الثورة نت:
2024-09-19@17:23:16 GMT

مجلس الأمن : من يحمي من؟

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

 

إنّا نعيش في عالم نشهد فيه تناقضاً فاضحاً ومؤلماً، بين ما يقال وما يفعل، بين ما يدعى إليه من قيم ومبادئ وما يمارس من واقع وسلوكيات. وهذا التناقض الفاضح ينعكس بشكل واضح على مجلس الأمن، الذي يدّعي أنه المسؤول عن تحقيق السلام والأمن والعدالة في العالم، ولكنه في الحقيقة أداة لخدمة المصالح الخاصة والضيقة لدوله الخمس دائمة العضوية، التي تنتهك حقوق ومصالح الشعوب الضعيفة والمظلومة.


لا شك أن مجلس الأمن، هو مجلس للهيمنة والاستكبار، فهو يحمي مصالح وتحالف الدول الخمس دائمة العضوية، أمريكا، وروسيا والصين، وفرنسا وبريطانيا، وحلفائها على حساب شعوب العالم الأخرى، ويتضح ذلك من خلال تحليل دوره ومواقفه وقراراته في القضايا الدولية المختلفة.
فمن جهة، يدعي أنه يعمل على حفظ السلام والأمن الدوليين، وأنه يحترم مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وأنه ينفذ قراراته وفقاً للقانون الدولي. ولكن من جهة أخرى، يظهر دوراً متناقضاً ومتغيراً ومنحازاً في تطبيق هذه المبادئ والأهداف والقرارات، بحسب المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للدول الخمس الكبرى.
فعلى سبيل المثال، يمنع مجلس الأمن الدولي بشكل متكرر أي تدخل أو عقوبات أو إدانات ضد الدول الخمس دائمة العضوية أو حلفائها، حتى وإن كانت ترتكب انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية والسلام والأمن الدوليين. ويتم ذلك من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به كل منها، ويعطيها القدرة على إفشال أي قرار يخالف مصالحها أو رؤيتها.
ومن أوضح مظاهر هذا التناقض هو الصمت والتواطؤ والتجاهل المتعمد والمتكرر الذي يمارسه مجلس الأمن تجاه ما يقترفه الكيان الصهيوني من جرائم وانتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة. فهو لا يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بل يسمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني الذي يعيش رهن الاحتلال، وتحت حصار خانق وعدوان متواصل منذ عقود طويلة.
إن تركيبة مجلس الأمن تعكس توازن القوى العالمية الذي كان سائداً بعد الحرب العالمية الثانية، حيث حصلت الدول الفائزة في الحرب على حق التصويت والفيتو في المجلس، مما يعني أن هذه الدول تمتلك سلطة قرارية خلاف باقي الدول العشر غير الدائمة في المجلس، والتي تتغير كل عامين، لا تملك سوى الحضور والمشاركة الرمزية. فهل يمكن القول إن الدول الدائمة هي الأكثر أهلية ومسؤولية لحفظ الأمن والسلام في العالم؟ بينما الدول غير الدائمة هي أكثر خطراً وتهديداً للعالم من الدول الخمس؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تحليلاً نقدياً للمفاهيم والمبادئ التي يقوم عليها مجلس الأمن، والتي تظهر بوضوح في آلية عمله وقراراته. فمن الواضح أن الدول الدائمة العضوية لا تمثل العالم بتنوعه وتعدده، بل تمثل نفسها وتحالفاتها، فهي تستخدم دورها كدول دائمة لتحقيق مصالحها الخاصة، ولتفرض سطوتها نفوذها على الدول الأخرى، ومن الواضح أيضاً أن الدول الدائمة العضوية لا تتفق دائماً على القضايا الدولية، بل تتصارع وتتنافس على النفوذ والموارد والمناطق، وتستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع أي قرار يعارض مصالحها أو يهدد موقعها. ومن الواضح أخيراً أن الدول الدائمة العضوية لا تحترم القانون الدولي والمواثيق الإنسانية، بل تنتهكها وتتجاهلها عندما ترى ذلك مناسباً لها، وتستخدمها كوسيلة للضغط على الدول الأخرى ولتبرير تدخلاتها وعملياتها العسكرية.
في الحقيقة يمكن القول إن مجلس الأمن ليس مجلساً دولياً بمعنى أنه يمثل العالم بكل تنوعه وتعدده، أو بمعنى أنه يحمي الأمن والسلام ويضمن العدل والحرية والكرامة لجميع الشعوب، بل هو مجلس إقليمي يمثل مصالح خمس دول فقط، والتي تمتلك حق الفيتو على أي قرار لا يناسب مصالحها أو تحالفاتها أو مواقفها، حتى لو كان هذا القرار يحظى بدعم واسع من بقية الدول غير الدائمة والتي على رغم من كونها تشكل ما نسبته 95٪ من العالم، إلا أنها لا تملك حقوقا أو صوتا أو قدرة على التأثير في القرارات التي تمسها وتحدد مصيرها.
ولعلى أبرز مظاهر هذا الدور المتناقض والمتغير والمنحاز لمجلس الأمن هو موقفه من القضية الفلسطينية، التي تعتبر أحد أهم وأقدم القضايا في العالم. فمجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء فعال أو عادل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولم يدن الاستيطان الإسرائيلي الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية، ولم يحم الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القمع والتهجير والقتل والحصار والعدوان من قبل الاحتلال الإسرائيلي. بل على العكس، سمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني، بدعم وحماية من الولايات المتحدة، التي استخدمت حق النقض (الفيتو) أكثر من أربعين مرة لمنع أي قرار يدين إسرائيل أو يطالبها بالانسحاب من الأراضي المحتلة.
ولذا فإنه مهما أدعى مجلس الأمن أنه يمثل الضمير الإنساني والعالمي، فإن بصمته وتواطؤه تجاه المجازر والدمار والمعاناة التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يستهدف المدنيين والأطفال والنساء والمساجد والمدارس والمستشفيات والمنشآت الإنسانية، وبتناسيه الصرخات والدماء والدموع التي تنزف كل يوم من أهل القطاع، الذين يواجهون العدوان بالرصاصة والصاروخ والشهادة، وبتجاهله المظاهرات والتضامن والمطالبات التي تنتفض في كل أنحاء العالم لوقف العدوان ورفع الحصار الصهيوني عن قطاع غزة، يكون شريكاً في كل قطرة دم وجريمة، ومتواطئاً في الظلم والطغيان، ومتحيزاً في مواقفه وسياسته.
ومع ذلك، وفي مقابل هذه الظلمة التي تسود العالم، يظهر اليمن كنبرة حق وعدالة وحرية. فهو يتحدى بكل إرادة وإيمان وشجاعة، وبكل وضوح وصراحة وجرأة، كل الضغوط والقرارات التي تحاول تقييده وتقويض دوره عن نصرة إخوانه المظلومين في فلسطين المحتلة، وذلك انطلاقا من واجبه الديني والوطني والإنساني والعروبي في الدفاع عن قضية فلسطين، وتنفيذاً لإرادة شعبه الأبي في مواجهة الاحتلال الصهيوني، بما يتوافق مع مبادئ العدالة والحرية والكرامة الإنسانية. وهذا الموقف اليمني العظيم يتجلى في العمليات الصاروجوية التي تستهدف الكيان الغاصب في الأراضي الفلسطينية، وفي منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة البحرين الأحمر والعربي بهدف وضع إسرائيل كرهينة لرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة الذي يتحمل ويلات الحرب والمجاعة والمرض، وكتنفيذ عملي وفعال لمبدأ المقاطعة والعزلة والمقاومة للعدو الصهيوني، الذي ينتهك القوانين الدولية والحقوق الإنسانية، ويحاول تغيير الواقع التاريخي والجغرافي للأرض المقدسة تحت ناظري مجلس الأمن الدولي وتواطؤ أممي منقطع النظير.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

‏كتابات في زمن الطوفان: حكاية المقاتل الفلسطيني الذي أدهش العالم

كان كميناً محكماً للغاية . . استطاع فيه “سعد” ورفاقه الإيقاع بمجموعة من جنود لواء جولاني داخل أحد المباني المدمرة في شارع قيزان ابو رشوان بمدينة خان يونس
. . .
أفرغ سعد رصاصاته في أحد الجنود الإسرائيليين الذي كاد يقتل رفيقه الذي كان يداويه باعتباره جريحا واستغل التفاتة رفيقه لأخذ حقيبة العلاج من جديد ليشهر خنجره يريد طعنه في جانبه . . .
. . .
ظهر “سعد” في تلك اللحظة وهو يشاهد الجندي الإسرائيلي ويده الممسكة بالخنجر تهوي على يد رفيقه “نجاح” ليشهر بسرعة بندقيته في سرعة مدهشة ويكمل إفراغ خزانة بندقيته في الجندي الإسرائيلي، ليهوي صريعا، فيما رفيقه نجاح لم يلتفت بعد والتفت مذعورا على صوت الرصاص، ليشاهد سعد ممسكا ببندقيته فيما الجندي الإسرائيلي يرقد في بركة من الدماء والخنجر لا يزال على راحة يده المضرجة بالدماء . .
. ..
يعود رفاقهم على صوت الرصاص وبكلمات سريعة يشرحان لهم ما حصل . .
ليعودوا لإكمال مهمتهم بتجميع وتكديس جثث الجنود العشرة .
. . .
يخرج سعد لاستطلاع وتأمين المكان ليغادروا المكان بتوجيه من قائده . .
يواصل سعد المشي ويعاين الطريق يبتعد قليلا بمسافة منزلين من رفاقه وفجأة . . تلتقطه إشارة طائرة درون هجومية . . .
. . .
كشف الجيش الإسرائيلي عن أنه بدأ استخدام طائرات مسيّرة عن بعد من نوع «نيتسوف» في كافة أنحاء قطاع غزة، ضمن مشروع «غيوم العاصفة» الذي كشف عنه لأول مرة عام 2022.
وتعدُّ هذه المسيّرات هادئة لا يشعر بها من تهاجمه، وتستطيع البقاء لفترة طويلة فوق أراضي العدو دون اكتشافها، وتعمل بمجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار المتقدمة. وقال الناطق بلسان الجيش: إن هذا النوع من الطائرات من دون طيار يستطيع تحديد مواقع عناصر «حماس» في المناطق المعقدة في غزة.
تم إنتاج المسيَّرة في مصانع شركة رفائيل الحكومية، وأُطلق عليها اسم «الغيوم العاصفة». وقد تم تكليف «السرب 144» بتشغيلها مع سلاح المشاة، وأن يطلقها من قاعدة «حتسيريم». وستكون مهمتها الأساسية جمع معلومات استخباراتية عن خلايا ميدانية منتشرة في مناطق واسعة النطاق، حيث يعمل المسلحون في المناطق الضيقة والمتشابكة والمأهولة بالسكان. وهي تنقل المعلومات بسرعة إلى المروحيات القتالية في سلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية كي تهاجمهم. ولذلك تسمى أيضاً «برق» وقد تمت إضافة خدمة اطلاق الرصاص من هذه المسيرة مؤخراً .
واصل سعد ركضه عكس اتجاه رفاقه . . . وبعد أن أصبح بعيدا عن زملائه كفاية وعلى بعد أربعة منازل . .
عرف سعد أن الطائرة “الزنانة” لا تزال تلاحقه وعرف أنه لا مناص منها . . أمسك جهاز المناداة، أخبر قائده أن طائرة بدون طيار قد التقطته . .
عليك بالعودة فوراً
ما بقدر
لماذا هل أنت جريح سناتي إليك
لا لكنهم سبكتشفون مكانكم
لا عليك عُد بسرعة
ما بقدر
هذا توجيه يا سعد عُد الآن
يصرخ من جوار القائد شقيقه أحمد : براس امنا تعود يا سعد
يصمت سعد ويغلق جهاز المناداة . .
واصل سعد تحركه مبتعدا عن مكان زملائه . . كان يجري بطريقة متعرجة
قفز لداخل حوش صغير يستخدم كمستودع مفتوح، خلع جهاز المناداة وقام بتكسيره وتدميره تماما.
بعد أن اطمأن لتدمير جهاز المناداة .
حانت منه التفاتة للأعلى تجاه الطائرة ليصوب بندقيته باتجاهها تك تك . .
سعد أدرك أن خزانة بندقيته كانت فارغة تماما .
فبدأ بالهروب من الطائرة التي أصابته إحدى رصاصاته في كتفه . .
واصل سعد هروبه منها بالركض بخط متعرج وفجأة رصاصة تصيبه في منتصف ظهره تماما ليهوي للأرض ويشعر بالنار تخترق أحشاءه من الخلف . . كانت الآلام مروعة . .
تحامل على نفسه وبدأ بالزحف باتجاه مدخل بناية مدمرة . . رصاصتان أخريان تصيبه في فخذه بدأ سعد ينزف بغزارة .
يتذكر سعد والدته العجوز الطيبة السبعينية . . زوجته. وطفلتيه اللائي استشهدوا في عدوان 2014
يشاهد طفلتيه التوأم وزوجته تهدهد هما للنوم بالأغنية الفلسطينية الشهيرة :
يالله تنام يلاتنام لاذبحلها طير الحمام
روح يا حمام لا تصدق بضحك ع ريما لتنام
يتذكر مشهد مقتل الطفل محمد الدرة .. كيف كان الجنود الإسرائيليون يقتلونه ببطء لأكثر من ساعة أمام مرأى العالم .
تواصل الطائرة رصده واستهدافه، يلوح بيده ساخراً منها .
يشاهد أمه وهي تدعو له ولشقيقه على سجادتها : اللهم اجعل آخر دنيتي من الدنيا سجدة رضا لك يا ملاذ الحائرين .. يا دليل التائهين .. يا أمان الخائفين . .
لترصد الطائرة سعد ومن ورائها الصهاينة ومن ورائهم العالم مشهداً أرعبهم وتحول مشهد الضعف الذي أرادوه لمشهد اقشعر منه العالم طمأنينة وثباتا .
فسعد المقاتل الفلسطيني- ورغم كل جراحه والدماء التي نزفها – توجه لله بالسجود سجدة الحامدين الشاكرين العظماء .
شهيداً عظيماً على طريق القدس . .

مقالات مشابهة

  • هذه الدول التي وردت أسماؤها في قضية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان (خريطة تفاعلية)
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • الخارجية : إن الجمهورية العربية السورية، التي عانت على مدى ال ۱۳ سنة الماضية، من حرب كونية هدفت لتدمير دولتها وكسر إرادة شعبها بذريعة ادعاء الغرب الكاذب بحماية الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارساته الإرهابية المماثلة لتلك التي مارسها الصندوق الوطني للديمق
  • جامعة الإسكندرية: إعفاء الطلاب الخمس الأوائل بالثانوية العامة من المصروفات
  • ترامب: لا يجب أن يكون لدينا عداوة مع الدول التي تمتلك أسلحة نووية
  • بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة قدّمت شكوى أمام مجلس الأمن بعد استهداف اسرائيل آلية للدفاع المدني
  • العالم أمام مفترق طرق
  • ‏كتابات في زمن الطوفان: حكاية المقاتل الفلسطيني الذي أدهش العالم
  • محافظ البحيرة تشارك في مؤتمر نادي الروتاري لتنمية العضوية
  • توكل كرمان من واشنطن تطالب إصلاحات في مجلس الأمن فيما يتعلق بحق الفيتو الذي يمنح 5 أعضاء التحكم المطلق بالشعوب