الجديد برس:

قالت الصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن قوات صنعاء فجرت، الخميس، زورقاً مسيراً محملاً بالمواد الناسفة في البحر الأحمر، في “حادثة هي الأولى من نوعها من حيث استخدام المراكب البحرية المسيرة في حملاتها في البحر الأحمر”.

وأضافت الصحيفة أن هذا الأمر “يشكل تحدياً للولايات المتحدة الأمريكية”، “على الرغم من تحذيرها و11 من حلفائها، يوم الأربعاء، من القيام بعمل عسكري في وجه قوات صنعاء، ما لم توقف الهجمات على السفن في ممر الشحن العالمي الحيوي”.

وكان قائد الأسطول الأمريكي الخامس أعرب عن قلقه حيال استخدام قوات صنعاء، زورقاً مسيراً متفجراً في البحر الأحمر، واصفاً تطور هجماتها بالمقلق في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية عن قائد الأسطول الأمريكي الخامس قوله، إن “قوات صنعاء أرسلت الخميس زورقاً مسيراً متفجراً محملاً بالمواد الناسفة في اتجاه الممرات الملاحية في البحر الأحمر”.

وقال “هذه هي المرة الأولى التي يستخدمون فيها زورقاً مسيّراً وهذا أمر مثير للقلق”، مشيراً إلى أنه وقع حتى الآن 25 هجوماً ضد السفن التي تعبر جنوبي البحر الأحمر وخليج عدن، أي السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”.

من جهته، قال عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء محمد علي الحوثي، إن “زوارق البحرية اليمنية الموجهة إذا أرسلت قنصت فهي لا تنفجر في الهواء”.

وأضاف الحوثي، على حسابه بمنصة “إكس”: “الزوراق الموجهة لا تحرج عن ملامسة أهدافها ،، تذكير لمن يزعم ذلك”.

الجدير بالذكر أن الزوارق البحرية المسيّرة “الفتاكة” التي تمتلكها قوات صنعاء وكانت قد كشفت عنها سابقاً، هي ثلاثة أنواع: -الزورق المسير طوفان 1، – الزورق المسير طوفان 2، -الزورق المسير طوفان 3.

وحتى الآن، لم تستخدم قوات صنعاء سوى جزء بسيط من المسيرات والصواريخ التي تمتلكها حالياً. ولم يستخدم أيضاً مسيراتها وصواريخها الأكثر تطوراً بعيدة المدى بعد. ويمتلك صنعاء أعداداً كبيرة من الألغام البحرية، مثل الألغام المستحثة التي يصعب اكتشافها.

وأصدرت قوات صنعاء، الأربعاء، بياناً قالت فيه إنها نفذت عملية استهداف لسفينة (CMA CGM TAGE سي إم أي سي جي إم تيج) كانت متجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، وذلك بعد رفض طاقمِ السفينة الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية بما في ذلك الرسائل التحذيرية النارية”.

وأكدت قوات صنعاء “استمرار حركة الملاحة في البحرين الأحمر والعربي إلى كافة الوجهات حول العالم باستثناء موانئ فلسطين المحتلة”.

وحذرت من أن “أي اعتداء أمريكي لن يمر دون رد أو عقاب”، كما حذرت قوات صنعاء الولايات المتحدة أو غيرها من “أي اعتداء أو إجراء يمثل حماية للسفن التجارية التي تذهب إلى الكيان الصهيوني”.

???????? pic.twitter.com/ukQoKMbTKc

— همام شعلان || H . Shaalan (@osSWSso) January 4, 2024

وكانت قوات صنعاء قد أعلنت يوم الأحد الماضي، “إقدام القوات الأمريكية على الاعتداء على 3 زوارق، الأمر الذي أدى إلى استشهاد وفقدان عشرة أفرادٍ من منتسبي القوات البحرية”.

وفي السياق عينه، أكد قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي، الخميس، أن “الاعتداء الأمريكي الغادر على مجموعة من القوات البحرية اليمنية، والذي أسفر عن استشهاد وفقدان عشرة أشخاص، لن يبقى من دون رد وعقاب”.

وتؤكد صنعاء أن قواتها المسلحة ستستمر في استهداف السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، حتى وقف العدوان على غزة، وإدخال ما يحتاج إليه القطاع من غذاء ودواء.

وتشدد صنعاء أيضاً على حرصها على سلامة الملاحة في البحر الأحمر، محذرةً السفن من المرور في البحر الأحمر وبحر العرب في اتجاه الموانئ الإسرائيلية. كما أنها تنذر السفن قبل استهدافها، وتهاجمها في حال عدم امتثالها للإنذارات.

ردنا على الاعتداء الأمريكي سيكون قاسياً

في سياق متصل، أكد وزير الدفاع بحكومة صنعاء اللواء محمد العاطفي، الخميس، أن رد صنعاء على الاعتداء الأمريكي بحق المنتسبين للقوات البحرية “سيكون قاسياً ومتمكناً من مكامن الوجع والألم وبأساليب قتالية فوق احتمالاتهم وحساباتهم العسكرية”.

وفي كلمة له، قال العاطفي: “ليكن مفهوما للأمريكي والبريطاني والفرنسي أننا لا نقبل الضيم ولا نرضى بأن تطالنا يد عابث أو مغامر، فنحن شعب عصي على التطويع وقوي على الشدائد ومن يدفعه سوء حظه وتقديره أن يعبث معنا فلا يلومنّ إلا نفسه”.

وتابع العاطفي: “على منتسبي وأبطال القوات المسلحة اليمنية بشكل عام ومنتسبي المنطقة العسكرية الخامسة بصورة خاصة أن يكونوا على إدراك كامل بتطورات الموقف العسكري الراهن الذي جرى اتخاذه وإعلانه بالاصطفاف الديني والوطني والإسلامي والإنساني في إسناد الأشقاء في غزة الصامدة مع ما يعنيه هذا الموقف من استحقاقات المواجهة ومقتضيات المعركة التاريخية وأن يستوعب الجميع بإيجابية عالية واستعداد متكامل للمواجهات الهجومية والدفاعية للمعركة القادمة والحاسمة مع العدو الأمريكي الصهيوني”.

وأردف: “إن تجارب وتاريخ مواجهة 9 سنوات عدوانية وتدمير وتحشيد وحصار وحرب اقتصادية حافلة بدروس عديدة كشفت عن هشاشة المعتدين وانبعث شعبنا بقوة وإيمان من تحت الركام وكتب بصموده وثباته الأسطر الأولى لانتصارنا العظيم، والشاهد على ذلك قدراتنا العالية التي نمتلكها والسيادة الكاملة والندّية المتحررة من الوصاية والتبعية”، لافتا إلى أن “العقيدة القتالية للقوات المسلحة اليمنية تجاوزت اليوم بثقة إيمانية الخطط الموجبة لكسب المعركة التكتيكية وتحقيق الانتصار العسكري الميداني وهزيمة الأعداء برا وبحرا وجوا”.

وأشار العاطفي إلى “خط سير المواجهة العسكرية القتالية والتكتيكية وتحديد الأهداف البعيدة والقريبة لقواعد الاشتباك القوية والفعالة وإدارة المعارك والنتائج المتوقعة واتخاذ كافة الإجراءات المستقبلية”، مردفا: “إن العدو الأمريكي والصهيوني ظن بأن المساحة العالمية قد فرغت من أي تأثير وأنه قادر على اقتراف الجرائم والمجازر الوحشية بحق أطفال ونساء غزة ولن يجد من يقول له كفى، والله سبحانه وتعالى اختار أهل اليمن ليكونوا في موقف الحق والعدل وصدارة الموقف والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني في مواجهة العالم”.

وأضاف “ثقتنا بالله تعالى كبيرة، لأننا نسير على الحق وندعم العدل وثقتنا متعاظمة بقائد الأمة الإسلامية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي اتخذ القرار السليم والمناسب وفقا لرؤية جلية في دائرة الصراع الذي خططت له الدوائر الاستخباراتية الصهيونية والقوى المتحالفة معها”.

كما أكد أن “القوانين الدولية هي غطاء للأكاذيب والاستغباء تعصف بها أمريكا وبريطانيا وفرنسا متى تشاء وتلجأ إليها لتوظيفها لمواقف تخدم سياساتها”، مردفا: “ما تشهده غزة وما يطال سكانها العزل من جرائم ومجازر وصمة عار في جبين المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ودليل على ازدواجية المواقف”.

واختتم قائلاً: “نقول للصهاينة ومن يساندهم، البحر الأحمر قد تحول إلى مصيدة لهم وحصارهم أمر قائم حتى التخلي عن حصارهم وجرائمهم ضد شعبنا الفلسطيني العربي المسلم”.

من جهته، أكد قائد المنطقة العسكرية الخامسة بقوات صنعاء، اللواء يوسف المداني، الخميس، الجهوزية الكاملة للتعامل بحسم مع العدو الأمريكي الصهيوني وأذنابه.

وقوات المنطقة العسكرية الخامسة تنتشر في محافظتي الحديدة وحجة، ويقع مركز قيادتها في مدينة الحديدة.

أمريكا تهدد الملاحة في البحر الأحمر عبر عسكرته

بدوره، أكد المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” أن ما تدعيه الولايات المتحدة الأمريكية، وبيان الدول الـ12، بشأن وجود تهديد للملاحة الدولية، “غير صحيحين”، مشدداً على أن “التهديد آتٍ من عسكرة واشنطن للبحر الأحمر، خدمةً لإسرائيل”.

والبيان، الذي تحدث عنه المكتب، هو الذي أصدرته الولايات المتحدة، أستراليا، البحرين، بلجيكا، كندا، الدنمارك، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، نيوزيلندا والمملكة المتحدة، والذي تضمن “تحذيراً” لصنعاء من شن مزيد من الهجمات.

وأوضح المكتب أن على الأمريكيين ومن معهم “تحمل تبعات تصعيدهم الخطير واللامسؤول”، محذراً من أن أي استهداف لليمن “سيستدعي رداً واسعاً وكبيراً”، إذ يرفض اليمن “أي تهديد لأمنه واستقراره”.

وجددت “أنصار الله” تأكيدها أن تشكيل واشنطن تحالفاً من أجل حماية السفن الإسرائيلية “يمثل تهديداً جدياً لأمن الملاحة الدولية وسلامتها في البحر الأحمر”، مشيراً إلى أن هذا التحالف لن “يمنع صنعاء من مواصلة دعم غزة عبر العمليات العسكرية”.

وفيما يتعلق بدور الولايات المتحدة في العدوان على غزة، أكدت الحركة أن ما يجري منذ نحو 3 أشهر “ما كان ليحدث لولا الدعم الأمريكي والتواطؤ الغربي” مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتؤكد صنعاء أن قواتها المسلحة ستستمر في استهداف السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، حتى وقف العدوان على غزة، وإدخال ما يحتاج إليه القطاع من غذاء ودواء.

وتشدد صنعاء أيضاً على حرصها على سلامة الملاحة في البحر الأحمر، محذرةً السفن من المرور في البحر الأحمر وبحر العرب في اتجاه الموانئ الإسرائيلية. كما أنها تنذر السفن قبل استهدافها، وتهاجمها في حال عدم امتثالها للإنذارات.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الملاحة فی البحر فی البحر الأحمر قوات صنعاء

إقرأ أيضاً:

تحذير أمريكي من استخدام الحوثي لنفوذه الجديد حتى بعد انتهاء حرب غزة

أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن الآثار المباشرة لحملة جماعة أنصار الله "الحوثي" ضد الشحن البحري خطيرة بشكل واضح، ولابد للولايات المتحدة والسعودية والشركاء الآخرين الاستعداد لاحتمال أن تستخدم الجماعة نفوذها المكتشف حديثا بطرق أخرى تتجاوز حرب غزة.

وقال المعهد في تحليل له نشره الأربعاء الماضي إن: "التهديد لا يزال يتصاعد بشكل كبير كما ونوعا، ولم يتمكن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ولا القوة البحرية للاتحاد الأوروبي التي تم إطلاقها مؤخرا من الحد من هجمات الحوثيين، التي شنتها الجماعة ردا على القتال في غزة".

وأضاف أنه "في الأشهر الخمسة منذ أن بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن ضربات عسكرية في اليمن بدعم غير عملياتي من دول أخرى، تم تسجيل أكثر من 100 حادثة إضافية، شملت الكثير من عمليات الاعتراض البحرية لأسلحة الحوثيين".

 وفي البداية، تجاهلت بعض الشركات التجارية التي تتعامل مع "إسرائيل" تهديدات الحوثيين واستمرت في العمل في المنطقة، ولكن في نهاية المطاف، بدأت الجماعة بمحاولة شن هجمات أكثر فتكا وتعقيدا. 


وعلى سبيل المثال، في 12 حزيران/ يونيو، هاجمت الحركة ناقلة بضائع سائبة باستخدام سفينة سطحية غير مأهولة ونجحت في إلحاق أضرار جسيمة بسفينة تجارية للمرة الأولى منذ تشرين الثاني/نوفمبر. 

وقد غرقت السفينة لاحقا، وتم الإبلاغ عن وفاة أحد البحارة، ومن ثم في 13 حزيران/ يونيو، شن الحوثيون هجوما مزدوجا على سفينة شحن باستخدام ثلاثة صواريخ على الأقل، مما أسفر عن إصابة بحّار بجروح خطيرة وأرغم بقية الطاقم على إخلاء السفينة.

وأكد المعهد أنه "في ضوء تزايد المخاطر، اقتنعت الكثير من شركات الشحن بالابتعاد عن المنطقة، مما تسبب بانخفاض حاد في عمليات العبور الإجمالية عبر مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن في العالم، فبين 10 و16 حزيران/يونيو، انخفضت حركة المرور عبر المضيق بأكثر من 50 بالمئة مقارنة بالأسبوع الرابع والعشرين من العام الماضي. 

ومن المتوقع أن تزداد الهجمات بشكل أكبر إذا استمرت حرب غزة أو إذا صعّدت "إسرائيل" وحزب الله صراعهما في لبنان.

وأضاف أنه "على الرغم من التركيز المفهوم على التبعات البحرية والتجارية المباشرة لهذه الهجمات، ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لمدى ترسخ التهديد الحوثي، وكيف يمكن أن يستخدم الحوثيون نفوذهم المكتشف حديثا لخدمة أجندات سياسية مختلفة في المستقبل. فمع أن التهديد البحري قد يتلاشى تدريجياً إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فهو لن يختفي، بل إن فعاليته في تعطيل التجارة العالمية لن تؤدي إلا إلى تشجيع الحوثيين".

"مرحلة رابعة" 
وقال المعهد إنه "في 16 أيار/مايو، بعد أيام معدودة من شن إسرائيل هجومها على رفح، حذّر زعيم الحوثيين قائلاً: سنسعى إلى تعزيز المرحلة الرابعة من التصعيد من حيث عدد الهجمات وتأثير الضربات، مؤكدا أن الغرض من الحملة هو دعم الفلسطينيين في غزة. ومنذ ذلك الحين، وسّعت الجماعة قائمة أهدافها: فإذا كان لدى شركة ما سفنٌ ترسو في الموانئ الإسرائيلية، فقد أصبحت جميع سفنها الآن عرضة للاستهداف، حتى تلك التي لا تبحر إلى إسرائيل. وفي "المراحل" الثلاث السابقة، ركز الحوثيون بشكل أساسي على السفن التي أبحرت إلى إسرائيل أو كانت لها صلات معروفة بالولايات المتحدة أو بريطانيا أو إسرائيل، مع أن الكثير من هجماتهم لم تكن تملك دوافع واضحة أو استندت إلى معلومات غير دقيقة".

ووفقاً لما توعدت به الحركة، كانت الموجة الحالية أكثر قوة أيضا. فقد اعترضت القوات الغربية الكثير من محاولات الاستهداف، لكن العدد الإجمالي للهجمات لم يتوقف تقريبا منذ 23 أيار/مايو، عندما أطلق الحوثيون صاروخا على ناقلة البضائع السائبة "يانيس" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9401910) التي ترفع علم مالطا. 


وعلى غرار الموجات السابقة، وقعت غالبية هذه الهجمات في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن (حيث شهد كل من المحيط الهندي وبحر العرب هجوماً واحداً مؤكداً على الأقل خلال حملة الحوثيين).
وكانت العديد من الأهداف في الموجة الحالية تابعة لشركات مقرها اليونان، ومن بينها "شركة شرق المتوسط البحرية المحدودة" ("إيست ميد") و"إيفالند" و"غريهيل". وتمتلك "إيفالند" سفينة "تيوتر" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9942627)، وهي السفينة التي غرقت بعد تعرضها لضربات متكررة من سفينة سطحية غير مأهولة وأسلحة أخرى في وقت سابق من هذا الشهر. كما أصدر الحوثيون إعلانات مشكوك فيها وغير مؤكدة بتبنّي هجمات في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وميناء حيفا الإسرائيلي، وقد انطوت في بعض الحالات على تعاون مزعوم مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.

في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن الحوثيين شنوا حوالي 190 هجوماً منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر، لكن "حفنة قليلة فقط" نجحت في إصابة الهدف بسبب "فعالية قوات التحالف في وقف الهجمات". وفي حين تتفاوت التقييمات التي تقيس تأثير عمليات التحالف، إلا أنه لا يمكن إنكار النتائج السلبية للتصعيد الحوثي، إذ يتم استهداف المزيد من السفن، وتواصل الكثير من شركات الشحن تجنب الممرات المائية في المنطقة، ويبدو أن الحوثيين يشعرون بالقوة بدلاً من الضعف. فبعد أشهر من ضربات التحالف، ما زالوا يحددون الشروط التي يمكن للشركات بموجبها إرسال السفن إلى المنطقة وعبرها، منتهكين المبادئ الأساسية لحرية الملاحة.

وفي الوقت نفسه، تتخذ السفن التجارية التي تواصل الإبحار عبر البحر الأحمر خطوات غير عادية لتقليل خطر تعرضها للهجوم. وقد استخدم بعضها نظام التعرف الآلي الخاص بها للإشارة إلى أنه "ليس لديها أي صلة بإسرائيل"، في حين بثت أخرى رسائل مثل "كل أفراد الطاقم مسلمون" أو "جميع الطاقم سوري" أو "طاقم السفينة صيني". وبثت إحدى السفن رسالة "نفط خام روسي" بدلاً من الإشارة إلى ميناء توقفها التالي. ومع ذلك، فحتى الناقلات المحملة بالنفط الروسي تعرضت أحياناً للاستهداف، ويعود ذلك عادة إلى معلومات غير دقيقة أو قديمة حول ملكية السفينة. على سبيل المثال، تعرضت الناقلة "ويند" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9252967) للاستهداف في 18 أيار/مايو بينما كانت تحمل زيت الوقود الروسي متجهة إلى الصين، كما هو مفصل في متتبع الهجمات التابع للمعهد.

في هذه المرحلة، أثبت الحوثيون أنهم قادرون على تعطيل حركة المرور بشكل كبير بين المناطق التجارية المختلفة، إذ قررت شركات عملاقة مثل "شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة" (MSC) و"ميرسك" تجنب جنوب البحر الأحمر. ونتيجة لذلك، انخفض حجم سفن الحاويات التي تعبر باب المندب بنحو 55 في المائة، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن "لويدز ليست إنتليجنس". ومن بين الوجهات الأخرى المتضررة، انخفض عدد هذه السفن التي تزور ميناء الملك عبد الله وميناء جدة - أكبر مركز لإعادة الشحن في المملكة العربية السعودية، وأكبر ميناء للحاويات على التوالي - بشكل حاد في وقت سابق من هذا العام.

وفي أيار/مايو 2023، وقبل بضعة أشهر فقط من شن الحوثيين حملتهم الهجومية، أعلنت "ميرسك" عن خدمة بحرية جديدة تربط أسواق الشرق الأوسط بأوروبا وتدور بين الموانئ الرئيسية مثل جدة. ولكن بحلول كانون الأول/ديسمبر، دفعت هجمات الحوثيين شركة "ميرسك" إلى الإعلان عن تعليق حركة المرور في البحر الأحمر وإعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح "في المستقبل المنظور".


وفي الشهر الماضي، أصدرت الشركة توقعات أكثر سوداوية: "توسعت منطقة الخطر، والهجمات تصل إلى مسافات أبعد في البحر. وقد أجبر هذا سفننا على إطالة رحلتها، مما أدى إلى هدر المزيد من الوقت وزيادة التكاليف... وإلى الاختناقات وازدحام السفن، فضلاً عن التأخير ونقص المعدات والقدرات. ونقدّر نسبة الخسارة في الطاقة على مستوى القطاع بما يتراوح بين 15 و20 في المائة في الشرق الأقصى وصولاً إلى شمال أوروبا وسوق البحر الأبيض المتوسط خلال الربع الثاني".

أما بالنسبة إلى "شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة"، فقد أعلنت "الهيئة العامة للموانئ" السعودية في آذار/مارس 2023 أن الشركة ستضيف جدة إلى خدمات الشحن في البحر الأحمر وشرق أفريقيا والبحر الأحمر. لكن منذ تشرين الثاني/نوفمبر، تم استهداف الكثير من سفنها بشكل مباشر. ويعتبر الحوثيون، من دون مسوغ دقيق، أن الشركة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها هي "شركة إسرائيلية"، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تعاونها التجاري مع شركات الشحن الإسرائيلية.

وبناءً على ذلك، سيكون من الحكمة أن تستعد السعودية وغيرها من الدول المتضررة في المنطقة لمستقبل تظل فيه بنيتها التحتية الحيوية تحت تهديد الحوثيين إلى أجل غير مسمى. فقد أصبح لدى الجماعة الآن القدرة على شن هجمات أكثر تطوراً في سياقات سياسية مختلفة تتجاوز حرب غزة، بدعم من إيران على الأرجح. على سبيل المثال، قد تقرر في النهاية استئناف هجماتها البحرية أو تصعيدها إذا بدا أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي وشيك، خاصة إذا لم يتم حل الصراع اليمني. وحتى الآن، فضلت الرياض البقاء على الهامش وتجنب المواجهة مع الحوثيين، معتقدة أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة ويعرّض السفن السعودية لخطر الهجوم.

وفي الواقع، يُعتبر استقرار البحر الأحمر بالغ الأهمية لطموحات المملكة بتوسيع قطاع الخدمات اللوجستية فيها، وهذا عنصر أساسي في كل من "برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية" السعودية واستراتيجيتها الأوسع نطاقاً "الرؤية 2030". فالرياض تخطط لزيادة القدرة التنافسية لموانئها وتعزيز ترابطها الدولي على مدى السنوات القليلة المقبلة. غير أن إنشاء مركز لوجستي بحري عالمي يتطلب بيئة مستقرة، ليس في شمال البحر الأحمر فحسب حيث أطلق السعوديون مؤخراً خدمة شحن جديدة بالشراكة مع شركة "سي إم ايه - سي جي أم" الفرنسية العملاقة، ولكن أيضاً في جنوب البحر الأحمر الذي يشهد تقلبات شديدة.


ووفقاً لعض التوقعات، ستستمر حملة الهجوم الحوثية الحالية لبقية هذا العام على الأقل، وستواصل الكثير من السفن التجارية تجنب خليج عدن وجنوب البحر الأحمر حتى عام 2025 أو بعده. ويمكن لوقف إطلاق النار في غزة أن يخفف من حدة الهجمات إلى حد ما، ولكن حتى ذلك الحين قد لا يوقف الحوثيون حملتهم بالكامل. ومع أن بعض مالكي السفن قد شهدوا زيادة في أرباحهم بسبب ارتفاع أسعار الشحن، فإن التأثير العام على حركة الملاحة البحرية وسلاسل التوريد العالمية كان شديداً. وليست دول الخليج محصنة ضد هذه التأثيرات، لذلك يجب على واشنطن أن تحثها على إيجاد وسيلة دبلوماسية لوقف الهجمات، بغض النظر عما يحدث على المسارين الدبلوماسيين الأمريكيين المنفصلين في غزة ولبنان.

وختم المعهد بالقول: "يتعين على واشنطن وشركائها تضمين التهديد المحتمل بحدوث تصعيد حوثي على المدى الطويل في مخططاتهم العسكرية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، غادرت حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" البحر الأحمر، حيث كانت متمركزة لمواجهة تهديدات الحوثيين منذ أواخر العام الماضي. وإذا تصاعدت الحملة الحالية بشكل أكبر، أو إذا كثفت الحركة هجماتها في المستقبل، فقد تحتاج القوات البحرية الغربية إلى نشر المزيد من الأصول لحماية السفن التجارية".

مقالات مشابهة

  • بعد سبعة أشهر من انتشارها بالبحر الأحمر.. المدمرة الأمريكية "كارني" تعود لموطنها وطاقمها يتحدث عن طبيعة المعركة (ترجمة خاصة)
  • صحيفة “ذا هيل”: خبراء يحذرون من مأزق محتمل للبحرية الأمريكية في مواجهة الحوثيين
  • باحث فلسطيني: مشاهد استهداف سفينة بزورق “طوفان المدمر” تنقل اليمن إلى مستوى آخر في المنطقة
  • “طوفان المدمر” يزلزل البحر الأحمر.. قوات صنعاء تكشف عن زورق مسيّر بقدرة تدميرية هائلة (فيديو)
  • معهد أمريكي: غياب حاملات الطائرات في البحر الأحمر أسبوعين مثير للقلق
  • معهد أمريكي: غياب حاملات الطائرات في البحر الأحمر لمدة أسبوعين مثير للقلق
  • تحذير أمريكي من استخدام الحوثي لنفوذه الجديد حتى بعد انتهاء حرب غزة
  • “أكثر ذكاءً واحترافية”.. تقرير أمريكي: هجمات قوات صنعاء البحرية تكشف عن تطور استراتيجي خطير
  • صنعاء تكشف عن “وحش بحري” جديد ومشاهد تُظهر لحظة افتراسه سفينة عملاقة في البحر الأحمر (فيديو)
  • كيف يتم مطاردة اليمنيين بالبارجة “أيزنهاور”؟