موسكو/دمشق/داكارـ من كريستينا بيترز وأميرة رجب وأولاف ماودر:

 

بعد التمرد على القيادة العسكرية الروسية الذي اعتبره العالم تقريبا انقلابا عسكريا، كاد وجود مرتزقة “فاغنر” يوشك على الانتهاء، ورغم ذلك لا يزال جيش الملياردير يفجيني بريغوجين على قيد الحياة. بعد أيام قليلة من التمرد، استقبل الرئيس فلاديمير بوتين صديقه المقرب السابق بريغوجين وقادته في الكرملين، وتحدثوا على ما يبدو بشأن مستقبل جيش المرتزقة النشط في الحرب في أوكرانيا وسوريا وأفريقيا.

وحاليا يتصرف أفراد “فاغنر”، الذين وصفهم بوتين بـ “الخونة” خلال تمرد 24 حزيران/يونيو، بحصانة وكأن شيئا لم يحدث. ينشتر الآن مقاتلو “فاغنر” رسميا في بيلاروس كمدربين عسكريين لدى حاكم البلاد المقرب من بوتين، ألكسندر لوكاشينكو. وفي روسيا يريد رئيس الكرملين ضمان النظام في ضوء نشوء 40 وحدة قتالية طوعية. ومن المنتظر أن يضع لها البرلمان الروسي أساسا قانونيا – وهي محاولة باءت بالفشل في الماضي ورفضها بريغوجين دائما. وعرضت وسائل إعلام حكومية روسية مداهمات ضد شركات بريغوجين في سانت بطرسبرج، وسلطت الضوء على مقتنيات بداخلها مثل سبائك ذهب وحزم أموال وأوسمة من روسيا ومن عمليات “فاغنر” في أفريقيا. على مدار أيام بدا الأمر كما لو أن بريغوجين وإمبراطورية شركاته “كونكورد” سيصبحان شيئا من التاريخ قريبا، لكنه مستمر في نشاطه. كسب بريغوجين المليارات عبر إمداد الجيش بالمؤن – واستثمر باستمرار جزءا من الأرباح في مهامه في أفريقيا، على سبيل المثال. على مدار الأسابيع الماضية تتبع صحفيون استقصائيون منصة التسريبات الروسية “دوسير سنتر” التابعة لخصم بوتين، ميخائيل خودوركوفسكي، والذي يديرها من منفاه في لندن، والتي عرضت كيف تقوم طائرة بريغوجين بجولات بين أفريقيا وروسيا وبيلاروس. تستند المنصة في تقاريرها إلى مخبرين خاصين بها في صفوف “فاغنر”. وبحسب بياناتهم، يتواجد بريغوجين في سانت بطرسبرج ويدير الأمور من هناك. منح بريغوجين 62/ عاما/ نفسه ومرتزقة “فاغنر” قسطا من الراحة حتى بداية شهر آب/أغسطس المقبل. لكن بعد التمرد مباشرة قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أيضا إن موسكو لن تتخلى عن مصالحها في أفريقيا. وبحسب تحليلات منصة “دوسير سنتر”، من المرجح أن تتولى وزارة الدفاع الروسية السيطرة بالكامل في إدارة المصالح في سوريا، بينما سيواصل بريغوجين إدارة أعمال الكرملين في أفريقيا. ووفقا للمنصة، فإن “الوجود العسكري في الدول الأفريقية يظل في المصلحة الجيوسياسية للكرملين”. وأشارت المنصة في أحد تحليلاتها إلى أن بريغوجين يمكن بذلك في النهاية تصوير نفسه باعتباره المنتصر الذي لم ينقذ حياته فحسب، بل أيضا جوهر جيشه من المرتزقة، وأضافت المنصة: “علامة فاغنر التي أسسها ستستمر في الوقت الحالي”. وتتسع إمبراطورية بريغوجين بشكل خاص في القارة الأفريقية: ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق ومدغشقر والسودان من بين البلدان التي زودتها “فاغنر” بمرتزقة أو خبراء نشر معلومات مضللة على سبيل المثال، وذلك مقابل الحصول على مواد خام، بما في ذلك الذهب والألماس. ويُرجح أيضا أن روسيا استخدمت هذا لملء خزائنها الحربية. وتعتمد جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي على “فاغنر” بشكل خاص، حيث يُرجح انتشار أكثر من ألف فرد من المرتزقة هناك. وتراهن الحكومات في الدولتين على الروس، حتى لو كان ذلك يعني الانفصال عن شركاء غربيين أو حتى الأمم المتحدة. ويوجد في عاصمة أفريقيا الوسطى، بانجي، نصب تذكاري للمرتزقة الذين اتُهموا مرارا بارتكاب جرائم حرب.. ويعد استمرار هذا الوضع أمرا حيويا بالنسبة لهذه الحكومات التي لا تهتم بتفاصيل الأمور في هذا الإطار. فقد قال مستشار رئاسي لجمهورية أفريقيا الوسطى في تصريحات لصحيفة “نيويورك تايمز”: “لقد أعطتنا روسيا فاغنر، والباقي ليس من شأننا”. كما ذكر ممثل رفيع المستوى لـ”فاغنر” في أفريقيا الوسطى في بيان أن دعم فاغنر لهذا البلد لن ينتهي. ويقول الخبير في شؤون غرب أفريقيا لدى شركة الاستشارات الأمنية “فيريسك مابلكروفت”، مجاهد دورماز: “مع خفوت الفترة المضطربة عبر المحادثات بين بوتين وبريغوجين، من المرجح أن تستمر عمليات فاغنر في أفريقيا دون تغييرات كبيرة… حتى في حالة حل فاغنر – وهو أمر غير مرجح – ستكون روسيا قادرة على تقديم شركات عسكرية خاصة بديلة لعملائها من الدول”. ويرى دورماز أن الحكومات خاطرت بأن تصبح شديدة الاعتماد على المرتزقة، موضحا أن الصراع على السلطة في موسكو قد يكون له تأثيرات أيضا على الدعم الاستراتيجي لروسيا في أفريقيا، وقال: “سيؤدي التمرد أيضا إلى تقويض صورة بوتين كرجل قوي كاريزمي، والتي روجتها روسيا بقوة خلال انخراطها في القارة”. وأثار تمرد بريغوجين ردود فعل مباشرة في سوريا، حيث قال نشطاء في المرصد السوري الذي يتخذ من لندن مقرا له إنه تم تحذير قوات “فاغنر” في سوريا من أن أنشتطهم هناك ستتبعها غارات جوية للجيش السوري والروسي. وأوضح النشطاء أنه تم إعطاء المرتزقة خيار الانضمام إلى القوات الروسية أو مغادرة البلاد. وقال المحلل السياسي مهند حاج علي من مركز “كارنيجي” للشرق الأوسط في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن دور مرتزقة “فاغنر” في سوريا محدود إلى حد ما، موضحا أن قوتهم في سوريا تكمن بالدرجة الأولى في “القرب المفترض من الدولة (الروسية)”، مشيرا إلى أن انفصالهم عن الدولة سيؤثر بالتأكيد على دورهم في سوريا. (د ب ا)

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

طرق دبي توقع مذكرة مع “بايدو أبولو جو” لبدء التجارب لتشغيل 50 مركبة ذاتية القيادة في 2025

 

وقعت هيئة الطرق والمواصلات مذكرة تفاهم مع شركة (بايدو أبولو جو) (Baidu ApolloGo)، التي تعد احدى الشركات الرائدة في العالم في توفير حلول التنقل ذاتي القيادة، لتشغيل مركبات أجرة ذاتية القيادة على نطاق واسع في الإمارة، حيث ستقوم الشركة بالتشغيل التجريبي لـ 50 مركبة ذاتية القيادة خلال الاشهر القادمة، وذلك تمهيداً للتشغيل الرسمي وإطلاق الخدمة للجمهور في عام 2026.
وشهد معالي مطر الطاير المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات، والسيد هالتون نيو المدير العام للأعمال الخارجية في مجموعة بايدو للقيادة الذكية، مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين الهيئة و(بايدو)، التي وقعها عن الهيئة السيد أحمد هاشم بهروزيان المدير التنفيذي لمؤسسة المواصلات العامة، وعن الشركة، السيد ليانغ تشانغ المدير العام للأعمال الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحضور عدد من المسؤولين من الجانبين.
ووفقاً لمذكرة التفاهم، تقوم شركة بايدو أبولو جو، بتشغيل الجيل السادس من مركبات الأجرة ذاتية القيادة (Robo Taxi RT6)، المصمم خصيصاً لخدمات التنقل ذاتي القيادة والمزود بأكثر من 40 مستشعرا وحساسات لضمان اعلى مستوى من الاتمتة والسلامة، وهو النموذج الذي حقق نجاحا كبيراً واشادة من قبل المستخدمين في الصين، وستبدأ مرحلة تجميع البيانات والتجارب بعدد 50 مركبة خلال الاشهر القادمة، وترتفع تدريجياً إلى 1000 مركبة أجرة ذاتية القيادة في السنوات الثلاث القادمة، وذلك وفقاً لمعايير كفاءة وجودة تقديم الخدمة، وتعد هذه الخطوة أول توسع دولي لشركة (ابولو جو) في مجال اختبار وتشغيل المركبات الذاتية القيادة خارج الصين وهونغ كونغ.
وسجلت الشركة حتى الآن أكثر من 150 مليون كيلومتر من القيادة الآمنة، مما مكنها من تنفيذ عمليات تشغيل واسعة النطاق لخدمات مركبات الأجرة ذاتية القيادة في عدة مدن صينية، إلى جانب إطلاق عمليات تشغيل كاملة بدون سائق بنسبة 100%، حيث أتمت “أبولو جو” (ApolloGo) أكثر من 10 ملايين رحلة تنقل ذاتي القيادة، حيث تعد أكبر مشغّل لأسطول سيارات ذاتية القيادة في العالم.
وأعرب معالي مطر الطاير عن سعادته بتوقيع مذكرة التفاهم مع شركة (بايدو ابولو جو)، التي تُعد من أبرز الشركات العالمية الرائدة في تقديم حلول التنقل الذاتي على نطاق واسع، حيث أطلقت أول خدمة مركبات أجرة ذاتية القيادة في الصين، وتقود جهوداً كبيرة لدمج الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وتقنيات الأتمتة لبناء مدن المستقبل الذكية.
وقال الطاير: تأتي المذكرة في إطار توجيهات القيادة الرشيدة لتعزيز الشراكة مع المؤسسات والشركات العالمية الرائدة، لترسيخ موقع الإمارة فـي الصدارة فـي تطبيق حلول النقل المتقدمة والمستدامة، وتطبيق تقنيات فائقة التطوّر، واحتضان التجارب الخاصة بتطبيق حلول التنقّل المبتكرة، مؤكداً أن المذكرة تُعد خطوة مهمة في تحقيق استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة، الرامية لتحويل 25% من إجمالي رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذاتية القيادة من خلال وسائل المواصلات المختلفة بحلول عام 2030، وتأتي استكمالاً للجهود المستمرة التي تبذلها الهيئة لإجراء التجارب التشغيلية على المركبات والوحدات ذاتية القيادة، التي بدأت في عام 2016.
وأضاف: التنقل ذاتي القيادة أصبح أمراً واقعاً، والشركات العالمية تُسرع الخطى لتطوير التكنولوجيا والبرمجيات المتعلقة بعمل المركبات ذاتية القيادة، فيما تعمل الحكومات ممثلة في الهيئات المعنية، بترخيص تشغيل المركبات ذاتية القيادة، على تطوير البنية التحتية التي تحتاج إليها المركبات ذاتية القيادة، ووضع التشريعات والقوانين المنظمة لتشغيلها، مؤكداً أن هيئة الطرق والمواصلات، تعمل على تعزيز ريادة دبي العالمية في مجال التنقل ذاتي القيادة، وذلك من خلال تجربة تشغيل أنماط مختلفة من المركبات ذاتية القيادة، والتاكسي الجوي، ووسائل النقل البحرية، بهدف تحقيق استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة.
من جانبه أكد السيد هالتون نيو المدير العام للأعمال الخارجية في مجموعة بايدو للقيادة الذكية، أن التعاون مع هيئة الطرق والمواصلات يدعم جهود إمارة دبي في تبني التكنولوجيا المبتكرة، ويسهم في دعم رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، في تعزيز ريادتها العالمية في مجال التنقل ذاتي القيادة.
وقال: “تسعى أبولو جو (ApolloGo) لتقديم خدمات تنقل ذكية تتسم بالأمان، والاستدامة، والكفاءة في مختلف مدن العالم، ومن خلال التعاون الوثيق مع الشركاء المحليين، نهدف إلى تطوير حلول نقل تحولية تمكّن المجتمعات وتسهم في دفع مسيرة التقدم”.
وقال السيد ليانغ تشانغ المدير العام للأعمال الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا(ابولو جو): “تمثل شراكتنا مع هيئة الطرق والمواصلات أهم توسع دولي لخدمة أبولو جو (ApolloGo) خارج الصين حتى الآن، ويعكس هذا التعاون التزام دبي الراسخ في أن تصبح رائدة عالميًا في مجال الابتكار في حلول التنقل من الجيل التالي”.
من جانبه قال السيد أحمد بهروزيان، سيوفر التنقل ذاتي القيادة نمط حياة أفضل لجميع فئات المجتمع وسيتيح حرية التنقل لمن لا يستطيعون القيادة حاليا مثل الأطفال وكبار السن، كما سيوفر الكثير من الوقت والجهد وسيرفع من مستوى السلامة المرورية على الطرق، مؤكداً أن المستقبل سيكون لتقنيات التنقل ذاتي القيادة التي ستشكل جزءًا أساسياً من حركة تنقل السكان. وأضاف: تسهم مذكرة التفاهم في تعزيز التعاون وتبادل الخبرات لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية في إمارة دبي من خلال تجارب ميدانية وإعداد خارطة طريق لتشغيل مركبات الأجرة ذاتية القيادة.وام

 


مقالات مشابهة

  • “سي إن إن” تنشر لأول مرة لوحة لترامب أهداها له بوتين
  • فعالية “البداية” بدمشق… عروض فنية تستعيد روح الثورة السورية وقصص المختفين قسراً
  • “ردع وصفقات مرتقبة”… ما رسائل التدريبات المشتركة لأول مرة بين مصر والصين
  • “نور” … مبادرة تقدم خدمات فحص البصر في مدارس شهبا بالسويداء 
  • منتدى “قادة الشمال 2025 ” يناقش قضايا القيادة والتميّز المؤسسي
  • فريق “جوالة سوريا”… أنشطة شبابية لاكتشاف كنوز الطبيعة
  • الكبرانات يعلنون “التعبئة العامة” للحرب بعد توغل قوات فاغنر لتحرير جنوب الجزائر(وثيقة)
  • طرق دبي توقع مذكرة مع “بايدو أبولو جو” لبدء التجارب لتشغيل 50 مركبة ذاتية القيادة في 2025
  • أنشطة جمعت بين الفنون والحرف والتاريخ… في اختتام فعالية “إلى ما ننتمي” بحلب
  • “لنقاوم الطغيان”… آلاف الأمريكيين يتظاهرون ضد ترامب