرة وقدرة.

قبل ذلك، راهنوا على قتل كبار زعماء منظمة التحرير واحدا تلو الآخر، وصولا الى ياسر عرفات، وظنّوا أنهم بهذا حسموا الأمر، لكن ما حصل فيما بعد يؤكد أن الحقّ لا يضيع ما دام وراءه مطالب. وكما قال الشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد: "ولو قتلونا/ كما قتلونا/ ولو شرّدونا/ كما شرّدونا/ ولو أبعدونا/ لبرك الغماد/ لعدنا غزاة/ لهذا البلد".

للإسرائيليين خبرة طويلة في عالم الإجرام والاغتيالات، لكنهم فعلوها هذه المرّة بعد فشلهم في القضاء على "حماس" وقادتها في ظرف وجيز. وعندها لجأ مجلس الحرب إلى "الموساد" ليفوّضه البحث عن "صيد ثمين"، حتى يعوّض به عن الخسائر التاريخية التي منيت بها إسرائيل.

وتوفرت الفرصة في خطأ تكتيكي، تمثل في ترؤس نائب رئيس حركة حماس، صالح العاروري، اجتماعا في منطقة حساسة وملتهبة هي ضاحية الجنوبية في بيروت، وهم الذين يعلمون أن لبنان من أكثر دول المنطقة المعرّضة للاختراق الأمني لأسباب عديدة.

ضربة موجعة لحركة المقاومة الإسلامية، لكنها ليست الضربة القاضية. والدليل ما قاله المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، "القضاء على "حماس" كفكرة مستبعد، وإنها ليست مجرد مجموعة من الإرهابيين ليتم القضاء عليها عسكريا".

وهو ما اعتبرته المسؤولة السابقة في البنتاغون، ياسمين الجمل، "يمثل اعترافا بحقيقة أن إسرائيل لن تتمكّن من هزيمة حماس أبدا"، وأنها ربما تكون قادرة على الحدّ من قدراتها العسكرية. كما أن هذه الضربة لن تحلّ المأزق الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل حاليا.

فهي قد تعجل في احتمال توسيع دائرة الحرب إذا أخذنا تهديد أمين عام حزب الله حسن نصر الله بجدّية. كما أن هذا الاغتيال سيزيد من تعقيد ملفّ الأسرى الذي يعدّ قضية مركزية حاليا في إسرائيل. الى جانب أنه لم يؤثر على معنويات المقاتلين على أرض المعركة.

وما عُرف بالانتقال إلى المرحلة الثالثة للحرب إنما هو اعتراف بالهزيمة العسكرية، لأن سحب القوات من قطاع غزّة إلى مشارف حدوده، والتقليص من عمليات القصف العشوائي، يمكن أن يُفهم تغطية على هروب الجيش من ساحة المواجهة المباشرة من المعركة.

المطلوب الآن هو مزيد من الصمود، وأن تتجنب المقاومة أخطاء تكتيكية جديدة، فهي تتعامل مع عدو شرس، لا يحترم عهودا ولا مواثيق ولا أخلاقا، فلا تمكّنه من فرص أخرى لإضعاف معنويات مقاتليها وأنصارها.

تتابع الأمة خطوات ما يجري في غزّة أكثر من أي شيء آخر، وأخشى ما تخشاه حصول انتكاسة تهدد المسار والمسيرة. ولا يعني ذلك تحميل المقاومة أكثر مما تحتمل، ولكن المطلوب تحصينها ضد كل ما من شأنه أن يُضعف من قدراتها العسكرية، ويضعها في مواقع دفاعية، بعد أن نجحت في امتصاص الرغبة الهجومية الانتقامية لقوات العدو.

في إطالة زمن الحرب إرهاقٌ لا يُطاق للمدنيين الذين يحاصرهم العدو الصهيوني في كل لحظة وفي كل مكان، وهو ما يثقل كاهل المقاومة ويضعها أمام مسؤولياتٍ جسام، فبعد هدم 70% من مباني غزّة، وحشر مليون ونصف المليون من السكان في جنوب غزّة في اتجاه الدفع بهم في أول مناسبة نحو صحراء سيناء، يعتبر هذا التحدّي الرئيسي للقيادة السياسية.

والسؤال كيف ستتعامل المقاومة مع كل هذه التحدّيات؟ سؤال خطير في ظل وضع عربي بائس وحكومات مستسلمة أو شامتة أو شريكة.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة المقاومة اغتيال حماس أحمد ياسين جون كيربي العدو الصهيوني التحد ی

إقرأ أيضاً:

ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع

توشك المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس أن تصل إلى ذروتها بإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ورغم أن جانب دولة الاحتلال غير مأمون بناء على التجارب التاريخية وبناء على تجارب مفاوضات الحرب الحالية، لكن المؤشرات والتسريبات التي رشحت خلال الأيام الماضية والمشهد العام في المنطقة والمزاج الأمريكي كلها تشير إلى أن إسرائيل مضطرة هذه المرة إلى التوقيع قبل بدء الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب.

إن هذه الخطوة كان يمكن أن تحدث منذ أكثر من عام لولا تعطش رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة للدماء ولولا الأحقاد التي تستعر في نفوسهم ضد الشعب الفلسطيني، ولو حدثت في ذلك الوقت لكان يمكن لآلاف الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحرب أن يكونوا من بين الذين سيفرحون بالقرار وهم يعودون إلى قراهم المدمرة ليبحثوا عما تبقى من ذكرياتهم وألعابهم وبعض طفولتهم.

لكن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء لا يفهمون معنى الطفولة ولا قدسيتها حتى خلال الحرب ومن باب أولى لا يفهمون معنى أن تعود الأمهات الثكلى بأطفالهن فلا يجدن حتى قميصا فيه رائحة طفلها قد يخفف بعض حزنها أو يوقف دموع عينها المبيضة من الحزن والبكاء.

من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالنصر رغم كل الخسائر التي منوا بها: خسائر في الأرواح التي قد تصل الآن بعد أن تتلاشى أدخنة الحرب إلى نحو 50 ألف شهيد وأكثر من 200 ألف جريح وبنية أساسية مهدمة بالكامل وغياب كامل لكل مظاهر الحياة الإنسانية وانعدام كامل للمواد الغذائية والطبية.. وشعور النصر مصدره القدرة على البقاء رغم الإبادة التي عملت عليها قوات الاحتلال، الإبادة المدعومة بأعتى الأسلحة الغربية التي جربها العدو خلال مدة تصل إلى 18 شهرا.

في مقابل هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن الموازين في المنطقة قد تغيرت بالكامل خلال هذه الحرب، والمنطقة في اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار ليست هي المنطقة التي كانت عليها قبل يوم 7 أكتوبر.

وإذا كانت إسرائيل قد صفَّت الكثير من خصومها في هذه الحرب وفككت محور المقاومة وأثخنت الكثير من جبهاته وآخرها الجبهة السورية إلا أنها كشفت عن ضعفها في المواجهات المباغتة، وفضحت أسطورة أجهزتها الأمنية وقبتها الحديدية.

وفي مقابل ذلك فإن حركة حماس رغم ما تعرضت له من خسائر فادحة في رجالها وقياداتها الميدانية إلا أنها أثبتت في الوقت نفسه أنها منظمة بشكل دقيق ومعقد وأنها قادرة على الصمود وتجديد نفسها وتقديم قيادات جديدة.

والأمر نفسه مع حزب الله ومع إيران التي دفعتها هذه الحرب إلى دخول مواجهة مباشرة لأول مرة في تاريخها مع إسرائيل، ولا شك أن تلك المواجهات كشفت لإيران نفسها عن مواطن الضعف في منظوماتها كما كشف مواطن القوة.

ورغم أن بعض الخبراء يرون أن حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله يمكنهم تجديد قوتهم خلال المرحلة القادمة إلا أن الأمر يبدو مختلفا في سوريا التي يظهر أنها خرجت من المحور تماما سواء كان ذلك على المستوى الأيديولوجي أو حتى مستوى العمل الميداني واللوجستي.

وأمام هذا الأمر وتبعا لهذه التحولات ما ظهر منها وما بطن فإن الموازين في المنطقة تغيرت بالكامل، ولا يبدو أن ذلك ذاهب لصالح القضية الفلسطينية في بعدها التاريخي أو في جوهر ما تبحث عنه وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة ولو على حدود 5 يونيو 1967.

لكن هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي أو تنتهي نصرة القضية الفلسطينية من الشعوب الحرة المؤمنة بالقضية، بل ستزهر في كل مكان في فلسطين أشكال جديدة من المقاومة والندوب الذي أحدثتها الحرب في أجساد الفلسطينيين وفي أرواحهم، ستبقى تغلي وستكون بذورا لمواجهات أخرى أكثر ضراوة وأكثر قوة وإصرارا على النصر.

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية إسرائيل: لم نحقق أهداف الحرب رغم الضربات القوية
  • درس غزة القاسي.. لماذا انهزمت إسرائيل إستراتيجيا رغم فداحة التدمير؟
  • مع اقتراب صفقة التبادل.. ما هي الوحدة التي احتفظت بأسرى الاحتلال 15 شهراً؟
  • دوافع التهدئة بين إسرائيل وحماس: محطات وتحديات (الرابحون والخاسرون)
  • الرشق: شروطنا التي طرحناها في بداية الحرب انتزعناها كلها وجثى المحتل على الركب
  • حماس: إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها وقادرون على بناء غزة
  • واشنطن تدعو لمحاسبة إيران وتتهمها بالوقوف خلف هجمات الحوثيين التي صارت "أكثر تعقيدا"
  • ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
  • التوصل لاتفاق وقف النار في غزة بين حماس و إسرائيل
  • حماس: لم نسلم ردنا على مسودة الاتفاق بسبب تأخر إسرائيل في تسليم الخرائط التي توضح المناطق التي ستنسحب منها