تبادل سياسيون بارزون في إسرائيل التصريحات الهجومية بينهم علنا، الجمعة، بعد ما وصفه أحد المصادر بأنه "قتال" في مجلس الوزراء الأمني "الكابنيت"، خلال الليلة السابقة.

وقال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش، إنه كانت هناك "مناقشات عاصفة"، بينما قال وزير الدفاع السابق بيني جانتس إنه تم شن "هجوم ذي دوافع سياسية".

ووفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الجمعة، فقد انتهى اجتماع لكبار وزراء الحكومة الإسرائيلية الخميس، يهدف إلى مناقشة التخطيط لإدارة قطاع غزة في أعقاب الحرب إلى "شجار حاد وصراخ" بين الوزراء وقادة الجيش، فيما اعترض مشرعون يمينيون على خطط الجيش للتحقيق في "إخفاقاته" خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وأفادت بأن الشجار شهد توجيه سياسيين يمينيين، بينهم أعضاء من حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، انتقادات إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، على خلفية توقيت التحقيق، وضم وزير دفاع سابق.

هذا الخلاف أبرز التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الجيش، وبعض أعضاء ائتلاف اليمين المتشدد بشأن سياسات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ما كشف عن تصدعات في "الجبهة الموحدة إلى حد كبير" التي قدمتها الحكومة منذ اندلاع الحرب قبل ثلاثة أشهر، بحسب الصحيفة.

وذكرت تقارير نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مشاركين في الاجتماع لم تذكر أسماءهم، أن نتنياهو قطع الاجتماع بعد ثلاث ساعات مع انطلاق الصراخ، بينما هرع بعض الوزراء للدفاع عن هاليفي.

اقرأ أيضاً

إسرائيل.. تسريبات المجلس الوزاري تزيد الشقاق في حكومة نتنياهو

وقال أحد الوزراء لهيئة البث الإسرائيلي "مكان"، إنهم كانوا يدركون أن الشجار "يمكن سماعه خارج الغرفة"، فيما قال آخر إن بعض مسؤولي الدفاع غادروا مبكراً، احتجاجاً على ما يبدو على معاملتهم.

ومع بدء الاجتماع في وقت متأخر من الليل، وردت تقارير تفيد بأن هاليفي كان يشكل لجنة من مسؤولين سابقين في وزارة الدفاع للتحقيق في إخفاقات الجيش في الفترة التي سبقت هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل، التي كشفت أن الجيش "غير مستعد إلى حد كبير وعاجز عن الاستجابة بفعالية" طيلة ساعات.

وحسب التقارير، واجهت وزيرة المواصلات ميري ريجيف رئيس الأركان هاليفي خلال الاجتماع بشأن التحقيق، وانضم إليها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريش، ووزير التعاون الإقليمي دافيد أمسالم، للمطالبة بمعرفة سبب قرار الجيش لفتح هذا التحقيق أثناء القتال الدائر في غزة.

ونُقل عن أمسالم قوله: "لماذا نحتاج إلى التحقيق الآن؟، هذا يعني أن القادة العسكريين في موقف دفاعي بدلاً من الانشغال بتحقيق انتصار في (الحرب)؟".

ويواجه نتنياهو أزمة داخل حكومته بشأن التعاطي مع الحرب على قطاع غزة، تشمل هذه المرة وزير دفاعه يوآف جالانت، وبيني جانتس.

كما أعرب الوزراء عن غضبهم إزاء ضم وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، بسبب تورطه في الانسحاب من غزة عام 2005.

اقرأ أيضاً

زعيم المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو لن يبقى في رئاسة الحكومة خلال 2024

ويأمل البعض في اليمين المتطرف في التراجع عن فك الارتباط عن القطاع في أعقاب الحرب ضد "حماس"، وهي فكرة تعتبر على نطاق واسع غير ناجحة.

فيما قالت ريجيف: "هل عينت موفاز؟ هل فقدت عقلك؟".

ووفقاً للتقارير، اتهم بن غفير وسموتريتش، هاليفي بالتمسك بـ"تصور فاشل" فيما يتعلق بتعاملات إسرائيل مع الفلسطينيين الذي كشفته الهجمات.

وكررت الاتهامات تلك الانتقادات التي وجهها اليمين ضد خطط "اليوم التالي" في غزة التي تمنح الفلسطينيين سيطرة جزئية على شؤون القطاع.

ودفع هذا الاتهام الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس، رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق، إلى الانفجار قائلاً: "هذا تحقيق مهني، ما علاقته بفك الارتباط والمفاهيم؟، رئيس الأركان يحقق فيما حدث لخدمة أهدافنا القتالية وقدرتنا على التخطيط لمواجهة في الشمال"، بحسب موقع "والاه" العبري.

ودافع جالانت عن قرار هاليفي، منتقداً الوزراء لأنهم "وجهوا له انتقادات شديدة"، ما أثار مشاحنات جديدة بشأن ما إذا كان بإمكان الجيش أن يأمر بإجراء تحقيق دون موافقة السياسيين.

اقرأ أيضاً

مشادات بجلسة الحكومة الإسرائيلية بسبب إدارة الحرب مع حزب الله

ورد هاليفي على الوزراء قائلاً، إن التحقيق كان عملياتي، وليس يتعلق بالسياسة، مضيفاً: "هذا يبدو وكأنني لم أسلمكم جدول أعمالي للغد. إذا كنت بحاجة إلى التحقيق في العمليات، فأنا لا أحتاج إلى موافقة".

وأشار إلى أن التحقيق سيساعد الجيش على تجنب نفس الأخطاء، بينما يستعد لحرب محتملة ضد "حزب الله" في لبنان.

ودعم جالانت، رئيس أركانه هاليفي، وقال لزملائه إنه "ليس من شأنكم" إذا أمر قائد الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق.

ومع احتدام الأمور وبدء الصراخ، قال لريجيف: "ميري، أنا لا أعمل لديك.. دعيني أتحدث.. ويمكن لرئيس الأركان أن يفعل ما يريد".

ومع استمرار المشاحنات، أعلن نتنياهو انتهاء الاجتماع، قائلاً إنه سيواصل النقاش لاحقاً.. ولم يصدر بيان حكومي عن الجلسة.

وحسب هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، قال نتنياهو في ختام الاجتماع لهاليفي: "في بعض الأحيان، تحتاج إلى الاستماع إلى الوزراء".

اقرأ أيضاً

الخلافات مستمرة.. رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي يغادر اجتماع الحكومة بعد اتهامه بتسريب معلومات

من جانبه، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أن ما هو قائم في إسرائيل ليس حكومة، وإنما "كارثة وطنية"، فيما قال جانتس "على نتنياهو الاختيار بين الوحدة والأمن أو السياسة".

وقال لابيد، تعليقاً على المشادة الكلامية التي وقعت، مساء الخميس، خلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت): إن جلسة "الكابينت"، كانت بمثابة "تدنٍ غير مسبوق في المستوى".

وأضاف لابيد: "في خضم الحرب يهاجم الوزراء رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (هرتسي هاليفي) ويحاولون إذلاله، ورئيس الوزراء لا يوقفهم".

وتابع: "وزير الأمن القومي (إيتمار) بن غفير، المؤيد للإرهاب، والذي لم يخدم في الجيش، يهاجم (الرئيس الأسبق لهيئة أركان الجيش ووزير الدفاع الأسبق) شاؤول موفاز، بطل إسرائيل".

وأردف لابيد: "كما يحاول الوزراء الآخرون إذلال قادة الجيش الإسرائيلي. هذه ليست حكومة، هذه كارثة وطنية".

فيما دعا الوزير في المجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي جانتس، رئيس الوزراء، إلى الاختيار بين تحقيق الوحدة والأمن في البلاد، أو الاستمرار في أساليب السياسة.

وقال جانتس، إن الهجوم على رئيس الأركان في مجلس الوزراء دوافعه سياسية، وعلى رئيس الوزراء اختيار الوحدة والأمن أو السياسة.

اقرأ أيضاً

تقارير عبرية: تباين داخل الحكومة الإسرائيلية حول انتقال الحرب للمرحلة التالية

قبل أن يرد حزب الليكود بالقول إنه يتوقع من جانتس التوقف عن البحث عن ذرائع لخرق وعده بعدم الانسحاب من حكومة الطوارئ حتى انتهاء الحرب.

وجاء في بيان للحزب: "خلال الحرب، عندما يكون الشعب متحدا، من المتوقع أن يتصرف غانتس بمسؤولية ويتوقف عن البحث عن أعذار للنكث بوعده بالبقاء في حكومة الوحدة حتى نهاية الحرب".

ويُعتبر جانتس على نطاق واسع خليفة محتمل لنتنياهو في حال تم الدعوة لإجراء انتخابات.

ورد حزب جانتس "المعسكر الوطني" على "الليكود"، بالقول: "نتنياهو يبشر بالوفاء بالوعود والكون ينهار على نفسه. نتوقع من نتنياهو وممثليه أن يقوموا بتمديد ولاية مفتش عام الشرطة ومفوضة مصلحة السجون يوم الأحد في جلسة الحكومة كما وعدوا وبما يتناسب مع أمن إسرائيل".

كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن الوزير بن غفير قوله "حتى في المجلس الوزاري يستمر جانتس في سيره على طريق الفشل".

وأضاف: "هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب التحقيق معهم، وليس ضمهم إلى لجنة التحقيق".

وتأتي التقارير بشأن خلافات حكومة نتنياهو، بعد نحو 3 أشهر من الهجوم المباغت، الذي شنه مقاتلو "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عبر الحدود على جنوب إسرائيل، الذي تقول تل أبيب إنه أسفر عن قتل نحو 1200 إسرائيلي، واحتجاز 240 آخرين ونقلهم إلى غزة.

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: لدينا خلافات مع واشنطن حول غزة لكن كلانا يريد رؤية نهاية حماس

ووسط هذه الخلافات، أظهرت نتائج استطلاع رأي تفضيل الإسرائيليين جانتس، على نتنياهو في رئاسة الحكومة، بنسبة 48% مقابل 34%.

وبيّن استطلاع للرأي العام نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الجمعة، أن 48% من الإسرائيليين يفضلون غانتس في رئاسة الحكومة على نتنياهو الذي حصل على تأييد 34% من المستطلعة آراؤهم فيما لم يملك باقي المشاركين رأياً محدداً.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الاستطلاع أجراه معهد دراسات لازار (خاص) على عينة عشوائية من 519 إسرائيلياً وكان هامش الخطأ 4.3%.

كما يواصل حزب جانتس تقدمه على حزب نتنياهو وفق الاستطلاع ذاته.

وحسب الاستطلاع، فإنه لو جرت الانتخابات اليوم لكان حزب غانتس حل أولاً بحصوله على 36 مقعداً، مقابل 19 مقعداً لحزب نتنياهو، يليه حزب "هناك مستقبل" برئاسة لابيد، الذي يحصل على 14 من مقاعد الكنيست (البرلمان) الـ120.

وحالياً لدى حزب جانتس 12 مقعداً بالكنيست، مقابل 32 لحزب نتنياهو، و24 لحزب لابيد.

ولا تلوح بالأفق إمكانية إجراء انتخابات برلمانية، في ظل الحرب المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

اقرأ أيضاً

بايدن: يوجد خلافات مع نتنياهو وإسرائيل في موقف صعب

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: خلافات إسرائيل تحقيق نتنياهو لابيد غانتس أحداث أكتوبر الجیش الإسرائیلی رئیس الأرکان رئیس الوزراء تشرین الأول وزیر الدفاع رئیس أرکان اقرأ أیضا بن غفیر

إقرأ أيضاً:

لهذه الأسباب نتنياهو خائف

تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، شهد جمودًا في الأسابيع الأخيرة رغم استدامة الاتصالات السياسية، بسبب تهرّب نتنياهو وعدم التزامه، لا سيّما رفضه الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، مع محاولاته المتكررة تمديد المرحلة الأولى والاستمرار في إطلاق سراح الأسرى، كشرط لعودة تدفّق المساعدات والأدوية إلى القطاع.

خطورة فكرة التمديد التي يعمل عليها نتنياهو، أنها لا تلزمه، باستكمال استحقاقات الاتفاق الأصلي، لا سيّما التعهّد بوقف العدوان والانسحاب التام من قطاع غزة لبدء الإعمار، وتخلق أيضًا مسارًا جديدًا عنوانه؛ المساعدات مقابل الأسرى على مراحل، حتى يتم سحب ورقة القوة والضامن الواقعي لدى الطرف الفلسطيني.

نتنياهو ومحاولة الهروب

يُفضّل نتنياهو عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه مكرهًا بضغط من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لعدة أسباب أهمها:

أولًا: التزامه بوقف الحرب على غزة والانسحاب التام، حسب الاتفاق، قد يؤدّي لانهيار ائتلافه الحكومي، ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية، ترجّح كافة استطلاعات الرأي أنه لن يفوز فيها، بمعنى تحوّله إلى أقلّية في الكنيست، وخروجه من رئاسة الحكومة، وهذا يشكّل له نهاية لحياته السياسية البائسة.

ثانيًا: سيتعرض نتنياهو للجنة تحقيق رسمية، ربما تحمّله مسؤولية تاريخية عن الفشل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (طوفان الأقصى)، وعن فشله في تحقيق أهداف الحرب المتوحّشة على غزة، والتي كان لها تداعيات إستراتيجية على إسرائيل داخليًا وخارجيًا.

إعلان

ثالثًا: الاتفاق يُعدّه اليمين المتطرف هزيمة تاريخية لإسرائيل، التي فشلت في حربها على غزة، وفقدت صورتها كقوّة رادعة مُهابة في الشرق الأوسط، بفقدان جيشها سمة الجيش الذي لا يُقهر، في وقت تنظر فيه محكمة العدل الدولية بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية، ورئيس وزرائها نتنياهو مطلوب بمذكرة اعتقال صادرة عن الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

تلك الأسباب لليمين الإسرائيلي المتطرف، ليست متطابقة بالضرورة مع وجهة نظر الإدارة الأميركية، التي تسعى لتحقيق:

وقف الحرب على قطاع غزة، لأن استمرارها قد يُلقي بظلال سلبية على زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية بعد شهر أو شهرٍ ونصفٍ تقريبًا، في وقت يسعى فيه لعقد شراكات اقتصادية، وإحلال "السلام" من خلال التطبيع مع إسرائيل. إطلاق سراح الأسرى ولا سيّما حَمَلة الجنسية الأميركية، كاستحقاق يريد الرئيس ترامب توظيفه كإنجاز تاريخي لإدارته في شهورها الأولى.

هذا يفسّر سبب قيام المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى آدم بولر بالتواصل مع حركة حماس مباشرة، ورده على قلق إسرائيل واتصال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بقوله؛ "إننا لسنا عملاء لإسرائيل، وأميركا لديها مصالح محدّدة تجعلها تتواصل مع حركة حماس".

هذا التباين في المواقف بين واشنطن ونتنياهو، لم يصل بعد إلى النقطة الحرجة التي تدفع فيها الإدارة الأميركية نتنياهو للمضي قدمًا في استحقاقات وقف إطلاق النار، لا سيّما المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يقوم نتنياهو باستنفار أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارة ترامب لوقف تواصلها المباشر مع حركة حماس، والانحياز إلى شروطه، لأنه يخشى من توصّل الإدارة الأميركية لاتفاق مع حماس، واضطراره للموافقة عليه مكرهًا، لأنه لن يستطيع قول لا للرئيس ترامب.

علاوة على أن التواصل الأميركي المباشر مع حماس، يحرمه من حصرية المعلومات التي ترد واشنطن من طرف إسرائيل فقط، والمعنية بشيطنة حماس والفلسطينيين بوصفهم إرهابيين وحيوانات بشرية.

إعلان حماس والواقع الصعب

تواجه حركة حماس واقعًا إنسانيًا صعبًا ومعقّدًا في قطاع غزة، وهي تحاول جاهدة إحداث اختراق ما في جدار الحصار المضروب على غزة، بتوفير متطلبات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني مع المحافظة على الحقوق الوطنية.

ويلاحظ أن إستراتيجية حماس التفاوضية تتكئ على عدة محدّدات أهمها:

أولًا: المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع، والمعمّد بدماء الشعب الفلسطيني، حيث حقّق الاتفاق لقطاع غزة، استحقاقات مهمّة؛ كعودة النازحين، وإمكانية وقف إطلاق نار مستدام، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات. ثانيًا: أي مناورات تفاوضية أو مقترحات من الوسطاء، تتعامل معها الحركة بإيجابية، شرط أن تكون جزءًا من الاتفاق أو تُفضي لاستحقاقات الاتفاق الأساس، القاضية بانسحاب جيش الاحتلال ووقف العدوان والإعمار، بمعنى أن الحركة يهمّها الجوهر وليس الشكل.

وفي هذا السياق يجري تداول بعض الأفكار أو المقترحات، مثل؛ إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، وقد يكون منهم حَمَلة الجنسية الأميركية، قُبيل الشروع في المرحلة الثانية وتفعيلها بالضرورة أو إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة مع الالتزام بكامل استحقاقات الاتفاق الموقّع.

لكن نتنياهو يتهرّب ويحاول تجاوز نهاية الشهر الجاري مارس/ آذار، دون اتفاق يُلزمه بوقف الحرب، حفاظًا على ائتلافه الحكومي المتطرف، ولتمرير قانون الموازنة نهاية الشهر الجاري، لأن عدم المصادقة على الموازنة، قد يؤدي إلى سقوط الحكومة دستوريًا، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات مبكّرة، ما يشكّل تحديًا لنتنياهو، ولشريكه وزير المالية سموتريتش الذي قد يفشل في العودة إلى الكنيست (البرلمان) مجدّدًا.

هل تحسمها واشنطن؟

أصبح واضحًا للجميع أن حسابات نتنياهو، هي حسابات شخصية تتعلق بمستقبله السياسي وبمستقبل ائتلافه الحكومي المتطرف، وهي حسابات لا ترقى إلى مستوى الإجماع ولا تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي يُطالب بإطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة، ووقف الحرب، حتى لو بقيت حماس جزءًا من المشهد السياسي في غزة.

إعلان

مجريات التفاوض، تشير إلى أن الوسيط القطري والمصري معنيان بتنفيذ الاتفاق الموقّع، ولكن الإدارة الأميركية، مع أنها ضغطت على نتنياهو لتوقيع الاتفاق، إلا أنها تنحاز لإسرائيل وتحاول مساعدة نتنياهو في مناوراته السياسية التفاوضية، علّها تستطيع عبر التلويح بـ "الجحيم" لغزة، وسكوتها عن جريمة وقف المساعدات والبروتوكول الإنساني كاستحقاق من استحقاقات المرحلة الأولى، أن تنزع من حركة حماس تنازلات تتناسب مع اشتراطات نتنياهو التعجيزية.

المعركة التفاوضية مستمرّة، وهي تحمل في بطنها فرضيات متعدّدة، إلا أنها بعيدة عن استئناف الحرب والعدوان المفتوح على قطاع غزة لرفض الرأي العام الإسرائيلي الحرب التي تتعارض أيضًا مع رؤية الرئيس ترامب المعلنة إلى اللحظة.

وبسبب استبعاد فرضية الحرب، فإن الاحتلال الإسرائيلي لجأ لاستخدام منع دخول المساعدات والإغاثة كأداة حربية ضد المدنيين في غزة، لتحقيق أهداف سياسية، ما يعد عقابًا جماعيًا وجريمة ضد الإنسانية.

وإذا كان الفلسطيني يتعرّض لأزمة وكارثة إنسانية قاهرة، فإن نتنياهو ليس في أحسن حالاته لفرض شروطه، لا سيّما بعد فشله في المقاربة العسكرية، وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي به، والصراع الدائر بينه وبين قيادات الأجهزة الأمنية، الذي كان آخره الاشتباك الإعلامي بينه وبين رئيس الشاباك رونين بار، والذي إحدى خلفياته ملف الأسرى المتهم نتنياهو بتعطيله لحسابات شخصية.

تعتقد الأجهزة الأمنية بأن الفرصة متاحة الآن لإطلاق سراح الأسرى، بعد أن ضيّع نتنياهو العديد من الفرص سابقًا، فيما يرى نتنياهو أن استمرار التصعيد ورفع شعار الحرب أولوية له تهرّبًا من المحاسبة الداخلية على فشله في أهداف الحرب، ما يجعل ملف الأسرى حلقة صراع إسرائيلية داخلية أيضًا.

يبقى العامل الحاسم في المشهد التفاوضي هو العامل الأميركي الأقدر على كسر الحلقة المفرغة التي صنعها بنيامين نتنياهو، فهل تفعلها إدارة الرئيس ترامب أم أن نتنياهو سينجح في جرّ الإدارة الأميركية الجديدة إلى متاهاته السياسية تهربًا من الاتفاق واستحقاقاته؟

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة: الخلافات بين روسيا وأوكرانيا بشأن إنهاء الحرب تضاءلت
  • نتنياهو في مواجهة رئيس الشاباك: صراع غير مسبوق يعصف بـإسرائيل
  • نتنياهو في مواجهة رئيس الشاباك: صراع غير مسبوق يعصف بتإسرائيل
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف
  • رئيس الوزراء: الحكومة تولي مشاريع الأبنية المدرسية والمراكز الصحية أهمية استثنائية
  • المرحلة الأخيرة.. هل نحن على أعتاب نهاية الحرب في السودان؟
  • تصاعد الخلافات بين نتنياهو ورئيس جهاز “الشاباك” بسبب هزيمة الـ”7 أكتوبر”
  • الرفاعي: لمراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها
  • إيهود أولمرت: حكومة نتنياهو لا تمتلك رؤية للخطوة التالية بعد حرب غزة
  • نتنياهو : الجيش الإسرائيلي يسيطر على 5 مواقع جنوب لبنان