لجريدة عمان:
2025-11-15@05:54:00 GMT

أهداف التنمية المستدامة.. هل تتحقق؟

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

أهداف التنمية المستدامة.. هل تتحقق؟

إذا قلت لك إنني حددت 17 هدفا عاما للسنة الجديدة تشمل كل شيء من الانكباب على المزيد من العمل وممارسة المزيد من التمارين الرياضية وقضاء المزيد من الوقت مع أسرتي ربما ستنتابك الشكوك بأنني أغالي في طموحي. وإذا أمضيت أكثر وشرحت لك أن هذه الأهداف تتضمن داخلها 169 هدفا فرعيا قد تستنتج أنني أبالغ في الدقة ويقينا سأفشل في تحقيق أهدافي العامة والفرعية.

لكن هذا هو بالضبط عدد الأهداف التي وضعها العالم لنفسه في عام 2015 عندما وافق 193 بلدا في الجمعية العامة للأمم المتحدة على أهداف التنمية المستدامة لصون كوكب الأرض وتحسين الحياة البشرية على ظهره. وعلى الرغم من أن هذه البلدان منحت نفسها 15 عاما لتحقيق هذه الأهداف الطموحة إلا أنها قررت في الوقت ذاته أن تفشل في ذلك.

مع انقضاء نصف الفترة المقررة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بنهاية عام 2030 ربما ستفاجأون إذا علمتم أن كوكب الأرض انحرف عن المسار المقرر لبلوغ هذه الغاية. فقد نشرت الأمم المتحدة تقريرا في يوليو حذرت فيه من أن أهداف التنمية المستدامة «في خطر» وأن 12% فقط من هذه الأهداف في المسار الصحيح.

إلى ذلك، أوضحت دراسة منفصلة لشركة اكسنتشر أن 49% فقط من حوالي 2800 من قادة الأعمال يعتقدون أن أهداف التنمية المستدامة سيتم الوفاء بها بحلول عام 2030. ومع اشتمالها على أهداف معلنة مثل «إنهاء كل أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان» كل ما يمكن أن أقوله: أنه هو من الجيد أن نعلم بأن روح التفاؤل لا تزال شائعة في قطاع الشركات.

يمكنكم أن تدركوا لماذا تحددت أهداف التنمية المستدامة التي هي امتداد للأهداف الإنمائية للألفية (الثمانية فقط) المقررة في عام 2000؟ الفكرة وراء أهداف التنمية المستدامة كانت نصب مرآة أمام «العالم» والمساعدة على تنظيم وحشد الموارد من أجل تحسين صورته المنعكسة في المرآة.

لكن الحقيقة القاسية هي أن أهداف التنمية المستدامة كان مصيرها الفشل منذ البداية. والنظرة الخاطفة للأهداف الـ 17 تخبرنا لماذا. فالهدف رقم 1 «إنهاء الفقر بكل أشكاله وفي أي مكان» طموح محمود حقا. لكنه هدف يجب أن نعلم بيننا وبين أنفسنا أنه مغالى فيه جدا.

المشكلة الحقيقية هي التعقيد الذي ينطوي عليه مثل هذا الطموح وليس مستواه. فالهدف رقم 3 من أهداف التنمية المستدامة يغطي «الصحة الجيدة والرفاهية.» وهو مقسم إلى 13 هدفا فرعيا تمتد من إنهاء كل الوفيات التي يمكن تجنبها للأطفال تحت سن الخامسة إلى خفض إصابات ووفيات الطرق.

كما أن بعض الطموحات مهما كانت مدعاة للإعجاب متناقضة. فلكي تَفِي جمهورية الكونغو الديمقراطية بالهدف رقم 9 «البنية التحتية المرنة» سيلزمها تشييد المزيد من الطرق. وهي بلد بمساحة غرب أوروبا ولكن طرقها الممهدة لا تزيد عن بضعة آلاف من الكيلومترات مقابل 6.5 مليون كيلومتر من الطرق في غرب أوروبا. نعم بناء المزيد من الطرق يحقق للناس في جمهورية الكونغو المزيد من المنافع بما في ذلك تيسير مراجعة الأطباء والذهاب إلى المدارس. لكن من المؤسف أنها أيضا ستتسبب في المزيد من الوفيات في الحوادث المرورية. أيضا الطرق قد تترتب عنها عواقب أخرى غير متوقعة وهذا يناقض الهدف رقم 15 من أهداف التنمية المستدامة (حماية الحياة بأنواعها على الأرض) فهي يمكنها أن تسرِّع من وتيرة إزالة الغابات بفتح مناطق معزولة لشركات تصدير الأخشاب.

من الممكن القول: إن السكان الذين تربطهم الطرق بهذه المناطق ربما لن يمارسوا زراعة «الحرث والحرق» أو استخدام الحطب لأغراض الطهي. لكن المسألة هنا هي أن التحول (مثل شق طرق جديدة) لا يمكن التنبؤ بنتائجه. والتحسينات المجتمعية نادرا ما تتسق معه. فالتنمية ليست عملية يسيرة تتبع مخططا مرسوما مسبقا.

أيضا زيادة الدخل (الهدف رقم 1 من أهداف التنمية المستدامة) وتقليل اللامساواة (الهدف رقم 10) قد يقودان إلى اتجاهين متعاكسين. فعندما تشرع المجتمعات في التخلص من الفقر حتما ستتحسن أوضاع بعض الناس أولا وقبل الآخرين، كما يجادل بذلك بعض الاقتصاديين بمن فيهم انجوس ديتون الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد.

تلك كانت هي النظرة الثاقبة للزعيم الصيني دنج شياو بينج (1978-1992) الذي أشرف على إصلاحات القضاء على الفقر في الصين عندما ««مجَّد» الثراء لشعب بلده الاشتراكي الفقير.» نعم لم يتمكن كل أحد في الصين من تحقيق ذلك المجد (الثراء) على الفور. لكن عديدين فعلوا ذلك في النهاية.

أهداف التنمية المستدامة عبارة عن قائمة «أماني» للعالم. لكن وكما كتب ريتشارد روميلت الأستاذ بجامعة كاليفورنيا «إعدادُ قائمة بالنتائج المرغوبة» ليس استراتيجية. فالإستراتيجيات تنطوي على عزل جوهر المشكلة وإيجاد أفضل طريقة لمعالجتها.

من المعقول أن يركز البلد الفقير كل قدراته على هدف التنمية المستدامة رقم 5 وهو المساواة بين الجنسين (إنصاف النساء.) فمن أجل تحسين حياة وخيارات النساء حقا سيلزم الحكومات أن تحقق تقدما في العديد من أهداف التنمية المستدامة الأخرى أيضا. وفي الوقت المناسب قد يكون بمقدور النساء اللاتي يحصلن على التمكين المساهمة في معالجة القضايا الأخرى ذات الصلة بأهداف التنمية المستدامة.

بالقدر نفسه يمكن لإحدى الحكومات أن تقرر التركيز على البنية الأساسية. فالطرق الريفية من شأنها أن تساعد الفلاحين على بيع المزيد من المنتجات الغذائية للمدن وتوفير العملة الصعبة التي يستورد بها البلد المعني سلع الغذاء وتكوين فائض مالي يمكن أن يعاد توجيهه لقطاعات أخرى.

استراتيجيات التنمية المعقولة تختلف من بلد إلى بلد آخر. وهي لا يمكن فرضها من الخارج.

إضافة إلى ذلك، البلدان الفقيرة تفتقر إلى القدرة على عمل كل شيء في الوقت نفسه حتى في ظروف متخيَّلة تتوافر فيها تدفقات مالية كافية من الخارج. واقع الحال، أهداف التنمية المستدامة تعتبر كل شيء أولوية. لكن في العالم الحقيقي يعني ذلك عدم تحديد أية أولوية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من أهداف التنمیة المستدامة المزید من

إقرأ أيضاً:

صرح علمي متكامل.. بحوث الصحراء برأس سدر ركيزة التنمية المستدامة والأمن المائي في سيناء ​

شهدت محطة بحوث جنوب سيناء التابعة لمركز بحوث الصحراء زيارة تفقدية موسعة اليوم الخميس.
​ضم الوفد الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ و علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف؛ والدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء؛ واللواء ناصر فوزي، رئيس المركز الوطني لاستخدامات أراضي الدولة.


​تدشين مركز التميز وبنك الجينات.. نقلة نوعية في الأمن الغذائي


​استعرض الدكتور حسام شوقي، رئيس مركز بحوث الصحراء، أهمية المحطة التي تُعد من أحدث المحطات البحثية وتخدم المجتمع السيناوي بإجراء الأبحاث التطبيقية في مجالات المياه والزراعة والإنتاج الحيواني، بما يتناسب مع البيئة الجافة والموارد المحدودة. وتضم المحطة قطاعات بحثية متخصصة أبرزها: قطاع تحلية ومعالجة المياه، وقطاع الإنتاج الحيواني والداجني، وقطاع الإنتاج النباتي.
​شهدت الزيارة افتتاح مشروعين استراتيجيين يمثلان نقلة نوعية في التنمية بالمنطقة:
​مركز التميز المصري لأبحاث تحلية المياه: يُعد منصة متقدمة لدراسة حلول مبتكرة لتحلية المياه الجوفية والمالحة باستخدام الطاقة الشمسية. يهدف المركز إلى توطين تكنولوجيا التحلية في مصر، ودعم التوجه نحو تعظيم الاستفادة من الموارد المائية وتحقيق مبدأ انعدام التصريف السائل.
​البنك الإقليمي للجينات: من المكونات الاستراتيجية للمحطة، ويختص بجمع وحفظ وتوثيق الموارد الوراثية النباتية والحيوانية الفريدة في سيناء. ويهدف البنك إلى صون التنوع البيولوجي المصري وتوفير المادة الوراثية اللازمة لبرامج التحسين الوراثي، بما يعزز الأمن الغذائي على المدى الطويل.
​رؤية الدولة لتنمية سيناء والأمن الغذائي
​أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن الدولة تولي أولوية كبيرة لتنمية شبه جزيرة سيناء، تنفيذًا لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال التوسع في مشروعات البنية التحتية، والتنمية الزراعية، ومعالجة وتحلية المياه. وأشارت إلى أن إنشاء بنك الجينات خطوة رائدة تتوافق مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة وأحدث النظم العالمية في حفظ الأصول الوراثية.
​من جانبه، أكد السيد علاء فاروق، وزير الزراعة، أن محطة بحوث جنوب سيناء تمثل "صرحًا علميًا متكاملاً" يدعم التنمية المستدامة، مشيرًا إلى اهتمام الدولة بتعزيز دور البحث العلمي التطبيقي لخدمة المجتمعات المحلية. وأضاف الوزير أن افتتاح مركز التميز والبنك الإقليمي للجينات يأتي ضمن خطة وطنية طموحة لربط الأبحاث العلمية بالاحتياجات الفعلية، مؤكدًا: "العلم هو الطريق نحو تنمية سيناء وتحقيق الأمن الغذائي والمائي لمصر".
​وأوضح فاروق أن البنك الإقليمي للجينات يُعد خطوة استراتيجية لحماية الموارد الوراثية البرية وضمان استدامتها للأجيال القادمة، خاصة في ظل التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، إذ سيعمل على تجميع وتوصيف وحفظ الأصول المهددة بالانقراض، مما يضمن الاستغلال المستدام للموارد المصرية.
​كما أشاد وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهري، بالجهود المبذولة في مجال حفظ الموارد الوراثية وتنمية البحوث الزراعية، مؤكدًا أن هذا المشروع يعكس رؤية الدولة في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، ويدعم قيم العمل والإنتاج والعلم من منطلق وطني وديني.
 

طباعة شارك جنوب سيناء محطة رأس سدر صرح علمي

مقالات مشابهة

  • فقط في صعيد مصر… ذوو الهمم يقودون التنمية والتصنيع الزراعي وتنمية المجتمع المحلي
  • جامعة القاهرة: اعتماد نادي التنمية المستدامة ضمن الشبكة العالمية لليونسكو
  • بشير العدل: تطوير المنظومة الصحية يعزز برامج التنمية المستدامة
  • الإحصاء يشارك في الاجتماع الأربعين لفريق بناء القدرات الإحصائية لخطة التنمية المستدامة 2030
  • رؤساء المجالس التشريعية الخليجية : "إعلان الدوحة" يمثّل مرتكزًا لدعم مسارات التنمية الاجتماعية وتعزيز أهداف التنمية المستدامة
  • صرح علمي متكامل.. بحوث الصحراء برأس سدر ركيزة التنمية المستدامة والأمن المائي في سيناء ​
  • عبد العاطي يؤكد التزام مصر بمساندة الأمم المتحدة في دعم التنمية المستدامة
  • الرئيس السيسي: الشباب ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة
  • مدينة الأبحاث العلمية تنظم مؤتمرا علميا حول التكنولوجيات البازغة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة
  • خبير اقتصادي: مشروع تنمية علم الروم يحسن قيمة الجنيه ويحقق التنمية المستدامة