تتصاعد وتيرة الحديث حول سيناريوهات لتحركات من جانب التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة تحت مسمى «حارس الازدهار» بهدف تأمين الملاحة في البحر الأحمر، وسط تقارير أميركية كشفت عن أن الجيش الأميركي يقوم حالياً بـ«صياغة خطط للرد على الحوثيين الذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر». وحذر مراقبون من «خطورة انزلاق المنطقة إلى مواجهة إقليمية واسعة، خاصة في مدخل البحر الأحمر الذي يمثل شرياناً حيوياً لحركة التجارة العالمية».

ووفق تقرير لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية، فإن المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يعكفون على وضع «خطط للرد»، مع شعورهم بقلق متزايد من خطر اتساع الحرب في غزة وتحولها إلى صراع إقليمي أوسع وأطول أمداً. وحسبما ذكر 4 مسؤولين مطلعين على الأمر، بمن فيهم مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، فإن «محادثات داخلية تجرى حول السيناريوهات التي يٌمكن أن تجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط».

وأوضحت «بوليتيكو» أن الجيش الأميركي يقوم حالياً بـ«صياغة خطط للرد على الحوثيين، الذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر». وأضافت أن «ذلك يشمل ضرب أهداف للجماعة اليمنية».

وأرسلت الإدارة الأميركية، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، العشرات من السفن البحرية ومئات الطائرات المقاتلة إلى الشرق الأوسط، على أمل ردع الجماعات المدعومة من إيران لمنعها من شن هجمات يُمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية، لكن موقع «أكسيوس» الأميركي يقول إنه «مع مرور الوقت، أصبح تحقيق ذلك أكثر صعوبة». وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، للصحافيين، الخميس، إنه «سيتم اتخاذ إجراء» إذا استمرت الهجمات، مشيراً إلى أنه «سيتم استخدام السفن البريطانية لوقف الهجمات إذا لزم الأمر».

وتزامنت تلك التطورات مع إعلان قائد سلاح البحرية في الشرق الأوسط الأدميرال براد كوبر، أن 22 دولة تشارك حتى الآن في مهام التصدي لهجمات «الحوثيين» في البحر الأحمر، متوقعاً انضمام دول جديدة. وشدد على أن تحالف «حارس الازدهار» الذي أسسته الولايات المتحدة، الشهر الماضي، في البحر الأحمر «دفاعي بطبيعته، وأي شيء يقع خارج الإطار الدفاعي يتعلق بعملية أخرى».

ولفت كذلك إلى أن «الحوثيين» في اليمن لا يظهرون أي علامات على «إنهاء هجماتهم المتهورة» على السفن التجارية في البحر الأحمر، لكنه أكد في الوقت نفسه أن حركة الممرات المائية والتجارة «تظهر تحسناً».

ويرى الخبير الاستراتيجي الأردني محسن الشوبكي أن التطورات المتصاعدة في المنطقة «تهدد بانزلاق الوضع في البحر الأحمر إلى مواجهات عسكرية في أي لحظة». وأشار الشوبكي إلى أن الحديث الأميركي حول الطبيعة الدفاعية لتحالف «حارس الازدهار» «مسألة غير يقينية»، أي أن تحول التحالف نحو تنفيذ مهام هجومية «أمر محتمل وقائم بشدة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل تدفع بشدة نحو اتجاه التصعيد».

وكان عضو مجلس الحرب في إسرائيل، بيني غانتس، قال للمبعوث الأميركي آموس هوكستاين، الذي يقوم برحلات مكوكية بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أشهر، إن إسرائيل «مستعدة للعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتوصل إلى حل دبلوماسي، ولكن إذا لم يتم العثور على حل فإن الجيش الإسرائيلي سوف يزيل التهديد»، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.

تردد أميركي

بدوره، أشار الباحث بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في مصر محمد طلعت، إلى أن جميع المؤشرات حتى الآن توحي بـ«التردد الأميركي وعدم الرغبة في الانخراط في صراع جديد بالمنطقة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، وتقديم الدبلوماسية كحل أول»، إلا أنه أوضح أن مؤشرات الخطر واحتمالية التصعيد «تزايدت بصورة كبيرة».

وأضاف طلعت في تحليل على موقع المركز، أن وجود الولايات المتحدة وخصوصاً العديد من القطع البحرية القتالية في المنطقة «يشكل عامل قلق متزايد بالنسبة لإيران وأذرعها في الإقليم»، موضحاً أنه في حال اتساع رقعة الحرب فإن احتمالية انخراط الولايات المتحدة تتزايد بصورة كبيرة، وهو ما لن يقتصر على البحر الأحمر، بل قد يتسع نطاق المواجهات لتتحول مناطق في بحر العرب ومضيقي هرمز وباب المندب إلى مسرح عمليات، الأمر الذي سيؤثر على تدفقات النفط والغاز من المنطقة وهو ما سيلقي بدوره بتداعيات سلبية كبيرة على سلاسل توريد الطاقة، ويهدد أمن الطاقة عالمياً، بالأخص على أوروبا التي لا تزال تعاني في توفير احتياجاتها في فصل الشتاء بعد انقطاع إمدادات الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقع أكثر من 100 هجوم من تنفيذ جماعات موالية لإيران ضد القوات الأميركية في سوريا والعراق، ونفذت واشنطن من جهتها عدة ضربات في المقابل، فيما تتصاعد التوترات في البحر الأحمر، حيث هاجم الحوثيون أكثر من 25 سفينة تجارية وأخرى تابعة للبحرية الأميركية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

وقررت شركات عالمية كبرى زيادة أسعار الشحن، لتجنبها السير عبر البحر الأحمر وقناة السويس التي تمثل نحو 12 في المائة من حركة الشحن العالمية، بسبب الهجمات على السفن التجارية، واتخاذ العديد من الشركات مسارات بديلة حول أفريقيا.

وارتفعت تكلفة شحن البضائع بشكل ملحوظ مع استمرار شركات الشحن العملاقة في تجنب طريق البحر الأحمر الرئيسي، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن بنسبة 80 في المائة، الأسبوع الماضي، بعد أن ارتفعت بالفعل بنسبة 50 في المائة تقريباً في الأسبوع السابق، طبقاً لتقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

روسيا تحذر: الناتو يسعى لإجراء عمليات عسكرية في قاع البحر

أكد مجلس الأمن الروسي أن حلف شمال الأطلسي يسعي لتطوير العقيدة لإجراء العمليات العسكرية في قاع البحر ، مشيرا الي ان موسكو سجلت تصاعد التهديدات للأمن العسكري في البحر خلال العملية العسكرية الخاصة.

وأوضح المجلس في بيان له ان  الناتو يعتبر النقل البحري ومحطات النفط الكبيرة ومعابر السكك الحديدية لتوصيل الوقود مواقع للاستهداف ، مذكرا ان الناتو يعتبر العمليات العسكرية في قاع البحر نوعا جديدا من المواجهة بجانب البر والجو والبحر والفضائين الكوني والإلكتروني.

كما أوصي  مجلس الأمن الروسي  بتعزيز مراقبة أنشطة البلدان القادرة على خلق تهديدات للبنية التحتية الحيوية تحت الماء وفي الموانئ.

وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو مارك روته ذكر في وقت سابق أن الجميع يريد أن يرى نهاية للعدوان الروسي "الرهيب" ضد أوكرانيا ، مشيرا إلى أن تحقيق السلام الدائم في أوكرانيا يتطلب ضمانات أمنية قوية.


وأكد أمين عام الناتو في تصريحات له علي ضرورة استمرار تعزيز موقف أوكرانيا حتى تتمكن من القدوم إلى طاولة المفاوضات من موقع القوة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد في وقت سابق أنه  يجب العمل على وضع ضمانات قوية لضمان تحقيق السلام الدائم في أوكرانيا.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأوكراني فلادومير زيلينسكي، إنّ بلاده تحتاج إلى تمثيل واسع النطاق من المملكة المتحدة وتركيا والولايات المتحدة في تقديم الضمانات الأمنية.


وأضاف زيلينسكي: "هدفنا متمثل في تحقيق السلام المضمون وليس مجرد وقف إطلاق نار مؤقت، ويجب أن تكون هناك ثقة في أنه في غضون بضعة أشهر أو سنوات لن يعود بوتين للحرب".

مقالات مشابهة

  • "تحالف مشبوه" بين الحوثيين وقراصنة الصومال بعد حرب غزة
  • اتلانتك: كيف يمكن لترامب أن يحبط تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر من قبل الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • الولايات المتحدة: زيلينسكي سيوقّع صفقة المعادن النادرة
  • الولايات المتحدة: زيلينسكي سيوقّع "صفقة المعادن النادرة"
  • تفاصيل هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • رويترز: البنتاجون يوقف خطة تنفيذ عمليات تسريح الموظفين المدنيين
  • روسيا تحذر: الناتو يسعى لإجراء عمليات عسكرية في قاع البحر
  • إعفاء قائد حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان من منصبه
  • الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية: أزمة البحر الأحمر لا يمكن السيطرة عليها
  • لإظهار القوة.. قاذفات "بي 52" الأميركية تنفذ مهمة في المنطقة