رغم تمردهم على القيادة العسكرية في روسيا… مرتزقة “فاغنر” مطلوبون دوليا حتى الآن
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
موسكو/دمشق/داكارـ من كريستينا بيترز وأميرة رجب وأولاف ماودر:
بعد التمرد على القيادة العسكرية الروسية الذي اعتبره العالم تقريبا انقلابا عسكريا، كاد وجود مرتزقة “فاغنر” يوشك على الانتهاء، ورغم ذلك لا يزال جيش الملياردير يفجيني بريغوجين على قيد الحياة. بعد أيام قليلة من التمرد، استقبل الرئيس فلاديمير بوتين صديقه المقرب السابق بريغوجين وقادته في الكرملين، وتحدثوا على ما يبدو بشأن مستقبل جيش المرتزقة النشط في الحرب في أوكرانيا وسوريا وأفريقيا.
وحاليا يتصرف أفراد “فاغنر”، الذين وصفهم بوتين بـ “الخونة” خلال تمرد 24 حزيران/يونيو، بحصانة وكأن شيئا لم يحدث. ينشتر الآن مقاتلو “فاغنر” رسميا في بيلاروس كمدربين عسكريين لدى حاكم البلاد المقرب من بوتين، ألكسندر لوكاشينكو. وفي روسيا يريد رئيس الكرملين ضمان النظام في ضوء نشوء 40 وحدة قتالية طوعية. ومن المنتظر أن يضع لها البرلمان الروسي أساسا قانونيا – وهي محاولة باءت بالفشل في الماضي ورفضها بريغوجين دائما. وعرضت وسائل إعلام حكومية روسية مداهمات ضد شركات بريغوجين في سانت بطرسبرج، وسلطت الضوء على مقتنيات بداخلها مثل سبائك ذهب وحزم أموال وأوسمة من روسيا ومن عمليات “فاغنر” في أفريقيا. على مدار أيام بدا الأمر كما لو أن بريغوجين وإمبراطورية شركاته “كونكورد” سيصبحان شيئا من التاريخ قريبا، لكنه مستمر في نشاطه. كسب بريغوجين المليارات عبر إمداد الجيش بالمؤن – واستثمر باستمرار جزءا من الأرباح في مهامه في أفريقيا، على سبيل المثال. على مدار الأسابيع الماضية تتبع صحفيون استقصائيون منصة التسريبات الروسية “دوسير سنتر” التابعة لخصم بوتين، ميخائيل خودوركوفسكي، والذي يديرها من منفاه في لندن، والتي عرضت كيف تقوم طائرة بريغوجين بجولات بين أفريقيا وروسيا وبيلاروس. تستند المنصة في تقاريرها إلى مخبرين خاصين بها في صفوف “فاغنر”. وبحسب بياناتهم، يتواجد بريغوجين في سانت بطرسبرج ويدير الأمور من هناك. منح بريغوجين 62/ عاما/ نفسه ومرتزقة “فاغنر” قسطا من الراحة حتى بداية شهر آب/أغسطس المقبل. لكن بعد التمرد مباشرة قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أيضا إن موسكو لن تتخلى عن مصالحها في أفريقيا. وبحسب تحليلات منصة “دوسير سنتر”، من المرجح أن تتولى وزارة الدفاع الروسية السيطرة بالكامل في إدارة المصالح في سوريا، بينما سيواصل بريغوجين إدارة أعمال الكرملين في أفريقيا. ووفقا للمنصة، فإن “الوجود العسكري في الدول الأفريقية يظل في المصلحة الجيوسياسية للكرملين”. وأشارت المنصة في أحد تحليلاتها إلى أن بريغوجين يمكن بذلك في النهاية تصوير نفسه باعتباره المنتصر الذي لم ينقذ حياته فحسب، بل أيضا جوهر جيشه من المرتزقة، وأضافت المنصة: “علامة فاغنر التي أسسها ستستمر في الوقت الحالي”. وتتسع إمبراطورية بريغوجين بشكل خاص في القارة الأفريقية: ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق ومدغشقر والسودان من بين البلدان التي زودتها “فاغنر” بمرتزقة أو خبراء نشر معلومات مضللة على سبيل المثال، وذلك مقابل الحصول على مواد خام، بما في ذلك الذهب والألماس. ويُرجح أيضا أن روسيا استخدمت هذا لملء خزائنها الحربية. وتعتمد جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي على “فاغنر” بشكل خاص، حيث يُرجح انتشار أكثر من ألف فرد من المرتزقة هناك. وتراهن الحكومات في الدولتين على الروس، حتى لو كان ذلك يعني الانفصال عن شركاء غربيين أو حتى الأمم المتحدة. ويوجد في عاصمة أفريقيا الوسطى، بانجي، نصب تذكاري للمرتزقة الذين اتُهموا مرارا بارتكاب جرائم حرب.. ويعد استمرار هذا الوضع أمرا حيويا بالنسبة لهذه الحكومات التي لا تهتم بتفاصيل الأمور في هذا الإطار. فقد قال مستشار رئاسي لجمهورية أفريقيا الوسطى في تصريحات لصحيفة “نيويورك تايمز”: “لقد أعطتنا روسيا فاغنر، والباقي ليس من شأننا”. كما ذكر ممثل رفيع المستوى لـ”فاغنر” في أفريقيا الوسطى في بيان أن دعم فاغنر لهذا البلد لن ينتهي. ويقول الخبير في شؤون غرب أفريقيا لدى شركة الاستشارات الأمنية “فيريسك مابلكروفت”، مجاهد دورماز: “مع خفوت الفترة المضطربة عبر المحادثات بين بوتين وبريغوجين، من المرجح أن تستمر عمليات فاغنر في أفريقيا دون تغييرات كبيرة… حتى في حالة حل فاغنر – وهو أمر غير مرجح – ستكون روسيا قادرة على تقديم شركات عسكرية خاصة بديلة لعملائها من الدول”. ويرى دورماز أن الحكومات خاطرت بأن تصبح شديدة الاعتماد على المرتزقة، موضحا أن الصراع على السلطة في موسكو قد يكون له تأثيرات أيضا على الدعم الاستراتيجي لروسيا في أفريقيا، وقال: “سيؤدي التمرد أيضا إلى تقويض صورة بوتين كرجل قوي كاريزمي، والتي روجتها روسيا بقوة خلال انخراطها في القارة”. وأثار تمرد بريغوجين ردود فعل مباشرة في سوريا، حيث قال نشطاء في المرصد السوري الذي يتخذ من لندن مقرا له إنه تم تحذير قوات “فاغنر” في سوريا من أن أنشتطهم هناك ستتبعها غارات جوية للجيش السوري والروسي. وأوضح النشطاء أنه تم إعطاء المرتزقة خيار الانضمام إلى القوات الروسية أو مغادرة البلاد. وقال المحلل السياسي مهند حاج علي من مركز “كارنيجي” للشرق الأوسط في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن دور مرتزقة “فاغنر” في سوريا محدود إلى حد ما، موضحا أن قوتهم في سوريا تكمن بالدرجة الأولى في “القرب المفترض من الدولة (الروسية)”، مشيرا إلى أن انفصالهم عن الدولة سيؤثر بالتأكيد على دورهم في سوريا. (د ب ا)
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
“ليلة مرتجلة”… مسرحية لخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن احتفالية أيام الثقافة السورية
دمشق-سانا
على مدى يومين كان جمهور دار الأسد للثقافة والفنون على موعد مع مسرحية “ليلة مرتجلة” إخراج يزن الداهوك بمشاركة مجموعة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل، وذلك ضمن احتفالية أيام الثقافة السورية.
ويتناول العرض المسرحي الذي احتضنته القاعة متعددة الاستعمالات في دار الأسد التقاء مجموعة من الأصدقاء أبناء الدفعة الواحدة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بعد ثلاث سنوات من تخرجهم وقد تغيرت أحوالهم فمنهم من بات مشهوراً ومنهم مازال متمسكاً بالمفاهيم النظرية للفن وقيمته حتى أصبح بعيداً عن سوق العمل وغير فعال ضمنه.
ويعكس العرض المسرحي حالة الصراع بين أبطال العمل على الرغم من جو الألفة الذي يسيطر على الجلسة في بدايتها، إلا أن وتيرة النقاشات سرعان ما تحتد وتتصاعد، لتكشف بشكل تدريجي عن وجه آخر للمشاعر الزائفة والهشة فيما بينهم، وتعقيدات العلاقات التي تعبر عن نفسها بصراع حاد يتبادل فيه الجميع التهم.
ويبين العرض تصفية الحسابات القديمة التي كانت كامنة كالألغام وبعد المكاشفات والمصارحات وجولات الصد والرد كمحاكمة بين أبطال العمل لا ينتصر أحد على أحد فالجميع متهم والجميع بريء.
وفي تصريح لمراسلة سانا قال مخرج العرض المسرحي يزن الداهوك: “تم تقديم هذا العمل لأول مرة منذ حوالي شهر ونصف في المعهد العالي للفنون المسرحية، واليوم نعرضه مجدداً في دار الأوبرا” مبيناً أن جمهور الدار يختلف بطبيعته عن جمهور المعهد كما يتيح هذا العرض استقطاب شريحة جديدة من الجمهور ما يعزز تفاعل العمل مع فئات مختلفة.
وأشار الداهوك إلى أن “ليلة مرتجلة” تأتي ضمن فعاليات أيام الثقافة السورية التي تجسد رؤية أوسع لنشر قيم الفن، مما يعزز من ثقتنا في الرسالة التي يحملها العرض، ويؤكد أهمية المحتوى الذي نقدمه بفضل إعادة تقديم المسرحية كجزء من هذه الاحتفالية المهمة.
يذكر أن يزن الداهوك خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، قسم الدراسات المسرحية عام 2015، وهو أستاذ في قسم التمثيل والدراسات المسرحية والسينوغرافيا في المعهد العالي للفنون المسرحية، كما شارك في عدد من الورشات التدريبية في المسرح والسينما ودراماتورج في مجموعة من العروض المسرحية وهو مخرج لمجموعة من العروض المسرحية كما شارك في كتابة العديد من الأعمال الدرامية للتلفزيون بالإضافة إلى مهمة تدريب الممثل في تلك الأعمال.
كايانه يوسف