أنور إبراهيم (القاهرة)
أخبار ذات صلة إغلاق مدارس في فرنسا بسبب الفيضانات برشلونة يفقد «النجم» في «السوبر»
اعترف النجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي «25 عاماً» بأنه يشعر في أحيان كثيرة بالإحباط، جراء الوضع الذي يعيشه نجماً، ويتحمله منذ سنوات، إذ أنه رغم كونه لاعب كرة سعيد، إلا أنه على المستوى الإنساني غير سعيد، لأن هناك أمور كثيرة لا يمكنه القيام بها بحكم وضع «النجومية» الذي يعيشه.
وقال مبابي في حديث لشبكة تليفزيون فرنسية عبر برنامج «مراسل خاص»، ومن المقرر بث نصه الكامل 18 يناير الجاري، إن وضعه الحالي يجبره أحياناً على الامتناع عن العديد من وسائل المتعة والسعادة في الحياة اليومية، ويحرمه من القيام بها رغم حبه الشديد، لأن يكون شخصاً طبيعياً.
وأعرب عن أسفه في هذا الحديث «الاستثنائي» بعيداً عن كرة القدم، لأنه لم يعد بمقدوره أن يخرج سراً أو «متخفياً» إلى الشارع.
وأضاف مبابي المتوج بمونديال روسيا 2018، إن أكثر شيء يفتقده في الوقت الحالي هو القيام بأمور بسيطة جداً في الحياة.
وقال: أكون سعيداً للغاية إذا استطعت أن أعيش 48 ساعة شخصاً غير معروف، أو مجهول تماماً، وقتها سأفعل ما أريده من دون تفكير في أي «محاذير» أو «موانع»، كأن أذهب مثلاً لتناول الطعام والشراب مع أصدقاء، في أي مكان مهما كان تواضعه، وأن أذهب إلى متجر لشراء خبز أو خلافه، إنها أمور بسيطة، ولكن لا أقدر على القيام بها في الوقت الحالي، وأتمنى أن أتصرف على «طبيعتي» من دون أن يأتي أحد لمشاهدتي أو «الفرجة» على ما أقوم به.
غير أن مبابي، الذي يتابعه 123 مليون شخص عبر «إنستجرام وأكس»، أكد في الوقت نفسه أنه اعتاد على أسلوب حياته الجديد، والذي لازمه منذ أن أصبح نجماً يشار إليه بالبنان، ولم يعد ذلك يشكل ضغطاً عليه.
وأضاف هداف كأس العالم الأخيرة بقطر: اقتحمت عالم كرة القدم بقوة في 2017، بالتزامن مع آخر موسم لي مع موناكو، ولم أكن أبلغ من العمر إلا 18 عاماً، وبعد بضع مباريات أصبحت ملء السمع والبصر، وفرضت نفسي واحداً من أكثر لاعبي العالم إمتاعاً للجماهير وعشاق «الساحرة المستديرة»، ومن وقتها تحولت حياتي تماماً.
وذكر موقع جول العالمي، تعليقاً على حديث مبابي، أن الوضع سيصبح أكثر تعقيداً، إذا ما انتقل «فتى بوندي المدلل» الصيف المقبل إلى ريال مدريد، حيث ينتهي عقده مع باريس سان جيرمان في «صيف 2024»، وهو بالمناسبة الاتجاه الأقوى على حد قول الموقع، لأنه يصبح وقتها أحد نجوم «الجالاكتيس» الذين مروا على «الملكي» على امتداد تاريخه، وبالتالي يكون «تحت الميكروسكوب» من جميع الاتجاهات وفي كل الأوقات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: فرنسا الدوري الفرنسي باريس سان جيرمان كيليان مبابي الدوري الإسباني ريال مدريد
إقرأ أيضاً:
النرجسية في الفن السوداني: بين التواصل مع الجمهور وأثر الشهرة
راني السماني – يناير 2025
مقال رقم (3)
في مقالنا السابق، تناولنا تاريخ ومسببات ظهور النرجسية في الوسط الفني السوداني، وكيف أثرت على الساحة الفنية بشكل عام.
اليوم، نناقش سؤالاً عميقاً:
لماذا يستمر بعض الفنانين السودانيين في التمسك بالنزعة النرجسية حتى بعد تحقيقهم مكانة مرموقة في المجتمع؟
هذا السؤال يقودنا إلى استكشاف العوامل النفسية والاجتماعية التي تُغذي هذه الظاهرة، والتي قد تكون أكثر تعقيداً مما تبدو عليه.
النجاح والوصول إلى مكانة مرموقة لا يُلغي بالضرورة الحاجة إلى إثبات الذات بشكل مستمر.
ولكن في عالم الفن، يُعتبر الاعتراف المجتمعي حالة مؤقتة ومتغيرة. الفنان، الذي يعيش تحت ضغط الحفاظ على مستواه الإبداعي، يجد نفسه في مواجهة دائمة مع توقعات الآخرين، مما قد يجعله يعيش صراع ذاتي لإثبات جدارته بطرق جديدة.
في هذا السياق، يلجأ بعض الفنانين السودانيين إلى النرجسية كوسيلة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، ولخلق درع نفسي يقيهم تأثير الانتقادات.
قد يرون في هذا السلوك نوعاً من الاستقلالية التي تحررهم من قيود المجتمع وتسمح لهم بالاستمرار في مساراتهم الإبداعية.
ومع ذلك، فإن هذه النزعة قد تُبعدهم عن الجمهور الذي يحتاج إلى رؤية الجانب الإنساني من الفنان.
الشهرة والاعتراف المجتمعي يُنظر إليهما في كثير من الأحيان كإنجازات مؤقتة، قابلة للتراجع في أي لحظة.
في ظل هذه المخاوف، قد يُبالغ بعض الفنانين في التركيز على أنفسهم، معتقدين أن النرجسية هي الحاجز الذي يحميهم من التراجع أو فقدان الاهتمام.
هذه النزعة الدفاعية، التي ترتكز على الخوف، تجعلهم يعيشون في حالة تأهب دائم، خشية النسيان أو التهميش.
وفي ظل هذه الضغوط، يمكن للنرجسية أن تصبح حائطاً دفاعياً، يعزلهم عن التفاعل الحقيقي مع الجمهور.
لكن الواقع يقول إن الحفاظ على المكانة لا يأتي من التركيز على الذات فقط، بل عبر العمل الجاد والتواصل الصادق الذي هو أساس استمرارية أي فنان، وأن الفنان الحقيقي يُخلّد بأعماله ومواقفه المشرفة.
الإبداع الفني غالباً ما يتطلب العزلة والانغماس في الذات.
هذه العزلة، رغم أهميتها، قد تتحول إلى حالة من الانفصال التدريجي عن الواقع وعن الآخرين.
مع مرور الوقت، قد يرى الفنان نفسه كعالم مستقل، ويصبح رأيه هو المرجعية الأساسية، وقد يصعب عليه الاستغناء عن هذه النزعة الذاتية التي اعتاد عليها.
في مثل هذه الحالات، قد تتعمق النزعة النرجسية، حيث يُصبح الفنان أقل تقبلاً للنقد أو التفاعل مع زملائه أو جمهوره.
فالإبداع، الذي يبدأ كعملية ذاتية، قد يتحول إلى انفصال كامل عن العالم الخارجي، مما يؤثر على قدرة الفنان على فهم التغيرات في المجتمع ومواكبتها أو التعامل معها.
هذا الانفصال قد يُسبب ضغوطاً نفسية تتفاوت في تأثيرها، من صراع داخلي يشعر فيه الفنان بالاغتراب عن الجمهور والعالم حوله، إلى حالات قد تؤثر على استقراره النفسي، مثل القلق أو الاكتئاب.
عندما يصل الفنان السوداني إلى مكانة مرموقة، تبدأ توقعات الجمهور في التزايد.
هذه التوقعات تُحمّله ضغوطاً إضافية لتقديم الأفضل بشكل مستمر، مما يدفعه للتركيز على ذاته للحفاظ على صورته العامة.
هذا السلوك، الذي قد يبدو للجمهور نرجسياً، هو في الحقيقة محاولة للبقاء في مستوى التوقعات العالية. لكن أحياناً، يُسرف بعض الفنانين في هذا التركيز على الذات، ويتعاملون مع جمهورهم بطريقة متعالية، أو يردون على تساؤلات عادية بنبرة منزعجة، مما يُضعف العلاقة بينهم وبين من يدعمونهم.
5- التأثير النفسي للنجاح والشهرةالنجاح والشهرة أحياناً يؤثران بشكل كبير على نظرة الفنان إلى ذاته.
عندما يجد الفنان نفسه محاطاً بجمهور يقدره ويستمع إليه، قد تتضخم مشاعر التميز لديه، مما يدفعه إلى تبني تصورات نرجسية، يرى فيها أن الحفاظ على مسافة من الجمهور والمجتمع هو ما يُبقيه في مكانة استثنائية.
على سبيل المثال، قد نجد بعض الفنانين يتجنبون الرد على رسائل الجمهور أو يتعاملون بجفاء في منصات التواصل الاجتماعي، بحجة الحفاظ على هيبتهم.
صحيح أن لبعض الفنانين ظروفهم الخاصة التي قد تعيقهم عن الرد أو التفاعل باستمرار، ولكن عليهم أن يدركوا أن وجودهم في هذه المنابر الجماهيرية هو جزء من مسؤوليتهم الفنية والاجتماعية.
والتعامل مع الشعب السوداني العظيم، المعروف بوعيه العميق وتقديره للفن، يتطلب حذراً واحتراماً كبيرين.
فان هذا الشعب لا يقبل إلا أن يكون الفنان جزءاً منه، يعبر عن آماله وأحلامه، ويتفاعل معه بصدق وتقدير.
في النهاية، النجاح الحقيقي للفنان لا يقتصر على التميز الإبداعي فقط، بل يمتد ليشمل قدرته على التواصل مع شعبه بكل تواضع واحترام، لأن الجمهور هو أساس أي شهرة أو مكانة يحققها الفنان.
6- الاعتقاد بدور الفنان السوداني كقائد فكري وثقافييرى بعض الفنانين أنفسهم أكثر من مجرد مبدعين، بل قادة فكريين وثقافيين يسهمون في تشكيل وعي المجتمع.
هذا الإحساس بالدور القيادي قد يعزز لديهم شعوراً بالتفوق على الآخرين.
الفنان الذي يرى نفسه قائداً فكرياً قد يعتقد أن له الحق في تبني سلوك نرجسي، لأنه يرى أن مكانته تتطلب ذلك. ومع ذلك، فإن القيادة الحقيقية تأتي من الاندماج مع المجتمع وفهم احتياجاته، وليس الابتعاد عنه أو التفوق عليه.
ختاماً: دور الفنان في ظل التحديات الراهنةرغم أن النرجسية قد تكون ناتجة عن ضغوط وعوامل خارجية في مراحل معينة من حياة الفنان، إلا أن استمرارها حتى بعد تحقيق النجاح له علاقة بتأثير النجاح نفسه، وربما لتقديس بعض أفراد المجتمع له كفنان، الشيء الذي يجعله يشعر بأن التعالي هو نمط طبيعي لمتطلبات العمل الفني، أو دافعاً للحفاظ على التفرد أو وسيلة لتجنب العودة إلى التهميش.
في النهاية، تبقى الحقيقة التي تغيب عن الكثيرون من هؤلاء الفنانين، النرجسية، مهما كانت مبرراتها، تظل عائقاً أمام بناء علاقة حقيقية بين الفنان وجمهوره.
في ظل الحرب الحالية التي تمزق السودان، يصبح الفن أكثر من مجرد وسيلة للتعبير، فهو أداة مركزية للدعوة المستمرة لوقف النزاع، وبناء جسور السلام، وإعادة ترميم النسيج الاجتماعي.
ولتحقيق هذا الهدف، لا بد للفنانين من تجاوز النزعة النرجسية والعمل معاً ككتلة واحدة لتوحيد الجهود والاندماج بعمق مع الجمهور، والتفاعل الصادق مع قضاياه وهمومه.
فالتكاتف اليوم ليس مجرد خيار، بل هو واجب وطني ومسؤولية ملقاة على عاتق كل فنان/ة لمواجهة تحديات هذه اللحظة الحرجة، التي تتطلب فنانين متواضعين، ملتزمين بقضايا مجتمعهم، وقادرين على استخدام مواهبهم في خلق التغيير الفعلي الذي يتجاوز حدود الفردية.
.
.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة كتابات عن نرجسية الفنان السوداني ودوره في المجتمع.