العربية عصية على الموت، لكنها قد تكون لغةً متحفية، تمامًا كالفصحى القديمة! فما معنى البقاء، إن لم تكن اللغة متداولة في نطاق اليومي...
قبل أيام من الاحتفاء بـ «اليوم العالمي للغة العربية»، في الـ18 من ديسمبر، شهدت أطفالاً عربًا (بحرينيون) يتحدثون الإنجليزية فيما بينهم، فتساءلت: ما مدى خطورة ذلك في ظل التحلل من سلطة الرقيب؟ ربما نعتقد بأن سلطة الأهل، أو ضغط الأقران، أو الحاجة الآنية أو الوظيفية.
. دوافع لتحدث هؤلاء الأطفال الإنجليزية، لكن في ظل غياب ذلك إشارة إلى أن لغتهم شبه الأم هي الإنجليزية عوض أن تكون العربية! يدفعنا ذلك لسؤال عارض: كم من الأجيال نحتاج لتحل لغة مكان أخرى؟ أعتقد بأن الأمر لا يستدعي أجيالاً عديدة. ففي عصر السرعة، الممتد لسرعة تغير المجتمعات وسلوكيات أفرادها، يسير العالم بوتيرة متسارعة تشمل تغير العادات والمعتقدات واللغات... وما شئت من الأشياء المتغلغلة، بشكلٍ لم نشهد له مثيلاً في أزمنة سابقة، حتى وإن أُعمل التسريع المتعمد فيها، كما حدث لـ«المورسكيين» في الأندلس، عندما أخذت السلطات الإسبانية بتنصير المجتمع المسلم واليهودي في زمنية قياسية، ما اضطر هؤلاء لاختيار أحد أمرين؛ أما القبول بالتنصير أو التهجير، وبذلك نجح الإسبان في تغيير الديموغرافية الدينية للأندلس التي ما كانت لتتغير لولا الضغوط والممارسات القاسية؛ من محاكم تفتيش، وتعذيب، وإذلال... في حاضرنا، لا يستدعي الأمر تلك الآليات والأساليب لإحداث تغيير جذري، فعالمنا المتشابك يُسرع الأشياء دون إعداد مسبق - ودونما حاجة لنظرية مؤامرة يهندسها آخرون في مكانٍ ما - فمن خلال عبثية تأخذ شكل نظام؛ كما الصيحات «الهبات» على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يؤول بعضها لخلق أنماط سلوكية متماثلة بين مستخدميها، تؤدي بدورها إلى تغيرات اجتماعية، بعضها جذري ومستمر، فيتغير العالم! بالعودة للعربية، فإن تغيرها من لغة أمّ إلى لغة هامشية أو أشبه بلغة ثانية، يحدث بوتيرة سريعة، ما قد يؤدي لهجرانها، كما هو حادثٌ بالفعل لدى كثيرين... صحيح بأن انقراضها أمر مستبعد، بعكس اللغات التي تموت في عديدٍ من مناطق العالم. لكن هل يمكن للعربية أن تنحسر من بعض المناطق أو البلدان المتحدثة بها وتحل الإنجليزية بديلاً عنها؟ نعم، والأمر سارٍ كذلك.. بإسهام من الأهالي والدولة، التي يقع على عاتقها مسؤولية وضع السياسات اللغوية وتفعليها، هذا إن لم تكن الدولة مساهمة في انحسارها بتجاهلها للجانب اللغوي، الأمر الذي يسرع من فاعلية وعملية هجرة العربية إلى الإنجليزية، مؤدية لخلق أُحادية لغوية، عوض الثنائية المتوازنة والمهمة. ربما يحاجج مطمئنًا على اللغة، بأن لا خوف على العربية، فقد حفظها القرآن الكريم من الانحسار والنسيان، لكن ما الذي يمنع بقاء لغة ما دون أن تكون حية بين أُناسها؟ صحيح بأن العربية عصية على الموت، كما أشرنا، لكنها قد تكون لغةً متحفية، تمامًا كالفصحى القديمة! فما معنى البقاء، إن لم تكن اللغة متداولة في نطاق اليومي، ومتطورة وفق التطورات الطبيعية للغة؟ إن ما تشهده العربية أشبه بما تتعرض له عملة بلدٍ ما؛ كلما فقد الناس ثقتهم بها، قلت قيمتها التداولية، وزاد التخلي عنها، فأسهم ذلك في مزيدٍ من فقدان قيمتها، إلى أن تُعدم الرغبة في استخدامها، ما لم يُعاد إحياؤها أو إنقاذها من الانحدار. وما نشهده اليوم؛ مؤتمرات ومنتديات تنظم محليًا بلغة واحدة هي الإنجليزية، ووظائف تشترطها -وإن جهلت العربية- وأطفال يتبادلون أطراف الحديث بها، وشباب يعبرون عن يومياتهم ومشاعرهم من خلالها، فيما يعجز آخرون عن التعبير بالعربية بالاتساع الذي تتيحه لهم الإنجليزية، حتى تحولت الأخيرة لغة الاستخدام اليومي للكثيرين، وباتت العربية لغة تستخدم حسب المناسبة: كالمناسبات الدينية والاجتماعية المحدودة، وربما كشكل من أشكال الاسترجاع الحنيني (النستولوجي) لبعض الكلمات والمصطلحات المرتبطة بما هو قديم أو شعبي!
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية:
فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
نينتندو تؤكد أنّ ألعاب سويتش ستكون قابلة للعب على جهازها الجديد المرتقب
طوكيو "أ.ف.ب": أعلنت شركة "نينتندو" اليابانية أنّ أجهزتها المقبلة التي ينتظرها محبو ألعاب الفيديو، ستكون قادرة على تشغيل الألعاب التي تعمل على أجهزة "سويتش" الحالية.
وفي حين كانت "نينتندو" تكتفي بالإشارة إلى أنّ جهازا جديدا قيد التحضير واعدة بطرحه بحلول نهاية مارس المقبل، أعلن رئيس الشركة شونتارو فوروكاوا أنّ ألعاب "نينتندو سويتش" ستكون قابلة للعب عبر الجهاز الجديد".
وحققت الشركة اليابانية الرائدة في ألعاب الفيديو نجاحا عالميا مع أجهزة "سويتش" التي طُرحت عام 2017 وبيعت أكثر من 146 مليون نسخة منها، ما جعلها ثالث أكثر أجهزة ألعاب مبيعا في التاريخ.
وبيع حتى اليوم نحو 1,3 مليار لعبة قابلة للعب على أجهزة "سويتش"، بحسب أحدث أرقام الشركة.
وشهدت "نينتندو" انخفاضا في صافي أرباحها بنسبة 60 % على أساس سنوي في النصف الأول من عامها المالي المتعثر الذي بدأ في أبريل، وأعلنت الثلاثاء أنها تراجع توقعات السنوية المنخفضة.
وأشار فوروكاوا إلى أنّ الاشتراك في خدمات "نينتندو" عبر الإنترنت والذي بلغ 34 مليونا في نهاية سبتمبر، سيكون متاحا أيضا على الجهاز الجديد.
وأضاف خلال عرض عبر الإنترنت الأربعاء أن معلومات إضافية ستُنشر عن هذا الجهاز "في وقت لاحق".
ويتوقع عدد كبير من المحللين إطلاق الجهاز الجديد بين مارس ويونيو 2025.
وارتفع سهم "نينتندو" في بورصة طوكيو الأربعاء بما يصل إلى 6 % وعاد إلى المستوى الذي كان عليه في نهاية الأسبوع الفائت.