عربي21:
2025-07-11@04:06:23 GMT

ثرثرة فوق بحار الحل المستحيل

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

التقرير الطويل الذي نشرته النيويورك تايمز قبل أيام عما سمته «توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل» بشأن الحرب على غزة وبشأن ما بعدها لا يفي بما يعد. فالعنوان يغري بأن التقرير سيكشف أدلة قوية على بدء استفاقة لدى الإدارة الأمريكية على حقيقة أن مصالحها القومية لا تتطابق مع مصالح إسرائيل وبأنه لا يعقل أن تبقى واشنطن متفانية على مر الزمان في دعمها دعما آليا، بل بافلوفيّا، ومعادية من أجلها ثلثي دول العالم.



وإذا تعذر ذلك، فلعلها أدلة قوية على غضب أمريكي من هذه الدولة الوقحة التي تتلقى من الولايات المتحدة دعما شاملا لا سابق له في التاريخ ولا مثيل له في العالم المعاصر، ولكنها تقابل كل ذلك بمنتهى الجحود والصلف، مستهينة بالمطالب الأمريكية وسالكة مسلك اللئيم المستخف بولي نعمته. وإذا لم يتوفر أي من أدلة الوعي أو الغضب، فقد كان المتوقع على الأقل أن يكون ثمة بعض الأدلة على بروز افتراق فعلي في موقفي الجانبين من غزة وشعبها.

ولكن المعلومات الكثيرة التي عرضتها النيويورك تايمز لا تتجاوز دلالتها، في الجوهر، بضع حقائق ليس أي منها بالمفاجئ، ربما باستثناء اعتراف السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن مايكل أورن بأن إسرائيل صارت منذ 7 أكتوبر معتمدة كليا على الولايات المتحدة وبأن شعار دفاع إسرائيل عن ذاتها بذاتها قد سقط، وإقراره أنه رغم كل التوتر في العلاقة فإن بايدن لم يستخدم السلاحين الكفيلين بإرغام إسرائيل على الاستجابة للمطالب الأمريكية، أي وقف الإمدادات العسكرية ورفض استخدام الفيتو في مجلس الأمن.

والذي تبين هو أن التوتر ليس بين الدولتين وإنما هو تحديدا بين بايدن ونتنياهو. وهذا معروف، حيث سبق لبايدن أن أعلن، أثناء الحفل الذي فاخر فيه بأنه صهيوني، أنه دائما ما يقول لنتنياهو الذي يعرفه منذ حوالي أربعين سنة: إني أحبك، ولكني لا أشاطرك أيا من آرائك. وهذه، كما ترى، مودة خالصة من جنس ما يكون بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث يبقى الخلاف في الرأي بلا عواقب ما دام محكوما بسلطان المحبة! ثانيا، يتعلق الخلاف أساسا بترتيبات ما بعد الحرب.

قصة بايدن مع «حل الدولتين» تماثل قصة معظم الساسة الغربيين، حيث إن هؤلاء يعتقدون أن مجرد الحديث عن هذا الحل كاف لتحقيقه. ولهذا فإنهم منذ ثلاثين سنة يثرثرون، ولا يزالون
بايدن يريد أن تتسلم سلطة رام الله إدارة غزة تمهيدا لإحياء الخطة المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، بينما يرفض نتنياهو أن يكون لسلطة رام الله أي دور في غزة لأسباب عديدة أهمها أنه مستميت ضد فكرة الدولة من الأساس. وقد سبق له أن قال لأعضاء الليكود: أنا السد الوحيد بينكم وبين قيام الدولة الفلسطينية بعد نهاية الحرب.
ولابد من التذكّر بأن قصة بايدن مع «حل الدولتين» تماثل قصة معظم الساسة الغربيين، حيث إن هؤلاء يعتقدون أن مجرد الحديث عن هذا الحل كاف لتحقيقه. ولهذا فإنهم منذ ثلاثين سنة يثرثرون، ولا يزالون. أما ما يمتاز به بايدن عنهم فهو أنه هائم بإسرائيل حبا وغراما، ويكفيه فخرا أنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي بلغ حد البوح بأنه «لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان علينا أن ننشئها إنشاء».

ومن شدة هيام الرئيس بحوّائه الإسرائيلية هذه، التي يبدو أنه نسي أنها ما كانت لتوجد حقا لولا أنها أنشئت من ضلع الشعب الأمريكي إنشاء دينيا واستراتيجيا، فإنه لا يزال إلى اليوم مكتوف الأيدي لا يحرك ساكنا لوقف موجات الاستيطان اليهودي التي توشك أن تكتسح آخر ما تبقى من بقايا خُمُس فلسطين التاريخية. ورغم ذلك فالرجل لا يزال مؤمنا، على نحو ما، بإمكان الإقامة الفعلية لدولة فلسطينية. وهذا يشبه الإيمان بالسحر والخيمياء لأنه يوهم بإمكان تدبّر أمر تركيب دويلة حتى من فتات متناثر من الأراضي.

ولكن العالم يعرف أن حل الدولتين قد صار مستحيلا. كما يعرف أن عنصرية إسرائيل، نخبة وشعبا على حد سواء، تمنع مجرد التفكير في حل الدولة الواحدة التي تساوي بين جميع مواطنيها مساواة ديمقراطية لا اعتبار فيها للانتماء العرقي أو الديني، على غرار ما فعلت جنوب إفريقيا عند تحررها من نظام الأبارتهايد العنصري. لهذا فليس من العقل أو العدل، إزاء جميع هذه الحقائق العنيدة وإزاء حرب الإبادة الإسرائيلية التي أيقظت في الضمير العالمي تضامنا صادقا مع القضية الفلسطينية، أن تبقى حركة التحرر الوطني الفلسطيني رهينة ثرثرة غربية عن حل مستحيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل بايدن فلسطينية حل الدولتين إسرائيل فلسطين حل الدولتين بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

"تأثير ترامب": هل ينسب البيت الأبيض لنفسه استثمارات أُطلقت في عهد بايدن؟

أظهر تحقيق أجرته وكالة "رويترز" أن ثمانية مشاريع على الأقل كانت قد حصلت على حوافز محلية مهمة قبل تسلّم ترامب السلطة. اعلان

تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد ساعات فقط من تسلّمه منصبه في يناير، بجذب 3 تريليونات دولار من الاستثمارات الجديدة إلى الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، ارتفع الرقم في تصريحاته إلى 14 تريليون دولار، أي نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي الأميركي سنويًا، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز".

البيت الأبيض أطلق على هذه الظاهرة اسم "تأثير ترامب"، وعرض عبر موقعه الإلكتروني قائمة بأكثر من 70 مشروعًا يدّعي أنها نتيجة مباشرة لسياساته الاقتصادية، من مصنع مخبوزات جديد في تكساس إلى منشأة لشركة "ليغو" في فرجينيا ومصنع رقائق إلكترونية في أريزونا.

لكن بحلول 2 يوليو، كانت القيمة الإجمالية للمشروعات المدرجة على الموقع تبلغ 2.6 تريليون دولار فقط، أي أقل بكثير من الـ14 تريليون التي يروّج لها ترامب.

كما كشف تحقيق أجرته وكالة "رويترز" أن قرابة نصف هذه الاستثمارات - بقيمة تفوق 1.3 تريليون دولار - تعود جذورها إلى عهد الرئيس السابق جو بايدن أو تمثل نفقات اعتيادية أعيد تقديمها على أنها استثمارات محلية جديدة.

وأظهر التحقيق أن ثمانية مشاريع على الأقل كانت قد حصلت على حوافز محلية مهمة قبل تسلّم ترامب السلطة، وأن ما لا يقل عن ستة مشاريع أخرى كانت قد أُعلنت بالفعل من قبل السلطات المحلية أو الشركات نفسها. كما تبيّن أن مشروعين مدرجين ضمن قائمة "تأثير ترامب" استفادا مباشرة من تشريعات أُقرّت في عهد بايدن لتعزيز الصناعة المحلية.

إحدى الشركات، "روش" السويسرية، حذّرت من أن خطط ترامب لتوحيد أسعار الأدوية بين السوق الأميركية والدولية تهدّد باستثماراتها المعلنة بقيمة 50 مليار دولار في الولايات المتحدة.

وعند سؤال البيت الأبيض عن نسب الفضل لمشروعات بدأ العمل عليها قبل تولّي ترامب منصبه، رد المتحدث باسم الرئاسة كوش ديساي بأن "القرارات النهائية الخاصة بالاستثمار تم اتخاذها خلال عهد الرئيس ترامب"، معتبرًا أن ذلك دليل على فعالية سياساته الاقتصادية. وأضاف: "الرئيس ترامب هو أفضل مَن يُنجز الصفقات في التاريخ الحديث، وقيادته كانت المحفّز الرئيسي لتحويل الخطط النظرية إلى التزامات استثمارية ملموسة".

Relatedالبيت الأبيض: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى لترامب عشاء البيت الأبيض: نتنياهو يرشّح ترامب لنوبل.. وملفات غزة وإيران تتصدّر اللقاء ترامب يعلن استئناف دعم أوكرانيا بالأسلحة بعد أيام من وقف البنتاغون عمليات التسليم

التحقيق الذي أجرته "رويترز" شمل مراجعة وثائق عامة وتصريحات شركات، بالإضافة إلى مقابلات مع مسؤولين محليين. لكن في العديد من الحالات، لم يكن واضحًا ما إذا كان لترامب أو سياساته دور مباشر في تحقيق هذه الاستثمارات.

من جهته، قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتكس"، إن التوقعات الاقتصادية للاستثمار لم تتغير فعليًا رغم إعلانات البيت الأبيض. وأضاف: "رغم كل هذه التصريحات، لم نرَ تغيرًا حقيقيًا في التوقعات، بل إن المؤشرات التي تدفع عادةً الإنفاق الاستثماري ربما تراجعت منذ بداية العام".

كما أشار زاندي إلى أن توجه ترامب نحو فرض رسوم جمركية واسعة النطاق ألقى بظلال من الشك على الأسواق العالمية، ما أدى إلى خفض التوقعات الاقتصادية وتجميد العديد من القرارات الاستثمارية.

في المقابل، يرى مؤيدو ترامب أن سياساته، خصوصًا المتعلقة بإزالة القيود وتمديد التخفيضات الضريبية على الشركات، أعادت تحفيز شهية المستثمرين، ويتوقعون تحوّل ذلك إلى استثمارات فعلية خلال الأشهر المقبلة. وقال ريتشارد ستيرن، مدير السياسات الاقتصادية والميزانية في مؤسسة "هيريتج" المحافظة: "أعتقد أننا سنشهد المزيد من الاستثمارات لاحقًا هذا العام وبشكل أوضح في العام المقبل".

بحسب البيت الأبيض، فإن قائمة "تأثير ترامب" ليست شاملة، ولا تتضمن الصفقات التي تزعم الإدارة أن ترامب أبرمها خلال جولته في الشرق الأوسط في مايو. كما لم يقدّم البيت الأبيض ردًا على طلب "رويترز" للحصول على تفصيل لقيمة الاستثمارات البالغة 14 تريليون دولار.

مشروعات أُدرجت قبل تولّي ترامب

فيما يلي نماذج من مشروعات وردت في قائمة البيت الأبيض رغم ارتباطها بفترة ما قبل تولي ترامب منصبه:

- هيونداي: أُدرجت بعد إعلانها عن مصنع جديد للصلب بقيمة 5.8 مليار دولار في لويزيانا في مارس، لكن الشركة اختارت الموقع في ديسمبر 2024.

- كورنينغ: أعلنت عن استثمار بـ1.5 مليار دولار في ميشيغان، نصفه تم الإعلان عنه في فبراير العام الماضي، مع استفادة المشروع من قانون "الرقائق والعلوم" الذي أُقرّ في عهد بايدن.

- ليغو: أدرجت في القائمة بعد إعلانها عن مركز توزيع في فرجينيا بقيمة 366 مليون دولار في مايو، رغم بدء العمل على الحوافز مع الولاية في عام 2022.

- Chobani - وClasen Quality Chocolate: كلاهما بدأ التفاوض على مشروعاته مع السلطات المحلية قبل وصول ترامب إلى السلطة، بحسب بيانات رسمية.

أما شركات مثل "ميرك" و"جونسون آند جونسون"، فقد شملت استثماراتها مشروعات سبق الإعلان عنها، وكان بعضها قيد الإنشاء بالفعل.

كذلك، شملت القائمة مشروعات اعتمدت على حوافز محلية مثل مصنع شركة "دياغيو" البريطانية في ألاباما، الذي استند إلى حوافز تعود إلى عام 2022، قبل تولي ترامب.

استثمارات تكنولوجية مثيرة للجدل

بعض المشروعات التي أشاد بها ترامب تعكس في الواقع استثمارات دورية معتادة. فعلى سبيل المثال، أعلن تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة "آبل"، عن استثمار 500 مليار دولار لبناء خوادم ذكاء اصطناعي وتوظيف 20 ألف عامل. واعتبر ترامب هذا الإعلان "دليلًا على الثقة"، لكنه لا يتجاوز ما كان متوقعًا من الشركة بحسب محللين.

أما مشروع "Stargate" العملاق، الذي أُعلن عنه في اليوم الأول لترامب في الرئاسة، ويشمل بناء مراكز بيانات بـ500 مليار دولار، فقد أتى من تحالف يضم "OpenAI" و"سوفت بنك" و"أوراكل"، ولا تزال تفاصيله قيد التفاوض مع الولايات.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: من المستحيل التوصل لاتفاق شامل مع حماس
  • دعاء قضاء الحاجة وتيسير الأمور.. ردد أسرع أدعية لتحقيق المستحيل في نفس اليوم
  • بعد فك "حظر بايدن".. جرافات ومعدات عسكرية أميركية تصل إسرائيل
  • بعد فكّ "حظر بايدن".. شحنة ضخمة من جرافات "D-9" الأمريكية تصل إلى إسرائيل
  • الأمم المتحدة وروسيا.. الانتخابات مفتاح الحل في ليبيا
  • تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة
  • "تأثير ترامب": هل ينسب البيت الأبيض لنفسه استثمارات أُطلقت في عهد بايدن؟
  • قزيط: الدبيبة يعتمد على مليشيات لا تختلف عن تلك التي يتوعّدها بالاجتثاث
  • 4 أسباب بارزة.. لماذا سيطر الفشل على الدول التي دخلتها إيران؟
  • الصفدي يؤكد ضرورة وقف إسرائيل كل الخطوات اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين