ماذا حدث لأصحاب السبت بعد مسخهم قرود وخنازير ؟، لعله أحد الأسرار التي تحمل في طياتها كثير من الردع واجتناب الوقوع في المعاصي، ففيها تذكرة بنهاية مزرية لمن يعصي الله تعالى والاستهانة بما نهى الله عز وجل عنه، فإذا كنا على علم بقصة هؤلاء الذين اعتدوا يوم السبت ، فقليل منا فقط هو من يعرف ماذا حدث لأصحاب السبت بعد مسخهم قرودا؟، وما يزيد أهمية هذا الاستفهام أن معرفة العقوبة وآثارها يزيد الحذر ومن ثم النجاة من المهالك.

ماذا يحدث للجن قبل الفجر؟.. مشهد رهيب فلا تهمل الأذكار وحصن أولادك ماذا يحدث لمن ينام جنبا ويؤخر الاغتسال إلى الصباح؟.. 4 مصائب فاحذره ماذا حدث لأصحاب السبت بعد مسخهم قرود

ورد عن حقيقة ماذا حدث لأصحاب السبت بعد مسخهم قرودا؟، أن الله سبحانه وتعالى مسخ أصحاب السبت إلى قردة وخنازير في خلقتهم وصفاتهم، لا في صفاتهم فحسب، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [لأعراف:165-166].

وجاء أن الأصل هو حمل النص على ظاهره، وقد تأكد ذلك بما رواه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: صار شبابهم قردة، وشيوخهم خنازير، ففيما رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، القردة والخنازير هي مما مسخ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لم يهلك قوماً أو يعذب قوماً فيجعل لهم نسلاً، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك".

وبناء عليه فسؤال الرجل وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدلان على أن مسخهم كان مسخاً حقيقياً لا معنوياً، مع بيانه أن القردة والخنازير الموجودة في عصره ليست من نسل أولئك الممسوخين، لأن من عرف بالمسخ قضى الله ألا يكون له نسل، فقد مكثوا ثلاثة أيام على حالتهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون، ثم أماتهم الله تعالي وأبادهم، ومن ثم فإن القردة والخنازيز الموجودة الآن ليست مما مُسخ من الأمم السابقة ، وذلك لأن الله تعالى لم يجعل لممسوخ نسلاً ، بل يهلكه الله تعالى بعد مسخه ولا يكون له نسل .

وروى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هِيَ مِمَّا مُسِخَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ،  والعقب : الذرية . قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنَّ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير كَانُوا قَبْل ذَلِكَ أَيْ : قَبْل مَسْخ بَنِي إِسْرَائِيل , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْخ اهـ .

ماذا فعل أصحاب السبت ليمسخهم الله قرودا

قال تعالى في حق اليهود: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (سورة البقرة:65) فقد حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت عقابًا وامتحانًا لهم، فكثُر السمك يوم السبت فلم يُطِيقوا الصبر على الامتحان، فتَحايَلُوا وحبسوه إلى أن ينتهي اليوم فيصطادوه بعد ذلك.

و قال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (سورة الأعراف:163)، فمسخ الله المُعتدين قِردة وخنازير، أي جعل أخلاقهم كأخلاقها، وقيل: بل مسخَهم الله شكلاً وموضوعًا، فكانوا قِردة وخنازير.

 ثم قيل: إن الله أهلكهم بعد ذلك حتى لا يتناسلوا، وقيل: بل بقَوْا وتناسلوا،  والقرية قيل: هي “أيلة”، أو هي “مدين” بين أيلة والطور، وقيل “طبرية”، وقيل: هي من سواحل الشام.

وذكر المفسرون أن هذه القصة كانت في زمن داود ـ عليه السلام ـ وأنَّ إبليس أوْحى إليهم فقال: إنما نُهيتُم عن أخْذِها يوم السبت، فاتَّخَذوا الحياض، فكانوا يَسْوقُون الحِيتَان إليها يوم الجمعة فتَبْقى فيها فلا يُمكنها الخروج منها لقلَّة الماء، فيأخذونها يوم الأحد. وبهذه الحيلة كَثُر صيد الحيتان، ورأى الناس أنَّ مَن صنع هذا لا يُبتلى، فعمرت الأسواق بها، وأعلن الفسقة بصيدها، فقامت فرقة من بني إسرائيل ونهت وجاهرت بالنهي واعتزلت. 

وقيل: إن بَنِي إسرائيل افترقت ثلاث فرق، فرقة عصت وصادت، وكانوا نحوًا من سبعين ألفًا، وفِرقة نهت واعتزلت، وكانوا اثني عشر ألفًا، وفرقة اعتزلت ولم تَنْهَ ولم تَعْصِ، وأن هذه الفرقة قالت للناهية كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُم أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (سورة الأعراف:164).

وقال تعالى: عن هذه القصة: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (سورة البقرة:66)، وقال: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِه أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (سورة الأعراف:165-166)

كيف مسخ الله أصحاب السبت

ورد أن المسخ هو تغيير الصورة الظاهرة للإنسان ، وقد أخبرنا الله تعالى في أكثر من موضع من القرآن أنه مسخ بعض بني إسرائيل إلى قردة عقوبة لهم على معصيتهم لله تعالى . فقال تعالى مخاطبا بني إسرائيل: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) البقرة/65-66.

 وذكر الله تعالى قصتهم بشيء من التفصيل في سورة الأعراف فقال: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) الأعراف/163-166 .

وقال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل المائدة/59-60 .

وجاء أن هذا المسخ هو عقوبة من الله تعالى لهم على ارتكابهم ما حرم الله عليهم، وهذه العقوبة ليست خاصة ببني إسرائيل ، بل أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن تقوم الساعة حتى يقع في هذه الأمة مسخ ، وتوعد بذلك الذين يكذبون بالقدر ، والذين يشربون الخمر  - أعاذنا الله من ذلك - .

وروى ابن ماجه (4059) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ صحيح ابن ماجه (3280) ، والخسف هو الذهاب في الأرض بأن تنشق الأرض وتبتلع شخصا أو بيتاً أو بلدة ، كما خسف اللهُ تعالى بقارون وبداره الأرض ، قال الله عز وجل : فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَالقصص/81 ، والقذف هو الرمي بالحجارة ، كما فعل الله تعالى بقوم لوط ، قال الله جل وعلا: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ الحجر/74 .

وروى الترمذي (2152) عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ أَوْ مَسْخٌ أَوْ قَذْفٌ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ  يعني المكذبين به -  صحيح الترمذي (1748) .

وروى الترمذي (2212) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ صحيح الترمذي (1801) . والقينات هن المعنيات .

فهذه الأحاديث دليل على وقوع المسخ في هذه الأمة ، عقوبةً على بعض المعاصي . فليحذر المسلم من الإقدام على ما حرم الله ، فالويل ثم الويل لمن يثير غضب الله وسخطه وانتقامه . – عافانا الله جميعاً من أساب عقوبته – .

قصة أصحاب السبت

لقد قصَّ القرآنُ الكريم حكايةَ أصحابِ السبتِ؛ وهم يهودٌ من بني إسرائيلَ كانوا يقطنونَ قريةً تطلُّ على شاطئِ بحرِ قلزومِ، الواقعِ بينَ مدينَ والطورِ، وكان أهلُ هذه القرية يعملونَ بصيدِ الأسماكِ والحيتانِ، وكانوا قد طلبوا يوماً مقدساً يتفرغونَ فيه للعبادةِ، ويكونَ يومَ راحةٍ لهم من العملِ.

وبالفعلِ جعلَ الله -عزَّ وجلَّ- يومَ راحتهم من العملِ هو يومُ السبتِ، وحرَّم عليهم العمل وصيدَ الأسماكِ والحيتانِ في هذا اليومِ، ثمَّ ابتلاهم بكثرةِ خروجِ الأسماكِ والحيتانِ إلى الشاطئ وسهولةِ صيدها في هذا اليومِ، فما كان من كل فرقةٍ منهم إلَّا أن ابتكروا طريقةً ملتويةً يستطيعونَ الحصول على الحيتانِ فيها، من غيرِ أن يقوموا باصطيادها يومَ السبتِ.

وتتمثل هذه الحيلة بوضعِ شباكٍ حول الشاطئِ يومَ الجمعةِ؛ وحينَ تخرج الحيتانُ يومَ السبتِ فإنَّها تقعُ في الشباكِ والمصائدِ، ثمَّ يقومونَ بإخراجها يومَ الأحدِ خداعاً وتحايلاً، وحجَّتهم في ذلك أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- إنَّما نهاهم عن الصيدِ والعملِ يومَ السبتِ، وبالطبعِ ليس هناكَ بيئةٌ تخلوا من الصلاحِ، فقامت فرقةٌ أخرى بعدما رأت تحايلهم، بنصحهم وأمرهم بالمعروفِ ونهيهم عن المنكرِ.

وبيان عاقبةَ صنعهم الوخيم؛ إلَّا أنَّ الفرقةَ الأولى لم تتعظ، وتمسكوا برأيهم وحجَّتهم، ولا سيما أنَّ هناك فرقةً ثالثةً لم تنهى عن المنكرِ، بل قامت بلومِ الفرقةِ التي نهت عن ذاكَ المنكرِ، وبعد أن تمسَّكت الفرقةِ العاصيةِ بحيلتهم، واستمروا على فعلِ ما نُهوا عنه من الصيدِ يومَ السبتِ، ما كانَ من الله -عزَّ وجلَّ- إلَّا أن أراهم عاقبةَ صنيعهم هذا، فعاقبهم بالمسخِ؛ حيثُ إنَّه قلبهم ومسخهم إلى قردةٍ خاسئينَ.

قصة أصحاب السبت في القرآن الكريم

لقد جاءت قصةُ أصحابِ السبتِ كاملةً في سورة الأعراف، في قول الله -تعالى-: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ).

وقوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ* فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ* فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).

سبب نزول قصة أصحاب السبت 

يرجعُ سبب نزول الآياتِ التي تحدثت عن قصة أصحاب السبتِ؛ إلى أنَّ اليهودَ المعارضينَ لرسالةِ النبيِّ محمد -صَّلى الله عليه وسلم- ادَّعوا وزعموا أنَّ بني إسرائيل لم يقعوا في العصيانِ، ولم يصدر منهم أيُّ عنادٍ؛ فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- هذه الآياتِ التي تأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسؤالِ اليهودِ على جهةِ التوبيخِ عن أمرِ هذه القريةِ، وعن شأنِ صنيعهم هذا.

دروس وعبر قصة أصحاب السبت

لقد بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- في قوله -تعالى-: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)،  أنَّ الغاية من إنزالِ القرآنِ الكريمِ هو تدبر آياته، ومعلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لم يذكر قصص الأمم السالفةِ من بابِ اللهوِ، إنَّما ذكرها ليتعظَ المسلمونَ منها، ومن الدروسِ والعبرِ من قصة أصحاب السبتِ، ما يأتي :

الحذر من المسالك التي يسلكها اليهودُ، مهما كانت حجتهم في ذلك قوية؛ إذ إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قد بيَّن خبث نواياهم وتحايلهم على الشرعِ الحنيفِ في هذه القصةِ.الحذر من الوقوعِ في المعاصي والذنوبِ، والحذر من التحايل على الشرعِ الحنيفِ.ضرورة الاستسلامِ لأمرِ الله -عزَّ وجلَّ- وشرعه.ضرورة إدراكِ أنَّ الاستسلام لله ولكلِّ ما أمرَ وما نهى عنه سببٌ من أسبابِ الحصولِ على سعادة الدارينِ.إنَّ الإعراضَ عن أمرِ الله -عزَّ وجلَّ- سببٌ من أسباب هلاكِ الأممِ وخسرانهم الخسرانَ المبينِ.إنَّ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ سبب من أسباب نجاةِ المسلمِ من الهلاكِ.إنَّ من باع دينه بالدنيا فقد خاب وخسر.إنَّ التحايل على الشرعِ الحنيف كبيرةً تُوجب مقتَ الله، وتسبب هلاكَ صاحبها.إنَّ جدالَ أهل الباطلِ وإسكاتهم عن طريق إحراجهم إن كانوا من أصحاب التنطعِ جائزٌ في الشرعِ الحنيفِ، والدليل سبب نزول الآيات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم ا ن س وا م ا ذ ک ا ن ه وا ع ن ه أ خ ذ ن ا ال بنی إسرائیل الله تعالى ی إسرائیل قال تعالى یوم السبت ال ق ر د ة ج ی ن ا ال ت أ ت یه م ر وا ب ه ف ی الس ا الله ن الله

إقرأ أيضاً:

هل يجوز بيع القطة وتملكها في الشرع؟ دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (اشتريت قطة من قطط الزينة باهظة الثمن لأقوم بتربيتها، وهذا منذ فترة، وأريد الآن أن أبيعها لشدة انشغالي وعدم قدرتي على الاعتناء بها جيدًا، لكن بعض أصدقائي المتدينين أخبرني بأن هناك نهيًا شرعيًّا عن بيع القطط، وأن أخذ ثمنها حرام، ونصحني بأن أعطيها هدية لمن يمكنه الاعتناء بها، فهل هذا هو الحكم الشرعي الصحيح في مثل هذه الحالة؟

هل القيمة المضافة على البيع بالتقسيط ربا محرم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل بول القطط وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به .. الافتاء تكشف

واستشهدت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، بقول الله عز وجل: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]؛ فبين سبحانه وتعالى أن جنس البيع حلال، ويؤيد أصالة الحل في البيوع قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم﴾ [النساء: 29].

وأضافت دار الإفتاء أن مما يشترط في صحة عقد البيع أن تتوفر في المبيع شرائط خمسة، وهي: أن يكون المبيع معلومًا، طاهرًا، منتفعًا به، مملوكًا للعاقد، مقدورًا على تسليمه، فلا بد أن يكون المبيع مما ينتفع به حسًّا وشرعًا، وبيع ما لا نفع فيه يكون بيعًا باطلًا سواء لم تكن فيه منفعة أصلًا أو كانت فيه منفعة لكن غير معتبرة شرعًا؛ لأنه حينئذ لا يعتبر مالًا، وذلك كما أسقط الشرع مالية الخمر وإن كان يمكن الانتفاع بها ببعض الصور إلا أن أضرارها لما كانت أكثر من منافعها سقطت ماليتها؛ قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219].

وذكرت أن الأصل في الحيوانات الطاهرة المنتفع بها هو جواز اقتنائها والانتفاع بها وتداولها بعقود البيع والشراء ونحوها؛ وذلك لكونها بعضًا مما سخره الله تعالى لمنفعة الإنسان وخدمته وتنعمه؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، وقال سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13].

وأوضحت أن الانتفاع بالحيوان كما يكون بالأكل والحلب والركوب وحراثة الأرض، يكون أيضًا بجمال صوته كما في البلابل، وبجمال صورته ولونه كما في الطواويس، فالتنعم بمثل هذا يُعدُّ من الأمور التحسينية المباحة، فهو ضرب من الانتفاع بنعم الله سبحانه وتعالى وباب لتدبر جليل آياته في إبداع الخلق وإتقان الصنع؛ قال تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ۞ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: 6-7]، وقال سبحانه: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 88].

وقد جاء في آيات القرآن الكريم ما يدل على جواز اقتناء الحيوانات وغيرها بقصد الانتفاع بحسنها والتحلي بها؛ طلبًا لإدخال السرور على النفس، قال تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 8]، وقال جل شأنه: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: 14].

وقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" أن الصحابيَّ الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه كان له أخُ صغير يقال له: أبو عمير رضي الله عنه، وكان له نُغَرٌ يلعب به -أي طائر صغير يشبه العصفور، أحمر المنقار، وقيل: هو البلبل- فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء فرأى أبا عمير لاطفه وقال له: «أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ».

وفي الحديث دلالة ظاهرة على: جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه وقص جناح الطير؛ إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم.

كما أن القط الأليف أو الهرة الأهلية "المستأنسة" ينطبق عليها ما سبق ذكره بحكم الأصل؛ إذ هي حيوان طاهر يجوز حيازته واقتنائه وتملكه، ويقدر على تسليمه وعلى العلم به وبحاله وصفته، كما أنه يُنتفع بجمال خلقته وبحصول الاستئناس به، وكذلك يُنتفع به في الخدمة؛ لأنها تصطاد الفأرة والهوام المؤذية. انظر: "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (6/ 187، ط. دار الكتاب الإسلامي).

ومما يدل على طهارة الهرة ما رواه أصحاب السنن الأربعة: عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءًا. قَالَتْ: فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، أَوِ الطَّوَّافَاتِ» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لم يروا بسؤر الهرة بأسًا، وهذا أحسن شيء في هذا الباب. انظر: "قوت المغتذي على جامع الترمذي" (1/ 80).

ويدل على صحة تملُّك الهرَّة ما رواه الإمامان البخاري ومسلم واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا -أَوْ هِرٍّ- رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمْرِمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزلًا»؛ فاللام في قوله: «هِرَّةٍ لَهَا»، تدل بظاهرها على ثبوت ملكية المرأة للهرة؛ لأن الأصل في اللام الملك.

وأجاب جمهور العلماء عن احتجاج المانعين بالحديث بأن المراد بالهرة هنا هي: الهرة الوحشية؛ لعدم الانتفاع بها بخلاف الهرة الأهلية، وأيضًا أجابوا بأن النهي الوارد في الحديث نهي تنزيه لا نهي حرمة؛ فالغاية من هذا النهي هو أن يتسامح في تداول الهرة الأهلية، وإعارته بلا مقابل مالي كما هي عادة الناس فيه.

مقالات مشابهة

  • في خطوتين طريقك إلى محبة الله لسعادة حقيقية
  • ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الإخلاص 50 مرة؟.. عجائب لا يعرفها كثيرون
  • حقائق وغرائب جزر المالديف
  • حكم تحديد جنس المولود في القرآن والسنة
  • كيفية تحصين النفس من الفتن؟.. الإفتاء تجيب
  • كيفية التوبة من تتبع عورات الناس
  • هل يجوز بيع القطة وتملكها في الشرع؟ دار الإفتاء تجيب
  • الحديث القدسي: لماذا حرّم الله الظلم على نفسه؟
  • تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم السبت 16-11-2024 في محافظة البحيرة
  • ما هو النذر؟ وما هي أنواعه؟