كتبت" الاخبار": الحديث عن «اليوم التالي لبنانياً»، قد بدأ فعلياً، وخصوصاً عند الجانبين الأميركي والإسرائيلي. وهو حديث له صداه في لبنان. وإن كانت الجهات الرسمية اللبنانية ليست اليوم في موقع المفاوض الجدي. وهذا ما دفع الجانب الأميركي لأن يتجه مباشرة صوب الطرف الذي بيده الأمر لبنانياً. وعلى طريقة رجال الأعمال المحبّذة أميركياً، تسعى واشنطن إلى «عقد صفقة» مع حزب الله، من أجل توفير «الضمانات الواضحة التي تريدها إسرائيل لجهة الأمن في مناطقها الشمالية».

والفظاظة الأميركية هنا مفيدة أحياناً. بمعنى أن الأميركيين لا يحتاجون إلى اللعب على الكلام عندما يعرضون إتمام صفقة. ولذلك، باشروا دراسة الثمن الذي على إسرائيل أن تدفعه للبنان، مقابل الحصول على الهدوء.

أميركياً، أوكل الرئيس جو بايدن الملف إلى مستشاره لشؤون الطاقة (ولبنان) عاموس هوكشتين. وهو هذه المرة يعمل وحدَه. لأن فريق السفارة في بيروت لا يقدر أن يفيده بشيء. السفيرة السابقة دوروثي شيا سافرت وخليفتها ليزا جونسون، تستعد للقدوم خلال عشرة أيام، وهي مشتاقة إلى هذا البلد الذي عاشت فيه أياماً جميلة، مهنياً وشخصياً أيضاً. وسوف يخرج الكثيرون غداً، دفاتر ذكرياتهم مع الشابة الشقيّة قبل أن ينال منها العمر. وليزا، تعرف الكثير عن لبنان وعن المقاومة، وسوف يكون لها دورها إلى جانب هوكشتين. لكن، إلى أن تنطلق العملية، فإن الرجل أدار وحدَه اتصالات عبر وسيط لبناني كان ينقل الرسائل بينه وبين حزب الله، الذي كان يستمع إلى الكلام المنقول ويجيب بعبارة واحدة: ليوقفوا الحرب على غزة وبعدها لكل حادث حديث!.

لم يأخذ هوكشتين وقتاً طويلاً حتى يقتنع بأن لا مجال لأي خطوة ولو بالشكل، قبل توقّف العدوان على غزة. لكنه قرّر إنجاز مهمته على مرحلتين، الأولى نظرية، وتشتمل على فكرة الفرضية التي تقول: «في حال توقفت الحرب على غزة، وصار بالإمكان التحاور حول الوضع على الحدود مع لبنان، فما الذي يمكن القيام به». وهو لم يفعل ذلك مع اللبنانيين فقط، بل هو قال للإسرائيليين صراحة، إنه لا مجال لأي بحث قبل وقف الحرب. ونصحهم بألا يصدّقوا «خبريات الفرنسيين والموظفين الأمميين» لأن هؤلاء «لا يعرفون أي شيء، ويقدّمون أفكارهم على أنها مقترحات صادرة عن الطرف الآخر، ويبحثون عن دور بأي طريقة».
جاءت زيارة هوكشتين الأخيرة لتل أبيب، وقد خرج منها بفكرة «معقولة» عن المدى الزمني الذي ستأخذه الحرب الإسرائيلية على غزة من جهة، كذلك عن مدى الاستعداد الإسرائيلي للتجاوب مع الطلبات اللبنانية من جهة ثانية. ويبدو أنه وصل إلى استنتاجات، جعلته «متفائلاً إلى حدود معينة» وفق ما رشح عن اتصالات جرت معه أمس. لكنّ الرجل يلحّ على ضرورة إنجاز التصور الذي يكون مادة لبحث مباشر وسريع ومركّز عند إعلان وقف الحرب مع غزة. وهو يسعى عملياً إلى «ترتيب مقترح قابل للعيش يكون طرحه متوفراً وسريعاً بعد توقف الحرب، بما يسمح بعدم استهلاك وقت طويل قبل الاتفاق عليه».
وفي المقترحات العملانية هناك نقاط أبرزها:
أولاً: معالجة نقاط النزاع على الحدود البرية، الـ13 الرسمية منها أو الـ17 التي هي قيد الإعداد من قبل المعنيين، سواء في الدولة أو المقاومة، علماً أن قيادة حزب الله، لا تريد أن يدخل لبنان في ملف الترسيم البري على خلفية خلافات مهنية، ما أوجب فتح النقاش مع خبراء وقانونيين وطبوغرافيين لوضع تصور متماسك وتفادي الثغرات التي رافقت الترسيم البحري والإشكال الذي ظهر على الخطوط ما بين الخطين 23 و29. ومن الواضح للجانبين الأميركي والإسرائيلي أن البحث يبدأ مع الإقرار بحق لبنان بالنقطة B1 عند رأس الناقورة.
ثانياً: إعداد التصور العملاني، لأجل انسحاب العدو من الجزء اللبناني من خراج بلدة الماري (الغجر) وتسليمها للدولة اللبنانية من دون الحاجة إلى أي ترتيبات مع أي جهة أخرى.
ثالثاً: الطلب إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة «الاستفادة» من الفقرة العاشرة للقرار 1701 التي تنص على أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بوضع تصور لحل مشكلة مزارع شبعا، وسط رغبة إسرائيلية بأن تكون تحت وصاية القوات الدولية إلى مدى زمني مرهون بمستقبل الصراع مع سوريا. وطلب لبناني واضح، بإقرار العدو والعالم بلبنانية المزارع، ومن ثم تركها للدولة اللبنانية، التي تقرر هي كيفية إدارتها وكيفية معالجة أي نقاط خلاف مع سوريا.

رابعاً: بدء الاستماع الأميركي لفكرة بأن الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان، شرط حيوي لقيام حكم قوي ومتماسك قادر على ممارسة دوره، بما يعفي من البحث عن ضمانات أي جهات خارجية، وأن لبنان يعرف أن المقاومة ليست في وارد البحث حول سلاحها لا الآن ولا بعد توقف الحرب على غزة، بل إن ما حصل، يعزز القناعة لديها ولدى قسم من اللبنانيين بأهمية هذا السلاح. وهذا كلام سمعه هوكشتين نفسه، ولذلك تجنّب هو طوال الوقت ترداد «الهذيان الإسرائيلي والأوروبي» حول ضرورة سحب قوات حزب الله من جنوب نهر الليطاني.
خامساً: إدراك هوكشتين، بأن لبنان بحاجة إلى عناصر تعزز الاستقرار فيه، وهذا أمر له علاقة بمعالجة ملفات عالقة، سياسياً (الملف الرئاسي والحكومي وخلافه)، وأخرى، اقتصادياً (الحصار المالي على لبنان وموضوع النفط والغاز). وعُلم في هذا الإطار، أن هوكشتين نفسه، أبلغ جهات لبنانية مسؤولة، بأن شركة «توتال» الفرنسية سوف تعود لتقوم بأعمال حفر وتنقيب من جديد في البلوك 9، بعد اختيار نقطة حفر جديدة، إضافة إلى العمل في البلوكين 8 و 10. وقد أقر هوكشتين ضمناً، بأن التوقف الذي حصل كان له سببه السياسي.
على أي حال، فإن كلام الأمين العام لحزب الله أمس، حسم الكثير من الجدل القائم في غرف مغلقة أو عبر الإعلام، عن أن الحزب قد يعرقل مساعيَ لتفاهمات حول الترسيم البري خوفاً على سلاحه، وقال لمن يعتريه الشك أو الظن، بأن «السلاح باق وله دوره الدفاعي، بمعزل عما يجري التوصل إليه لاحقاً، وبالتالي، فإن ليس لدى المقاومة أي قلق حول هذا الأمر».
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله على غزة

إقرأ أيضاً:

البحرين تدعو إلى ضرورة تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية

أكدت البحرين ضرورة تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية والحيلولة دون اتساع دائرة النزاع في المنطقة، حفاظا على أمن لبنان بهدف السعي إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في الإقليم.

بن غفير: علينا شن حرب شاملة على لبنان.. والاتفاقيات لا جدوى منها إصابة مباشرة لمبنى بمستوطنة شلومي إثر سقوط صواريخ من لبنان

ودعت البحرين  اليوم السبت إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين والعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، واللجوء إلى الحلول السلمية عبر التفاوض بين البلدين حفاظا على حياة السكان المدنيين وأمن واستقرار المنطقة .

 

وشددت المملكة على دعمها للجهود التي يقوم بها في هذا الخصوص المبعوثان الأمريكي والفرنسي إلى لبنان، ومساندة مساعيهما لخفض التصعيد والتوتر وتحقيق الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وطالبت البحرين مجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل، وإيلاء الاشتباكات العسكرية على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية ما تستحقه من اهتمام، وإصدار قرار عاجل بوقف إطلاق النار حرصا على عدم اتساع دائرة الصراع، لما لذلك من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

ميقاتي: نحن في حالة حرب والتهديدات الإسرائيلية نوع من الحرب النفسية

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أن لبنان في حالة حرب، وأن التهديدات التي يشهدها هي نوع من الحرب النفسية.

 

وقال رئيس الحكومة اللبنانية - خلال جولة تفقدية للجنوب اللبناني، اليوم السبت، وفقا للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام - إن "التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الألسن هل هناك حرب؟ نعم نحن في حالة حرب وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين والعديد من القرى المدمّرة بسبب العدوان الإسرائيلي".

 

وزار رئيس الحكومة اللبنانية مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش في ثكنة بنوا بركات في صور، حيث استمع إلى شرح تفصيلي عن الوضع في الجنوب والمهام التي يقوم بها الجيش.

مقالات مشابهة

  • تصور إسرائيلي لما بعد الحرب: اقتحامات واغتيالات وعودة للانتفاضة الثانية
  • رويترز: نازحو لبنان دون عمل أو موارد وظروفهم تتفاقم مع الوقت
  • رويترز: نازحو لبنان بدون عمل ويعانون ظروفا قاسية ويتمنون انتهاء الحرب
  • حزب الله وإسرائيل.. الحرب تسابق التسوية
  • نتنياهو: ملتزمون بالقتال حتى القضاء على حماس وعودة جميع المحتجزين في غزة
  • نحن السودانيين اعداء انفسنا بتدخلنا في ما لايعنينا (2)
  • حربٌ في لبنان وأسئلة حول سعة نيرانها
  • مُحاولة أميركيّة - فرنسيّة مُشتركة لإطار حلّ في الجنوب.. ميقاتي من الجنوب: التهديدات نوع من الحرب النفسية
  • هل انتهت فرصة التسوية السياسية الأميركية بين إسرائيل وحزب الله؟
  • البحرين تدعو إلى ضرورة تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية