وقوفًا على بعض التجارب التشكيلية البحرينية
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
لاشك أن هناك إشكالية متلبسة منذ ظهور الفنون قديمًا وبالتحديد في نهاية عصر النهضة وحتى يومنا الذي لايخلو من وجودها في معارضنا، وهي أعمال عبثية بدأت تتزايد في الأونة الأخيرة. والعجيب في الأمر أنها تحصل على جوائز رغم إنها دون المستوى اللائق وذلك بسبب الاختيار الخاطى للجنة الفرز والقائمين على المعرض! ويتضح هذا الإشكال من خلال الارتباط الغامض بين الوعي والغريزة فهو موضوع محط نقاشات وتفسيرات طويلة بين المثقفين والعلماء والفنانين، حيث كل منهم يرجع العمل الفني لدوافع مختلفة، فمنهم من يعتقد أن إنتاج الفنان الحقيقي يرتكز على إرتباطه بالجانب الميتافيزيقي طالما ظل قابعا في أتون الثقافة العميقة التي مهما تغيرت مواضيعها -شكلاً وليس مضمونًا- يظل عطاؤه الفني مرتكزًا للبعد الفكري المستنير الذي تأسس في وقت مبكر منذ المراهقة المعتدلة التي تدفعه نحو أهمية اختيار المواضيع الإنسانية وفق يقظة الضمير والشعور الواعي بالكرامة والحقوق العادلة، فهو صوت الناس الذي يدافع عن القضايا الأساسية للمجتمع عبر العمل الفني.
واقعية بريشةٍ شابة يعلم الكثير من الناس، وخصوصًا المثقفين، إن مدارس الفن التشكيلي كثيرةٌ ومتعددة، آخرها ما بعد الحداثة، التي غالبًا ما لا يقنع الناس بنتاجها، نظرًا لصعوبة فهمه، وغرابيته في تصوراهم، ولكنْ أحدٌ لا يختلف بأن المدرسة الواقعية وما شاكلها من مدارس، هي من تقدم الفن الجميل. ونحن اليوم أمام طاقة شبابية تمتلك الموهبة التي تم صقلها منذ فتره طويلة مما جعلته يقف بثبات بين الفنانين المتميزين وخصوصًا في المدرسة الواقعية المعترف بها بين جميع الناس، والتي يعد العمل المنتج فيه شهادة حقيقة ومعاير واضح من خلاله يستحق الفنان لقب فنان دون شك أو مجاملة. وللأسف رغم هذه القدرة في تقديم لوحات من روائع الفن التشكيلي إلا أنها لم تأخذ فرصتها المناسبة والحقيقية في الحضور الإعلامي. هذه الطاقة الشبابية هو الفنان عبد الرحمن الدرازي، الذي نعرض لوحته التي أبدعها مظهرًا عبر الضربات اللونية وتباينها تناغم الظل والنور وقوة التجسيد لتعابير الأم التي قاست معاناة ومرارة الحياة التي طبعت على وجهها الصابر ذي الملامح المتعبة، إلا أنها تخفي عذوبة الابتسامة على الشفاه الحزينة وهي تحمل على ظهرها أعز ما تملك وهو طفلها الذي يعتنق حنانها الأبدي. وقد ساهمت ألوان الخلفية الهادئة البعيدة ذات الرؤية الضبابة بشكل جيد في إبراز قوة موضوع البورتريه.
فخرو المتجددة دائمًا اعتقد أن الفنانة مريم فخرو المتجددة دائمًا في عطائها الفني عندما تكون خارج نطاق الوقت، تعيش حالة التأمل الخيالي الممتع منغمسة في إبتهاج العزف على الألوان في بوتقة الشغف التشكيلي، حيث يكون سخاؤها الفني رائعًا في سحره وتميزه لتقدم في كل اشتغالاتها المستمرة الجديد من حيث الموضوع والتكوين اللوني. وقد استطاعت بعد تجربة تراكمية، أن تصل إلى الإبداع في دائرة الشمس، وتحلق بكل اقتدار وثقة وبهذه الأعمال التي شاركت بها في معرض البحرين للفنون التشكيلية مقدمةً رؤية متناغمة في تجسيد موضوعها ذي الخطوط الانسيابية المتوازنة والتي توحي بحرية الحركة والتجريد وإنسجام درجات الألوان من منظور المساحات التي ترتمي في سكون الليل والروح الحالمة نحو واقع افتراضي جميل. إن لوحات مريم فخرو دعوة غير مباشرة لحرية الحركة والانطلاق المتدفق نحو الحياة والناس والتحدي البصري لكل ما هو غير مألوف، وكذلك مواجهة الفكر التقليدي العتيق بطريقة جريئة وجدية حتى أعماق الوجدان. ولقد كان لاختيار اللوحة الدائرية للرسم عليها الأثر الكبير في الموفقية للعمل الفني والذي باستمراره نحو التحديث والخيال سوف يوصل فضاء الفكر الثاقب للفنانة لعبور بحر الفن العميق.
صالح وجماليات التجربة إن الإرادة الأصلية للفنانة كوثر صالح، تقوم بإخضاع كل شيء لأسلوبها، فهذه الرؤية تعبير عن التصور الداخلي للخيال والرغبة في الاختلاف، مع الحرص على وصول المضمون إلى الناس لكي يساعد في توضيح هدف الفنانة ونيتها في التفسير للموضوع، وهو الأساس الهام لاستقرار الفهم عند المتلقي لوجهة النظر الفنية عبر الوقوف الوجودي المحدد والمباشر لحالة الشعور والتفاعل، خصوصًا في موضوع البورتريه، وهو رسم أو نحت أو غير ذلك من الأساليب الفنية مع اختلاف الخامات من أجل تجسيد الصورة الشخصية التي تتطلب إظهار ملامح الوجه والتعبير عن حالة الشعور العاطفي. رغم أنها أصغر فنانة كما أعتقد في معرض «أبعاد تشكيلية» إلا أنها - دون شك - تمتلك موهبة متأصلة تم اكتشافها منذ الطفولة والعمل على صقلها بشكل جيد من قبل الوالد الفنان القدير صالح الماحوزي. عندما تقترب وتنظر إلى لوحتها بتأنٍ وتركيز، تشعر بانتعاش يتدفق، وهالة تحيط بك من الفرح، تبعث قيمة للحياة وروح تألف إنساني يتضمن الإيقاع الخطوطي بين الخلفية وعمق الهوية البشرية وتناغمها بين الظل والنور عبر توازن عناصر اللوحة بشكل يجعل العين تثبت بؤرتها بيسر وحيوية، ولعل أروع ما فيها حدة العيون وأناقة جيدها مما جعلها أي اللوحة بالتاكيد تتكامل بوحدة الرؤية عبر جماليات العمل الفني الراقي.
إن لوحات مريم فخرو دعوة غير مباشرة لحرية الحركة والانطلاق المتدفق نحو الحياة والناس والتحدي البصري لكل ما هو غير مألوف، وكذلك مواجهة الفكر التقليدي العتيق بطريقة جريئة وجدية...
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا العمل الفنی
إقرأ أيضاً:
وزير الإعلام البحريني يشيد بعمق الروابط الأخوية الوطيدة التاريخية السعودية – البحرينية
البحرين – جمال الياقوت
استقبل الدكتور رمزان بن عبدالله النعيمي وزير الإعلام بمملكة البحرين القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية فهد بن محمد بن منيخر.
وخلال اللقاء أشاد وزير الإعلام بعمق الروابط الأخوية الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين وما تشهده العلاقات الثنائية الراسخة بين البلدين الشقيقين من نماء وتطور مستمر في ظل ما تحظى به من دعم ورعاية سامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.
كما نوه النعيمي بالحرص المتبادل على تعزيز هذه الروابط الوثيقة والدفع بالشراكة الاستراتيجية بين المملكتين إلى آفاق أرحب بفضل الجهود المباركة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين ، عبر رئاسة سموهما لمجلس التنسيق السعودي البحريني .
وأكد وزير الإعلام البحريني أن العلاقات بين البلدين الشقيقين ترتكز في مسيرة تطورها على ما يجمعهما من وشائج قوية تجذرت عبر السنين ، مشيراً إلى الحرص والاهتمام بتعزيز التعاون والتنسيق المشترك على كافة الصعد، ومنها المجال الإعلامي ، للارتقاء به إلى المستويات التي تلبي التطلعات المشتركة للبلدين الشقيقين ، مثمنًا جهود القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية لدى مملكة البحرين في تعزيز العلاقات الثنائية وتوطيد أواصر التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، متمنيًا لسعادته دوام النجاح والتوفيق في مهام عمله الدبلوماسي .
من جانبه، أعرب القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية لدى مملكة البحرين فهد بن محمد بن منيخر ، عن خالص شكره وتقديره لسعادة وزير الإعلام بمنلكة البحرين على حسن الاستقبال، مؤكدًا الحرص على استمرار التعاون والتنسيق لتحقيق الرؤى والتطلعات المشتركة للبلدين الشقيقين ، متمنيًا لمملكة البحرين دوام الرفعة والتقدم .