سلطت مجلة "فورن بوليسي" في تقرير لها الضوء على خطر متزايد لـ8 نزاعات دولية، وكيف أنها "تغلي" وقد تظهر كنقاط اشتعال رئيسية في العام المقبل.
ونادرا ما يتم التطرق إلى تفاصيل وحيثيات هذه النزاعات رغم أن تطوراتها تتصاعد بالتدريج من إقليم أبخازيا الانفصالي وحتى منطقة إيسيكويبو الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين فنزويلا وغيانا.
واستعرض تقرير "فورن بوليسي" تفاصيل كل نزاع على حدى وبتراتبية حملت لهجة تحذير، ومن وجهة نظر كتاب الأعمدة في المجلة الأميركية.
وجاء فيه أن النزاعات الثمانية "تستحق اهتماما أكبر مما تلقته من مراقبي الصراع الدولي والمخاطر الجيو سياسية".
"صدع إيسيكويبو"أولى النزاعات التي قد تتحول إلى نقطة اشتعال مسرحها منطقة إيسيكويبو المتنازع عليها بين فنزويلا وغيانا.
ومن غير المعتاد أن تعلن القيادة الجنوبية للولايات المتحدة عن تدريبات جوية فوق غيانا، لكن تهديدات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بشأن نزاع إقليمي طال أمده مع جارته أثارت مثل هذه الخطوة في أوائل ديسمبر الماضي، وفق "فورن بوليسي".
ويعتقد العديد من الفنزويليين أن جزءا كبيرا من غيانا المعروفة باسم إيسيكويبو هو حق لهم، ويرفضون حكما صدر عام 1899 والذي مهد الطريق لاتفاقيات أخرى تجعلها جزءا من غيانا.
لكن لم يكن لديهم أي سبب لإعادة تنشيط النزاع حتى تم اكتشاف الرواسب التي سرعان ما أصبحت بمثابة ثروة نفطية قبالة ساحل غيانا في عام 2015.
ويواجه مادورو الذي لا يحظى بشعبية كبيرة انتخابات العام المقبل، وكان يهدف إلى تعزيز دعمه عندما نظم استفتاء في الثالث من ديسمبر حول ضم إيسيكويبو، في تحد لأمر محكمة العدل الدولية بوقف التصويت.
وأظهرت النتائج الرسمية أن الناخبين وافقوا على احتمال الضم بنسبة تزيد عن 95 بالمئة، وسرعان ما أمر مادورو شركة النفط الحكومية الفنزويلية بالتنقيب في إيسيكويبو.
وردا على ذلك أرسلت البرازيل قوات إلى حدودها مع فنزويلا، وأعلنت غيانا والولايات المتحدة عن تدريبات جوية مشتركة في السابع من ديسمبر.
وتعتقد "فورن بوليسي" أن هذا الصدع يضع فنزويلا في مواجهة الولايات المتحدة في وقت كانت فيه العلاقات بين كاراكاس وواشنطن قد بدأت في التحسن.
كما أنه يضع فنزويلا على خلاف مع البرازيل وكوبا، اللتين لديهما حساسية تجاه موقف غيانا.
وتشير إلى أن النزاع "يشكل اختبارا للآليات التي نادرا ما يتم تفعيلها في أميركا اللاتينية لتجنب الصراع بين الدول".
"كابلات أيرلندا البحرية"تستضيف أجزاء قليلة من العالم عددا كبيرا من الكابلات البحرية مثل المياه قبالة الساحل الجنوبي لأيرلندا.
وإذا أرادت دولة معادية أن "تعيث فسادا" في البلدان المرتبطة بالاقتصاد المعولم عبر هذه الشبكات، فيمكنها إرسال عدد قليل من السفن إلى المياه الأيرلندية لتخريب الكابلات، وفق "فورن بوليسي".
ونظرا لأن أيرلندا لا تمتلك سوى قوة بحرية صغيرة، فإن القيام بذلك سيكون مهمة سهلة.
المجلة الأميركية تشير إلى واقعة ظهور مجموعة من السفن البحرية الروسية، بما في ذلك الأميرال غريغوروفيتش، التي شاركت في الحرب ضد أوكرانيا، في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأيرلندا.
وتطرقت إلى إعلان روسيا في يناير 2022 بأنها ستجري مناورة بحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأيرلندا.
وتقول إن "أيرلندا ليست بوضع يسمح لها الحق في التدخل ضد السفن الأجنبية في منطقتها الاقتصادية وخاصة في مياهها الإقليمية".
وترتبط أسباب ذلك بأن أسطول الخدمة البحرية الأيرلندية يضم ما مجموعه ست سفن فقط، وجميعها من لهم سفن دورية، وبالتالي غير مجهزة لإخافة الأدميرال غريغوروفيتش أو غيره من الزوار الروس غير المرغوب فيهم.
ولذلك يطرح كتاب الأعمدة في "فورن بوليسي" سؤالا: إذا قررت روسيا تخريب البنية التحتية للاتصالات العالمية في بحر السلتيك، فهل يتدخل حلف شمال الأطلسي نيابة عن أيرلندا، والتي ليست عضوا في المنظمة؟
"توسع الصراع في ميانمار"بالنسبة لأغلب المراقبين يدور الصراع في ميانمار حول الديمقراطية، لكن التحدي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.
ويهدد عدم الاستقرار في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا ذات الموقع الاستراتيجي بالامتداد إلى أراضي جيرانها، بما في ذلك العملاقين الآسيويين، الصين والهند، وفق "فورن بوليسي".
وكان المجلس العسكري البورمي قد استولى على السلطة في انقلاب عام 2021، لكنه فقد السيطرة على العديد من البلدات والمواقع الأمنية في المناطق الحدودية للبلاد في الأشهر القليلة الماضية، بعد أكبر هجوم منسق حتى الآن من قبل "تحالف الإخوان الثلاثة" (تحالف من الجماعات المتمردة).
وأدى الهجوم إلى تنشيط الكفاح المسلح على مستوى البلاد للإطاحة بالنظام العسكري، وامتد القتال إلى أجزاء كثيرة من البلاد، كما تورد المجلة الأميركية.
ووفقا للأمم المتحدة، نزح أكثر من نصف مليون شخص في أجزاء مختلفة من ميانمار بسبب تصاعد القتال، مع إجمالي مليوني نازح منذ الانقلاب.
ويبحث العديد من هؤلاء الأشخاص عن ملجأ في المناطق المتاخمة للهند والصين.
وكانت الهند مترددة في قبول اللاجئين، لأن ذلك يزيد من الوضع الهش بالفعل في الولايات الهندية مثل مانيبور، التي اجتاحتها أعمال عنف عرقية بسبب مزاعم عن الهجرة غير الشرعية من ميانمار.
وتشعر الصين بالقلق أيضا بشأن انعدام الأمن على طول حدودها بسبب هجوم المتمردين، كما يرتبط قلقها أيضا بالهجوم المشترك الذي شنه المجلس العسكري الصيني في ميانمار مؤخرا في المنطقة ضد العصابات، التي تدير مراكز الاحتيال عبر الإنترنت، وتتهمها الصين بخداع العديد من موظفيها.
ومما يزيد الأمور تعقيدا، أن بكين لديها علاقات قوية مع تحالف الجماعات المتمردة في ميانمار، مما أدى إلى مشهد نادر لعشرات المتظاهرين القوميين الموالين للمجلس العسكري البورمي، الذين تجمعوا خارج السفارة الصينية في يانجون، أكبر مدينة في ميانمار، مع ملصقات تنتقد بكين، حسب "فورن بوليسي".
ورغم الضغوط الغربية، ظلت الهند تقدم المساعدات التنموية والأمنية للمجلس العسكري البورمي، في حين أبقت على خطوط اتصالاتها مع المتمردين مفتوحة.
ومثلها كمثل الصين، من المرجح أن تتزايد مخاوف الهند بشأن ميانمار على المدى القصير، وسوف تسعى القوتان الآسيويتان إلى حماية مصالحهما الاستراتيجية والتجارية.
المجلة الأميركية ترى أن "العقوبات الغربية الصارمة ضد المجلس العسكري في حين توفر روسيا الإمدادات العسكرية تترك المنطقة في توازن محفوف بالمخاطر".
وتتابع: "إنها نقطة اشتعال يمكن أن تنتهي إلى كارثة إنسانية وأمنية".
"البحرية الروسية في أبخازيا"كان الحفاظ على الهيمنة في البحر الأسود أحد أهداف السياسة الخارجية الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع ذلك اختبرت أوكرانيا في الآونة الأخيرة هذه التطلعات.
وكشفت الضربات الأوكرانية المتعددة الناجحة على أسطول البحر الأسود الروسي عن نقاط ضعف جديدة للأسطول الروسي المتمركز في ميناء سيفاستوبول، وموانئ أخرى في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا.
وتشير بيانات الأقمار الصناعية الأخيرة إلى أن روسيا بدأت بالفعل في نقل سفنها من سيفاستابول إلى ميناء نوفوروسيسك.
ومع ذلك، ربما يقوم بوتين بإعداد خطة طويلة المدى باستخدام أصل استراتيجي آخر في منطقة أبخازيا التي تحتلها روسيا، والتي تعتبر منطقة جورجية معترف بها دوليا.
وظلت عمليات النفوذ الروسي، فضلا عن الجهود المستمرة لزعزعة استقرار جورجيا، تحت الرادار إلى حد كبير، لكن قرار موسكو الأخير بتوسيع قاعدتها البحرية في منطقة أوتشامشيري في أبخازيا يشكل تهديدا بالتصعيد الخطير.
يقع ميناء أوتشامشيري على بعد ساعة واحدة فقط من الأراضي التي تسيطر عليها جورجيا، وإذا نجح الكرملين في توسيعه ثم استخدامه كملجأ لأسطول البحر الأسود، فإن هذا من شأنه أن يعرض جورجيا لتهديدات أمنية جديدة وخطر الانجرار إلى الحرب الروسية الأوكرانية، كما ترى "فورن بوليسي".
ومن شأن ميناء أوتشامشير المليء بالسفن الحربية الروسية أن يصبح هدفا مشروعا للجيش الأوكراني، وبالتالي خلق نقطة ضعف غير مسبوقة للحكومة الجورجية في تبليسي.
ومن خلال مواصلة التوسع في أوتشامشيري، يستطيع الكرملين تحقيق أرباح مضاعفة، وتشرحها المجلة الأميركية بـ"أولا: تحريك سفنه مؤقتا بعيدا عن شبه جزيرة القرم، حيث تعرضت بالفعل لهجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ الأوكرانية".
وثانيا بأن "يفرض ضغوطا إضافية على جورجيا، التي حصلت مؤخرا على وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي".
وإذا قرر الكرملين المضي قدما في خططه في أبخازيا، فلن يكون بوسع جورجيا أن تفعل الكثير لمنع ذلك، ما دامت موسكو تمارس سيطرة فعلية على الأراضي المحتلة.
وترى "فورن بوليسي" أن التصعيد في أبخازيا لن يؤثر على جورجيا وأوكرانيا فحسب، بل سيؤثر أيضا على منطقة البحر الأسود بأكملها، والتي تُستخدم كطريق تجاري واتصال رئيسي بين آسيا وأوروبا.
"تهديد طالبان لباكستان"النزاع الخامس الذي سلطت "فورن بوليسي" الضوء عليه هو التهديد الذي تشكله "طالبان" لباكستان.
وتقول المجلة الأميركية إن "الدولة الباكستانية أصبحت الآن في حالة حرب مع الجماعة الإرهابية التي سعت ذات يوم إلى السيطرة عليها لتحقيق طموحاتها الشائنة"، وهي فرع "طالبان" في باكستان.
وكانت باكستان قد قصفت مواقع حركة "طالبان" الباكستانية داخل أفغانستان، كما تم العثور في باكستان على معدات عسكرية أميركية الصنع تم تسليمها إلى قوات الدفاع الأفغانية خلال حرب الجمهورية مع التمرد.
واستبعد أنور الحق كاكار، رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في فبراير، إجراء محادثات مع حركة "طالبان" الباكستانية.
كما رفض عروض التوسط من وزير الداخلية الفعلي لطالبان سراج الدين حقاني (الذي يقود شبكة حقاني، وهي جماعة إرهابية مدرجة في القائمة السوداء والتي تنشط في أفغانستان، ومثل حركة طالبان الباكستانية، التابعة لتنظيم القاعدة).
"فورن بوليسي" تشير إلى المظاهرات التي نظمها عدة آلاف من الأشخاص في مقاطعة خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان، ضد عودة التطرف الإسلامي ودعوا الحكومة إلى القضاء على حركة طالبان الباكستانية.
وتقول في المقابل إن "ضعف الدولة الباكستانية لا يبعث على الأمل في أن يحدث نفس الشيء مرة أخرى قبل أن تعود حركة طالبان الباكستانية إلى ترسيخ أقدامها".
وبينما يتقاتل الساسة والضباط العسكريون في باكستان ويتآمرون من أجل السلطة والثروة، تستعد حركة طالبان الباكستانية للانطلاق في عام 2024، كما تستشرف الصحيفة الأميركية.
"صراعات على وشك الذوبان"ومنذ فترة طويلة يتحدث المحللون الجيوسياسيون عن "الصراعات المجمدة" في ترانسنيستريا وناغورنو كاراباخ وأماكن أخرى، ولكن يتعين عليهم أن يعيروا المزيد من الاهتمام للصراع الذي على وشك أن ينفجر.
ومع ذوبان القمم الجليدية في القطب الشمالي، تشتد المنافسة الجيوسياسية في أقصى الشمال.
وتتوق بلدان القطب الشمالي إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية المفتوحة وطرق التجارة الجديدة؛ وتعمل روسيا على تكثيف وجودها العسكري في المنطقة.
وحتى الصين تتطلع إلى المشاركة في هذا الحدث، معلنة بشكل مثير للسخرية نفسها "دولة قريبة من القطب الشمالي"، حسب تعبير "فورن بوليسي".
وتضيف أنه من الممكن أن يتصاعد بسهولة أي صراع كبير بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، يبدأ في أوكرانيا أو دول البلطيق، ليشمل أقصى الشمال.
"بيلاروسيا"شهد العامان الماضيان إجماعا ناشئا بين العديد من مراقبي بيلاروسيا على أن روسيا نفذت بنجاح "الضم الناعم" لجارتها الأصغر.
ويمتد النفوذ الروسي والسيطرة الكاملة الآن في جميع أنحاء الاقتصاد والحكومة والجيش البيلاروسي.
ومع ذلك، فإن هذا لم يحول بيلاروسيا إلى "دمية متحركة كاملة حتى الآن"، كما تقول "فورن بوليسي"
وتضيف المجلة الأميركية أنه "على الرغم من المخاوف المستمرة بشأن فتح جبهة جديدة في حرب روسيا على أوكرانيا، فإن القوات البيلاروسية لم تدخل المعركة بعد".
ومع ذلك، فمن المتصور أن الكرملين، الذي يواجه تحديات تتعلق بالقوة البشرية، قد يطالب بالمزيد من الحكومة البيلاروسية في مينسك.
وإذا حدث ذلك، وقاوم رئيس بيلاروسيا الدكتاتوري ألكسندر لوكاشينكو مرة أخرى، فقد تتعب موسكو منه أخيرا، وتطرده وتنصب زعيما أكثر مرونة.
وبالنظر إلى الأدلة على الانقسامات العميقة داخل النخبة البيلاروسية، وبين المواطنين العاديين، وداخل الجيش، ليس هناك ما يضمن أن جميع عناصر المجتمع سوف تنقلب ببساطة.
وبدلا من ذلك، تعتقد المجلة الأميركية أنه من المحتمل أن تتكشف حرب أهلية، حيث تحمل فصائل مختلفة السلاح إما لإفساح المجال لزعيم الكرملين المعين أو للحفاظ على شبكة لوكاشينكو ونظام المحسوبية.
وتتطرق "فورن بوليسي" إلى البديل الثالث، التي قد تسعى إلى العودة وحشد القوى المناهضة لروسيا والمناهضة للوكاشينكو، وهي زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا المنفية في ليتوانيا المجاورة.
وتستعرض عدة احتمالات، من بينها أن يهرب لوكاشينكو غربا، معتقدا أن بوتين ينوي معاملته مثل زعيم مجموعة "فاغنر" الراحل يفغيني بريجوزين، وأن الحكومات في بولندا أو دول البلطيق ستكون حريصة على استجوابه.
ومن المرجح ألا يكون لوكاشينكو وحده في مثل هذه الخطوة، فمن المحتمل أن يتبع ذلك تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين البيلاروسيين إلى بولندا وليتوانيا ولاتفيا.
وترى "فورن بوليسي" أن الولايات المتحدة ستواجه وحلفاؤها كيفية الرد، كما هو الحال في أوكرانيا.
وتثير المجلة الأميركية عدة تساؤلات: هل تسلح وتدعم أتباع تيخانوفسكايا أو أي فصيل آخر بشكل علني؟. هل تنفذ عمليات سرية تهدف إلى إبقاء الصراع مشتعلا واختلال توازن بوتين؟.
وتتابع: أم تفضل البقاء خارجا تماما في ظل وجود القوات العسكرية الروسية؟"، مشيرة إلى أنه "من شأن انهيار بيلاروسيا أن يشكل فوضى محتملة أخرى على طول خط الصدع بين الشرق والغرب".
"انقلاب في الكاميرون"الصراع المسلح في الكاميرون الذي بدأ في عام 2017 دخل الآن عامه السادس.
وأدت الأزمة إلى النزوح الداخلي لنحو مليون شخص، بينما يتفاقم الوضع على الأرض بسبب الأزمة الإنسانية التي تلوح في الأفق، حيث يحتاج ما لا يقل عن مليوني شخص حاليا إلى مساعدات إنسانية في كل من المنطقتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية من الكاميرون.
وقُتل ما لا يقل عن 6000 مدني في المنطقتين منذ عام 2016، على يد القوات الحكومية والانفصاليين المسلحين.
ورغم أن الأزمة لم تحظ بالتغطية الدولية التي تستحقها، فمن المتوقع مع ذلك أن تتصاعد وتصبح أكثر تعقيدا في عام 2024، بسبب التهديد المستمر الذي يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية" في غرب أفريقيا (ISWAP)، وهو فصيل منشق عن جماعة بوكو حرام المسلحة.
ومما يزيد الوضع تعقيدا على أرض الواقع عودة ظهور الانقلابات في المناطق المجاورة، بما في ذلك في جمهورية النيجر.
وتقول "فورن بوليسي" إن القرار الذي اتخذته النيجر بعد الانقلاب بالحد من مشاركتها في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات، وهو تحالف أمني إقليمي يضم دول حوض بحيرة تشاد، والتي تنتمي الكاميرون إلى عضويته، يعرض الجناح الشمالي للكاميرون لاحتمال وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية.
وتضيف أنه ومع تزايد عدم ثقة الكاميرونيين في حكومتهم (بقيادة الرئيس بول بيا، البالغ من العمر 90 عاما ويقضي معظم العام في الخارج في سويسرا)، فمن المرجح أن يؤدي تفاقم انعدام الأمن في عام 2024 إلى تفاقم أزمة الناطقين باللغة الإنجليزية، مما قد يمهد الطريق لثورة جديدة، وصولا إلى استيلاء العسكر على السلطة.
وتضيف المجلة الأميركية: "لا شك أن خروج بيا الحتمي من المشهد السياسي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات داخل الحزب الحاكم فضلا عن تفاقم الصراع داخل المؤسسة الأمنية المنقسمة بشدة في الكاميرون".
وكان ما سبق هو الحال في السودان، الذي يشهد حاليا في حرب أهلية أثارت تهديدات إقليمية أوسع نطاقا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حرکة طالبان الباکستانیة المجلة الأمیرکیة البحر الأسود فی میانمار فی أبخازیا فی المنطقة العدید من ومع ذلک مع ذلک فی عام
إقرأ أيضاً:
الحضور التركي بإفريقيا.. كيف نجح أردوغان في حل الخلاف بين إثيوبيا والصومال؟
نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على النجاح الذي حققته تركيا من خلال دور الوساطة في المفاوضات بين إثيوبيا والصومال، والتي انطلقت في تموز/ يوليو الماضي.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنقرة قادت لأول مرة منذ حضورها الفعلي في القارة الإفريقية سنة 2005، مفاوضات بين بلدين بمفردها، في ظل ظرف إقليمي صعب.
وأضافت أن هذا النجاح له طابع خاص من المنظور التركي، لأنه تحقّق في منطقة القرن الإفريقي التي كانت نقطة انطلاق نحو غزو الأسواق الخارجية، ومن خلاله توجه أنقرة رسالة تحدٍ إلى القوى "التقليدية"، وتعزز مكانتها كلاعب محوري في القارة، وتوسع مجال نفوذها هناك.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، ورئيس الصومال حسن شيخ محمود، قد وقّعا في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري اتفاق مصالحة في أنقرة بفضل الجهود التي بذلها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في سبيل ضمان تسوية الخلاف بين البلدين والالتزام "بالمضيّ نحو المستقبل بشكل سلمي".
ثماني ساعات من المفاوضات
نقلت المجلة عن الخبير في مركز أوسرام لدراسات الشرق الأوسط في أنقرة، كان دفجي أوغلو، قوله: "تعززت علاقات تركيا القديمة مع الصومال بفضل الاستثمارات والدعم العسكري الذي تقدمه أنقرة.
وفي الوقت نفسه، تُعد إثيوبيا أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لتركيا في إفريقيا، ومركزاً دبلوماسياً محورياً في القارة. تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا كان من الممكن أن يهدد مشاريع التعاون والأنشطة التجارية والمصالح الاستراتيجية لتركيا مع هذين البلدين".
وذكرت المجلة أن الأمور كانت على حالها منذ الجولة الثانية من المفاوضات في آب/ أغسطس من العام الحالي، وقد أُلغيت الجولة الثالثة المقررة في أيلول/ سبتمبر الماضي، لكن المشاورات السرية استمرت تحت إشراف وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان.
وبحلول أوائل كانون الأول/ ديسمبر، أحرزت المحادثات تقدماً خوّل للرئيس التركي، دعوة أبي أحمد وحسن شيخ محمود إلى أنقرة. وبعد ثماني ساعات من المفاوضات، أنهى الزعيمان الخلاف، وعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.
سبب الأزمة
كانت إثيوبيا التي حُرمت من واجهة بحرية منذ استقلال إريتريا سنة 1993، قد وقعت في كانون الثاني/ يناير 2024، بروتوكول تعاون مع أرض الصومال.
بموجب الاتفاق، تعترف أديس أبابا بأرض الصومال كدولة مستقلة مقابل حصولها على عقد استغلال شريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً.
بذلك، تضمن إثيوبيا الوصول إلى البحر الأحمر، مع إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية وتطوير تجارتها، دون الاعتماد حصريا على ممر جيبوتي.
ردا على ذلك، استدعت السلطات الصومالية سفيرها في أديس أبابا، وبدأت خطوات للتقارب العسكري مع مصر، العدو اللدود لإثيوبيا، حسب تعبير المجلة.
وفي شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2024، وقعت الصومال مع تركيا اتفاقاً اقتصادياً وعسكرياً، واتفاقاً للتعاون في مجال الطاقة. ينص الاتفاق الأول على أن تشرف أنقرة على تجهيز وتدريب البحرية الصومالية لمساعدتها في حماية ثرواتها وحدودها البحرية وتعزيز قدراتها ضد عمليات القرصنة وحركة الشباب المجاهدين.
ويمنح الاتفاق الثاني تركيا الحق في استكشاف النفط والغاز في المياه الصومالية واستغلال الحقول الهيدروكربونية عند اكتشافها. ومنذ ذلك الحين، سعت أنقرة لإيجاد حل يرضي الطرفين.
اتفاق المصالحة
يقوم اتفاق الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر على نقطتين أساسيتين، إذ تنص النقطة الأولى على اعتراف إثيوبيا بوحدة أراضي الصومال وسيادتها، أما الثانية فإنها تنص على حق أديس أبابا في الوصول التجاري إلى البحر "في إطار القانون الدولي مع احترام سيادة الحكومة الفيدرالية الصومالية".
إلى ذلك، تعهّدت مقديشو وأديس أبابا بتوقيع اتفاقيات تجارية ثنائية من شأنها تأمين وصول إثيوبيا بشكل آمن وموثوق إلى البحر تحت إشراف السلطات الصومالية.
ومن الناحية العملية، يتعين على الفرق الفنية من كلا البلدين بدء مفاوضات تحت إشراف تركيا بحلول شباط/ فبراير 2025، على أن تُختتم في غضون أربعة أشهر. وأي نزاع يتعلق بتفسير أو تنفيذ هذه الالتزامات ينبغي حله عبر الحوار، مع إمكانية اللجوء إلى تركيا إذا لزم الأمر.
سياسة براغماتية
أضافت المجلة أن الرئيس التركي قد راهن من خلال تدخله بشكل شخصي في المفاوضات على العلاقات القوية التي تجمعه مع أديس أبابا ومقديشو. في 2005، عندما كان رئيسا للوزراء، اختار أردوغان إثيوبيا لتكون وجهته الأولى في إفريقيا.
يوجد في الوقت الراهن أكثر من 200 شركة تركية في إثيوبيا، كما لعبت الطائرات المسيّرة من طراز "بيرقدار تي بي 2" التركية، دورا كبيرا في النزاع بين حكومة أبي أحمد والمتمردين في تيغراي.
من جهتها، تعد الصومال منطقة حيوية مهمة لتركيا في القارة، حيث تدير شركتا البيرق وفافوري ميناء ومطار مقديشو، وقد أنشأت أنقرة قاعدة عسكرية في البلاد تعمل على تدريب الجيش الصومالي على: "مكافحة الإرهاب".
وأكدت المجلة أن تركيا لن تتخلى عن نهجها البراغماتي في هذه المنطقة التي تقع عند مدخل مضيق باب المندب، أحد أكثر الطرق التجارية ازدحاماً في العالم.
ويقول دفجي أوغلو في هذا السياق: "لا تعترف تركيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، لأن ذلك قد يضر بوحدة أراضي الصومال وبعلاقاتها مع أنقرة. مع ذلك، تدرك تركيا أن أرض الصومال بحاجة إلى تحقيق الاستقرار والتنمية. لذلك، تقدم لها المساعدة بشكل غير مباشر من خلال بعض المشاريع الإنسانية والاقتصادية".
مصالح متضاربة
ترى المجلة أن التوترات في المنطقة تفتح الباب للتساؤل عن إمكانية صمود اتفاق 11 كانون الأول/ ديسمبر، في ظل وجود أطراف مؤثرة أخرى، على غرار عدد من الدول الغربية التي تملك قواعد عسكرية في جيبوتي ومصر، التي تخوض نزاعًا مع إثيوبيا بشأن تقاسم مياه النيل.
ووفقا للمجلة، تلعب الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي دورا محوريا في المنطقة، حيث أقامتا علاقات مع أرض الصومال، القريبة جغرافيا من الحوثيين في اليمن. رغم نجاحها الدبلوماسي الأخير، لم تتمكن تركيا من حل الخلاف الإقليمي الذي تغذيه التوجهات الانفصالية.
ويقول الباحث في السياسة الخارجية بمركز سيتا في أنقرة، تونتش دميرتاش: "تم تعزيز صورة ومصداقية تركيا على الساحة الدولية بفضل مسار أنقرة. من خلال العمل وفقًا لمبدأ حلول إفريقية للمشاكل إفريقيا، قد تتمكن تركيا، إذا طُلب منها ذلك، لعب دور الوسيط لاستئناف المحادثات بين الصومال وأرض الصومال أو بذل جهود للوساطة بين السودان والإمارات العربية المتحدة".