الأغراض ذات الاستخدام المزدوج تعقد جهود الإغاثة في غزة
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
أظهرت وثيقة للهلال الأحمر المصري اطلعت عليها رويترز ومصادر في غزة منع إسرائيل دخول أغراض للقطاع على متن شاحنات المساعدات من بينها أجهزة تنقية المياه وإمدادات طبية وأعمدة الخيام، لكن إسرائيل نفت منع دخول أي منها.
وتفتش إسرائيل الشاحنات المتجهة إلى القطاع الفلسطيني لمنع دخول أي أغراض ترى احتمال أن تكون ذات "استخدام مزدوج"، مدني وعسكري، وذلك بموجب سياسة تطبقها منذ فترة طويلة قبل هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر والحرب التي أعقبته في غزة.
لكن مسألة تحديد الأغراض التي يتم السماح بدخولها من عدمه أصبحت أكثر إلحاحا ومحل جدل مع تطور الحرب. وأدى الصراع إلى نزوح معظم سكان غزة وتسبب في نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
وتظهر وثيقة الهلال الأحمر المصري، التي يعود تاريخ صدورها إلى منتصف ديسمبر، حظر دخول 1200 جهاز لتنقية المياه و100 أسطوانة أوكسجين ومولد أوكسجين واحد و1000 وحدة تعمل بالطاقة الشمسية و24 مولدا للطاقة و418 من المستلزمات الطبية منذ بدء الحرب.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية "كوغات"، وهي هيئة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية تنسق عمليات تسليم المساعدات مع الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، إن هذا غير صحيح.
وقال الكولونيل إيلاد جورين من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية خلال مؤتمر صحفي، الجمعة: "لا نرفض أي شيء ينضوي تحت أربعة عناوين رئيسية هي: الغذاء والماء والإمدادات الطبية والملاجئ. كل هذه الأشياء تدخل يوميا".
وذكرت "كوغات" أن 11220 طنا من الإمدادات الطبية بينها أجهزة أشعة سينية وأجهزة تصوير مقطعي ومولدات أوكسجين للمستشفيات دخلت إلى غزة، بالإضافة إلى وحدات تنقية لمحطة تحلية المياه ووحدات تنقية أخرى متنقلة لتحلية المياه.
أنواع "تسبب مشاكل"لكن أطباء بمستشفيات في غزة قالوا إن معدات مثل أسطوانات الأوكسجين وأجهزة الأشعة السينية لا تصل رغم الحاجة الماسة إليها. وعزوا المشكلة إلى عمليات التفتيش الإسرائيلية من دون تحديد كيف عرفوا ذلك.
وقال أحد العاملين في المجال الإنساني بمنظمة إغاثة دولية، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر، إنهم كانوا على علم بأن أنواع معينة من المعدات الطبية بينها أجهزة الأشعة السينية "تسبب مشاكل".
وتسببت حماس، الحركة التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، في اندلاع الحرب عندما هاجم مقاتلوها جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة بحسب السلطات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس وردت على هجومها بقصف واجتياح وحصار غزة مما أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف شخص وفق مسؤولي الصحة المحليين، علاوة على التسبب في أزمة إنسانية حادة تتمثل في النزوح والجوع والمرض.
وقال كوبي مايكل، المستشار السابق للحكومة الإسرائيلية للشؤون الفلسطينية، لرويترز إنه من المرجح أنه تم تشديد عمليات التفتيش منذ بداية الحرب مقارنة بالنظام الذي كان متبعا قبلها وأصبح أقل صرامة على مدار السنين.
وأوضح مايكل، وهو باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب حاليا "أعتقد أن أكثر ما يقلق المفتشين الإسرائيليين حاليا هو ماهية المعدات التي قد تمكن حماس من تمديد فترة بقائها في الأنفاق".
وأضاف "إسرائيل تريد تقصير أمد هذه الحرب وهذا يعني تقليص الفترة التي يمكن أن تقضيها حماس تحت الأرض".
وسُلمت وثيقة الهلال الأحمر المصري لمجموعة من النواب الأوروبيين خلال زيارة قاموا بها لمدينة العريش المصرية حيث يجري تحميل شاحنات المساعدات، ومعبر رفح الذي تدخل منه إلى غزة. وأمدت النائبة الإسبانية، سورايا رودريغيز، رويترز بها في وقت لاحق.
وقالت رودريغيز وزميلها النائب الأيرلندي، باري أندروز، إنهما علما خلال زيارتهما أنه في بعض الحالات، لكن ليس جميعها، استبعد المفتشون الإسرائيليون أعمدة الخيام لأسباب غير واضحة.
وقال أندروز: "كيف يمكن أن يكون هذا قابلا للاستخدام العسكري؟... من الصعب جدا فهم الأمر."
خيام دون أعمدةقالت "كوغات" إن إسرائيل ليس لديها خطة لإبعاد أعمدة الخيام وإن 13490 طنا من الإمدادات المخصصة للملاجئ ومن بينها أعمدة الخيام دخلت غزة خلال الحرب في 923 شاحنة.
وفي رفح داخل قطاع غزة، شاهد مراسلو رويترز كومة مما يشبه الخيام القماشية السميكة ملقاة على الأرض في زاوية بمستشفى الكويت. وقال مدير المستشفى الدكتور صهيب الهمص إن الخيام ملقاة بهذا الشكل لأنه تم تسليمها من دون أعمدة.
وقال مسؤول بوزارة الشؤون الاجتماعية في غزة إنه على علم بوصول نحو 150 خيمة من دون أعمدة من بين 30 شاحنة محملة بالخيام.
وأشار أشرف أبو سكران، وهو عامل بناء نزح من منزله في مدينة غزة، إلى أنه رفض عرضا بالحصول على خيمة من دون أعمدة. وبدلا منها اشترى بعض الخشب الرقيق والقماش المشمع وأقام مأوى في رفح يعيش فيه حاليا مع زوجته وأطفاله الخمسة الذين يعاني أحدهم من إعاقة.
وقال: "أين من المفترض أن أجد أعمدة معدنية؟... خسرنا منزلنا ولا نستطيع حتى إيجاد خيمة جيدة".
وربما يعود جانب من الالتباس، حول ما إذا كانت إسرائيل تمنع بعض الأغراض بسبب الاستخدام المزدوج أو أنها لا تصل إلى غزة لأسباب أخرى، إلى عدم وجود قائمة معلنة بأغراض محددة ذات استخدام مزدوج.
وعندما طُلب من "كوغات" توفير قائمة بهذه الأغراض، أحالت رويترز إلى واحدة يرجع تاريخها إلى عام 2008 متاحة على الإنترنت. وتندرج في هذه القائمة عشر فئات من الأغراض مثل الاتصالات والإلكترونيات والمواد المتطورة والدفع وأمن المعلومات.
وذكر مسؤول إسرائيلي مطلع على الأمر، طلب من رويترز عدم ذكر اسمه، أن الأسمدة التي يمكن استخدامها لصنع المتفجرات والحديد الذي قد يستخدم في صناعة الصواريخ والمواد اللازمة لصنع معدات الحفر كأمثلة على المواد ذات الاستخدام المزدوج.
وأضاف المسؤول "دون ذلك، لا يمكننا التوسع والمجازفة بمنح الجماعات الإرهابية أفكارا حول ما يجب فعله بمثل هذه المواد".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
كيف تشكل الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مستقبل الحرب؟
يشهد مشهد الحرب الحديثة تحولا زلزاليا، مدفوعا بالتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار. إن دمج هذه التقنيات لا يؤدي إلى تعزيز القدرات العسكرية التقليدية فحسب؛ بل إنه يحول بشكل جذري طبيعة الصراع نفسه. مع تسابق الدول لتطوير ونشر أنظمة طائرات بدون طيار أكثر تطورا، فإن الآثار المترتبة على الاستراتيجية العسكرية والأخلاق والأمن العالمي عميقة.
تطور حرب الطائرات بدون طيار
تم استخدام الطائرات بدون طيار في العمليات العسكرية لعقود من الزمن، في المقام الأول للمراقبة والاستطلاع. ومع ذلك، فقد أظهرت الصراعات الأخيرة، وخاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط، قدراتها الهجومية. ولقد سلطت الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا الضوء على فعالية طائرات بيرقدار TB2 التركية الصنع، والتي لعبت دورا حاسما في مواجهة الهجمات المدرعة. وعلى نحو مماثل، استخدمت حماس طائرات بدون طيار لاستهداف الدفاعات الإسرائيلية، مما أظهر تنوعها كأسلحة هجومية.
الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر
مع تطور تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تطورت أيضا تطبيقاتها في الحرب. تم تجهيز الطائرات بدون طيار اليوم بأجهزة استشعار متقدمة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تسمح بمعالجة البيانات في الوقت الفعلي واتخاذ القرارات المستقلة. وتمكن هذه القدرة الطائرات بدون طيار من تنفيذ مهام معقدة بأقل قدر من التدخل البشري، مما يمثل خروجا كبيرا عن دورها الأصلي كمجرد أدوات استطلاع.
دور الذكاء الاصطناعي في حرب الطائرات بدون طيار
الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر.
وأدى دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطائرات بدون طيار إلى ابتكارين رئيسيين: ذكاء السرب والاستهداف المستقل. وتمكن استخبارات السرب طائرات بدون طيار متعددة من العمل بشكل تعاوني، مما يؤدي إلى التغلب على دفاعات العدو من خلال الهجمات المنسقة. وقد لوحظ هذا التكتيك في صراعات مختلفة، حيث نجحت أسراب من الطائرات بدون طيار في اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.
علاوة على ذلك، يتم تطوير أنظمة الاستهداف المستقلة التي تسمح للطائرات بدون طيار بتحديد الأهداف والاشتباك معها دون إشراف بشري. ويثير هذا مخاوف أخلاقية بشأن المساءلة واحتمال حدوث عواقب غير مقصودة في سيناريوهات القتال. ومع استمرار الدول في تحسين هذه التقنيات، فإن احتمالات الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل -والتي يشار إليها غالبا باسم "الروبوتات القاتلة"- تصبح واقعية بشكل متزايد.
التطبيقات والتطورات الحالية
توضح التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الوتيرة السريعة للابتكار. على سبيل المثال، أدخلت شركات مثل هيلسينج طائرات بدون طيار هجومية تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي قادرة على العمل بفعالية في بيئات بها تشويش إلكتروني، وهو تحد شائع في الحرب الحديثة. وتتمتع هذه الطائرات بدون طيار بالقدرة على الحفاظ على اشتباكها مع الهدف حتى بدون اتصال مستمر بالبيانات، مما يوفر ميزة تكتيكية كبيرة.
في أوكرانيا، قام الجيش بتكييف هيكله لدمج وحدات حرب الطائرات بدون طيار في جميع الفروع. وبفضل استخدام طائرات بدون طيار قادرة على الرؤية من منظور الشخص الأول (FPV)، تمكنت القوات الأوكرانية من تنفيذ ضربات دقيقة ضد الدبابات والتشكيلات العسكرية الروسية. ويوضح هذا التغيير كيف يمكن للطائرات بدون طيار أن تساعد في المعارك التي يمتلك فيها أحد الجانبين أسلحة أقل قوة من الجانب الآخر.
ويعزز استخدام الخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أيضا قدرات الطائرات بدون طيار على جمع المعلومات الاستخباراتية والاستطلاع. ويمكن للطائرات بدون طيار الآن التنقل بشكل مستقل في البيئات المعقدة، وتحديد أنماط الحياة بين قوات العدو، والتنبؤ بالتهديدات المحتملة بناء على تحليل البيانات التاريخية. ويعد هذا المستوى من الوعي الظرفي ذا قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة للجيوش الحديثة التي تسعى إلى الحفاظ على التفوق على الخصوم.
التأثيرات الاستراتيجية
مع تزايد تطور الطائرات بدون طيار، أصبح تأثيرها على الاستراتيجية العسكرية عميقا. وإن القدرة على نشر أسراب من الطائرات بدون طيار ضد أهداف العدو تعمل على تغيير المفاهيم التقليدية للقوة الجوية والحرب البرية. ويجب على المخططين العسكريين الآن التفكير في كيفية الدفاع ليس فقط ضد ضربات الطائرات بدون طيار الفردية، ولكن الهجمات المنسقة التي تشمل مئات أو آلاف الطائرات بدون طيار.
علاوة على ذلك، فإن فعالية تكلفة الحرب باستخدام الطائرات بدون طيار تقدم حجة مقنعة لزيادة استخدامها. وتعتبر الطائرات بدون طيار أرخص في الإنتاج بشكل عام من الطائرات المأهولة، ويمكن نشرها بأعداد أكبر دون المخاطرة بحياة البشر. وقد تشجع هذه الميزة الاقتصادية الدول على الاستثمار بكثافة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار باعتبارها مكونا أساسيا في ترساناتها العسكرية.
ويثير انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار أيضا أسئلة أخلاقية مهمة فيما يتعلق بالسلوك الحربي.
إن إمكانية تشغيل أنظمة الأسلحة المستقلة دون إشراف بشري تشكل تحديا للقوانين الدولية الحالية التي تحكم النزاعات المسلحة. وطالبت جماعات حقوقية بفرض حظر استباقي على الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل بسبب المخاوف بشأن المساءلة والخسائر المدنية.
التدابير المضادة والتطورات المستقبلية
مع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء
مع تقدم تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تتقدم أيضا الإجراءات المضادة المصممة لتحييد تهديدات الطائرات بدون طيار. وتستثمر الدول في قدرات الحرب الإلكترونية القادرة على تشويش أو تعطيل اتصالات الطائرات بدون طيار، مما يجعلها غير فعالة أثناء العمليات. بالإضافة إلى ذلك، يتم استكشاف التطورات في أسلحة الليزر كحلول محتملة لاعتراض الطائرات بدون طيار المحتشدة قبل أن تصل إلى أهدافها.
بالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن يشهد مستقبل حرب الطائرات بدون طيار مزيدا من التكامل مع تقنيات أخرى مثل الروبوتات والتعلم الآلي، وإن تطوير أنظمة هجينة تجمع بين الروبوتات الأرضية والطائرات بدون طيار من الممكن أن يخلق قدرات تشغيلية متعددة المجالات تعمل على تعزيز فعالية ساحة المعركة.
وعلاوة على ذلك، ومع قيام دول مثل الصين وروسيا بتكثيف استثماراتها في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، فإن سباق التسلح العالمي المحيط بالطائرات بدون طيار سوف يشتد. ولن تشكل هذه المنافسة الاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل ستؤثر أيضا على الديناميكيات الجيوسياسية حيث تسعى الدول إلى تأكيد هيمنتها من خلال التفوق التكنولوجي.
يمثل التقاطع بين الذكاء الاصطناعي وحرب الطائرات بدون طيار أحد أهم التحولات في التاريخ العسكري. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء.