صحيفة عبرية: حسابات حزب الله تتغير بعد 90 يوما من الحرب على إسرائيل
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
اعتاد حزب الله أن يفعل ما يريد، ويخلق الاستفزازات والتصعيد، ويضغط مراراً وتكراراً ليرى ما هو فعال، لكنه لا يمكنه أن يتقدم إلى ما هو أبعد من ذلك، فلديه الكثير ليخسره في لبنان.
هكذا يخلص تحليل لصحيفة "جيروزاليم بوست"، العبرية في نسختها الإنجليزية، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أنه طوال التسعين يوما الماضية من الحرب، اعتاد حزب الله على العزف على الكمان، وبدأ مهاجمة شمال إسرائيل، بعد يوم واحد من هجمات حماس على جنوب دولة الاحتلال إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وبينما كانت هناك مخاوف أولية في المنطقة وواشنطن من احتمال تصاعد ذلك، بدا أن حزب الله يفضل هجمات يومية صغيرة على حرب أكبر، ربما تكون حاملة طائرات أمريكية متوقفة في البحر الأبيض المتوسط قد جعلتها تفكر مرتين.
وتتجه حاملة الطائرات هذه الآن بعيداً، مما يسمح لحزب الله بالشعور بقدر أكبر من القوة في قراراته، ويجب أن يصطاد السمك أو يقطع الطعم.
ويقول التحليل: "مشكلة حزب الله هو أنه أصبح كبيراً جداً في السنوات الأخيرة، رغم أنه لا يحتل مساحة كبيرة من لبنان، ويجعل السياسة اللبنانية رهينة فحسب، بل إنه قوي للغاية لدرجة أن إيران تخشى خسارتها في حرب، مثل قطعة متقدمة على رقعة الشطرنج، حيث تستمر في إرسال المزيد من القطع لحمايتها".
ويضيف: "لئلا تنتهي هذه القطعة إلى الضياع في بعض التضحيات المعقدة، فإيران لا تريد التضحية بحزب الله، لكنها تريد أيضًا أن يشكل حزب الله تهديدًا لإسرائيل".
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: لا رغبة لإيران وحزب الله في التصعيد.. لكن "مقامرة إسرائيل" قد تشعل الحرب مع لبنان
وحتى الآن نجح حزب الله في طرد نحو 80 ألف إسرائيلي من منازلهم على الحدود الشمالية، وهذا أمر غير مسبوق، إذ لم تقم إسرائيل قط في التاريخ بإخلاء الحدود بأكملها.
ووفق التحليل، يستطيع حزب الله أن يتظاهر بأنه انتصر، لكنه خسر أيضاً نحو 140 أو أكثر من مقاتليه.
ويقارن التحليل بين ما تقوم به حماس وحزب الله ضد إسرائيل، ويقول: "تقوم حماس بإطلاق صواريخ وقنابل مضادة للدبابات على إسرائيل، وهو عمل صغير يسبب أضرارًا ولكنه لا يكسب الحرب، كما يستخدم حزب الله الطائرات بدون طيار أيضًا، لكنها لا تكسب الحروب أيضًا".
ويضيف: "يدرك حزب الله أن وتيرة الحرب آخذة في التحول، وتقوم إسرائيل بتحويل العمليات في غزة إلى صراع أقل حدة، وهو ما يعني أن القوة الجوية الإسرائيلية ليست نشطة على غزة، ويعني ذلك أيضًا أن جنود الاحتياط يغادرون غزة، وأنه في الأسبوع الماضي، كان هناك المزيد من التعليقات من قبل المسؤولين الإسرائيليين حول الشمال".
ويتابع: "يجب على حزب الله أن يتساءل إذن، إذا كان الإيقاع يتغير، فماذا يعني ذلك بالنسبة لحزب الله؟، وقد تم استخدامه لتنفيذ هجمات في الزمان والمكان الذي يختاره، وذلك رداً متناسباً".
وعلى مدى العقدين الماضيين، اكتسب حزب الله الكثير من القوة وتمكن من وضع قدمه في سوريا وتوسيع عمله مع وكلاء إيران لتهديد إسرائيل من سوريا.
اقرأ أيضاً
مشادات بجلسة الحكومة الإسرائيلية بسبب إدارة الحرب مع حزب الله
لكن "جيشاً إرهابياً مثل حزب الله لا يمكنه أن يتقدم إلى ما هو أبعد من ذلك"، وفق التحليل الذي يقول: "لدى حزب الله الكثير ليخسره في لبنان".
وأمام ذلك يتوقع التحليل أن قرار حزب الله يجب أن يتخذه بنفسه، بعدما وضع خطوطه الحمراء وقدم مطالب وتهديدات، دون أن تؤخذ على محمل الجد، وحتى بات أمين حزب الله حسن نصرالله معتاداً على إلقاء الخطابات لدرجة أنه يشعر أن الخطابات كافية.
ويضيف: "لابد أن إيران تتساءل أيضاً، بعد التقارير عن غارات جوية أمريكية في العراق الخميس وتعبئة الولايات المتحدة لوقف الحوثيين، ما إذا كانت تواجه الآن صراعاً متعدد الجبهات من صنعها".
وكانت إيران سعت إلى توسيع عدد "الساحات" التي تهدد إسرائيل، لكن كلما زاد عدد الساحات التي يستغلها، كلما زاد عدد الأماكن التي يتركها مفتوحة للانتكاسات، وفق التحليل.
ويضيف: "كلما زاد عدد البيادق التي يتحركها للأمام على اللوحة، كلما زاد عدد البيادق التي يجب عليه الدفاع عنها، وماذا يحدث عندما يتحول تهديد البيادق إلى سلسلة من المناورات الخاسرة؟".
ويختتم: "علاوة على ذلك، هذا سيحدث عندما يصبح كل ما استثمرته إيران في حزب الله موضع شك حول مدى قوته".
اقرأ أيضاً
محلل إسرائيلي ينتقد استخبارات بلاده: قللت من قدرات حماس وبالغت في حزب الله
المصدر | جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: صحيفة عبرية حزب الله إيران حرب غزة حسن نصرالله حزب الله أن الله ا
إقرأ أيضاً:
عودة إلى المربع الأول.. إسرائيل تحاصر غزة.. وتنتظر استسلامها
لم تكتفِ إسرائيل بإعادة فرض الحصار على غزة، بل أتبعت ذلك بتحشيد عسكري على طول حدود القطاع.
كثّفت إسرائيل هجمتها السياسية والعسكرية على قطاع غزة، معلنةً إعادة فرض الحصار عليه ووقف دخول المساعدات الإنسانية إليه، وفق ما تقتضيه التفاهمات السابقة، جنباً إلى جنب تعزيز الحشد العسكري حول القطاع، وشنّ غارات على بيت حانون ورفح، أدّت إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين وجرح آخرين. وتندرج تلك الإجراءات والممارسات ضمن الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى تكثيف الضغط على «حماس»، لدفعها إلى تقديم تنازلات من دون أي مقابل ذي مغزى استراتيجي، ولا سيما في ما يتعلق بوقف الحرب والانسحاب من غزة.
وجاءت الخطوة التصعيدية الإسرائيلية بعد رفض «حماس» خطة المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، والتي تنص على وقف إطلاق نار مؤقت خلال فترة شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، والإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء والجثامين في اليوم الأول من دخول الهدنة الممدَّدة حيز التنفيذ، على أن يتم إطلاق البقية في حال التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار. على أن هذه الخطة، التي لقيت ترحيب الجانب الإسرائيلي الرسمي، لم تلبّ أياً من شروط المقاومة الرئيسية للإفراج عمّا تبقّى لديها من أسرى، من مثل إنهاء الحرب أو الانسحاب الكامل من غزة أو بدء عملية إعادة الإعمار.
ولم تكتفِ إسرائيل بإعادة فرض الحصار على غزة، بل أتبعت ذلك بتحشيد عسكري على طول حدود القطاع. وهو تحشيد لا يقتصر الهدف منه، على الأرجح، على مجرد التهويل، بل يبتغي الإيحاء بأنّ الجيش «مستعد» للتحرك، في حال طُلب منه ذلك. وبصورة أعمّ، يحمل التصعيد الأخير رسالة واضحة مفادها أنّ تبعات عدة ستترتب على رفض «حماس» لخطة ويتكوف، وهو ما تمّ التعبير عنه بوضوح في البيان الصادر عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
على هذا النحو، تحاول حكومة العدو إعادة المفاوضات إلى المربع الأول، عبر التركيز حصراً على تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، من دون التعامل مع القضايا الجوهرية التي تطالب بها «حماس». وهي تريد، بذلك، التخفيف من أهمية ورقة الأسرى، وإرجاء تقديم أي تنازلات استراتيجية طويلة الأمد، إلى حين سحب أي ورقة ضغط ذات قيمة من يد «حماس». وعلى الضفة المقابلة، يعكس موقف المقاومة الرافض للخطة الأمريكية تمسّكها بالحصول على ضمانات أكبر في ما يتعلق بمستقبل القطاع، بالإضافة إلى رفضها التخلي عن الأسرى مقابل فوائد «آنية» فحسب.
وعلى الرغم من أنّ النص العبري الصادر عن مكتب رئاسة الحكومة في تل أبيب، حول خطة ويتكوف، يتضمن مواقف من مثل «عدم وجود إمكانية حالية للتقريب بين مواقف الطرفين»، إلا أنّه يعكس انحيازاً أمريكياً واضحاً إلى المطالب الإسرائيلية. ويشي ذلك بأن إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة، تتطلعان إلى تقليص تأثير ورقة الأسرى إلى حدوده الدنيا، بل إنهائه إن أمكن، على أن يُصار لاحقاً إلى تحقيق الهدف النهائي المتفق عليه بين واشنطن وتل أبيب: أي التوصل إلى ترتيب سياسي وأمني في قطاع غزة، يؤدي إلى تفكيك قدرة «حماس» العسكرية ومنعها من التعافي مستقبلاً، ليتم لاحقاً الإعلان عن إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع.
وعلى الرغم ممّا تقدم، فإنّ رفض المقاومة للخطة لا يعني، بالضرورة، عودة الحرب تلقائياً، إذ إنّه، وفي حين أمهلت إسرائيل الوسطاء، طبقاً لمصادر إسرائيلية مطّلعة، أسبوعاً للحصول على موقف حاسم من «حماس»، قبل أن يباشر الاحتلال في تطبيق «خياراته»، فإنّ استئناف القتال لن يكون قراراً سهلاً على تل أبيب أو واشنطن، ما يدفع الأخيرتين إلى التمسك بورقة التهديدات، بهدف تحقيق مكاسب عبر التفاوض المظلّل بالابتزاز.
صحافي لبناني.